لم يكد مجلس النواب في جلساته المعقودة يومي الاربعاء والخميس 15 و 16/3/2017 يبشر اللبنانيين بسلسلة من الضرائب أبرزها زيادة الضريبة على القيمة المضافة TVA 11% وزيادة في أسعار التبغ والتنباك والمشروبات الروحية حتى أن التاجر اللبناني لم يكذب خبراً.
فقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لوائح لأسعار المواد الغذائية التي طالتها الزيادة الضريبية[1]. علماً أن هذه الزيادات لا تتمّ إلى الواقع بصلة وقد جرى تكذيبها على لسان نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي أشار غداة إعلانه رفع الجلسة التشريعية نهار الخميس 16/3/2017 بأنها غير صحيحة. وقال: "البعض نشر على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي أن هناك زيادة على سعر ربطة الخبز وعلى سعر صفيحة البنزين والمازوت، والزيادة على الميكانيك غير موجود".
إلاّ أن محاولات التكذيب تلك لم تترجم فعلاً على أرض الواقع بل على العكس جرى تطبيق اللائحة الضريبية المزوّرة في العديد من المناطق اللبنانية. وقد وردتنا في هذا السياق العديد من الشكاوى من المواطنين في طرابلس والضاحية الجنوبية وغيرها بزيادات طالت الخبز والدخان بالدرجة الأولى. وقد أورد بعض الناشطين على مواقع التواصل أن سعر ربطة الخبر قد ارتفع إلى 1500 ليرة لبنانية في بعض المحال في مدينة طرابلس.
ومقابل هذه الشكاوى، ردّت وزارة الاقتصاد في بيان صادر عن الوزير رائد خوري بتاريخ 17/3/2017 محذرة "من اللجوء إلى أساليب غير قانونية بهدف خداع المستهلك ورفع الأسعار بطريقة مصطنعة لتحقيق ارباح غير مشروعة".
كما أشار البيان إلى قيام "مديرية حماية المستهلك بتسطير عدد من محاضر الضبط بتاريخ 17/3/2017 بحق المخالفين". كما أكد أنّ "وزارة الاقتصاد والتجارة سوف تتشدد في ضبط أي محاولات للاحتكار أو لرفع الأسعار دون وجه حق، حيث سيتمّ اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين وإحالتهم أمام القضاء المختص".
لكن سرعان ما تبيّن أن معظم المحال التجارية عمدت إلى رفع أسعار علب السجائر. فبعد زيارة قمنا بها إلى إحدى السوبرماركت في بيروت فوجئنا بزيادة 250 ليرة على سعر العلبة. وبررت صاحبة المحل رفع السعر بناءً على قانون صادر عن مجلس النواب. وعليه تقدمنا ببلاغ إلى "مديرية حماية المستهلك" عبر الخط الساخن 1739 ضد المحلّ.
فعاودت المديرية الاتصال وأوضحت الموظفة (التي تمنت الا يعتبر جوابها مقابلة رسمية) ما حصل: "رُفعت الأسعار، وكنا نقوم بتنظيم محاضر ظبط في هذا الخصوص ولكننا توّقفنا عن ذلك. عند الساعة الرابعة من بعد الظهر، وصلتنا اللائحة الجديدة بالأسعار من قبل "إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية" (الريجي) وبالتالي بات يمكن للتجار والباعة التذرع بالقانون لرفع الأسعار. اما بالنسبة لباقي الأسعار، فيمنع أن يتمّ رفع سعرها وإذا اشترى أحد المواطنين سلعة بسعر أغلى من المعتاد، فعليه ابلاغنا ونحن نتوجه فوراً إلى مكان الشكوى ونقوم بدوريتنا ونرى نسبة الأرباح".
