خرجت قبل أيام، منصّة إعلامية في طرابلس تسمّى “همسات” في بثّ حيّ يظهر فيه أحد “مراسليها” وهو يدخل لا بل يداهم مع أفراد تبيّن أنّ بينهم إعلاميين منتسبين لنقابة المحررين، مركزًا للرعاية الصحية الأوّلية في مجمّع الرحمة الطبي في طرابلس. والمركز تقدّم في إحدى غرفه جمعية “مرسى” التي تعنى بالصحة الجنسية والإنجابية، خدمات صحية وتوعوية، ضمن إطار برامج وزارة الصحة العامة في لبنان ومنظمة الصحة العالمية، منها البرنامج الوطني لدعم مرضى السيدا. ويوضح “المراسل” على الهواء أنّ دخول المركز جاء بعد انتشار خبرٍ مفاده أنّه يقدّم دعمًا للمثليين، وبالتالي كان الهدف “الاستقصاء” عن ذلك. وعبث “المراسل” ومرافقوه بمحتويات المكان وكأنّهم يبحثون عن دليل معيّن، من دون أيّ اعتبار لخصوصية عمل المركز وخصوصية الأفراد الذين يدخلونه، وأخذوا يستجوِبون مديرته حول محتوياته ومضمون الملصقات والبروشورات فيه.
ولا يمكن لمشاهد الفيديو إلّا أنْ يُلاحظ كمّ “التخبّط” و”الغوغائية” و”التهكّم” في التعامل مع عمل المركز ومع محتوياته وخدماته، علمًا أنّ المراسل لم يكن يحتاج إلى أكثر من اتّصالٍ هاتفي بالجهات المعنية ليتأكّد ممّا يقوم به المركز، وبأنّه تابع لوزارة الصحة، بدل الدخول بهذا الشكل إلى صرح طبي و”رسمي” والتشكيك في دوره على الهواء مباشرة واستجواب مديرة المركز الدكتورة سمية حروق التي رغم “سوريالية” الموقف أصرّت على الإجابة على “تهكّمات” المُقتحمين وشرح أهداف المركز والخدمات التي يؤدّيها بكلّ رويّةٍ.
إلّا أنّ ما تمرّ به البلاد، من فقدانٍ لهيبة مؤسّسات الدولة، ومن انتهاك للمعايير المهنية الإعلامية وغياب دور نقابة المحررين الرقابي، إضافة إلى حملة التحريض الشعواء ضدّ الأقليات الجنسية يقودها رجال دين ودولة، أوصل الحال إلى أن يجد أشخاص أمثال مراسل المنصّة إيّاها ومرافقوه أنفسهم مخوّلين الدخول إلى مركز صحي والعبث بمحتوياته وانتهاك خصوصيته بحجّة “مواجهة الترويج للمثلية” بعد أن تبيّن أنّ المركز لا يميّز بين الأفراد الذين يقصدونه على أساس هويّاتهم الجنسية. وبالتالي خلط هؤلاء بين ما هو صحّي توعوي وبين ما هو حرية شخصية، فبدا “المثلي” بالنسبة إليهم وكأنّه ليس إنسانًا يحقّ له الحصول على الخدمات الطبية والتوعوية اللازمة، والتي تقدّمها الدولة لجميع أفرادها سواسية.
ويُظهر محتوى الفيديو أنّ الحملة التحريضية الأخيرة جعلت مفاهيم كـ “التوعية الجنسية” و”الصحة الإنجابية” تبدو لدى بعض الناس مرادفة لـ “دعم المثليين”، وبالتالي محفّزًا مشروعًا بالنسبة لهم لاقتحام صرح طبي وتهديد الأطباء وانتهاك خصوصية المكان والعبث بمحتوياته، من دون إذن من المستشفى كما أفاد أحد الموظفين في مكتب مدير مجمّع الرحمة، وهو أمر أنكره “الإعلاميون” الذين دخلوا المكان في اتصالاتٍ بـ”المفكرة” مؤكدين أنّ الإدارة أذنت لهم بالدخول.
تفاصيل الحادثة
يروي عضو نقابة المحررين ورئيس تحرير موقع mtn news محمود النابلسي، في اتصال مع “المفكرة” أنّه عند الساعة الرابعة من عصر يوم السبت في 16 ايلول، أرسل صاحب مجموعات “دولار 1500” عبر واتساب، وهو مجهول الهوية، رسالة يحذر فيها من أنّ المركز المقصود داعم للمثليين. ويشير النابلسي إلى أنّ هذه المجموعات مؤثرة جدًا بالرأي العام الطرابلسي حيث يتابعها أكثر من 17 ألف شخص في طرابلس ومحيطها، وقد أحدث الخبر بلبلة في المدينة، بحسب النابلسي. وكونه صاحب منصة إعلامية، توجّه إلى المجمّع “للتحقق” من الموضوع، مؤكدًا أنّه انتظر إذن الإدارة للدخول إلى المركز، وتبعه زميلاه حميد مصري ومراسل من منصة “همسات” التي فتحت الهواء مباشرة أمام متابعيها لتوثيق الدخول “ونقل الحقيقة كما هي” كما برّر مراسل همسات في اتصال مع “المفكرة”.
