يطرح هذا الفصل تساؤلات حول إمكانية استنباط نماذج ابتكارية من اقتصاديات التضامن والتعاون كحلول ممكنة، ليس لمشكلات الزراعة والتموين والأمن الغذائي فقط، المتفاقمة من جرّاء الأزمات المتراكمة، بل لمخاطر الانهيار الحالي لنظام الإنتاج الإجمالي السائد في اقتصاد لبنان ما بعد الحرب، في ظلّ غياب أيّ بديل ملموس للنمط الرائج الذي غالبًا ما يتمّ توصيفه بالريعي أو النفعي.
وإن كنّا نختلف مع هذا التوصيف الذي يطمس واقع العملاء الاقتصاديين العاملين والفاعلين، والذي يسهم مجازيًّا في تهميش إضافي للقطاعات الإنتاجية، لا بدّ من أن نسلّم بأنّ النموذج السائد لغاية اليوم قد ارتهن بشكل شبه تامّ بالتبعية للخارج، من اعتماد على الاستيراد أو على التمويل الأجنبي. ولا شكّ في أنّ النموذج التعاوني اللبناني الراهن، كسائر الأشكال الإنتاجية، يعكس بدوره واقع الحال هذا، بحيث تمّ توصيفه على أنّه قطاع مشروط بالمساعدات الخارجية بحسب تقرير ماكينزي.
إلّا أنّنا نأمل، في هذا الفصل، في تصحيح بعض الأفكار المسبقة عن القطاع الزراعي ونماذج الاقتصاد التضامني والأشكال التعاونية، من خلال الإضاءة على مساهماتها من ناحية الاقتصاد الوطني، وسبل تطويرها كحلول بديلة في القطاعات التقليدية والناشئة، في الأرياف والمدن على حدّ سواء، كنماذج قابلة للحياة وداعمة لنشاطات اقتصادية أكثر عدلًا وإنتاجية.
1- تهميش الزراعة والعالم الريفي في لبنان في فترتَي ما قبل الحرب وما بعدها
اتّسم الاقتصاد اللبناني منذ فترة الانتداب الفرنسي بميل قويّ نحو الخدمات والتجارة، في مقابل إهمال منهجيّ للقطاع الزراعي. وهكذا، حتّى قبل استقلاله في العام 1943، بدا جليًّا فشلُ لبنان في تبنّي إستراتيجية واضحة للتنمية الزراعية.
من ناحية أولى، يبدو أنّ فرنسا، كدولة منتدبة على لبنان، لم تسعَ إلى تطوير الزراعة اللبنانية، بل جهدت في تفادي الإصلاحات الزراعية رغبة منها في المحافظة على دعم كبار ملّاكي الأراضي[1].
من ناحية أخرى، بدا أنّ النخب اللبنانية، في فترة الانتداب، قد ارتضت أيضًا بالتطوّر الاقتصادي المرتكز بشكل أساسي على الخدمات، ونظرت إلى الإصلاحات الزراعية على أنّها انحرافات خطِرَة عن المخطَّط الليبرالي وعرقلة للمسارات الطبيعية لقوانين السوق الحرّة[2].
وبالفعل، فقد تأثّرت مسارات وسياسات النموّ في لبنان برؤية ميشال شيحا الذي شدّد، كسواه من منظّري مفهوم فرادة النموذج اللبناني، على هامشية الصناعات والزراعات اللبنانية، معتبرًا أنّها غير قادرة طبيعيًّا على منافسة بقيّة دول الجوار العربي، ورأى أنّ الميزة المقارنة في الاقتصاد اللبناني تكمن في التخصّص في الخدمات.
بعد الاستقلال، وباستثناء الإصلاحات في المرحلة الشهابية، أدّى غياب السياسات الزراعية المتماسكة، خلال نصف قرن تقريبًا، إلى هجرة الأرياف وإلى حركة تمدّن جامحة شكّلت تهديدًا للعالم الريفي بأكمله[3].
وهكذا، بين عامَي 1960 و1975، انخفض عدد سكّان الريف من 57% إلى 33%، وهم لا يمثّلون أكثر من 11% من إجمالي السكّان في العام 2018[4].
حتّى عشيّة الحرب اللبنانية في العام 1975، كانت القوى العاملة الزراعية تمثّل ما بين 20% و30% من إجمالي القوى العاملة، على الرغم من الهجرة المهنية الكبيرة التي رافقت عمليات النزوح الريفي؛ وكانت الزراعة لا تزال تساهم في نحو 10% من الدخل القومي[5]. تُظهر هذه الأرقام أهمِّية العمل والإنتاج الزراعيَّين، على عكس ما توحي به معظم الأحكام المسبقة عن الهامشية شبه الطبيعية للزراعة اللبنانية، وهذا قبل تعميم الزراعات غير الشرعية التي راجت لاحقًا مع السنوات الأولى من الحرب. ومع ذلك، تظهر معدّلات الفقر الأعلى في المناطق الريفية وبين المزارعين، وفقًا لأحدث الأرقام المتوافرة اليوم عن الفقر القطاعي والعائدة إلى العام 2008، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ العمل الزراعيّ مُستثنى تاريخيًّا من قانون العمل في مادّته السابعة، وبالتالي، فإنّ معظم العاملين في الزراعة غير مشمولين بالضمان الاجتماعي.
لقد أظهرت معدّلات الفقر، بحسب الخلفية المهنية، أنّ معدّل الفقر بحسب قطاع النشاط هو الأعلى لدى صغار المُنتِجين الزراعيين، بحيث بلغ 16%، يليهم العاملون في الصناعات التحويلية الصغيرة [6].
وسنتطرّق إلى هذا الموضوع في سياقات لاحقة من هذا البحث، ولكن من الجدير أن نذكر هنا أنّ العمل الزراعي في لبنان قد عُدَّ تاريخيًّا جزءًا من حياة الأسرة وعملها، بسبب التداخل الواضح بين الإنتاج الزراعي والاقتصاد العائلي، وهو تداخل ما زلنا نجده اليوم في الحيازات الصغيرة حيث يعتمد بشكل أساسي على العمل العائلي، وحيث تلجأ العائلة إلى استئجار قوّة عمل الفاعلين الزراعيين لمدّة أيّام قليلة في كلّ موسم. كما أنّ دوافع استثناء هذه الفئة من الأجراء (أي الأجراء الزراعيّين) من أحكام قانون العمل تكمن في طبيعة عمل هؤلاء، إذ لا يمكن للعمل الزراعي بحدّ ذاته أن يتّسم بطابع الاستمرار خلال فصول السنة الأربعة.
2- العالم الريفي في سياسات ما بعد الحرب: من التهميش إلى التدمير
لقد أدّت سياساتُ إعادة الإعمار ما بعد الحرب، وكذلك إهمالُ الحكوماتِ المتعاقبة الممنهجُ للزراعة، إلى تسريع عملية تفكيك العالم الريفي وتدميره. وبحسب الخبير الزراعي رياض سعاده، يشكّل هذا التدمير المُمنهَج للعالم الريفي خطرًا وجوديًّا على سبل الإنماء المُستدام في لبنان حيث إنّ “السياساتالبيئيةوخططالتنميةالمحلِّيةالمستدامةهيفيالأصلمناختصاصأهلالريفأوّلًا”، في حين أنّ الانقطاع السائد في لبنان بين النموّ الاقتصادي والتنمية المُستدامة يجسّد أوّلًا “انقطاعالسياسةبشكلعامعنعالمالريف”[7].
وقد كان لسياسات ما بعد الحرب الأثر الأكبر على تهميش العالم الريفي في لبنان، ويظهر ذلك في المسح السكّاني الأوّل الذي أطلقته وزارة الشؤون الاجتماعية بين عامَي 1994 و1996 بالتعاون مع صندوق الأمم المتّحدة للسكّان UNFPA. أظهر المسح (عيّنة من 70000 شخص) أنّ الكثافة في المناطق الساحلية تبلغ 1610 شخص / كم ٢، في حين أنّ الكثافة في منطقة البقاع يمكن أن تنخفض إلى 120 شخصًا / كم ٢.
هذه الفروق في الكثافة هي نتاج عملية طويلة من الهجرة الريفية، بدأت منذ منتصف القرن العشرين، وتسارعت مع الحرب الأهلية، ممّا أدّى إلى إنشاء مناطق مدنية مكتظّة بالسكّان (بخاصّة في الضواحي)، فيما تُعرب الأمم المتّحدة عن اعتقادها بأنّ الزراعة كانت تشكّل المصدر الرئيسي لدخل الأفراد المُهجَّرين الذين شرّدتهم الحرب.
ومن المؤكّد أنّ حربَي 1996 و2006 مع العدو الإسرائيلي زادتا من حدّة هذا الاتّجاه، إذ إنّ أعدادًا كبيرة من النازحين من الريف لم تعدْ إلى قراها الأصلية بعد وقف إطلاق النار. وبالتالي، فإنّ تحرّكات السكّان هذه تسهم، بشكل كبير، في انخفاض الإنتاجية الزراعية، بسبب ظاهرتَين مترابطتَين: انخفاض إنتاجية العمل وانخفاض إنتاجية الأرض. كما أنّ الافتقار إلى البنية التحتية الملائمة للتعليم والصحّة هو عامل إضافي يؤدّي إلى تفاقم تحدّيات العالم الريفي، فيما يتسبّب في تأثير سلبي مباشر على الإنتاجية.
3- مساهمة القطاعات الإنتاجية في خلق الثروات في لبنان في اقتصاد ما بعد الحرب
تُظهر بيانات البنك الدولي عشيّة أزمة عام 2019، أنّ الزراعة تسهم في أقلّ من 3% من الناتج المحلِّي القائم، بينما توظّف 11% من القوى العاملة[8]. في تقديرات أكثر دقّة، وبناءً على المسوحات الزراعية التفصيلية والشاملة (وليس على تقنيّات أخذ العيّنات)، تقدّر وزارة الزراعة ومنظّمة الأغذية والزراعة أنّ الزراعة اللبنانية تزن نحو 5٪ من الناتج المحلِّي القائم عشيّة الأزمة[9].
تُعَدّ الزراعة – بشكل أساسي زراعة الفواكه والخضروات والتبغ الخام والتوابل – بالإضافة إلى الأغنام الحيّة والأعمال التجارية الزراعية والأغذية المصنّعة وشبه المصنّعة – مصدرًا رئيسًا للصادرات، بحيث تمثّل أكثر من 20% من إجمالي الصادرات أو 0.7 مليار دولار أميركي كمعدّل متوسّط بين 2014 و2018[10].
في الوقت نفسه، تمثّل واردات الأغذية الزراعية حصّة كبيرة من إجمالي الواردات التي تمثّل 18% من الإجمالي (أي 2.9 مليار دولار أميركي بين عامَي 2014 و2018). يلبّي الإنتاج الوطني للأغذية الزراعية 20% فقط من الطلب المحلِّي؛ ونتيجة لذلك، يعتمد لبنان على واردات معظم المُنتَجات الغذائية التي تكون في بعض الحالات مرتفعة للغاية، مثل الحبوب والسكّر.
من جانبها، يبدو أنّ الصناعة تزن نحو 15% من الناتج المحلِّي الإجمالي كمعدّل وسطي بين عامَي 2004 و2017، وتوظّف نحو 22% من السكّان العاملين. وهكذا، في اقتصاد ما بعد الحرب وحتّى الأزمة المالية لعام 2019، اعتمد لبنان على نموذج نموّ مدفوع أساسًا بالخدمات (80% من الناتج المحلِّي الإجمالي)، بشكل أساسي، بقطاعَي العقارات والبناء والسياحة. بالتالي، يزنُ قطاع العقارات والبناء وحدَه نحو 17% من الناتج المحلِّي القائم كمعدّل وسطي بين عامَي 2007 و2017، أي 3 أضعاف القطاع الزراعي تقريبيًّا، وبقدر ما يزن قطاعا الزراعة والصناعة معًا.[11]
من ناحية أخرى، كان للتطوير المحموم بالمضاربة العقارية لمشاريع البناء تأثير سلبي على المناطق الريفية والمحرومة، تخطّى تأثير أيّ عامل آخر، من خلال زيادة الضغط على الموارد، وإضعاف البنية التحتية، وتفاقم البصمة البيئية (التلوّث، والإفراط في استخدام الموارد والأراضي، وسوى ذلك). ففي عمليّات الترخيص والبناء تلك، يتمّ تجاوز أو تجاهل قوانين تقسيم المناطق التي وضعت في الخمسينيات والستّينيات، بسبب الفساد المنهجي، ونادرًا ما يُحافَظ على المساحات الخضراء التي تمّ تفويضها في تقسيم المناطق[12].
4- مساهمة القطاعات الإنتاجية في التوظيف في لبنان في اقتصاد ما بعد الحرب
تُعَدّ تربية الماشية مهمّة في لبنان، بحيث كانت تشكّل 10% من الأنشطة الزراعية التي تمارس في اقتصاد البلاد عشيّة أزمة عام 2019.
كذلك يُعَدّ قطاع الصناعات الغذائية أكبر مساهم في الصناعة اللبنانية، إذ يضيف نحو 27% من القيمة إلى القطاع، تمثّل 8.2% من المؤسّسات الصناعية في لبنان، وتشكّل أكثر من 26% من إجمالي المدخلات الصناعية. كذلك، يوظّف القطاع 23% من القوى العاملة الصناعية[13].
تشير “إيدال” (IDAL) إلى أنّ قطاع الصناعات الغذائية يوظّف عددًا متزايدًا من الأشخاص بعد أزمة عام 2019، يمثّلون 25٪ من القوى العاملة في القطاع الصناعي[14].
تمثّل الزراعة نحو 12% من القوى العاملة بدوام كامل و13% إضافية (معظمها عمالة عائلية غير مدفوعة الأجر) يعملون في القطاع بدوام جزئي أو على أساس موسمي. يمثّل قطاع الأغذية الزراعية ربع الاقتصاد إلى ثلثه، ويوظّف ربع القوى العاملة الصناعية. تقدّر العمالة في الزراعة وصناعة الأغذية الزراعية بـ 24% من إجمالي العمالة[15].
يُشار إلى القطاع الزراعي في المناطق الريفية باعتباره المصدر الرئيسي للدخل، مع زيادة مساهمته في الناتج المحلِّي الإجمالي المحلِّي بنسبة تصل إلى 80%، كما ورد في المذكّرة الصادرة عن منظّمة الأمم المتّحدة للأغذية والزراعة (الفاو)[16].
