في 27 تشرين الثاني العام الماضي وبعد ساعات من دخول إعلان وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، سارع أهالي الضاحية إلى تفقّد منازلهم. يومها، كان خيار معظمهم العودة إلى ضاحيتهم، حتّى لو في بيت مستأجر أو عند قريب، في انتظار إصلاح منازلهم أو ترميمها. أكثر من أربعة أشهر مرّت على انتهاء عدوان إسرائيلي استهدف الضاحية بمئات الغارات، وسكّان أحياء هذه المنطقة يعملون على ترسيخ عودتهم عبر إصلاح منازلهم علّهم يستقرّون آمنين. خلال الأشهر الأربعة الماضية كان أهالي الضاحية يراقبون أيضًا وبحذر كلّ خرق تقوم به إسرائيل لوقف إطلاق النار جنوبًا وبقاعًا وفي قرى يتحدّر منها عدد كبير منهم، ويتساءلون في سرّهم أو بين بعضهم البعض ما إذا كانت الضاحية الجنوبيّة ستبقى آمنة.
السؤال عن الأمان وبعد استهدافَين للضاحية في أقل من أسبوع وفي زمن يُفترض أنّه زمن سلمٍ، بات اليوم سؤالًا عن الخيارات المتاحة، عن البقاء في الضاحية وعن شكل الحياة في ظلّ إمكانيّة تكرار الاستهداف أو عن ترك الضاحية مؤقتًا أو إلى أجل غير مسمّى.
الاستهداف الأوّل كان يوم الجمعة 28 آذار حين أغار الطيران الإسرائيلي على مبنيين سكنيّين في الحدث (حي الجاموس) سوّاهما أرضًا، وذلك بعد أقلّ من ساعتين من إنذار وجّهه العدو الإسرائيلي إلى المبنيين طالبًا من السكّان الإخلاء فورًا والابتعاد مسافة 300 متر. والاستهداف الثاني كان من دون إنذار ووقع فجر الثلاثاء الأوّل من نيسان الجاري ولمبنى سكنيّ في حي ماضي. وأدّت الغارة إلى استشهاد 4 أشخاص وإصابة 7 فضلًا عن تدمير ثلاثة طوابق من المبنى وتضرّر عدد من الشقق في مبان مجاورة.
جالت “المفكرة” في عدد من أحياء الضاحية الجنوبيّة ولاسيّما تلك القريبة من موقع الاستهدافين، حيث كرّر السكّان أنّ ما قبل الأوّل من نيسان ليس كما بعده، فاستهداف المبنى في حيّ ماضي فجرًا ومن دون إنذار، أكّد لهم المؤكّد وهو أنّ “لا أمان مع إسرائيل، والضاحية لن تكون محيّدة بعد اليوم”. وتحدّث من التقيناهم عن مرارة أن تنتهي من إصلاح بيتك ليتضرّر من جديد، عن قلق متواصل يدفعهم إلى تفقّد هواتفهم بشكل متكرّر خوفًا من إنذار قريب قد يفوتهم، عن فكرة أن توصلي أبناءك إلى المدرسة وتقبّليهم كأنّك تودّعيهم وأن تؤكّدي لهم بأنّك ستكونين قريبة في حال حصول أي إنذار، وعن صعوبة إجابة هؤلاء الأطفال إن كنّا في حرب أم في سلم وإن كانوا في أمان أو في خطر.
على الرغم من تعبير الكثير ممّن التقيناهم عن رغبتهم ونيّتهم البقاء في الضاحية طالما لا حرب مُعلنة ومحاولة العيش مع الواقع القلق الذي تفرضه إسرائيل، أخبرنا آخرون أنّهم سيغادرون الضاحية مؤقتًا إلى حين تتبلور الأمور، كما أخبرنا البعض عن اتخاذه الخيار الأصعب وهو نقل مكان سكنه خارج الضاحية بشكل نهائي، إذ سارع عدد من سكّان الضاحية إلى عرض شققهم للبيع بهدف الاستئجار أو الشراء خارجها وهو ما زاد العرض في ظلّ تراجع الطلب وأدّى إلى تراجع أسعار الشقق خلال أسبوع كما أكّد أكثر من سمسار لـ “المفكرة”.