وينكر النابلسي ومراسل “همسات” توخّيهما مبدأ “التأـكّد من المعلومة” قبل توجّههم إلى المجمّع وبدء التسجيل، على اعتبار أنّ النقل المباشر هو الحقيقة بذاتها، وكانا يتلقان الأسئلة والتعليقات من المشاهدين مباشرة ويجيبان عنها أثناء البث من داخل المركز.
كذلك أنكر الاثنان إقدام المشاركين في اقتحام المركز على “العبث” بمحتويات المكان، على الرغم من ظهور أحد هؤلاء أثناء البثّ وهو يقوم بفتح الخزائن، وإخراج ما في داخلها كالواقي الذكري وغيرها.
ويطرح المشاركون في البثّ، أسئلة بديهية مثل سؤال الطبيبة عن دور الواقي الذكري الذي حمله أحدهم ووجّهه صوب الكاميرا وكأنّه يحمل “دليلًا”، وسأل النابلسي الطبيبة أيضًا عن ملصق على الجدار يحمل عبارة “العادة عادة” متّهمًا المركز بالتشجيع على “العادة السرية” لتردّ عليه بأنّ المقصود العادة الشهرية. ورغم ردّها يواصل التشكيك في ذلك.
وتشدّد الدكتورة سمية في ردودها على المقتحمين بأنّ المركز يستقبل أي شخص من دون أي تمييز وبغضّ النظر عن ميوله الجنسية. وهو كلام أقنع أحد المقتحمين الذي شبّه المركز بالسوبرماركت الذي يدخل إليه كل الناس إلّا أنّه لم يُقنع النابلسي الذي كان ختام البث معه حيث قال إنّ ما وجدوه في المركز، (وهو بالمناسبة موجود في كل المراكز والصيدليات) “ليس من نسيج طرابلس ولا يمثلها، لقينا جوّا كبابيت (واقي ذكري)، شو هالمسخرة”، ثم يتابع وهو يقرأ من أحد البروشورات “الواقي الذكري: كل ما بدك تعمل أو تعملي سكس مع شريك جديد”، ليسأل “هل هذا كلام يقال في طرابلس مدينة العلم والعلماء؟ في شي مش طبيعي وفي كتير علامات استفهام”.
صمت رسمي مريب على اعتداء على مركز صحي
الخطير في الاقتحام الذي حصل على الهواء مباشرة هو انعكاساته السلبية المحتملة على المستفيدين والمستفيدات من خدمات المركز والمراكز المشابهة، كالنساء الحوامل ومرضى السيدا وغيرهم من الأشخاص المصابين بأمراض منقولة جنسيًا الذين قد يشعرون بأنّ خصوصيّتهم في خطر ما قد يجعلهم يحجمون عن التوجّه إلى تلك المراكز. بالطبع لم يفكّر أيّ من “المراسلين” الثلاثة في مبدأ “عدم إلحاق الضرر” قبل قرار “المداهمة” أي أنّهم لم يناقشوا في الضرر المحتمل لـ “تحقيقهم” على سهولة الوصول إلى الخدمة الصحية التي يؤمّنها المركز مقابل صعوبتها وارتفاع كلفتها في المراكز الصحية والعيادات الخاصة. وهو أمر لفتت إليه جمعية “مرسى” التي تدير بعض برامج المركز، في بيان حيث حذّرت من أنّ “التعرّض للمؤسسات الصحّية والاستشفائية التي تقدم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية يعوق وصول الأفراد للرعاية الطبية”. الأمر نفسه ينسحب على العاملين فيها الذين قد يشعرون بأنّ أمنهم في خطر وأنّ عملهم مشكّك فيه من قبل الناس. وقد يكون من المبالغة التفكير بأي دور لنقابة محرري الصحافة اللبنانية في البحث عن مسؤولية المنتسبين إليها عن هذا الضرر، نظرًا إلى تاريخها الطويل في التقاعس عن القيام بأبسط أدوارها في صون آداب مهنة الصحافة.
