تُصدِر مجلة المفكرة القانونية- تونس عددها الـ32، في سياق ما بعد انتخابي يَفتح على مرحلة جديدة تُرفع فيها على المستوى الرسميّ شعارات “الإنجاز” و”البناء والتشييد” و”استعادة الدولة الاجتماعية” و”محاسبة الفاسدين”، إلخ. في الأثناء تُواجه البلاد أزمات مَناخية وطاقية واجتماعية واقتصادية وسياسية، تستحقّ درجة من الفهم والاستجابة تتجاوز بِنية الخطاب الرسميّ المفصولة بشكل ملفت عن بنية الوقائع. إذ يُلاحَظ، طيلة أكثر من ثلاث سنوات، أنّ السيّاسات العامّة للدولة تتّخذ وجهة عشوائية مُفرَغَة من أيّ حسّ سياسي بالمعطيات والوقائع والتحولات المحلية والدولية، وخالية من البرمَجَة والتخطيط. لذلك ينتبه عدد المفكرة إلى أهميّة تقييم السياسات العموميّة للدولة في المجالات الاقتصادية والمناخية بالأساس، بغضّ النظر عن الجانب الشّعاراتي الذي تُصبِغه عليها السلطة. والإضاءة أكثر ما أمكن حول الإحصائيات والمؤشرات ومواقف مختلف الفاعلين ومواقعهم داخل شبكة المصالح، سواء صانعي السياسات أو المستفيدين منها أو المتضررين.
في هذا السياق تَلُوح قضايا الأرض والمناخ والطاقة مصيرية في فهم التحوّلات والمآزق التي يُواجهها المجتمع والاقتصاد في تونس. ففي الوقت الذي تعيش فيه البلاد تحوّلات مناخيّة وشحّا في الموارد الطبيعيّة والطاقيّة، تتّجِه الخيارات العامّة نحو الحفاظ على نماذج إدارة وإنتاج قديمة، تتجسّد في أنماط الفلاحة والصناعة الاستخراجيتيْن، وتدمير المنظومات البيئية والمناخية المحلية، وتصدير الطاقة ضمن سياسة عالمية مهيمنة تُكرّس منطق سلعَنَة الطاقة. كما أن الاستهتار بمسائل المناخ والموارد الطبيعية -على غرار إلغاء شرط دراسة المؤثرات على المحيط بالنسبة للشركات الأهلية- يكشف عن نزعة مصلحية آنية تخدم برنامج الحكم وأدواته الاستقطابية على حساب مستقبل الإنسان والطبيعة في تونس.
في الاتجاه نفسه يحاول ملف العدد المخصّص للمؤسسات العمومية الإضاءة حول ملف وطني ما زال يحظى بالجدل السياسي والاجتماعي والفكري، ويُحيط به الكثير من الالتباس وعدم الفهم. لذلك تهدف مواد الملف إلى توفير خلفيات إحصائية وتاريخية ومعرفية، تُعيد تجديد النقاش حول مسألة المؤسسات العمومية بمنهج متحرّر من الكليشيهات والأحكام القبلية.
للاطلاع على العدد 32 من مجلة المفكرة القانونية – تونس بصيغة PDF
