أيام تفصلنا عن إصدار الحكم في قضية تهريب 1905 حبة من الحبوب المخدرة من نوع الكبتاغون، والتي تنظر فيها محكمة الجنايات في بعبدا برئاسة القاضي عبد الرحيم حمود. نهار الأربعاء القادم 13 آذار 2019 هو التاريخ المحدد لإصدار هذا الحكم في القضية التي اشتهرت بتسميتها “أمير الكبتاغون”، بسبب أنها تطال الأمير عبد المحسن بن وليد آل سعود. والأخير أوقف قبل نحو ثلاث سنوات ونصف (في تشرين الأول 2015) مع آخر يُدعى يحيى الشمري، بعدما ضبطت بحوزتهما كمية المخدرات المذكورة في مطار بيروت. حينها ظهر عبر آلة السكانر وجود كميات كبيرة من الحبوب المخدرة، كانت معبأة في نحو أربعين صندوقاً موسوماً بملصقات تحمل اسم الأمير عبد المحسن. وكانت تلك الصناديق مجهزة للسفر عبر طائرة خاصة مستأجرة لصالح الأمير، ومتجهة نحو مطار حائل في المملكة العربية السعودية. وعند ضبط الحبوب المخدرة من قبل العناصر الأمنية، تم إيقاف المتهمين أي الأمير والشمري اللذين يمثلان أمام المحكمة.
إذن، تتهيأ محكمة الجنايات لإصدار الحكم، وذلك بعد مسار قضائي سلك طريقه عبر 7 جلسات عُقدت، كانت آخرها جلسة المرافعة بتاريخ 9 كانون الثاني 2019. ومن أبرز ما سيتضمنه الحكم هو تحديد الجهة المسؤولة عن حمولة الكبتاغون. فهل هو الشمري وحده وفق ما يدلي به دفاع الأمير السعودي على أساس أنه ليس له أي علاقة مع الشمري وأنه لم يكن على علم بطبيعة الحمولة؟ أم أن كلا المتهمين مسؤول عن الحمولة؟ فخلال ثلاث سنوات ونصف مرّت على هذا الملف، دأب الأمير منذ اللحظة الأولى، على إنكار علاقته بالحبوب المخدرة ليلقي المسؤولية على الشمري، في حين كان الأخير يُغيّر في إفاداته والتي تضاربت أكثر من مرة. فالشمري أدلى خلال التحقيقات الأولية بأنه يعمل لدى شقيق الأمير وهو عبد العزيز بن وليد بن عبد المحسن آل سعود، ثم نفى الأمر أمام قاضي التحقيق. وفي أول جلسة أمام محكمة الجنايات تراجع الشمري عن إفادته السابقة وأكد على أن عملية نقل الكبتاغون تمت بأمر من الأمير، وتحدث حينها عن ضغوطات نفسية وتهديدات تعرض لها. وسعى وكيل الدفاع عن الشمري إلى إثبات العلاقة المهنية التي تجمع الأخير مع شقيق الأمير. فقام وكيل الشمري بإبراز بطاقة عمل تُثبت عمل الشمري لدى شقيق الأمير. وإذ أحالت المحكمة إلى السلطات السعودية المختصة هذه البطاقة بهددف التثبت من صحتها، جاء كتاب رسمي من هذه السلطات بأنها بطاقة غير صحيحة. وقد رفض وكيل الشمري هذه الإفادة معتبرا أن السطات السعودية تنحاز لصالح الأمير.
الملف فضح تقصير الدولة وإهمالها
تجدر الإشارة إلى أن اجراءات المحاكمة كشف حجما كبيرا من التقصير يقع على الدولة لجهة عدم وجود كاميرات مراقبة على آلات السكانر التابعة لصالون الشرف في مطار بيروت (وهو المكان الذي خرج منه الأمير وتم إخراج بضائعه، الأمر الذي يستشف منه وجود تساهل في التعامل مع الأشخاص الحائزين على الامتيازات الديبلوماسية. وقد أدى ذلك فعليا إلى تعذر تحديد وقائع مرحلة كشف المخدرات في المطار، علماً أنه حضر إلى المحكمة ستة شهود من العناصر الأمنية الذين تواجدوا آنذاك عند نقطة السكانر في مطار بيروت، ليشرحوا وقائع الكشف على حبوب المخدرة. حينها، حصل تضارب في الروايات بين الشهود، فعبر بعضهم عن وجود الأمير عند لحظة كشف الحبوب المخدرة فيما أدلى آخرون بعدم وجوده.
ومن ناحية أخرى، فإن ما لا يمكن إنكاره هو الرفاهية العالية التي ينعم بها الأمير الموقوف في فصيلة بيروت (مخفر حبيش)، الذي تسرب له فيديو في كانون الأول عام 2017 يُظهر الأمير وهو يحتفل بعيد ميلاده على أضواء الشموع والموسيقى. وهنا، تجدر مساءلة الدولة عن هذه المعاملة التي يتلقاها متهم بتهريب نحو طنين من المخدرات، في الوقت الذي يتناوب فيه مساجين على الوقوف والجلوس في زنازين ضيقة لا تتسع لعدد نزلائها، ويتعرضون للأمراض وأحياناً الموت. فهل دفع الأمير أو سواه عنه ثمن احتجازه الفاخر؟ وإذا نعم لمن؟
مقالات ذات صلة:
جديد قضية تهريب الكبتاغون: اهتمام غير مبرر بالموقوف الأمير السعودي
مرافعة في قضية تهريب الكبتاغون: أي وزن لإفادة السلطات السعودية في محاكمة “الأمير”؟