ولكن كيف لإدارة وطنية متمثلة بـ “إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية" أن تقوم برفع اسعارها قبل أن ينشر القانون في الجريدة الرسمية؟ سؤال توجهنا به إلى رئيس "جمعية حماية المستهلك" زهير برو الذي أجاب: "على الرغم من عدم صدور اي قانون في هذا الموضوع، الا أن التاجر اللبناني بشطارته المعهودة يتصيّد الفرصة. فتجار الدخان لديهم ستوكات هائلة لذلك سيستفيدوا من الظرف ليربحوا على كل علبة 250 ليرة".
وردّاً على أن "الريجي" قامت برفع الاسعار أجاب: "جاءتنا معلومات من التجار ولكن لم نصدق الموضوع. واعتبرنا انه لا يحق لها رفع الأسعار قبل ان يصدر قرار عن مجلس النواب".
وعمّا يحصل اليوم قال: "إن ما يحصل هو ظاهرة أساسها جشع التجار اللبنانيين المعهود وسيطرة الفساد على البلد وانحياز الدولة والادارات للتجار وبالتالي السكوت عن الموضوع". وأضاف: "اليوم إذا قمنا بمقارنة المخزون الموجود عند التجار والذي رفع سعره دون أن يتمّ دمغه ليستفيدوا من الـ 250 ليرة على كل علبة، فنحن نتحدث عن ملايين الدولارات التي من المفترض أن تذهب إلى خزينة".
برو توّقع أن يستفيد التجار من هذه الزيادة نحو عام. وقال: "من لديه مخزون لفترة طويلة سيربح الكثير ويزيد على المستهلك. ما يعني أنهم يسرقون المستهلك والخزينة في الوقت نفسه وسط سكوت تام من قبل إدارات الدولة والحكومة". ودعا "إلى تحميل هذه الأمور إلى النيابة العامة" كما طالب مؤسسة "الريجي" ووزارة الاقتصاد "بمداهمة المستودعات ليروا ما لديها ويقومون بوسمها. وعلى هذا الأساس فإن الـ 250 ليرة التي يريدون زيادتها ستذهب إلى الدولة، عندما يصدر القرار في الجريدة الرسمية. لكن طالما أنه لم يصدر القرار بعد فإنّ ما يحصل اسمه سرقة ونهب وهو عمل غير شرعي على الإطلاق".
يبقى أن نشير إلى أن وزير المالية علي حسن خليل في مداخلته خلال الجلسة التشريعية المخصصة لمناقشة إيرادات السلسلة وفي المادة السابعة المتعلقة بزيادة الرسوم على السجائر بحيث يصبح الرسم على السجائر 135% وعلى السيجار والسيجاريلو 43.75% وعلى النرجيلة 37% والتنباك 135%، لم يبشر خيراً بزيادة أسعار الدخان. "لا أحد اليوم بإمكانه أن يناقش بتأثير الدخان على الصحة العامة. هناك قانون بمنع التدخين في الأماكن العامة لا يطبق والدولة تتحمل مسؤوليتها في هذا المجال. لكن ما نناقشه اليوم، أن الدولة لديها مؤسسة هي "الريجي" معنية بتنظيم هذا القطاع وضخ الأرباح على خزينة الدولة. إذا كنّا نتحدث عن رسوم للدولة فإن اي زيادة عن الأسعار الموجودة حالياً ستؤدي إلى نتيجة عكسية وستخفض واردات الدولة ولا يوجد نقاش في هذا الموضوع".
[1] الأسعار تناولت التالي: 3000 ليرة على بطاقة شحن الخليوي. ليرة 1000 على الطابع المالي. 500 ليرة على ربطة الخبز. 3500 ليرة على صفيحة البنزين. 5000 ليرة على صفيحة المازوت. 7000 ليرة على فاتورة الهاتف الخليوي. 9000 ليرة على الكهرباء. 25000 ليرة على فاتورة المياه. 45000 ليرة على ضريبة البلدية السنوية. 10% اضافية على ضريبة الدخل 15% على ضريبة المالية. 12% على القيمة الجمركية 30% على الميكانيك. 8% على الدواء 20% على تذاكر السفر. 3000 ليرة على المعاملات المتعلقة باي معاملة احوال شخصية.