5- النموذج الزراعي اللبناني: هامشي أم مهمّش؟
منذ أزمة عام 2019، أصبح من المستحيل تقريبًا تقدير المساهمة الاقتصادية للزراعة في تكوين الثروة، بحيث تشير التقديرات إلى احتمال انكماش الناتج المحلِّي بأكثر من 20% من جرّاء الآثار المشتركة للأزمة المالية وأزمة كورونا وتفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020 [17].
وبعيدًا عن الشكّ في الأرقام التي تبيّن أنّ الزراعة اللبنانية ليست من القطاعات الأكثر مساهمة في الإنتاج الوطني، لا يمكن أن ننكر أنّ لهذا القطاع الأوّلي دورًا مهمًّا ومستمرًّا في الاقتصاد الوطني، وبخاصّة في التوظيف وفي الحماية من أخطار الفقر وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية[18]. وكما أظهرنا في الفقرات السابقة، تؤمّن الزراعة مداخيل لأكثر من 800 ألف مقيم في لبنان، ممّا يدعو إلى إعادة النظر في الفرضيات المسبقة التي تدّعي تخطّي هذا القطاع بوصفه هامشيًّا في نموذج النموّ اللبناني. والأهمّ من ذلك، إلى جانب الشكوك حول مساهمتها في خلق الثروة أو خلق فرص العمل، يبدو أنّ الزراعة اللبنانية كانت ضحيّةً لما يقرب القرن من الإهمال المنظّم للعالم الريفي من جانب السياسات العامة التي فصلت الزراعة عن محيطها الريفي باعتبارهما، أي الزراعة والريف، هامشيَّين بالنسبة إلى نظام التراكم الرأسمالي المرتبط بالوساطة المالية.
وقد رفضت سياسات ما بعد الحرب، وبشكل ممنهج، إعطاء العالم الريفي نصيبه من الحماية والمحافظة، ناهيك عن الإنماء، الأمر الذي أدّى إلى منع تطوير إمكاناته، ما أوصل في نهاية المطاف إلى إنتاج ندرة في العالم الريفي، على شكل نبوءة محقِّقة لذاتها. إنّها، في الواقع، أكثر من ندرة طبيعية مرتبطة بحدود مساحة الوطن وحدوده الجغرافية، أو ندرة أراضيه الصالحة للزراعة؛ إذ يظهر لنا أنّ الزراعة في لبنان ضحيّة لندرة أنشأتها السياسات العامة التي رفضت تباعًا الاستفادة من ثروة تعدُّد مناخاته المحلِّية وعوامله الطبيعية، وتنوُّع تضاريسه وعاداته الثقافية والقروية.
في الواقع، تُقَدَّر المساحة الإجمالية للأراضي الزراعية بـ 332000 هكتار، منها 240983 هكتارًا مزروعة[19].
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ موقع لبنان الاستثنائي، وجغرافيّته وتضاريسه المتنوّعة بشكل مدهش، وتنوّع مناخاته المحلِّية، تجعل منه مركزًا للتنوُّع النباتي. يمتلك لبنان أعلى نسبة من الأراضي الزراعية الصالحة في المنطقة، حيث إنّ ما يقرب من ثلث الأراضي اللبنانية صالحة للزراعة[20].
وتتواجد أكثر المناطق خصوبة على طول الخطّ الساحلي وفي سهل البقاع. تقع غالبيّة الأراضي الزراعية في شمال سهل البقاع، وبشكل أكثر دقّة في محافظة بعلبك الهرمل التي تمثّل 25٪ من الأراضي الزراعية، تليها محافظة البقاع التي تمثّل 18% وعكّار 16%[21].
سهل البقاع هو سهل داخلي طبيعي يقسم سلسلتَي جبال لبنان، أي جبل لبنان من الغرب والسلسلة الشرقية. يمتدّ الوادي على مساحة 4000 كيلومتر مربّع فيغطّي بذلك 38% من مساحة البلاد، وهو يشكّل منطقة الإنتاج الزراعي الرئيسة[22]. وفقًا لدراسات “إيدال” الإقليمية، يشكّل وادي البقاع المنطقة الرئيسة المخصّصة لإنتاج الحبوب والخضروات (57%)، وأشجار الفاكهة (36%)، والماشية مثل الأغنام (38%) والماعز (29%) وإنتاج اللحم البقري (26%) ومُنتَجات الألبان (44%)[23].
أمّا بالنسبة إلى مجموع التعاونيات، فإنّ سهل البقاع هو موطن لـ 23% من جميع التعاونيات المسجّلة في لبنان في العام 2018[24].
ليس تهميش منطقة بعلبك الهرمل إلّا تعبيرًا مزدوجًا عن إهمال السياسات العامة للريف كما للزراعة، باعتبارهما دخيلَين على نموذج إنتاج الثروات القائم على جذب الرساميل الأجنبية. وبحسب الباحث الزراعي حسّان مخلوف، تعبّر تلك القراءة أوّلًا عن جهل المعنيين بالسياسات العامة الطاقاتِ الكامنةَ في القطاع الزراعي القادر على اجتذاب مليارات الدولارات من الصادرات عوضًا من العجز التاريخي الملحوظ في الميزان التجاري، مع العلم أنّ “تشريعزراعةالحشيش [القنّب] وحدهقادرعلىتأمينأكثرمنملياردولارسنويًّاللاقتصاداللبنانيعمومًا، ولمزارعيالهرملبشكل خاص”[25]. كما لا يحصر الباحث إمكانيات الزراعة في مناطق بعلبك الهرمل بزراعة القنّب، إذ فيها أكثر الأراضي النافعة للزراعة مقارنةً ببقيّة المناطق اللبنانية؛ كذلك، تُظهر دراسته توافر إمكانات تصدير زراعة بديلة ذات القيمة المضافة العالية كالزعفران، ما يتيح للبنان التموضع كبلد زراعي بامتياز إذا سعت الدولة إلى إرساء شروط استغلال الميَز المقارنة للمناخات المحلِّية فيه، وفي جرود بعلبك الهرمل على الأخصّ.
كما تتوافق تلك الرؤية مع أرقام المركز اللبناني للأبحاث والدراسات الزراعية، بحيث يؤكّد رئيسه رياض سعاده أنّ مسح الإنتاج الزراعي في العقود الأخيرة يظهر، بدون أيّ شكّ، قدرة الميزان التجاري الزراعي في لبنان على أن يكون متوازنًا، إن لم يكن فائضًا، لو لم تعمد سياسات ما بعد الحرب على ضرب المزارعين على حساب المستوردين وكبار الموزّعين.
6- تهميش الزراعة والتعاونيات في موازنات الحكومات المتعاقبة في اقتصاد ما بعد الحرب
حدّدت إستراتيجية وزارة الزراعة 2015-2019 أربعة مجالات تحسين تركّز على الزراعة، نشير إليها حرفيًا في ما يأتي:
تحسين وتعزيز قدرات المديرية العامة للتعاونيات من خلال تطوير قدراتها البشرية والإدارية والمالية، وتعزيز وظائفها وخدماتها[26].
تقييم وضع التعاونيات والصناديق المشتركة من خلال تنفيذ المقترحات المُصاغة من أجل زيادة الكفاءة والفعالية.
إعادة تفعيل الاتّحاد التعاوني للتسليف والاتحاد الوطني العام للجمعيات التعاونية.
