يكاد المرء في تونس أن يَتثبّت من الروزنامة مرتين حتى يتأكد من كونه في شهر جانفي 2025 وليس جانفي 2005؛ صحفيون وإعلاميون في السجن أو يخضعون لتحقيقات وملاحقات قضائية، ومعارضون سياسيون وناشطون مدنيون مسجونين أو موقوفين ينتظرون محاكمتهم منذ أشهر طويلة، وقائمة طويلة من الممنوعين من السفر، ومعارضون في الخارج يخشون العودة إلى البلاد ومواجهة تتبعات عدلية وأحكام سجنية، وقضاة معزولون، وبرلمان هادئ ومُنسجِم تماما مع السلطة التنفيذية، وحكومة من لون واحد تأتمر قانونيا وعمليا بأوامر رئيس الجمهورية، وبيانات من منظمات حقوقية محلية ودولية تُندّد بالتضييقات على الحريات السياسية والمدنية في البلاد، ورئيس جمهورية منتخب بنسبة تسعينية، وحديث متواصل عن المؤامرات الخارجية وأعداء الوطن، واتهامات للناشطين والمعارضين بالعمالة للخارج، وإعلام يتجنب أغلبه الخوض في الشأن السياسي ويتحاشى البرامج الحوارية أو يستدعى إليها ضيوف من لون سياسي واحد، فيما يُخيّر بعضه التركيز على البرامج الرياضية والترفيهية مع تسويق ما تيسَّرَ من أواني الطبخ ومنتجات التنحيف، إلخ.
يُفترض أن تحتفل تونس في 14 جانفي 2025 بالذكرى 14 لثورة جانفي 2011. لكن تونس الرسمية ألغت هذه الذكرى وعوَّضَتها بما تَعتبره التاريخ الحقيقي للثورة، أي 17 ديسمبر 2010، عندما أضرم محمد البوعزيزي النار في جسده وما تبع ذلك من احتجاجات تعاظم حجمها وأثرها ككرة الثلج. إلغاء ينسجم تماما مع سعي السلطة الحالية إلى تصوير كل ما حصل منذ 14 جانفي 2011 إلى 25 جويلية 2021 كانحراف عن ثورة الفقراء والمناطق الداخلية بمطالبها الاقتصادية-الاجتماعية، واستحواذ نخب وأحزاب “فاسدة ولا وطنية” على المسار وتحويل وجهته بعيدا عن “ما يريده الشعب”. طبعا ما كان لرئيس الجمهورية أن يكون اليوم في منصبه لولا 14 جانفي وما تلاه، سواء من حيث الاستفادة من مناخ حرية العمل السياسي والترشح أو الاستفادة من عثرات المسار وأزماته، لكن هذه مجرد تفاصيل.
يتذكر المرء بحنين مشوب ببعض الألم النقاشات التي سادت في الأيام والأسابيع الأولى التي تلت إسقاط بن علي والحزب الحاكم آنذاك: هل هذه ثورة أم انتفاضة؟ من قادهَا؟ إرادة محلية أم مؤامرات ومخططات أجنبية؟ كيف يمكن القطع مع الماضي؟ نظام رئاسي أم برلماني؟ صياغة دستور جديد أم تنقيح القديم؟ إلخ.
لكن هل كان كل ما حدث ما بين شتاء 2010/ 2011 وصيف 2021 مجرد “مغامرة غير محسوبة” أو حلم أو قوس صغير في تاريخ البلاد تلاشى كل أثر له أو يكاد؟ ربما يُراد لنا أن نعتبره كذلك وأن نستبطِن فكرة أنه كان حدثا عابرا، انتفاضة محلية أو مؤامرة أجنبية فاشلة في أسوء الحالات، و”مجرد ذكريات” حلوة في أفضل الأحوال..
“ولكنها تدور”
يبدو أنه من الضروري أحيانا تنشيط الذاكرة والعودة إلى أصل الحكاية. التغيير الذي حَصلَ في ديسمبر/جانفي 2011 كان أشبه بالحتمية التاريخية، وتوفّرَت له شروط نجاح لم تتوفر لانتفاضات تونسية أخرى. في تلك الفترة من تاريخ تونس تلاقت مصالح عدة طبقات وفئات اجتماعية تقليدية حول ضرورة التغيير: الفقراء والمهمشون في دواخل البلاد والأحياء الشعبية في المدن الكبرى الذين نفذ صبرهم من غياب التنمية والسياسات الليبرالية للنظام، والطبقات الوسطى التي لم يَعد النظام قادر على تشغيل أبنائها ومنحهم مكانا في “المصعد الاجتماعي”، والبرجوازية التي على الرغم من استفادتها من النظام و”العائلة الحاكمة” فإنها كانت تشعر أنها مقيدة وتحت رحمة السلطة وأجهزتها البيروقراطية. هذا “الاتفاق” التاريخي يُشبه نوعا ما حصل خلال معركة التحرر الوطني في خمسينيات القرن الفائت، ولم يصمد بعد ثورة 2011، ومن المستبعد أن يتكرر في المستقبل القريب.