ورغم خطورة الحادثة، إلّا أنّها لم تستدعِ موقفًا أو بيانًا من الجهات الرسمية المعنيّة، ما يشرّع التفكير في نوعٍ من التواطؤ الخفي مع المقتحمين، بخاصة في ظل التمنّع عن المضي بإجراءات الادعاء والمحاسبة، حيث لم يتقدّم مدير المستشفى عزّت آغا بشكوى ضدّ “المعتدين”. وبدا في ردّه على الرسائل النصّية لـ “المفكرة”، أنّه مغلوب على أمره مجيبًا ” برأيك بهيدا البلد حدا بيوصل لمطرح بالقانون؟”.
أما وزارة الصحة فلم يستدع الأمر لغاية كتابة هذه السطور، بالنسبة لها إصدار بيانٍ رسمي يستنكر الحادثة. وبعد اتصالات “المفكرة”، انتدبت الوزارة رئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات في وزارة الصحة، هشام فواز للتعليق على الموضوع وقد وصف الحادثة بـ “السطحية” وبأنّ “السوشل ميديا يقوم بتضخيم الأحداث”. ويمكن للمرء هنا أن يفترض أنّ هذا التوصيف للحادثة جاء إثر تقييم الوزارة للحادثة والضرر الناتج عنها بعد انتقالها إلى طرابلس ولقائها العاملين الصحيين في المركز واستطلاع رأي المستفيدين والمحيط. ولكن أيًا من ذلك لم يحصل. كما لم تلجأ الوزارة إلى خطة طارئة أو واحدة من تلك “الحلول السريعة” لحماية الطواقم الطبية التي أعلن عنها وزير الصحة عند اجتماعه مع النقابات الطبية للبحث في مسألة الاعتداءات المتكررة على المستشفيات والمراكز الصحية. هذا على الرغم من أنّ الوزير نفسه يعي أهمية الوصول إلى مراكز الرعاية الصحية الأولية التي اعتبرها “حجر الزاوية لتقديم خدمات أساسية عالية الجودة وخصوصًا للشريحة الأكثر هشاشة في المجتمع” بحسب كلمة له في حفل إطلاق وزارة الصحة العامة الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي. مواقف المعنيين “الهزلية” استمرّت مع نقيب الأطباء يوسف شلخ الذي اعتبر في اتصالٍ بـ”المفكرة”، أنّ الموضوع “دقيق” وبحاجة إلى تريّث”. وأنهى الاتصال بعبارة “خلص اعتبري حالك ما دقّيتيلي”، على قاعدة أن ذلك لم يحصل، على الرغم من أنّ المقتحمين قاموا بتعريض الطاقم الطبي للخطر واستجواب مديرة مركز الرعاية الصحية.
بيانات تعريفية تذكّر بأدوار الجمعيات المعنيّة
إثر الحادثة، أصدرت جمعيّة “مرسى” بيانًا تعريفيًا يُذكّر بأهداف الجمعية، وذلك ردًا على الاتهامات التي طالتها كجمعية داعمة للمثليين، وجاء فيه “مرسى جمعية تعنى بالصحة الجنسية والإنجابية، تأسست في لبنان في العام 2011 ومن أهدافها تحصين الصحة العامة من خلال توفير الفحوصات الطبية والمعلومات التوعوية، التعاون مع وزارة الصحة العامة اللبنانية وباتباع توصيات منظمة الصحة العالمية”.
وأضاف البيان بأنّ الجمعية تُؤمن بأنّ “الوصول إلى جميع الخدمات الصحية هو حقّ لكل إنسان، وأنّ من واجب كل عامل/ة رعاية صحية تقديم الخدمات للجميع بحياد تام ودون تمييز” وأنّ “هذه الخدمات الطبية والتوعوية أساسية للحدّ من انتشار الالتهابات المنقولة جنسيًا” وأنّ “الخدمات التي تقدّمها الجمعية متوفّرة في عدد كبير من المستشفيات والمؤسسات الطبية في لبنان”، وأنّ “التعرّض للمؤسسات الصحّية والاستشفائية التي تقدم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية يعوق وصول الأفراد للرعاية الطبية”.
كذلك أصدر البرنامج الوطني لمكافحة السيدا في وزارة الصحة العامّة “رسالة دعم”، بحسب وصف مديره الدكتور مصطفى النقيب، تفيد بأنّ جمعية “مرسى” والعيادة التابعة لها في طرابلس يتعاونان بشكلٍ وثيق مع البرنامج الوطني لمكافحة السيدا. وتابعت “الرسالة”: “تشكل جمعية مرسى مع عدة جمعيات أهلية شبكة جمعيات تتعاون مع البرنامج للعمل على الأرض من أجل الحدّ من انتشار الأمراض المنقولة جنسيًا وعدوى فيروس السيدا وذلك عن طريق رفع مستوى الوعي عند الأشخاص وتوزيع الواقي الذكري وإجراء الفحوصات اللازمة ومن بينها فحص السيدا السريع”. وذكّرت بأنّ “البرنامج الوطني لمكافحة السيدا يشكّل المرجعية الأولى لتلك الجمعيات لتنفيذ الأعمال المرسومة ضمن الخطة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة السيدا والأمراض المنقولة جنسيًا من أجل الحد من انتشار هذه الأمراض”.