دعم وتفعيل صندوق الاستثمار المشترك لتأمين القطاع الزراعي ضدّ الكوارث الطبيعية من خلال مراجعة وتقييم الآلية المالية المقترحة.
تأتي تلك الإستراتيجية في سياق سلسلة من الخطط والبرامج والإستراتيجيات التي وضعتها الوزارة، والتي لم تُتَرجم يومًا بسياسات واقعية. فقد بدأت وزارة الزراعة بوضع الإستراتيجية الزراعية لعام 2004، والتي نُظّمت بمساعدة منظّمة الأغذية والزراعة والبنك الدولي، ثمّ الإستراتيجية الزراعية لعام 2006 التي أُجهِضتْ بعد حرب عام 2006. كذلك، عجزت وزارة الزراعة أيضًا عن تنفيذ الخطّة الإستراتيجية 2010-2014 التي أُطلقت بدعم من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية “إيفاد” (IFAD).
تعتمد السياسة الزراعية التي أطلقتها وزارة الزراعة للفترة 2020-2025 بشكل أساسي على المساعدات الدولية والتبرّعات والعجز في الميزانية، ممّا يجعلها غير واقعية. تُقدّر التكلفة الإجمالية لهذه الخطّة بنحو 710 مليون دولار، مع مساهمة حكومية تقديرية بنحو 14% مع مبلغ معادل من خطّ المانحين الحاليين والمتوقّعين، وفجوة مالية بنسبة 73% تُغطّى بشكل مستقبلي وفقًا لتوافر الموارد[27]. وتجدر الإشارة إلى أنّ “الفجوات” في التمويل تتراوح بين 72% و93% اعتمادًا على السنة، ممّا يمنعها جوهريًّا من أن تكون إستراتيجية تنمية حقيقية للقطاع.
على الرغم من أنّ الزراعة تشغل 12% من القوى العاملة، وتسهم في تأمين دخل كامل أو جزئي لأكثر من 800 ألف مواطن، إلّا أنّ موازنة وزارة الزراعة لا تتخطّى 0.4% من موازنة الدولة اللبنانية. حتّى العام 2005، أي قبل انقطاع الدولة عن المصادقة على قوانين الموازنات لمدّة 12 سنة، كان الإنفاق الحكومي على الزراعة الأضعفَ على الإطلاق مقارنةً ببقيّة القطاعات الإنتاجية، كما يوضحه الشكل التالي لمعدّل الإنفاق بين سنتَي 1997 و2006.
وبالطبع، لم يتغيّر هذا التهميش المنهجي للزراعة وللتعاونيات بعد التصويت على أولى موازنات العقد الماضي، أي عام 2017 والأعوام التي تلتها، بل ساهمت الموازنات الأخيرة في تعميق الإهمال المنظّم للقطاعَين الزراعي والتعاوني، بحيث انخفضت موازنة وزارة الزراعة بين سنتَي 2017 و2020 إلى ما دون 0.3%، في حين أنّ موازنة مديرية التعاونيات شكّلت 0.01% من إجمالي نفقات الحكومة في الفترة نفسها، وما يقارب 5% من موازنة وزارة الزراعة قبل أزمة عام 2019.
كذلك، تُظهر موازنة 2020 أنّ موازنة مديرية التعاونيات لم تعد تشكّل إلّا 2.8% من موازنة وزارة الزراعة في العام 2020، أي ما يقارب 10% من موازنة مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية.
7- النموذج التعاوني في مواجهة تحدّيات الزراعة في لبنان
يتكوّن القطاع الزراعي في لبنان، بحسب مجلس الإنماء والإعمار، من نوعَين من الزراعة: الأولى زراعة تجارية، تعتمد على الموارد المالية والاستثمارات وتهدف إلى الربح الأمثل؛ والثانية يقوم بها غالبية المزارعين الريفيين كونها زراعة “مكرّسة للحفاظ على التراث الثقافي والأُسَري“، والتي تُمارَس للاستهلاك الذاتي، أو لتوليد دخل بأشكال ظرفية، أو لمصادر إضافية لتحسين المعيشة[28].
يتّسم النظام الزراعي في لبنان بهيمنة أساليب الزراعة التقليديّة في المزارع شديدة التجزئة، وهذا ما يحول دون التوسّع الاقتصادي للإنتاج الزراعي في البلاد، ويحدّ من القدرات التسويقيّة. تُدارُ 85% من الأراضي فرديًّا، وتمثّل الشركات أو التعاونيات نسبة منخفضة للغاية (12% و3% على التوالي). وبالرغم من ذلك، فإنّ هذه التجزئة تشكّل سياقًا ملائمًا لتأسيس التعاونيات، التي تُعَدّ، بشكلٍ عامٍّ، حلولًا مناسبة تسمح لصغار المزارعين بالتجمّع معًا في هياكل تعاونية أكبر، وتؤدّي بالتالي إلى الاستفادة من مكاسب الإنتاجية وإلى تحسين عوائد الحجم[29].
يُعَدُّ هذا الأمر مهمًّا في الحالة اللبنانية بشكلٍ خاصّ، بحيث أظهرت المسوحات والتعدادات الزراعية التي أجرتها منظّمة الأغذية والزراعة ووزارة الزراعة بين عامَي 1998 و2016 أنّ البلاد تخضع لازدواجية مُطلَقة بتكوينها العقاري وبتوزُّع الملكية العقارية، مع تشتّت قويّ على مستوى عشرات الآلاف من المزارع ذات المساحات والنطاقات الصغيرة من ناحية أولى، وتركُّز عالٍ للإنتاج على مستوى المزارع الكبيرة من ناحية أخرى، ممّا يؤدّي إلى عدم تكافؤ شديد في الوصول إلى الأراضي الصالحة للزراعة، وإلى موارد الريّ والأسواق.
في الواقع، ثمّة نحو 190 ألف مزرعة، ثلثاها صغير (أحجام أقلّ من 10 دنم أو هكتار واحد)، في حين أنّ المزارع الكبيرة (أكثر من 500 دنم) تمثّل أقلّ من 1% من المزارع، ولكنّها تحتكر 20% من مساحة الأراضي الزراعية المفيدة في البلاد[30].
ينتج من هذا التقسيم الازدواجي استبعاد صغار المزارعين من السوق، مع تركُّز إنتاجهم على تلبية احتياجاتهم الذاتية، عندما يَستخدم أكثر من ثلث (37%) المزارعين إنتاجهم بشكل أساسي للاستهلاك الذاتي.
على هذا المستوى، يظهر تباين ملحوظ في البيئة الزراعيّة اللبنانيّة، يتّسم بالتأخّر في تطوير النماذج التعاونية في الزراعة، هذه النماذج نفسها التي أثبتت فعاليتها في سياقات مماثلة، لا سيّما في ظل بنية الأرض المزدوجة (تجزئة الملكية/ تركيز عالٍ لاقتصاديات الحجم في المزارع الكبيرة)، وفي ظلّ استبعاد أصحاب الحيازات الصغيرة من الوصول إلى السوق، وهي مشكلات تُعَدّبشكلٍ عامّ، في جميع أنحاء العالم، حالات نموذجية (أو نماذج) تتطلّب إنشاء تعاونيات.
من هنا التساؤل عمّا يفسّر ضعف التعاونيات الزراعية في لبنان، والإمكانيات غير المستغلّة لهذا النموذج في الإنتاج والتسويق. ويشكّل هذا السؤال الإشكالية الكبرى، وبخاصّة أنّ التعاونيات تستفيد من عدد كبير من المزايا القانونية والضريبية؛ فهي معفاة من ضرائب معينة، ومنها ضريبة الدخل عن أرباح الجمعية، ضريبة الأملاك المبنية، ورسوم الانتقال العقارية عن معاملات وضع التأمينات وفكّها وعن معاملات انتقال العقارات المؤمّنة لصالح الجمعية إلى اسمها، ومن مختلف الرسوم العقارية ورسم الطابع الأميري على معاملات شراء العقارات لصالحها. مع الإشارة إلى أنّه تمّ تأكيد هذه الملاحظة في التقارير الوزارية وفي دراسات منظّمة الأغذية والزراعة، التي تعتبر أنّ الزراعة اللبنانية ضعيفة التنظيم اقتصاديًّا ومهنيًّا بسبب ضعف الأشكال التعاونية.
كيف يمكن للنموذج التعاوني أن يسمح بتحويل الزراعة من شكلها الاجتماعي الحالي، المتّسمة بهيمنة الزراعة العائلية الصغيرة، إلى هيكلية أكثر إنتاجية وأكثر توجُّهًا نحو التصدير، ونحو خلق الثروة والوظائف؟ وبهذا المعنى، ما الإصلاحات التي ستكون ضرورية أيضًا لتحفيز تشكيل النماذج التعاونية وتعميمها، في المستقبل، في الزراعة وفي صناعة الأغذية الزراعية، ثمّ في قطاعات أخرى قد لا تكون مُستكشفة بعد؟
التحدّيات المتعلّقة بأنظمة المياه والريّ:
تشكّل ندرة المياه أحد أسباب اعتماد الدولة على الواردات الغذائية بدلًا من التركيز على توسيع الأراضي. وكما أنّ تناقص الأراضي الزراعية في لبنان ليس انعكاسًا لندرة طبيعية وإنّما يأتي نتاجًا لسياسات تهميش وتدمير العالم الريفي، كذلك الأمر بالنسبة إلى ندرة المياه في بلد كان يُعدّ من الأغنى في المنطقة في مصادره المائية التي تتعرض راهنًا لضغوط متزايدة بسبب تغيّر المناخ والنموّ السكّاني.
قبل سنّ القانون رقم 221 المتعلّق بتنظيم قطاع المياه، الصادر في تاريخ 29/5/2000، لم تكن المياه تنظمّها الحكومة فحسب، بل كانت تحت سلطة 21 هيئة مياه ونحو 200 لجنة مياه. دمج القانون رقم 221 سلطة المياه التابعة لأربع مؤسّسات مائية إقليمية (RWE) وسلطة نهر الليطاني (LRA)، وكلّفها بمهمّة إدارة جميع الأنهار في لبنان[31]. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أنّ القانون رقم 221 لا يصرّح للبلديات ولجان المياه بإدارة موارد المياه، إلّا أنه منحها القدرة على جمع مياه الصرف الصحّي وتشغيل برامج الريّ.
أمّا قانون المياه رقم 77 الصادر في تاريخ 13/4/2018 والذي تمّ تعديله من خلال القانون رقم 192 تاريخ 10/16/2020، فقد اكتفى نظريًّا بطرح مبدأ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، ولكنّه لم يتخطّ فعليًّا المشكلة الرئيسة المتعلّقة بتعدُّد مصادر التشريع التي تنظّم قطاع المياه. لم يوفّر القانون رؤية مُوحّدة لتنظيم المياه كثروة وطنية، بل كرّس المنطق السائد تاريخيًّا من خصخصة ملكيّة الثروة المائية. وبحسب القراءة المنشورة في المفكّرة، تكرّس هذه الذهنية مبدأ الحقوق المكتسبة على المياه، وهي “ذهنية تُغيّب أيّ مقاربة لإدارة الموارد المائية في سبيل المصلحة العامة “[32].
هنا تطرح التعاونيات نفسها كحلّ لإنشاء الأنظمة المتخصّصة بالريّ، والتي تسمح لصغار المُنتِجين بتقاسم التكاليف وخفضها، كما بتأمين مصادر المياه للمستهلكين، الذين يعتمدون في غالب الأحيان على المياه المنقولة في الصهاريج، ممّا قد يسهم أيضًا في تقليص المزاحمة على المصادر المائية في المجتمعات المحلِّية.
وقد تشكّل تلك التعاونيات في الوقت عينه حلًّا لمشكلات الكهرباء من خلال تقاسم شبكات الطاقة المتجدّدة، كألواح الطاقة الشمسية التي قد يحتاج إليها المزارعون كما بقيّة السكّان لتشغيل آبارهم الإرتوازية لجرّ المياه، ممّا يخفّض تكاليف المازوت ويؤمّن إنتاجًا أكثر محافظة على البيئة. وكما تؤكّد السيّدة غلوريا أبو زيد، المديرة العامة لمديرية التعاونيات، فإنّ تلك الحلول تتوافق كلِّيًّا مع فلسفة القطاع التعاوني وأهدافه، كما تؤكّد عزم المديرية على المضي قدمًا في تفعيل دور التعاونيات لتقديم مثل تلك الخدمات للمُنتِجين أو للسكّان.
احتكار التاجر وتنظيم ضعيف للمزارعين: مشكلات التجزئة ومشاركة محدودة في سلاسل القيمة
تعتمد التعاونيات، بشكل أساسي، على الأحداث الموسمية ومعارض الأغذية للوصول إلى المستهلكين في المناطق المدنية. وبحسب دراسة حديثة، صرّحت 30% فقط من التعاونيات المشمولة في العيّنة أنّها تسوّق مُنتَجها لتجّار التحويل الصناعي ومتاجر الموادّ الغذائية المتخصّصة. وعلى الرغم من ذلك، ليس واضحًا إن كانت هذه التعاونيات تصل مباشرة إلى هذه المنافذ أو تعتمد على وسطاء، حيث تصرّح نحو 40% منها أنّها تسوّق مُنتَجاتها عبر وسطاء، ممّا يشير إلى الاندماج الأفقي الضعيف للتعاونيات في سلسلة القيمة[33].
على الرغم من أنّ التعاونيات تعبّر، على ما يبدو، عن رغبتها في إقامة روابط مع الدول الأجنبية وزيادة الصادرات، فإنّ الوصول إلى الأسواق يعتمد على عدّة عوامل، داخلية وخارجية. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أنّ ما يقرب من 75% من التعاونيات تفتقر إلى وجود علامات تجارية مناسبة.
وبحسب استطلاع يعود إلى العام 2013، فإنّ 11 فقط من 40 تعاونية غذائية في البقاع تملك وسائل نقل مناسبة مثل الشاحنات المُبرَّدة أو غير المُبرَّدة، ممّا يحدّ من الوصول إلى المستهلكين وتجّار التجزئة[34].
