أصدر المجلس الدستوريّ في 4/4/2024 قراره بشأن الطعون الخمسة على قانون موازنة العام 2024. وقد سعى المجلس الدستوري إلى معالجة مجمل الطلبات التي وردت في هذه الطعون، على نحو ألزمه على الكشف عن مقاربته في عدد من المسائل أهمها العدالة الضريبية ومبادئ الموازنة العامة والمحاسبة العمومية وشفافية العمل التشريعي. وبشكل عامّ، عبّرت أكثرية أعضاء المجلس عن حذر شديد في قراراتها، بحيث لا تؤثر سلبا على وجود الموازنة العمومية أو تؤدي إلى تغيير كبير في توجهات المشرع في المجال الضريبي أو المالي أو تقوض الممارسات السائدة في العمل التشريعي مهما كانت هذه الممارسات مخالفة للدستور. وقد بلغت شدة حذره في هذا المجال درجة إعلان إذْعانه للحالة الشاذّة التي فرضتْها السلطة السياسية، سواء لجهة غياب قوانين قطع الحساب أو الفوضى التشريعية العارمة في التصويت على القوانين، وفق ما تناوله وسام اللحام في مقاله للمفكرة القانونية تعليقا على هذا القرار.
فما هي التوجهات العامة الحذرة التي رشح عنها قرار الدستوري في مجال مبادئ الموازنة العامة أو العدالة الضريبية أو صدقية العمل التشريعي؟ هذا ما سنحاول تبيانه على طول هذا المقال.
شفافية العمل التشريعي
اتّسمت جلسة إقرار قانون الموازنة بفوضى تشريعية غير مسبوقة حسب عدد من المراقبين للمجلس، وهو ما فصّلناه عند تغطيتها. إزاء ذلك، شخصت الأنظار نحو المجلس الدستوري لمعرفة كيف سيتعامل مع هذه الفوضى والدور الذي سيلعبُه للحدّ منها، خصوصا بعد نشر عدد من المواد بصيغة مختلفة عمّا صُوّت عليه داخل المجلس النيابي بشهادة نواب وصحفيين حضروا الجلسة. وقد تضمن عدد من الطعون مطالب واضحة لهذه الجهة، مطالبين المجلس الدستوري بتجاوز محضر المجلس لإجراء تحقيقات أكثر تعمقا بشأن تزوير الإرادة العامة في فترة لاحقة للجلسة. وبشكل عامّ، تناولت الطعون مسألتين أساسيتين: (1) الطعن بالقانون للامتناع عن التصويت بالمناداة، و(2) حصول تحوير للإرادة العامة التي عبرت عنها مناقشات المجلس النيابي بحيث جاء في القانون المنشور مواد مختلفة تماما عما صُوّت عليه.
عدم التصويت بالمناداة مخالفة دستورية لا تبطل القانون
المسألة الأولى المتصلة بعدم التصويت على القانون بالمناداة كانت مسألة سهلة نسبيا، حيث أقرّت محاضر مجلس النواب عدم حصول ذلك. إلا أنه رغم ذلك، رفض المجلس الدستوري أن يرتب على ذلك أي نتيجة خلافا لتوجّهه السابق في 2017، بحجة أن للموازنة أهمية استثنائية. والأخطر من ذلك، أنّ المجلس الدستوري عزا عدم الإبطال لسبب آخر مفاده أنّ أي اعتراض على التصويت لم يحصل خلال الجلسة، وهو الأمر غير الصحيح حيث تمّ الاعتراض على التصويت واحتسابه في العديد من المناسبات خلال الجلسة حسبما وثّقناه في سياق مراقبتنا لجلسة مناقشة الموازنة العامة. وقد خطا المجلس الدستوري خطوة أكثر خطورة في تحليل الوقائع، بحيث اعتبر أنه لردّ الطعن على خلفية عدم احترام أصول التصويت، أنه لم يحصل أي اعتراض على عدد النواب الذين صوتوا رغم أنه بغياب المناداة، يصبح التثبت من هذا العدد أو حتى الاعتراض عليه شبه مستحيل لكون رفع الأيادي يمتد لأجزاء من الثانية فقط ولا يتم تدوين نتيجته التفصيلية من قبل إدارة الجلسة.