الأضرار في حي ماضي
باقون حاليًا وإذا خرجنا فمؤقتًا
على مدخل المبنى المستهدف في حي ماضي تقف زينب إلى جانب خالتها تحملان بعض الأغراض التي استطاعتا إخراجها من منزلهما شبه المدمّر في الطابق الثامن، تُخبرنا زينب أنّ الله لطف بخالتها إذ نجا من المنزل وعلى الرغم من الدمار الكبير الذي حلّ به، كلّ من كان فيه “بنت خالتي وزوجها وطفلهما الذي لا يتجاوز العام ونصف العام، خرجوا جميعًا سالمين من دون أي خدش الحمدالله”.
تعرف زينب أنّ الضاحية لم تعد آمنة وأنّ ما تشهده هو حرب يشنّها عدوّ معروف بإجرامه، وأنّ حياة من فيها مهدّدة إلّا أنّها تفضّل البقاء فيها “هنا منازلنا وعائلاتنا وحياتنا، لا نستطيع أن نترك الضاحية، إلى أين نذهب؟ معتمدين على الله” تقول. وتضيف: “إسرائيل تريد أن يرفع أهل الضاحية صوتهم ضدّ المقاومة، ولكنّها لا تعرف أنّ المقاومة هي أهلنا وجيراننا وأصدقاؤنا، وأننا باقون ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا”.
لن تكون الحياة في الضاحية بعد اليوم كما كانت قبل الحرب برأي زينب: “ربما علينا أن نتأقلم مع القلق، وربما علينا أن نعتاد أن نركض لنضمّ أبناءنا ونشعرهم بالأمان، أو نركض بهم عند كل إنذار، ولكنّ معظمنا سيبقى ومن يترك فمؤقتًا من أجل الأطفال، وحمايةً لهم من الرعب”.
التأقلم مع القلق والرعب والبقاء في الضاحية خيار تحدّثنا عنه أيضًا أم حسين التي التقيناها في منزلها المقابل للمبنى المستهدف في حي ماضي. تنشغل أم حسين وابنها مع مهندس من مؤسّسة “جهاد البناء” بمسح الأضرار المستجدّة على الأضرار التي طالت منزلها في آخر يوم من الحرب حين سويّ مبنى قريب من منزلها أرضًا. أم حسين التي عادت إلى منزلها فور إعلان وقف إطلاق النار لم تبدأ بعد بإصلاح الأضرار القديمة، إذ اكتفت بوضع النايلون على الشبابيك وجمع الأثاث المتضرّر في إحدى زوايا المنزل، وبوضع بعض ألواح الخشب المتبقية من غرفة النوم على باب الشرفة لتقيها الشمس، ولكنّها تصرّ على إصلاح الأضرار والبقاء في الضاحية “إلى حين لم يعد الأمر ممكنًا”.
تخبرنا أم حسين عن الرعب الذي عاشته ليلة استهداف طوابق من المبنى الذي لا يبعد أكثر من 100 متر عن منزلها، تروي كيف كانت لا تزال سهرانة مع عائلتها يشربون الشاي “كنّا لا نزال سهرانين، كما كنّا نفعل في رمضان، ابنتي كانت تدرس وأنا جنبها هنا أشرب الشاي، فجأة ضوّت الدنيا ومن ثمّ سمعنا صوتًا قويًا، تمامًا كما لو أنه برق ومن ثمّ رعد ولكن الصوت أقوى، لم يعد بإمكاننا رؤية بعضنا البعض، كان الغبار يغطّي المنزل، الباب الخارجي خُلع من عصف الانفجار وطارت ألواح الخشب، بدأت أصرخ لأولادي”. تقول. وقبل هذه الليلة التي تصفها أم حسين بـ “المرعبة الأليمة”، عاشت ساعات قلق طويلة حين أنذر العدو الإسرائيلي المبنى في حي الجاموس وابنتها كانت في الجامعة اللبنانيّة، إذ لم تتنفّس الصعداء إلّا حين عادت ابنتها سالمة وحضنتها. ولكن على الرغم من كلّ الرعب والخوف والشعور بعدم الأمان الذي تعيشه، وعلى الرغم من معرفتها ويقينها بأنّ الضاحية لم تعد آمنة، تؤكّد أم حسين أنّها باقية حاليًا في الضاحية ولن تتركها إلّا في حال توسّعت الحرب ونزح السكّان عنها “هنا بيتي وجيراني، هنّا الحي الذي انتقلت إليه عروسًا قبل ثلاثين عامًا، إسرائيل تريد تهجيرنا لكن لن أترك الضاحية طالما الحال على حاله، أحلى الخيارات مرّ ولكنّ خيار البقاء أكثر راحة بالنسبة لنا” تقول.
