الصندوق الأسود، الهروب الى الموت


2013-07-08    |   

الصندوق الأسود، الهروب الى الموت

"الصندوق الاسود، الهروب الى الموت" وثائقي يعرض على قناة الجزيرة، يطرح اشكالية العاملات في الخدمة المنزلية في لبنان، عبر التطرق الى حالات وفاتهن التي تصنف من قبيل "الانتحارات" من قبل السلطات الامنية اللبنانية.
يبدأ الوثائقي بعرض حالة انتحار عاملة في الخدمة المنزلية بعد ثلاثة أشهر من وصولها الى لبنان، تبين لاحقا انها كانت تعاني من مرض نفسي، اجبرها صاحب مكتب الاستقدام على البقاء في لبنان، مخالفا رأي الطبيب الذي كشف على حالة العاملة. لكن هل المرض النفسي هو السبب خلف انتحار ما يقارب السبعين عاملة في الخدمة المنزلية بين العام 2008 والعام 2011، سؤال طرحه الوثائقي عبر مقابلات أجريت مع مختلف الاطراف المعنية من وزارت الى قوى أمنية ومحامين، بعض أطراف المجتمع المدني ورئيس نقابة مكاتب الاستقدام. وقد تم التطرق الى نظام الكفالة غير القانوني الذي يعطي شرعية للكفيل لاستغلال العاملة.
كما ربط التحقيق بين النظرة العنصرية السائدة في المجتمع اللبناني تجاه العاملات في الخدمة المنزلية وما يعزز هذا الأمر من استغلالهن من قبل الكفلاء، ولفت التحقيق الى ما تؤديه هذه العنصرية من استخفاف لدى القوى الأمنية في القيام بتحقيق جدي في حالات وفاة العاملات التي تصنف فورا من قبيل الانتحار. كما تم التطرق الى مسؤولية النيابات العامة لجهة تقاعسها عن التوسع بالتحقيق لمعرفة أسباب الانتحار، خاصة في ظل وجود نص في القانون اللبناني يعاقب من دفع شخصا ما على الانتحار.
كما تطرق الوثائقي الى مسألة الحظر الذي فرضته بعض البلاد على مواطنيها من الذهاب الى لبنان للعمل في الخدمة المنزلية، وتوجه الفريق الى احدى هذه البلاد (اثيوبيا) لمقابلة "سماسرة" من اجل استقدام عاملات الى لبنان، وتبين ان التحايل على الحظر سهل جدا، حيث لبنان لا يلتزم بهذا الحظر، ويسمح بدخول العاملات في الخدمة المنزلية اللواتي يأتين عبر مطار كينيا او السودان.
كما يظهر الوثائقي محاولات بعض الأجهزة تبييض صورتها من دون أن يكون هنالك من يناقضها في ذلك. وهذا ما يتجلى في اعتراف الامن العام بأن نظام الكفالة "يقيد الى حد ما حركة العاملة في الخدمة المنزلية من جهة ويعرضهن لاستغلال احيانا من جهة أخرى، كما يؤدي هذا النظام برأي الامن العام الى تبعية بين العاملة والكفيل". لكن هل نسي الامن العام ان ما يسمى بنظام الكفالة، اتى نتيجة مذكرات صادرة عنه؟ واللافت أن السلطات اللبنانية اكتفت على طول الفيلم بعرض المشكلة دون عرض اي مبادرة لحل هذه المشكلة. كما من المؤسف أن التقرير يستخدم عبارة "الخادمة" رغم أهمية القضية التي يطرحها.
كذلك لفت التقرير الى انه، وبالرغم من كثرة الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات في الخدمة المنزلية، من عنف جسدي الى تحرش جنسي واغتصاب، تبقى الشكاوى المقدمة من قبلهن قليلة جدا. ويرى وزير العدل اللبناني، شكيب قرطباوي، ان هذا الامر يعود الى ثلاثة اسباب، اولها اللغة، ثانيها الخوف (دون تحديد سبب هذا الخوف) واخيرا، يضيف: "ممكن طريقة استقبالهن في المخافر، حيث لا يتم استقبالهن مثل ما يتم استقبال اللبناني" (دون تحديد ما هي المشكلة). اما العقيد ايلي اسمر، ممثلاً قوى الامن الداخلي، فيعتبر ان عدم التقدم بالشكوى سببه يعود الى عدم معرفة العاملات ان بإمكانهن ذلك. ولعل كل هذه الاسباب صحيحة، الا ان احدا منهما لم يذكر ان من اسباب عدم تقديم الشكوى والتوجه الى المخفر هو قيام قوى الامن بتوقيف المعتدى عليهن، باعتبار ان اقامة العاملة لم تعد صالحة في لبنان بسبب خلافها مع الكفيل.
وختم الوثائقي بقضية الكسندرا التي اثارتها الصحافة اللبنانية والتي تلخص الى حد ما واقع ما تواجهه العاملات في الخدمة المنزلية في لبنان، خاصة حين يكون الكفيل "صاحب نفوذ"، وهو في هذه الحالة ضابط في أحد الاجهزة الامنية اللبنانية. وقد أحسن الوثائقي بالكشف عن بعض التفاصيل الجديدة في القضية من خلال مقابلة مع الطبيب الذي تابع حالة الكسندرا عند دخولها المستشفى الخاص ومقابلة أخرى مع الكسندرا نفسها، بعدما تم نقلها الى احدى مستشفيات بيروت الحكومية،  تقول فيها الضحية: ‘ My boss is a killer’.
 
الوثائقي متوفر على الرابط الاتي: https://www.youtube.com/watch?v=snhqe3HJZhY

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة وتعذيب ، لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني