العيش المأزوم في لبنان: إنقطاع 50% من الأدوية وتقنين في المحروقات


2020-09-09    |   

العيش المأزوم في لبنان: إنقطاع 50% من الأدوية وتقنين في المحروقات

منذ الربع الأخير من العام الماضي والأزمات تعصف باللبنانيين واحدة تلو الأخرى. لا تخف حدة واحدة حتى تشتد أخرى، ولكن أن يصل الأمر إلى الحديث عن انقطاع 50% من الأدوية في السوق اللبنانية، ويلمس عدد كبير من اللبنانيين فقدان أدويتهم من الصيدليات، فهذه أزمة تضرب في صحة الناس وحياتها. وإذا ابتلع اللبنانيون نقص المستلزمات الطبية وحصرت المستشفيات عملياتها بالطارئ منها، فإن حلولاً مماثلة لا يمكن أن تسري على المرضى الذين يتناولون أدوية يومية تشكل مفصلاً في علاجاتهم وديمومة صحتهم. ومما يقلق المرضى وعائلاتهم هي نوعية الأدوية التي اختفت ومن بينها أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية بشكل عام إضافة إلى أدوية أخرى وهي ليست كثيرة”، وفق ما يؤكد نقيب مستوردي الأدوية في لبنان كريم جبارة للمفكرة القانونية.

على خط أزمة ثانية، بدأت محطات الوقود أيضاً بتقنين بيع البنزين في معظم المناطق اللبنانية، وسط تخوف من إقفال محطات المحروقات أبوابها.

 أنواع الأدوية

ولمس الناس انقطاع ثلاث مجموعات أساسية من الأدوية في الصيدليات، وهي أدوية القلب، السرطان والأعصاب،  ويشرح جبارة ما حصل ب”ارتفاع الطلب على هذه الأدوية عند بدء الحديث عن رفع الدعم عن السلع الأساسية، وذلك خوفاً من انقطاع الأدوية أو ارتفاع ثمنها، وبالتالي أقبل الناس على شراء كميات كبيرة منها تكفي لأشهر وليس حاجة المرضى الشهرية، وكل حسب قدرته المادية”.

ويلفت الى أنه لا بد من الإنتباه الى سببين أساسيين في انقطاع الدواء، الأول انقطاعه لأسبوع أو أسبوعين بسبب صعوبات الإستيراد، والثاني يتعلق بحالة الهلع عند الناس الّذين يقصدون الصيدليات لشراء كميات كبيرة وليس حاجتهم الشهرية، ويجدون صعوبة في تأمين كمية كبيرة، فينتابهم شعور بأن الدواء مقطوع، بينما هو في الحقيقة جزء كبير من الدواء متوفر للحاجة الشهرية وليس للتخزين”.

أدوية مقطوعة  

ويلفت نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين في حديث مع “المفكرة” الى أنّ “الدواء ينقطع لفترات متقطعة ومن ثمّ يتمّ تأمينه، وليس كما ظن البعض أنّ النسبة المذكورة هي لأدوية باتت خارج السوق اللبنانية أو لم تعد موجودة”.

ويضيف الأمين “المشكلة الأساسية تكمن في تأخر عملية الإستيراد بسبب الآلية المعتمدة لدى مصرف لبنان للموافقة على الفاتورة والتي تأخذ أحياناً فترة شهر ونصف الشهر، ما يتسبب في انقطاع الدواء الى حين استيراده مرة أخرى” .

هذه المسألة برأي الأمين “تحتاج الى علاج، لاسيّما أنّ لا إجابة واضحة عن سبب التأخر في الموافقة على فاتورة الدواء من أجل استيرادها”. وهنا لا بد من الإشارة الى أنّ مصرف لبنان يدعم 85 في المئة من الفاتورة الدوائية على سعر 1515 للدولار الواحد فيما يؤمن المستوردون 15 في المئة من قيمة الفاتورة بالدولار، وعادة ما يلجأون الى السوق السوداء لتأمينها.