التوجه نفسه برز فيما يتصل بصحة إقرار أرقام الموازنة في المادّتيْن 2 و3، حيث اعتبر المجلس استنادا للمحاضر أنّه لم يتم الاعتراض على كيفية التصويت على الأرقام. في الواقع، الأرقام لم تطرح على التصويت أصلا ليتمّ الاعتراض عليها، بل أننا وثقنا آنذاك أن عددا من النواب كان يصرخ لمعرفة الأرقام النهائية من دون فائدة.
الدستوري يتقيّد بالمحاضر من دون تدقيق
حذر الدستوري تجلى أيضا في سياق النظر في طلب تصحيح عدد من مواد القانون، على خلفية حصول تحوير أو تزوير للإرادة العامة. ولكن ورغم الشهادات المختلفة للنواب الطاعنين وما تداولته وسائل الإعلام ومنها المرصد البرلماني للمفكرة القانونية، فإن المجلس الدستوري التزم بفحوى محضر المجلس النيابي من دون أن يتخذ أي إجراء للتحقيق في مدى صحته. وكان بإمكانه أن يصل إلى نتيجة مغايرة تماما لو أنّه طلب انطلاقا من كل ما توفر لديه من عوامل تشكيك، تزويده بنسخة عن التسجيلات الصوتية للجلسة. وهذا ما كان تمّ طلبه في الطعن المقدم من حليمة قعقور وزملائها والذي أعدته المفكرة القانونية.
وما يزيد من قابلية موقف الدستوري للانتقاد هو أنّ المحاضر الخطّية لم يتمّ الانتهاء منها إلّا بعد أسابيع من نهاية الجلسة ووضع الصيغة النهائية للقانون بعد التعديلات، وقد رُفض تزويدها لعدد من النواب الذين رغبوا بالتقدّم بالطعن وفق ما تثبت الدستوري منه في قراره.
ومن أخطر نتائج هذا التوجه، هو إبقاء الضريبة على شركات الأموال 17% رغم أن المجلس النيابي كان وافق على رفعها وفق ما نقله المرصد البرلماني وعدد من وسائل الإعلام إلى 25%. وعند اللجوء إلى المجلس الدستوري، وعلى الرغم من أنّ المجلس ذكر هذه النقطة صراحة، إلّا أنّه عاد ولم يعالجها أو يورد أي جواب عليها ليُبقي على المادة كما تمّ نشرها بحجة أنّ للمجلس النيابي تحديد السياسة الضريبية، علما أنّ المطلوب ليس الحلول محلّ المجلس في رفع الضريبة إنما التثبت من حقيقة ما صوّت عليه النواب.
وعليه، فإن الحالات الوحيدة التي تدخل فيها المجلس الدستوري لإبطال بنود في القانون المنشور، هي البنود التي وردت مخالفة لما جاء في المحضر، والتي عكست بدورها حجم الفوضى التشريعية الحاصلة في جلسة مناقشة الموازنة. من أهم هذه البنود ما جاء في سياق إبطال المادة 94 (الضريبة المفروضة على الدعم) حيث أكّد المجلس أنّه لم يتمكّن من خلال العودة إلى محضر مجلس النواب من معرفة “ما هو النص الذي تمّت تلاوته على الهيئة العامة ومن ثم التصديق عليه بالأكثرية”. ومنها أيضا ما قرره المجلس الدستوري لجهة إبطال ما دعت الأمانة العامة مجلس الوزراء إلى تعديله بعد إرسال نسخة القانون إليه، بحجة ورود أخطاء مادية فيه.