بدوره فوّاز من وزارة الصحة التي يتبع لها البرنامج والمركز المستهدف، اعتبر أنّها ليست المرة الأولى الذي يتمّ فيها الاعتداء على مستشفى أو على طاقم طبي، مشيرًا إلى أنّه من واجب القوى الأمنية تأمين الحماية اللازمة. وأضاف أنّ المشكلة الأساس تكمن في (قلّة) “الوعي”، فمراكز الرعاية الصحية الأوّلية هي مراكز منتشرة في جميع المناطق اللبنانية ولديها برامج تعنى بالصحة الإنجابية والجنسية إضافة إلى التثقيف الصحي وغيره. واعتبر أنّ ما جرى في طرابلس هو نتيجة الإضاءة على أسلوب عمل المركز بطريقة خاطئةٍ. ولكن يبدو أنّ فوّاز نسيَ أنّ رفع مستوى “الوعي” حول خدمات مراكز الرعاية الصحية هو من مسؤولية وزارة الصحة التي، بالمناسبة، ولسنين طويلة وضعت جهدًا كبيرًا مع جمعيات المجتمع المدني لرفع مستوى الوعي بمراكز الرعاية الصحية الأوّلية وتوسيع مروحة خدماتها وهو ما أكّده بيان برنامج مكافحة السيدا في الوزارة نفسها، وما نسفه فواز في تصريحه.
كذلك أصدر مجمّع الرحمة الطبي بيانًا في يوم الحادثة لم يأت فيه على استنكارها بل كان بمثابة بيان تعريفي آخر عرّف خلاله بالمجمّع وأهدافه وخدماته، كما دافع عن نفسه في وجه الاتهامات بالترويج للمثلية: “لا يقدّم بشكل قاطع أي خدمات لدعم المثلية أو التشجيع عليها، تلك الأخبار ملفّقة وغير صحيحة”، وأضاف البيان أنّ إدارة المجمّع تعتبر “الصحة حقًا أساسيًا للإنسان… ونحرص على الحفاظ على ثقافة مدينتنا مدينة العلم والعلماء وقيمها”.
وكان النابلسي أكد لـ”المفكرة” أنّ آغا عقد مع الثلاثة “حميد والنابلسي ومراسل همسات” اجتماعًا في تاريخ 18-9-2023، أكد فيه على عدم معرفته بنشاط جمعية “مرسى” وأنّه سيرفع الأمر إلى وزير الصحة للتأكد من أعمالها، وسيقوم بزيارة لمفتي طرابلس لمناقشة الأمر معه، ولم يتسنّ لـ “المفكرة” التأكد من هذه الأخبار كون مدير المجمّع لم يشأْ إجراء أي مقابلة معنا.
من جهةٍ ثانية، استنكر نقيب المستشفيات الخاصّة في لبنان، سليمان هارون في اتصال مع “المفكرة” الاعتداء ووصفه بـ “الهجوم الممنهج”، مضيفًا أنّه “حتى لو كان الاعتداء يطال “المثليين” كما يقولون، فالمستشفيات والطاقم الطبي من واجبه معالجة الجميع، وليس من اختصاصهم تحديد من هو مثلي ومن هو غير ذلك، فلا يمكن حرمان هذا الشخص من حقه في الطبابة بسبب ميوله الجنسية”. وتابع: “نحن ما منفرّق بين مريض ومريض ومش شغلتنا شو بيعمل بحياته الشخصية”، وأضاف أنّهم “بانتظار ما ستؤول إليه الإجراءات الأمنية”. هذا مع العلم أنّ مدير المستشفى عزت آغا أكدّ في إحدى رسائله إلى “المفكرة” عدم تقديم شكوى أو الادعاء على أحد.
وأخيرًا تبقى الأسئلة المفتوحة والمشروعة:
هل كانت الحادثة لتحصل لولا تصاعد خطاب الكراهية والتحريض تجاه الأقليات الجنسية في الآونة الأخيرة من دون أي محاسبة لمروّجيه؟
من يضمن عدم استخدام “دعم المثلية” كغطاء لاستمرار ظاهرة الاعتداءات هذه على مواقع ومراكز أخرى، وبالتالي انتهاك حقوق الأفراد والمرضى؟
وهل باتت “الجريمة” و”التعديات” التي تنفذ بحجة مناهضة المثلية فعلًا مبررًا يتمّ التغاضي عنه بخاصة من قبل وزراء ونقباء مؤتمنين على حقوق الناس وحياتهم؟
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.