تقول أم حسين إنّها حضنت ابنتها صباحًا وودّتعها قبل أن تذهب إلى جامعتها، وإنّها باتت تشعر بأنّها تودّع عائلتها في كلّ مرة يخرج أحدهم من المنزل “لم نعد نميّز بين حرب وسلم، نحن نعيش زمن القلق، أقول لابنتي وابني نجونا من ضربتين، لا نضمن نجاتنا من الثالثة، ولكنّنا باقون هنا، نحن نحبّ الحياة وطلّاب حياة ولكن إسرائيل تريد كسر عزيمتنا وهذا لن يحصل، وإن تركنا الضاحية لاحقًا فمؤقتًا، هناك خوف ولكن هناك أمل أيضًا، نحن أصحاب الأرض” تقول.
البقاء حاليًا هو خيار أبو عادل أيضًا “قد نُغادر الضاحية في حال توسّع الحرب بشكل مؤقّت مضطرين من أجل أطفالنا، ولكنّنا لا نتركها” يقول أبو عادل وهو يُشير إلى منزله في الطابق السادس في مبنى جانب المبنى المستهدف في حي ماضي. كان أبو عادل عائدًا إلى منزله بعد العيد مع انتهاء ترميمه ولكنّه الآن بات مضطّرًا إلى تأجيل العودة ريثما يُعيد تصليح الأضرار الجديدة “أعيش في بيت مستأجر خارج الضاحية نزحت إليه مع توسّع الحرب والآن عليّ أن أبقى فيه لأصلح الأضرار المستجدّة، ولكننا سنعود على الأكيد” يقول. ويضيف: “نحن نعيش حربًا منذ أكثر من سنة، ونعرف أنّ لا أمان مع إسرائيل وكنّا نراقب كيف تخرق وقف إطلاق النار وهذا ما ستستمر بفعله للضغط علينا، ولكنّ أرواحنا ليست أغلى من أرضنا”.
لا يُخفي أبو عادل قلقه على ولديه (13 و10 سنوات) وهو يعرف أنّه قد يضطر للخروج بهم إلى مكان آمن ولكنّ الضاحية تبقى الوجهة التي يعود إليها “لن أغيّر مكان سكني، أنا ابن الحيّ وسأبقى فيه” يختم.
الأضرار في حي الجاموس
“الاستهدافان الأخيران أجبرانا على بيع شققنا”
خلال الأيام الماضية عُرضت مئات الشقق في الضاحية للبيع مرّة واحدة بحسب أحد السماسرة في المنطقة، وفي الوقت نفسه زاد الطلب على الإيجارات في مناطق قريبة تُعتبر “آمنة”، ما أدّى إلى انخفاض في أسعار الشقق بعدما كان ارتفع بعد ساعات من دخول إعلان وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.
“زاد العرض خلال الأسبوع الماضي بشكل كبير وترافق مع تراجع في الطلب، كان هناك عرض مع وقف إطلاق النار ولكن كان هناك طلب أكبر لذلك ارتفعت الأسعار حينها، اليوم العرض أكبر بكثير من الطلب فتراجعت الأسعار” يقول سمسار آخر. ويُشير إلى أنّه حتّى بدل الإيجارات انخفض في الضاحية وارتفع خارجها “بدأت أتلقى اتصالات من باحثين عن شقق خارج الضاحية بعد استهداف حي الجاموس ولكن الطلبات ارتفعت بشكل كبير بعد ضربة حي ماضي ولاسيّما أنّها كانت بلا إنذار”.