أخيرا، يقبل قرار المجلس الانتقاد لهذه الجهة، ليس فقط على خلفية أنه سلّم بصحة المحضر رافضا أي تشكيك في مضمونه، بل أيضا لأنه أضاع فرصة للحدّ من هذه الفوضى وضمان احترام الأصول البرلمانية، حين أهمل الطلب الموجّه إليه بتفسير مبدأ علنية الجلسات على أنه يشمل بالضرورة تصويرها بالصوت والصورة وبثها للرأي العام، وهو الطلب الذي تضمنه طعن القعقور ورفاقها,
مقاربة المجلس الدستوري للمبادئ العامة للموازنة
تركّزت الطعون على مخالفات عدّة وردتْ في قانون الموازنة للمبادئ التي يجب على أساسها أن يتم إقرار الموازنة. وعليه، أدلت طعون عدّة بدلوها فيما يتعلّق بغياب قطوعات الحساب (وهي شرط أساسي لصدقية الموازنة العامة)، أو أيضا فيما يتعلق بعدم مراعاة الموازنة مبدأ سنويتها، أو أيضا زجّ أحكاما عامة لا صلة لها بالموازنة. وهنا، أيضا أبدى حذرا شديدا متفاديا اتّخاذ أيّ قرار من شأنه المسّ بوجود الموازنة أو بمحاورها الأساسية، وإن تشدّد بالمقابل في تكريس سنوية الموازنة. والمؤسف أن قراره بشأن قطوعات الحساب أتى بمثابة تكرار لقراراته السابقة في هذا الخصوص والتي تشي بعجز مطلق إزاء “الحالة الشاذة” التي فرضتها السلطة السياسية من دون اتخاذ أي خطوات لفرض تجاوزها.
قطوعات الحساب، لزوم ما لا يلزم
بالإضافة إلى أن المجلس الدستوري ردّ كل ما ورد في الطعون لجهة إبطال القانون لعدم نشر قطع الحساب بحجّة الأهمّية الاستثنائية لقانون الموازنة وتأثير إبطاله على الانتظام العام تماشيا مع قراراته السابقة، فإنه ردّ الطلب الذي ورد في طعن القعقور ورفاقها لجهة الاجتهاد لوضع خارطة طريق لوضع حدّ للحالة الشاذة قوامها فصل قطع الحساب لسنة 2023 عن السنوات السابقة بهدف ضمان إقرار قانون موازنة 2025 وفق الأصول الدستورية. وقد تذرع المجلس لإهمال هذا الطلب بأن وضع خارطة طريق للإجراءات التي يتعين على السلطة السياسية اتّخاذها يخرج عن حدود اختصاصه. وهو بذلك بدا وكأنه مارس على نفسه تقييدا ذاتيا مؤداه تأبيد الحالة الشاذة من دون أي أفق.
وما يزيد من قابلية القرار للنقد هو أنه رفض إبطال المادة 95 من قانون الموازنة التي أمهلت الحكومة مهلة سنة لإعداد الحسابات وإحالتها إلى المجلس النيابي منذ العام 1993، بحجة أنها لزوم ما لا يلزم. وبالواقع يخشى أن يسوّغ امتناع المجلس عن إبطال هذه المادة للسلطة التشريعية أن تقرّ قانون موازنة 2025 قبل انتهاء المهلة، وتاليا بغياب قطع الحساب أيضا. بمعنى أنه إذا كان بقاؤها لزوم ما لا يلزم، فإن عدم إبطالها يجعل المجلس الدستوري شريكا في المخالفة الدستورية.
خلل في مفهوم فرسان الموازنة
خصّص المجلس الدستوري قسما خاصّا من قراره للنظر في المواد المطعون بها على اعتبارها فرسان موازنة. وقد تجلى حذره هنا في اعتماد التفسير الضيق لفرسان الموازنة، أي عدم إبطال أي نص إلّا إذا لم يكن له علاقة نهائيا بالموازنة، ما يعني عمليا عدم إبطال المواد المرتبطة بشكل غير مباشر بالموازنة.
وعليه، أبطل المجلس الدستوري المادة 56 من الموازنة المتعلّقة بالسماح بتأجير أملاك الدولة الخصوصية لمدة قد تصل إلى 18 عاما على أساس أنّها ترتبط بشكل رئيسي بإجراءات لها طابع إداري وتنظيمي وأنها تعدّل الأحكام العامة المتصلة بكيفية إدارة أملاك الدولة الخاصة.
بالمقابل، رفض المجلس الدستوري إبطال المادة 91 المتعلّقة بتعديل آلية تحديد رسوم الجامعة اللبنانية، بحجة أنّ هذه المادة تمنح الجامعة اللبنانية المزيد من الاستقلالية (وهي ليست كذلك لأنّها تربط تعديل الرسوم بموافقة وزيريْن في حالة غياب مجلس الجامعة بما يطبّع مع غياب المجلس). أكثر من ذلك، فقد تجاهل المجلس عند النظر بهذه المادة سببيْ طعن بقيا من دون إجابة، الأول هو تخلّي السلطة التشريعية عن صلاحيتها في تحديد الرسوم ومنحها للسلطة التنفيذية، والثاني هو الاعتداء على مبدأ فصل السلطات بحيث أنّ طعنا قد قُّدم بقرار زيادة الرسوم وأنّ المادة تأتي لتشريع المخالفة الواردة في قرار التعديل.
في السياق نفسه، بادر المجلس من تلقاء نفسه إلى إبطال المادة 10 جزئيا، لجهة إلزام مخالفي أحكام قانون المحاسبة العمومية فيما يتعلّق بإصدار سلفات خزينة بتسديد قيمتها من أموالهم الخاصة. وقد اعتبر المجلس بأنّ هذه الفقرة بما تحمله من طابع عقابي تخرج عن إطار الموازنة وتدخل ضمن مفهوم فرسان الموازنة. وهذا الموقف يبدو مستغربا بالنظر إلى المعايير التي اعتمدها المجلس الدستوري في تعريف فرسان الموازنة، طالما أن الفقرة التي تمّ إبطالها إنما هي أساسية لضمان التزام المسؤولين العامين بتطبيق الموازنة العامة من دون تجاوز.
سنوية الموازنة
أبطل المجلس الدستوري عددا من المواد بشكل جزئي عملا بمبدأ سنوية الموازنة، مجرّدا إيّاها من مفعول يتعدّى السنة المالية الحالية. ومن أبرز هذه المواد تخفيضات وإعفاءات ضريبية على السيارات الكهربائية والهجينة المستوردة حيث حصر المجلس مفعولها بسنة واحدة وليس 5 سنوات كما أقرّت، كما وأزال عبارة حتى نهاية 2026 من تخفيض نسبة الضريبة على أرباح التفرّغ على العقارات من 15 إلى 1%.
مقاربة المجلس الدستوري للعدالة الضريبية
ارتكز جزء كبير من الطعون على مبادئ العدالة الضريبية والاجتماعية والمساواة المنصوص عليها في الدستور. إلا أن المجلس الدستوري هنا أيضا أبدى حذرا شديدا وبخاصة لجهة أنه امتنع عن ممارسة أي رقابة على مدى انسجام أحكام الموازنة مع مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة، بحجة أن فرض الضرائب وتعديلها يعود لملاءمة المشرّع. إلا أنه رغم هذا الحذر، يسجّل للمجلس أنه استجاب لطلب تفسير المواد المتصلة بتحديد سعر الصرف والوارد في طعن القعقور ورفاقها، على نحو يضمن العدالة الضريبية وأنه عاد ليبطل إمكانية إجراء تسويات على الضرائب عملا بقراراته السابقة ورفض إبطال الضريبة على صيرفة.
الترفّع عن مراقبة انسجام الضرائب مع مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة
بالمقابل، امتنع المجلس الدستوري عن الغوص في نقاش عدد من المواد المطعون فيها لمخالفتها المبادئ المذكورة أعلاه، بحجّة أنّ تقدير ملاءمة السياسة الضريبية يعود للمشرّع كما سبق بيانه.
من بين هذه المواد الطعن بتجزئة ضريبة الأملاك المبنية (م 51) بحيث يتم التكليف عن كل عقار على حدة من دون أن تُجمع بما يعطّل تطبيق مبدأ الضريبة التصاعدية الذي يعكس العدالة الضريبية، بحيث من شأن تقسيم هذه العائدات على العقارات كلا على حدة أن يؤدي إلى إخضاع مالكي عدد كبير من العقارات لنفس نسبة الضريبة المطبقة على مالك عقار واحد في حال كان ما يجنيه منه يعادل ما يجنيه المالك الآخر من كل عقار من عقاراته. ورغم ذلك، اعتبر المجلس أنّ التخفيضات أو تجزئة الضريبة لمصلحة فئة دون أخرى لا تُخالف مبدأ المساواة بحكم أنّها تتعلّق بفئة معينة من المكلّفين تتمتّع بأوضاع قانونية مشابهة!