تستخلص دراسة دليل التضامن في العام 2020 نتائج مهمّة حول عمل التعاونيات الزراعية، حيث تبيّن أنَّ 71% من التعاونيات تقدّم مُنتَجاتها في منطقة التعاونية، وأنّ 66% وسَّعت أسواقها لتغطّي مدنًا ومناطق أخرى من البلاد، و6% فقط تصدّر مُنتَجاتها إلى الخارج. أخيرًا، وفقًا للدراسة نفسها، تواجه 50% من التعاونيات صعوبات وتحدّيات مالية، وتجد 41% منها صعوبة في تسويق مُنتَجاتها بأسعار مناسبة، وتعاني 28% منها من ارتفاع تكاليف الإنتاج وتسيير المشروع[35]. من حيث الإنتاج، أظهرت الدراسة أنّ الحجم الإجمالي السنوي للتعاونيات الغذائية تراوح بين 1 و7 أطنان على أساس موسمي لأكثر من نصف التعاونيات. ومع ذلك، لوحِظَ أنّ هذه الأرقام المنخفضة تمثّل حصرًا الكمِّيات التي يحدّدها السوق والتي تُنتَج عند الطلب، وهي لا تمثّل القدرة الكاملة للتعاونيات، ممّا يبرز إمكانية التوسّع. إلّا أنّ 23% من التعاونيات التي اسُتجوِبَت في إطار الإعداد للدراسة أعلنت أنّها تُنتج أكثر من 7 أطنان، وبحدّ أقصى 15 طنًّا. يبدو أنّ هذه البيانات التي كشفت عنها دراسة “دليل التضامن” تتقارب مع مسح حديث يعود إلى العام 2021 يغطّي جميع التعاونيات الغذائية الأربعين لمحافظة البقاع[36]. وتُظهر الدراسة أنّ أكثر من 80% من التعاونيات تعتمد بشكل مباشر على المزارعين المحلِّيين على مستوى المحافظات، وأنّ 60% من مبيعاتها تتمّ في بيروت.
على الرغم من أنّ الأدلّة تُظهر محاولات التعاونيات الغذائية معالجة مشكلات التسويق النهائي، فإنّ الترتيبات الأوّلية لا تزال تعتمد على المزارعين الأفراد بدلًا من قدرتهم على إدارة إنتاجهم بأنفسهم أو مشترياتهم من التعاونيات الأخرى. وكذلك، ما يزال وصول التعاونيات إلى الأسواق صعبًا بشكل عامّ، مع غياب القدرة على التحكّم في سلسلة القيمة، من غياب لآليات النقل والتبريد والوصول إلى تجّار التجزئة والتصدير. نتيجةً لذلك، تبدو منظّمات المزارعين غير فعّالة تمامًا، بحيث يجد صغار المزارعين ومتوسّطو الحجم صعوبةً في المشاركة في سلاسل القيمة الغذائية بسبب القيود المتعلّقة برأس المال البشري والمالي. فعلى المُنتِجين اللبنانيين زراعة الأصناف التي تلبّي طلب المستهلكين في الأسواق ذات الربحية العالية، وزيادة الجودة وحجم الإنتاج من أجل الامتثال للمعايير الدولية بما يسمح بالتصدير، وإنّما غالبًا ما يرون أنفسهم ضحايا للتجّار الذين يكسبون هوامش ربح عالية مع فوائد محدودة لهم.
تسهّل التعاونيات الوصول إلى الأسواق المحلِّية بتكلفة أقلّ، إذ تسمح بتقديم خدمات النقل، وتقاسم الآليات، ناهيك عن الإعفاءت من الجمارك ورسوم التسجيل. أضِفْ إلى ذلك تخفيض تكاليف الفحوصات المخبرية العينية، التي يمكن لغرف التجارة والصناعة أن تؤمّنها للتعاونيات بأقلّ تكلفة ممكنة، للتأكّد من مطابقة المُنتَجات للمعايير الصحِّية، وذلك بغية الحصول على تصاريح بالتصدير [37].
المزارع الصغيرة وتكلفة إنتاج عالية:
تتّصف الزراعة اللبنانية بتجزئة الأراضي الزراعية وكثرة صغار المزارعين بحيث تشكّل نسبة صغار المزارعين الذين يستثمرون أرضًا زراعية تقلّ عن هكتار واحد 70% من مجمل المزارعين. ويبلغ الحجم الوسطي للأرض الزراعية 1.4 هكتار (13.6 دونم) لكلّ مزارع، ويتمّ بشكل عامّ استصلاح أقلّ من 20% من إجمالي المساحة القابلة للزراعة[38].
ارتفعت التكلفة بشدّة مع نقص شبكات الريّ والطرق الزراعية والمنافذ التجارية للمُنتَجات الزراعية والغذائية بعد بدء الحرب في سوريا، وبشكل أكبر بعد أزمة عام 2019، بحيث بات صغار المزارعين غير قادرين على مواجهة ارتفاع أسعار الأعلاف والمدخلات. وفيما زاد النموّ السنوي لإجمالي إنتاجية العامل الزراعي بين عامَي 1991 و2015 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، انخفض إجمالي إنتاجية لبنان بمتوسّط 0.46% سنويًّا؛ إذ إنّ التقنيّات القديمة والاستثمارات المنخفضة في التكنولوجيا جعلت عوائد لبنان أقلّ من أداء دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معظم المُنتَجات، باستثناء الدجاج والماعز والغنم. وينطبق هذا الأمر أيضًا على العناصر الأكثر تصديرًا مثل البطاطا والتفّاح. كذلك، أدّى وجود مستويات غير مقبولة من بقايا المبيدات الحشرية أو المستويات السامّة للبكتيريا، أو استخدام إضافات ملوّنة خطيرة، إلى صعوبات في الوصول إلى أسواق التصدير.
وعادةً ما تسهم التعاونيات في إعطاء صغار المُنتِجين إمكانية استغلال عائدات إنتاج أكبر، مع ارتفاع حجم الإنتاج، وتخفيض التكلفة الوسطية، ممّا يزيد في الوقت عينه تنافسيتهم وقدرتهم التفاوضية. ومن الأمور التي من شأنها تحسين عائدات الإنتاج، تقاسم تكاليف التعليب والفحوصات المخبرية العينية وشهادات التصدير، كما تكاليف التحميل والتبريد والنقل. ومن شأن تقاسم هذه الأكلاف، تخفيض التكلفة الوسطية لكلّ سلعة، ممّا يعطي تجمُّع المُنتِجين قدرة تفاوضية مع شركائهم التجاريين المُوزّعين على سلسلة الإنتاج كافّة، من الوسطاء وكبار المُوزّعين إلى بائعي التجزئة وأسواق التصريف كالحسبة أو المعارض البديلة التي تكثر اليوم في لبنان، كسوق الطيب أو أسواق الأحياء المدنية.
ضعف البنية التحتية والتنظيم بعد الحصاد وتبعيات عالية للاستيراد والتصدير
يعاني المزارعون أيضًا من محدوديّة الوصول إلى المدخلات الرئيسة، مثل الأسمدة ومبيدات الآفات والبذور والخدمات المالية الائتمانية والتأمين، وكذلك الخدمات الرئيسة مثل المساعدة التقنيّة ومعلومات السوق. تحتوي الصناعات الزراعية اللبنانية على نسبة عالية من المدخلات المستوردة والاستهلاكات الوسيطة الأخرى: من بين 25 مُنتَجًا زراعيًّا رئيسًّا مُصدَّرًا، يتمّ استيراد 17 بكمِّيات كبيرة، ويتمّ إعادة تصدير بعض العناصر بقيمة مضافة قليلة، بينما تُعالَج بعضها الآخر في البلاد من أجل صادرات ذات قيمة مضافة أعلى.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ ممارسات ما بعد الحصاد في لبنانلا تراعي المعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال. وعليه، تؤدّي الإدارة السيّئة لسلسلة التبريد في جميع مراحل سلسلة التوريد، وسوء تنظيم أسواق الجملة، وضعف مرافق التخزين والمناولة في الموانئ، إلى عدم كفاءة الخدمات اللوجستية الغذائية الزراعية، والتوزيع والتسويق، ممّا يُفضي إلى ارتفاع معدّل خسائر ما بعد الحصاد.
تقدّم التعاونيات حلولًا عدّة لتلك المشكلات، لا سيّما من ناحية بناء القدرات وزيادة التحكُّم في سلسلة إنتاج القيم المضافة، وبخاصّة أنّ القانون ينصّ على وجوب إعداد تلك التدريبات سنويًّا بما يتلاءم مع حاجات الأعضاء ومصالحهم. وبالفعل، تعكس التعاونيات سمات إيجابية مختلفة، مثل بناء القدرات، وتبادل المعرفة بين الأعضاء، وتنوّع المهارات والخبرات، وتمكين العاملين من إدارة العقبات والتحدّيات بشكل مناسب.
وفق المرسوم رقم 8355، ينبغي أن تُنظَّم سنويًّا دورات تدريبية وتثقيفية تعاونية في مختلف المناطق اللبنانية، يشترك فيها من يرغب من المزارعين والعمّال، ومن الأعضاء والمُستَخدمين في التعاونيات واتّحاداتها، وكذلك الموظّفون والمُستَخدمون في الإدارات العامة والمؤسّسات العامة والبلديات[39]، تهدف إلى إطلاع المشتركين فيها على مبادئ التعاون وأصوله وقواعده، وعلى قواعد وأصول وأساليب التدبير والتنظيم الإداري والمالي والاقتصادي في التعاونيات واتّحاداتها، وعلى ما من شأنه أن يؤول إلى نشر الحركة التعاونية في البلاد وتطويرها وتنميتها[40].
استثناء العمّال الزراعيين من أحكام قانون العمل
يبدو أنّ التعاونيات الزراعية هي استجابة مناسبة لسياق التجزئة والتهميش السائد في لبنان، ولمزاحمة أصحاب الحيازات الصغيرة. وقد يكون الأهمّ من ذلك، أنّها تبدو بديلًا استثنائيًّا لزيادة الوصول إلى الحماية الاجتماعية، وفي الوقت نفسه تقوية الشبكات الاجتماعية للاعتراف المتبادل والمساعدة المتبادلة بين المُنتسبين، وبين الأعضاء ومجتمعاتهم الأوسع، لا سيّما في بلد يُستثنى فيه العمل الزراعي من قانون العمل في مادّته السابعة.
تستثني المادّة 7 (فقرة 2) من قانون العمل، النقابات الزراعية (التي لا علاقة لها بالتجارة والصناعة) من قانون العمل، على اعتبار أنّه كان سيُوضَعُ لها تشريع خاص. وما قصده المشترع بالنقابات الزراعية هم الأجراء الزراعيون العاملون في مؤسّسة زراعية لا تتعاطى التجارة أو الصناعة، وليس النقابة الزراعية، وهذا وفق ما تماشى عليه الاجتهاد. غير أنّ التشريع المنصوص عنه في هذه الفقرة والمتعلّق بالنقابات الزراعية لم يُوضَع حتّى تاريخه. وعملًا باجتهادات قضاء العمل المستمرّة، تُعَدّ مؤسّسات توضيب الفواكه، ومزارع إنتاج الدواجن، وجمعية حماية وتحسين نسل الجواد العربي، من المؤسّسات الزراعية.
أمّا استثناء هذه الفئة من الأجراء (أي الأجراء الزراعيين) من أحكام قانون العمل، فقد تمّ تبريره في السردية الرسمية في طبيعة عمل هؤلاء، ذلك أنّه لا يمكن لالعمل الزراعي بحدّ ذاته أن يتّسم بطابع الاستمرار خلال فصول السنة الأربعة، وبالتالي فإنّ صاحبه لا يستطيع أن يعمل بشكل دائم ومستمرّ تحت رقابة أو إدارة صاحب عمله الزراعي[41].
لكن في المقابل، وبناء على المادّة الأولى من المرسوم 3572/1980، فإنّ مجلس العمل التحكيمي مختصّ بالنظر في جميع نزاعات العمل الفردية الناشئة عن علاقات العمل بمفهوم المادّة 624 فقرة أولى م.ع.، وتاليًا في النزاعات بين العمّال الزراعيين وأصحاب العمل. فضلًا عن ذلك، يحقّ للعمّال الزراعيين، الذين استُثنوا من أحكام قانون العمل بموجب المادّة 7 منه، أن يتذرّعوا في علاقتهم مع أصحاب العمل بأحكام القانون العام، وبالتالي بالموادّ 624 وما يليها من قانون الموجبات والعقود[42].
كما أنّ العمّال الزراعيين يستفيدون من المرسوم الاشتراعي رقم 136/83 (طوارئ العمل)، إذ إنّه يُطبَّق على جميع الإصابات المفاجئة الناجمة عن عامل خارجي بالنسبة إلى الأجراء المشمولين بالمادّة 624 فقرة أولى م.ع. واعتبارًا من صدور القانون رقم 8/74 تاريخ 25/3/1974 والمرسوم التطبيقي له رقم 7757 تاريخ 7/5/1974، أصبح الأجراء اللبنانيون الدائمون العاملون في مؤسّسة زراعية من عِداد الخاضعين لمُجمل فروع الضمان الاجتماعي ليستفيدوا مثل غيرهم من أحكامه.
ووفق الاجتهاد اللبناني:
إنّ العنصر الرئيسي الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار لتحديد ما إذا كان العامل عاملًا زراعيًّا أم لا هو نوع المؤسّسة التي يعمل فيها هذا العامل وليس نوع العمل الذي يقوم به في المؤسّسة المذكورة. فإذا كانت المؤسّسة غير زراعية، فإنّه يستحقّ للعامل الذي يهتمّ بزراعة البستان التابع لها تعويض الصرف من الخدمة.[43]
وفي الوقت الذي تسعى فيه تلك الاجتهادات إلى تحسين الحماية القانونية للعمّال الزراعيين، تقوم العديد من الممارسات المُجحِفة على أرض الواقع بتضييق الخناق على المزارعين، وبخاصّة غير اللبنانيين منهم، من خلال مراسيم وقرارات بلدية تحدّد الحدّ الأدنى والأعلى للعمل الزراعي، بحسب الجنسية، وفي بعض الأحيان بحسب الجنس والعمر، مع تقييد حركة الفعَلَة الأجانب بمخالفات واضحة لمختلف القوانين اللبنانية[44].
لذلك، يجدر العمل اليوم بتوصيات منظّمة العمل الدولية المتعلّقة بالعمل اللائق، وبخاصّة التوصيات المتعلّقة بتعزيز التعاونيات. ومن أهمّ هذه التوصيات، توصية منظّمة العمل الدولية رقم 193 بشأن تعزيز التعاونيات في العام 2002، والتي نُشِرت في العام 2004 بهدف تقديم نموذج مُتَّفق عليه دوليًّا للسياسة الوطنية، وهي تنصّ على “مساعدةالموظَّفينالتعاونيينعلىالانضمامإلىالنقابات؛ومساعدةأعضاءالنقاباتالعمّاليةعلىإنشاءتعاونيات،والمشاركةفيإنشاءتعاونياتلخلقفرصعملأوالحفاظعليها؛لتعزيزالإنتاجيةوتكافؤالفرصوحقوقالعمّال؛وللقيامبالتعليموالتدريب“.
فضلًا عن ذلك، هناك عدّة اتّفاقيات (متعلّقة بالعمل الزراعي) صدرت عن منظّمة العمل الدولية ولم يصدِّق عليها لبنان حتّى الآن، منها:
أ- الاتّفاقية الدولية رقم 10 تاريخ 25/10/1921 المتعلّقة بالحدّ الأدنى للسنّ التي يجوز فيها قبول الأحداث للعمل في الزراعة (14 سنة)؛
ب- الاتّفاقية الدولية رقم 11 تاريخ 25/10/1921 المتعلّقة بالتعويض عن إصابات العمل في الزراعة؛
ث- الاتّفاقية الدولية رقم 12 التي تُعنى بالتعويضات للعمّال الزراعيين وبحوادث عملهم؛
ج- الاتّفاقية الدولية رقم 99 تاريخ 6/6/1951 المتعلّقة بتحديد الحدّ الأدنى للأجور في الزراعة؛
ح- الاتّفاقية الدولية رقم 101 تاريخ 4/6/1952 المتعلّقة بالإجازات المدفوعة الأجر في الزراعة؛
خ- الاتّفاقية الدولية رقم 110 تاريخ 24/6/1958 المتعلّقة بشروط استخدام عمّال الزراعة.
[1] Hamade, Kanj. 2015. “Transforming the historical link between agricultural policy and inequality in Lebanon”. In Banfield, Jessica. Stamadianou, Victoria. Toward a peace economy in Lebanon. London, International Alert.
Hamade, Kanj. Blanc, Pierre. Jaubert, Ronald. Saade-Sbeih, Myriam. 2015. “De part et d’autre de la frontière libano-syrienne : les mutations de l’agriculture du Haut Oronte”. Confluences Méditerranée, Vol. 92. 19-32.
[13] MedSnail. 2020. “Overview on local agriculture and food heritage: Case of West Bekaa and Shouf in Lebanon, under the project”. Sustainable Networks for Agro food Innovation Leading in the Mediterranean.
[21] MedSnail. 2020. “Overview on local agriculture and food heritage: Case of West Bekaa and Shouf in Lebanon, under the project”. Sustainable Networks for Agro food Innovation Leading in the Mediterranean.
[22] Bou-Antoun, Layal. 2014. Food-processing industry as a basis for community dynamics and local socio-economic development. In Mediterranean Interdisciplinary Forum on Social Sciences and Humanities, MIFS. Beirut, Lebanon.
[26] كما يوضح الشكل 5 أدناه، تتلقّى مديرية التعاونيات نسبة قليلة جدًّا من الإنفاق الزراعي، مقارنة بالمسؤوليات التي ينصّ عليها القانون، ومنها مسؤولية الرقابة، أو كذلك مسؤولية تنظيم الدورات التدريبية ونشر ثقافة التعاون بين المُنتِجين، وفي مجمل إدارات الدولة والبلديات، كما هو مُوضَّح في البنود 45 و46 و67 من قانون الجمعيات التعاونية 17199 الصادر في تاريخ 18/8/1964.
[27] MoA (Ministry of Agriculture). 2020. “Lebanon National Agriculture Strategy (NAS) 2020 – 2025”, Lebanese Government, with the support of FAO.
[28] CDR (Council for Development and Reconstruction). 2017. “Agriculture and Irrigation”, In Progress Report 2017, October, pp. 112-121, p. 112.
[30] (UAL or Utilised Agricultural Land). Cf. FAO. 2016. “Etude sur l’agriculture familiale à petite échelle au Proche-Orient et Afrique du Nord. Pays Focus : Liban”. Beirut. Lebanon.
[31] El-Amine, Yasmina. 2016. “Lebanon Water Forum: Rethinking Water Service Provision in Lebanon”. Issam Fares Institute. October. Beirut. Lebanon.
[32] ميريم مهنّا، لور أيّوب، ملاحظات حول قانون المياه اللبناني الجديد، المفكّرة القانونية، 10/5/2019.
[33] Jalkh, Rita. Dedeire, Marc. Requier-Desjardins, Melanie. 2021. “An Introduction to Food Cooperatives in the Bekaa Valley, Lebanon: Territorial Actors and Potential Levers to Local Development Through Culinary Heritage”. HAL Id: hal-03137540.
[34]Abou-Habib, Lina. Traboulsi, Omar. Khalidi, Aziza. Aoun, Habbouba. 2013b. “Access of rural women’s cooperatives to markets in Lebanon: Barriers, enablers and options for action”. In Abdelali-Martini, Malika. Aw-Hassan, Aden. Gender Research in Natural Resource Management, 111–131. London. Routledge.
[35] Daleel Tadamon. 2020. “Solidarity economy Structure, Assessing the ecosystem, role, needs, and potential of cooperatives in Lebanon”. Beirut. Lebanon.
[36] Jalkh, Rita. Dedeire, Marc. Requier-Desjardins, Melanie. 2021. “An Introduction to Food Cooperatives in the Bekaa Valley, Lebanon: Territorial Actors and Potential Levers to Local Development Through Culinary Heritage”. HAL Id: hal-03137540.
[37] مع العلم أنّ التعاونيات تُعفى من أجور الفحوصات المختبرية في المؤسّسات التابعة للدولة؛
[38] وهناك تفاوت كبير في توزيع الأراضي. مؤشر جيني لتوزيع الأراضي هو 0.774 للبلد بأكمله، لكنّه أعلى من ذلك في المناطق المزروعة بكثافة مثل البقاع الأوسط والغربي.
[39] المادّة الأولى من المرسوم 8355 وهو مرسوم تنظيم الدورات التدريبية التعاونية الصادر في تاريخ 10/7/1974.
[40] المادّة الثانية من المرسوم 8355 وهو مرسوم تنظيم الدورات التدريبية التعاونية الصادر في تاريخ 10/7/1974.
[41] محمّد علي الشخيبي، الوسيط في قانون العمل، ج 1، 1973، ص 76.
[42] استئناف بيروت، الغرفة الأولى المدنية، رقم 765، تاريخ 15/6/1954 (الرئيس يكن والمستشاران طعمه وخوري) – ن.ق. 1954، ص 564.
[43] م.ع.ت. جبل لبنان، رقم 209، تاريخ 30/10/1950 (الرئيس عيد) – حاتم، ج 11، ص 46.
[44] في العام 2014 تمّ رصد 45 حالة على الأراضي اللبنانية من خلال هيومن رايتس وتش،
ومنذ ذلك الحين يتعذّر تعداد كامل البلديات التي مارست هذه الانتهاكات لكثرتها. في أواخر عام 2021، كانت بلدية رأس بعلبك في رادار الإعلام لقيامها بتحديد الأجر 10000 ليرة لبنانية لساعة عمل اللاجئات السوريات و 40000 ليرة لبنانية للرجال.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.