يقول سمسار آخر في اتصال مع “المفكرة” إنّ الحديث عن مئات الشقق المعروضة للبيع في الضاحية هو أمر مبالغ فيه “صحيح أنّ العرض زاد خلال الأسبوع الماضي ولكنّه لا يزال محصورًا في مناطق معيّنة قريبة من الاستهدافات وكذلك بأعداد لا تجعل الأمر ظاهرة”. ويضيف: “الطلب على الإيجارات خارج الضاحية زاد ولكن ليس بهدف الانتقال بل من منطلق الاحتياط”.
ما يقوله هؤلاء السماسرة يمكن أيضًا ملاحظته على صفحات بيع وشراء الشقق على وسائل التواصل الاجتماعي إذ زاد خلال الأيام الماضية عرض شقق للبيع في الضاحية، وهذا أيضًا ما عبّر عنه عدد ممن التقيناهم.
خلال الحرب الأخيرة راودت جهاد مثلًا فكرة الانتقال من الضاحية الجنوبية لبيروت مرارًا، إلّا أنّه لم ينفّذ الفكرة حينها، فبعد أيام من إعلان وقف إطلاق النار عاد إلى منزله الكائن في منطقة “سانت تيريز” ولاسيّما أنّه لم يتضرّر. حينها أمل جهاد أن تعود الحياة تدريجيًّا إلى طبيعتها، أن تكون صفحة الحرب قد طويت، إلّا أنّه وجد نفسه بعد 4 أشهر من توقّف الحرب، يهرع ليخرج عائلته بعد إنذارٍ لمبنى يبعد حوالي 600 متر عن منزله. أخرج جهاد عائلته وباتوا جميعًا في مكان عمله تلك الليلة ليعود بعدها ويتّجه إلى قريته البقاعيّة ريثما تتّضح الأمور. وبينما كان لا يزال يدرس فكرة الانتقال من الضاحية نهائيًا استهدفت إسرائيل حي ماضي وهذه المرّة من دون إنذار وفي ساعات الفجر الأولى، فتيقّن حينها ممّا كان يفكّر فيه: “التهديد لا يزال قائمًا والضاحية ستبقى معرّضة للاعتداءات الإسرائيليّة” يقول، مضيفًا: “لا أستطيع أن أترك عائلتي تعيش وسط الرعب، لن أعود إلى الضاحية مجدّدًا”.
بعد استهداف الضاحية الأخير عرض جهاد مباشرة شقّته للبيع مقابل 100 ألف دولار في حين أنّ ثمنها يُقدّر بـ 135 ألف دولار في زمن السلم “قد أرضى بسعر أقل، المهم أن أبيعها، أسعار الشقق تراجعت بعد الضربتين الأخيرتين للضاحية، وأنا أريد أن أبيع وأستقر في مكان آمن”.
عائلة جهاد لا تزال في قريته وابنه لم يعد إلى المدرسة بعد إجازة العيد بانتظار أن يستأجر منزلًا في العاصمة بعيدًا عن الخطر “سأبيع المنزل وأبحث عن بيت في مكان ما في العاصمة” يقول شارحًا أنّ اتخاذه هذا القرار الآن بإرادته أفضل من اضطراره عليه لاحقًا في حال توسّعت الحرب، ولاسيّما أنّه لم يستطع وبعد توسّع الاعتداءات الأخيرة إيجاد مكان آمن بسهولة “في الحرب الأخيرة اضطررت إلى أن أبقي عائلتي عند صديقي وفي مكان العمل حتّى وجدت أخيرًا شقّة من غرفتين على سطح مبنى من ست طوابق وبلا مصعد، غرفتان بالكاد قابلتان للسكن ومقابل 250 دولارًا”.
كما جهاد، وهذه المرة في حي الجاموس يسعى زاهي لبيع شقّته التي يسكن فيها والداه حاليًا، إذ بدأ يبحث عن شقّة خارج الضاحية لينقلهما إليها. قد يلجأ زاهي إلى استئجار شقّة ريثما يبيع شقّته ويشتري أخرى، فهمّه الوحيد حاليًا أن يكون والداه بأمان وألّا يضطّرا إلى ترك منزلهما هرعًا كما حصل الأسبوع الماضي، وألّا يعيشا مع قلق لا يعرف متى ينتهي.
يملك زاهي أيضًا شقتين إضافيتين في الضاحية يؤجّرهما حاليًا ولكن بعد الاستهدافين الأخيرين بات يفكّر ببيعهما أيضًا خوفًا من أن يخسرهما.
البقاء في الضاحية مع تأمين بديل احتياطي
من الخيارات التي لجأ إليها بعض سكّان الضاحية الاكتفاء حاليًا باستئجار منزل في مكان آمن، تمامًا كما فعل علي الذي سارع وبعد ضربة حيّ ماضي إلى استئجار منزل لذويه في ضهر الصوّان، المنزل نفسه الذي نزحت إليه العائلة خلال الحرب. يُخبرنا علي أنّ عائلته لم تعد بعد إلى منزلها في حارة حريك لأنّ ترميمه لم ينته بعد، وهي تُقيم منذ انتهاء الحرب عند أخته في حي معوّض القريب جدًا من حي ماضي حيث أرعب صوت الضربة الأخيرة حفيدتهم البالغة من العمر ثلاث سنوات.
قد لا ينتقل والدا علي بشكل نهائي إلى البيت المستأجر لمدّة 6 أشهر، ولكنّ مجرّد وجوده يُشعرهما بالأمان ولاسيّما أنّ أقاربهما جميعًا يعيشون في الضاحية الجنوبيّة. “عند توسّع الحرب سابقًا تعذّبنا لنجد منزلًا، نامت عائلتي ليلة في السيّارة وبعدها عند أحد معارفنا، لم نجد منزلًا آمنًا بسهولة، لا أريد أن يتكرّر الأمر” يقول.
تمامًا كما علي تُخبرنا إحدى السيّدات اللواتي التقينا فيها في الضاحية أنّها تواصلت مع صاحب الشقّة التي كانت استأجرتها خلال الحرب في بيروت وطلبت استئجارها مجددًا “احتياطًا لمدّة 3 أشهر، لن أنقل إليها حاليًا ولكن في حال ساءت الأمور أعرف أنّ لديّ مكانَا آمنًا، فقط من أجل أطفالي” تقول.
خلال جولتنا في الضاحية تخبرنا سيّدة في حي الجاموس أنّ المبنى حيث تسكن فرغ مباشرة بعد ضربة حي ماضي “نصف الجيران تركوا ولكن ليس نهائيًا، جارتي عادت إلى فندق كانت لجأت إليه خلال الحرب، وجارتي الأخرى ذهبت عند أقاربها في عرمون، ولكنّهم جميعًا سيعودون قريبًا الأسبوع، كما أخبروني” تقول.
“يبدو أنّ قرارنا كان صائبًا”
قرار ترك الضاحية نهائيًا والذي بات ربما أكثر إلحاحًا بالنسبة لبعض العائلات بعد الضربتين الأخيرتين، كان البعض، ولو بأعداد قليلة، قد اتخذه بعد الحرب مباشرة تمامًا كما علا التي انتقلت خلال الحرب إلى منطقة المنصورية ولم تعد إلى شقتها في حي معوّض. تُخبرنا علا أنّها أجّرت شقّتها مباشرة بعد وقف إطلاق النار وأنها اليوم بعد ضربة حي ماضي تحديدًا ولاسيّما أنها أتت من دون إنذار، تشعر أنّها اتخذت القرار الصائب.
لم تتضرّر شقّة علا خلال الحرب، إذ نجت كما نجت في حرب تموز، ولكنّ علا وزوجها لم يعُدا يشعرا بأمان “المباني المحيطة بالمبنى حيث منزلي دُمّرت، باتت واقفة وسط دمار، حتّى هناك شقّة احترقت في المبنى، فقرّرنا أن نؤجرها واليوم نفكّر ببيعها” تقول.
بعد الضربة توقفت علا حتى عن شراء حاجيّاتها من الضاحية “معتادة أن أتسوّق من الضاحية، ولكن بعد الضربة التي كانت من دون إنذار قرّرت ألّا أخاطر بعد اليوم”، مشيرة إلى أنّ عددًا كبيرًا من معارفها وأصدقائها اتصلوا بها بعد الضربة ليسألوها عن شقق قريبة أو عن أرقام سماسرة.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.