أخطر من ذلك هو الموقف الذي اتخذه المجلس الدستوري بما يتصل بتخفيض ضريبة الأرباح عن التفرّغ على العقارات من 15% إلى 1% (م 86)، حيث اعتبر أن تخفيض هذه الضريبة يعود للمشرّع شرط أن لا يمس بالمساواة بين المتفرغين عن هذه العقارات. وهو بذلك أحال إلى المجلس النيابي مسألة مقاربة ملاءمة الضرائب، ما يحصر المجلس عمليا في ممارسة رقابة شكلية على مدى عدالة الضرائب المفروضة من دون التدقيق في مدى عدالتها أو توافقها مع مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة.
الحسم لجهة منع ورود تسويات ضريبية في الموازنة
من أهم ما تضمنه القرار، هو إبطال المادة 87 من الموازنة والتي تسمح بإجراء تسوية ضريبة على الضرائب المعترض عليها أمام لجان الاعتراض بقيمة 50 منها. وقد كان المجلس حاسما لهذه الجهة لاعتبار المادة منعدمة الوجود حيث حيث سبق أن أبطلها في موازنة 2018 و2022، معتمدا على قوة القضية المقضية لقراراته فضلا عن مخالفة هذه التسوية لمبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية والضريبية.
تحصين سعر الصرف في الموازنة
قرّر المجلس الدستوري تحصين عبارة “تحديد سعر الصرف الفعلي من قبل مصرف لبنان” الواردة في المواد 15 و18 و45 بتفسيرها لجهة تكليف مصرف لبنان بتزويد الإدارة الضريبية بسعر الصرف الوسطي الفعلي المتداول في السوق الحرة للاستناد إليه لاحتساب الضريبة. ويُعدّ ذلك من النقاط الإيجابية في القرار، حيث يؤدّي هذا التفسير إلى إلزام مصرف لبنان باعتماد السعر الحقيقي لصرف الليرة عند القيام بأي عملية تحويل للعملات الأجنبية لغايات تنفيذ الموازنة، حيث أنّ أيّ اختلال في هذا الصدد كان سيؤدّي إلى المسّ بالعدالة الضريبية بحيث يُكلّف أصحاب الإيرادات بالدولار بضرائب أدنى إذا ما كان سعر مصرف لبنان أدنى من سعر السوق.
إلا أنه يلحظ هنا أنّ النتيجة الإيجابية التي توصل إليها المجلس الدستوري في هذا الصدد أتت سندا للمادّتيْن 81 و82 من الدستور حيث فرضتا عدم إقرار أو تعديل الضريبة إلّا بقانون، وليس سندا لمبادئ العدالة والمساواة الدستورية، بمعنى أنّ المجلس اكتفى هنا بالمقاربة التقنية لا الحقوقية لتحصين هذه المواد وفق صلاحيته التفسيرية.
الضريبة على عائدات صيرفة
أمر آخر تجدر الإشارة إليه في هذا الإطار هو رفض المجلس طلب إبطال الضريبة على عائدات صيرفة الوارد في طعن كتلة الجمهورية القوية, وقد انتهى المجلس إلى هذه النتيجة بعدما ذكر أن دافع المشرّع إليها تمثل في اعتبارها “إثراء غير مشروع. الواقع أن حصول إثراء غير مشروع يستوجب استعادة كل ما تم الاستيلاء عليه وليس فرض ضريبة 17% فقط. لكن هذا أمر آخر يجدر بحثه على حدة.
هذا ما أهم ما أمكن تسجيله على قرار المجلس الدستوري، لجهة المقاربات والمبادئ التي استند قراره عليها.
للاطّلاع على قرار المجلس الدستوري
نشر هذا المقال في العدد 72 من مجلة المفكرة القانونية – لبنان
لتحميل العدد بصيغة PDF