ويشير الأمين الى ضرورة اجتماع المعنيين والخروج أمام اللبنانيين للتأكيد على إستمرار دعم الأدوية، إذ ساهم حديث حاكم مصرف لبنان عن إمكانية رفع الدعم عن السلع الأساسية خلال فترة ثلاثة أشهر ومن بينها الدواء، بتفاقم الأزمة، فقد سارع عدد كبير من اللبنانيين الى شراء الأدوية وتخزينها بسبب خوفهم من ارتفاع أسعارها بعد رفع الدعم.

من جهة أخرى فإنّ تهافت الناس على شراء الدواء، كان كفيلاً بانخفاض مخزون الصيدليات والمستوردين لم يعد بإمكانهم تزويد جميع الصيدليات بالكميات المطلوبة، كما أنّ مخزون الأدوية عند المستوردين انخفض الى مدة شهر ونصف الشهر، بعد أنّ كان يكفي لفترة بين 4 و6 أشهر، وفق الأمين.

وفي هذا السياق قال الأمين إنّ أكثر من 300 صيدلية أغلقت أبوابها فيما تعاني أكثر من الف صيدلية أعباء الانهيار الإقتصادي، كذلك حذر النقيب من رفع الدعم عن الأدوية والذي سيؤدي لارتفاع أسعارها بشكل قياسي.

أزمة بنزين 

ومثلما حصل في مرات سابقة، بدأت محطات المحروقات منذ يومين بتقنين بيع البنزين والمازوت فيما أقفلت بعض المحطات أبوابها باكراً، ما أثار قلق المواطنين الّذين بحثوا عن محطات تزودهم بحاجتهم من هذه المواد.

يقول أصحاب المحطات أنّ المشكلة تكمن في عدم تسليمهم المحروقات كما أصبحت خزانات عدد كبير منها فارغة، أما الشركات المستوردة فإنها  تشكي بطء فتح إعتمادات الإستيراد في مصرف لبنان.

ويؤكد رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات سامي البراكس لـ”المفكرة” أنّه “طالما لدى المحطات مخزون فإنها ستزود الناس بالمحروقات ولن تقفل أبوابها أمام المواطنين” ويضيف “حتى اللحظة لا نعلم متى ستنتهي هذه الأزمة، المسألة لدى البنك المركزي الّذي يفترض أن يعمل على فتح إعتمادات لاستيراد الفيول”.

ويلفت البراكس الى أنّه “طالما هناك أزمة في استيراد المحروقات سيكون لدينا أزمة في المحطات”.

من جهته أكد ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا لـ”المفكرة” أنّ “أزمة البنزين أخذت طريقها الى الحل، وأن الوقود سيكون متوفراً لدى جميع المحطات في كل المناطق اللبنانية، لافتاً الى أن البواخر كانت تنتظر لتفرغ حمولتها، لكن تأخر المصرف المركزي في فتح الإعتمادات هو الّذي منعها من ذلك.

من جهة أخرى، ظهرت أزمة شح المحروقات بالتزامن مع إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن طلبه من وزارة الطاقة تحديد حاجات البلاد من الفيول وعلى أي شركات يجب ان توزع من أجل تلبية حاجات المواطنين الى أن تصبح هناك خطة واضحة.

يقول مصدر مطلع في الوزارة لـ”المفكرة” إنّ طلب سلامة يهدف الى تحديد كمية الدولارات اللازمة حتى نهاية هذا العام، أي خلال فترة الأشهر الثلاثة المقبلة، وهي الفترة التي قال سلامة أنه قادر فيها على دعم السلع الأساسية المستوردة ومن بينها المحروقات، لأن مصرف لبنان لم يعد بمقدوره دعم السلع”، ما يعني تأجيل الأزمة ليس أكثر.

يجري هذا كله، في وقت بدأت تطرح علامات استفهام كثيرة حيال سيناريوهات رفع الدعم وإمكانية تعديلها أو إيقافها نهائياً او اعتبار الدولار على أساس سعره في المصارف. ولا إجابة واضحة الى أنّ يعلن حاكم مصرف لبنان عن السيناريو الّذي سيعتمد، وسط توقعات في أن تسوء الأمور أكثر في الفترة المقبلة لأن أسعار السلع ستكون معرضة للإرتفاع أكثر.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، الحق في الصحة ، لبنان ، اقتصاد وصناعة وزراعة



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني