طيلة الأيّام التي أعقبتْ التدابير الاستثنائية التي أعلن عنها رئيس الجمهوريّة قيس سعيِّد في 25 جويلية 2021، لم يدّخر هذا الأخير مناسبة ليذكّر فيها أنّ قراراته لم تخرج عن إطار الشرعيّة الدستورية وأنّه سيكون ضامناً لمختلف الحقوق والحرّيّات التي تضمّنها دستور جانفي 2014. إلّا أنّ حيثيّات الواقع، أثبتت في أكثر من حادثة، توسّع دائرة الانتهاكات التي لم تستثنِ أحداً، سواء من السياسيين أو المحامين أو النوّاب أو حتّى الصحافيين الذين كانوا يحاولون ممارسة مهنتهم في نقل المعلومة وفكّ الضبابيّة التي تكتنف المشهد السياسي العامّ منذ ذلك التاريخ.
وإن كان رئيس الجمهوريّة قد ألغى معظم فصول الدستور إثر إصداره الأمر الرئاسي عدد 117، إلاّ أنّ الفصول المتعلّقة بالحقوق والحرّيّات كانت أولى ضحايا الحقبة الجديدة لتشهد تباعاً انتهاكات من أكثر من جهة وتتحوّل إلى ما يشبه صفّارة الإنذار التي تنبّه من مستقبل سوداوي في ظلّ “الجمهوريّة الثالثة التي يبشّر بها الرئيس وأنصاره”.
الفصل
ملاحظات
اعتداءات/وقائع
الفصل 24: حرّيّة التنقّل
منع أشخاص كثيرين من السفر ووضع آخرين تحت الإقامة الجبرية.
مُنع أشخاص كثيرون (سياسيون، أصحاب أعمال، أقارب سياسيين) من السفر أو تأخير إجراءات سفرهم عبر إخضاعهم لإجراء الاستشارة قبل عبورهم الحدود. أُعلنَ عن وضع أكثر من 50 شخصاً تحت الإقامة الجبرية[1] أبرزهم: أنور معروف (وزير سابق وقيادي في حركة النهضة)، رياض المؤخّر (وزير سابق)، شوقي الطبيب (رئيس هيئة مكافحة الفساد السابق)، راشد الطيّب (رئيس محكمة التعقيب)، البشير العكرمي (وكيل الجمهوريّة السابق)، زهير مخلوف (نائب)، بلحسن بن عمر ولطفي بن ساسي ومفدي المسدي (مستشارون سابقون لدى رئيس الحكومة).
الفصل 26: حقّ اللجوء السياسي
تسليم اللاجئ السياسي الجزائري إلى بلاده.
سُلِّم اللاجئ السياسي سليمان بوحفص إلى بلاده الجزائر في ظروف غامضة، إذ اقتيد في سيّارة مجهولة يوم 25 أوت إلى جهة غير معلومة وتواترت الأخبار بعدها عن مثوله أمام المحكمة في الجزائر لتهم إرهابية[2].
الفصل 27: التمتّع بقرينة البراءة وضمانات المحاكمة العادلة
وضع أشخاص تحت الإقامة الجبرية بقرار من وزير الداخلية بدون أيّ إذن أو قرار قضائي يفضي إلى ذلك، وبدون توجيه أيّ تهم للأشخاص المعنيين ومحاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري. تشويه الخصوم والتلويح باتّهامات بدون وجود أيّ ملفّات قضائية في الغرض، خصوصاً من قِبل رئيس الجمهوريّة.
محاكمة نوّاب (عن ائتلاف الكرامة) محامي (مهدي زقروبة) وإحالتهم على القضاء العسكري خلافاً لما ينصّ عليه الدستور في الفصل 110 الذي لا يخوّل للقضاء العسكري محاكمة المدنيين. الإيحاء بأنّ أشخاصاً قاموا بسرقة المال العامّ (الإشارة إلى وزير المالية السابق ورئيس هيئة مكافحة الفساد)، أو اتّهامهم بالخيانة والعمالة (في إشارة إلى حركة النهضة) من قِبل رئيس الجمهوريّة.
الفصل 29: في ضمانات إجراءات الإيقاف والاحتفاظ
عدم احترام الإجراءات الجزائية بما يعلّق بقرارات الإيقاف والاحتفاظ.
إقرار بطاقة إيداع في السجن للمحامي مهدي زقروبة بدون القيام بالسماعات. في إثر ذلك، قرّر المحامي التحصّن في مقرّ هيئة المحامين، الكائن في مقرّ المحكمة الابتدائية في تونس، رافضاً الإجراءات غير القانونية، فحاصر أعوان الأمن المحكمة فواجههم المحامون بالدفاع عن زميلهم وعدم السماح بتسليمه ممّا دفع القاضي العسكري إلى إلغاء بطاقة الجلب وتصحيح الإجراءات.
الفصل 31: حرّيّة الرأي والتعبير
مضايقات وتحريض ضدّ كلّ شخص يحمل أفكاراً معارضة لقرارات رئاسة الجمهوريّة. توجيه تهم ومقاضاة أشخاص على خلفيّة نشرهم تدوينات.
التحريض ضدّ أساتذة القانون (كالأستاذة سناء بن عاشور) الذين قدّموا قراءة قانونية مغايرة لتلك المقدّمة من قِبل رئاسة الجمهوريّة. تنفيذ عقوبة سجنية ضدّ النائب (ياسين العياري) على خلفيّة تدوينات كان قد نشرها.
الفصل 32: الحقّ في الإعلام وفي النفاذ إلى المعلومة
غلق مكتب الجزيرة بدون توضيح أسباب ذلك. عدم تقديم أيّ معلومات ورفض رئاسة الجمهوريّة الإدلاء بأيّ تصريحات إلى وسائل الإعلام، خصوصاً منها التونسية. اعتداءات أمنية مسلطة على الصحافيين.
أُغلِق مكتب الجزيرة يوم 26 جويلية بدون احترام الإجراءات القانونية أو توضيح أسباب ذلك. التضييق على حرّيّة العمل الصحافي عبر تواتر الاعتداءات على صحافيين وإيقاف آخرين والتحقيق معهم على خلفيّة أعمال صحافية وترهيب آخرين. الأمر الذي أدانته النقابة الوطنية للصحافيين، وقرّرت اللجوء إلى القضاء ومحاسبة المعتدين[3].
الفصل 37: حرّيّة الاجتماع والتظاهر
الاعتداء على المتظاهرين المطالبين بتسريع النظر في ملفّات الاغتيالات.
الاعتداء بالعنف على المتظاهرين المطالبين بفتح ملفّات الاغتيالات من قِبل أعوان الأمن يوم 1 سبتمبر 2021. قوبل الاعتداء برفض واستنكار الحقوقيين والمنظّمات ومطالبة الاتّحاد العامّ التونسي للشغل بفتح تحقيق في الأحداث.
الفصل 40: الحقّ في العمل
انتهاك هذا الحقّ بطريقة غير مباشرة، عبر إصدار قرارات الإقامة الجبرية التي منعت الأشخاص المعنيين من ممارسة حقّهم في التنقّل والعمل. غلق مقرّ هيئة مكافحة الفساد ومنع أعوانها من ممارسة حقّهم في العمل بدون أيّ إذن قضائي وبقرار غير معلّل من قِبل وزير الداخلية في 20 أوت 2021.
نشر هذا المقال في العدد 23 من مجلة المفكرة القانونية – تونس. لقراء مقالات العدد اضغطوا على الرابط ادناه
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.