لم تندلع هذه الثورة من فراغ ولم تكن من فعل الأيادي الأجنبية بل منتجًا محليا تماما، وما حصل فيما بعد من تدخل أجنبي واستقطاب من قبل المحاور الإقليمية والقوى الدولية ليس ذنب الثورة ومن شارك فيها وآمن بها. ونظرا لأن أغلب بلدان المنطقة العربية كانت تعيش أوضاعا سياسية واقتصادية مشابهة لتونس فمن الطبيعي أن تُلهِم الثورة التونسية شعوبا أخرى وتمنحها الأمل. مع تجذّر الانتفاضة التونسية، فُتح الطريق أمام سيرورة ثورية متعددة الموجات ومختلفة المآلات في المنطقة العربية. طبعاً لم تكن انتفاضة تونس، وتلك التي ستليها في بلدان عربية أخرى، أولى الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية في تاريخ المنطقة المعاصر، لكن في هذه المرة لم تخترق الجماهير الشارع لمدة ساعات أو أيام قليلة من المواجهات، كما كان غالباً يحدث من قبل، بل “استقرت” فيه لأشهر طويلة وحوّلته نسبياً ومؤقتاً، وبتفاوت من بلد منتفض لآخر، إلى فضاء عام حقيقي للنقاش السياسي والمجتمعي والعمل الثقافي والإبداع الفني.
لن نُكرّرَ كلاما من نوع “الثورة التي أبهرت العالم” والتي “غيّرت تاريخ المنطقة” وغيرها من العبارات الرنانة -التي لا تخلو على الرغم من كل شيء من بعض الصحة- لكن ما وقع في تونس في شتاء 2010 / 2011 ترك أثرا في الإقليم وأعاد تشكيل محاوره ومراكز القوة فيه، وكذلك في العالم. “أثر الدومينو” أو “أثر الفراشة”، سمّه ما شئت، انتقل من المنطقة العربية ووصلت ارتداداته إلى عدة بلدان في مختلف القارات حيث انتشرت كثير من الحركات غير التقليدية (مثل حركة 15 ماي/الغاضبون في إسبانيا، و”احتلوا وول ستريت” في الولايات المتحدة، والسترات الصفراء في فرنسا، إلخ)، والتي واجهت كذلك نفس مآزق الثورة التونسية في منتصف جانفي 2011: ماهي الخطوة التالية؟ من سيأخذ القرار؟ من يحدّد الأولويات؟ من هو الخصم الحقيقي؟
الثورة التونسية سفَّهَت أيضا مستشرقي مراكز البحوث الغربية المشبعة بالإرث الكولونيالي، وحتى بعض “التنويريين” العرب، الذين طالما لمَّحوا إلى عدم توافق طبيعة المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة مع متطلبات النظام الديمقراطي. وأظهر التونسيون في عدة محطات ما بين 2011 و2019، إمكانية انتقال السلطة في بلد عربي من رئيس إلى آخر بدون توريث سلالي أو حزبي- مؤسساتي أو انقلاب أو اغتيالات أو تنصيب من قبل دول أجنبية، وأن سقوط الديكتاتوريات العسكرية والمدنية لا يعني بالضرورة سقوط البلاد تحت الحكم المطلق للتيارات الإسلامية والجهادية، وأن المجتمعات قادرة على التجريب والتعلم من أخطائها وتصويب اتجاهها.
من الظلم والجحود، وحتى انعدام الموضوعية، اختزال عشرية 2011 – 2021 في العمليات الارهابية والاغتيالات السياسية ومظاهر الفساد وإهدار السيادة الوطنية والفشل في صياغة منوال اقتصادي وتنموي مختلف. ومن المغالطة تصوير التدهور الاقتصادي والأمني كنتيجة “منطقية” للثورة. لم تكن عشرية وردية بكل تأكيد، ولا شك أن مسار “الانتقال الديمقراطي” أهملَ بشكل واضح الجذور الاقتصادية-الاجتماعية للثورة، وصحيح أيضا أن سطوة المال السياسي والصفقات الحزبية نَخرَت جسم الديمقراطية الناشئة، وأن عدة أحزاب حاكمة فتحت باب التدخل الفج في الشأن الداخلي أمام المحاور الاقليمية والقوى الدولية. لكنها لم تكن عشرية سوداء أيضا. تلك السنوات، التي تبدو بعيدة جدا اليوم، مَكّنَت من السير أشواطا في طريق محو الأمية السياسية التي فرضتها الديكتاتورية طيلة عقود، وحلّت عقدة ألسنة الناس بعد نصف قرن من سطوة كاتم الصوت، وسمحَت بحصول طفرة إعلامية -كمية على الأقل- وأعطت الفرصة لأقليات أن تعبّر عن نفسها بعد زمن من الإقصاء، وأطلقت النقاش العام في كل المسائل حتى التي كانت تعد تابوهات لا يجوز الاقتراب منها، وخلقَت أرضًا خصبة لازدهار الأنشطة والتعبيرات الفنية، وأغرَت آلاف التونسيين بالانخراط في النشاط الحزبي والجمعياتي، ومنحت كل التيارات السياسية -حتى أقلها شعبية- إمكانية التنظّم والنشاط علنا، وأعادت للتونسيين حقهم في اختيار من يمثلهم ويحكمهم والأمل في أن يكونوا مواطنين لا رعايا.
عن السلطة والمعارضة اليوم
لعل ما هو أخطر من التضييق والتهميش الذي تعيشه أحزاب المعارضة -التي تعارض فعليا وليس أحزاب المساندة النقدية للسلطة- هو تقوقعها تدريجيا في الهوامش التي دفعتها إليها السلطة واستبطانِها فكرة العودة إلى أوضاع ما قبل الثورة. طبعا هناك معارضات وليس معارضة واحدة، لكن أغلبها يعمل بنفس “التكتيكات” حاليا: التكتل في جبهات سياسية-مدنية تضم عدة أحزاب ومنظمات مجتمع مدني ذات طابع حقوقي أساسا. هذا التوجه لديه بكل تأكيد مبرراته مثل توحيد الجهود و”غريزة البقاء” في ظل حالة التضييق على العمل السياسي والملاحقات التي يتعرض لها عدة ناشطون، وكذلك ضعف أغلب هذه الأحزاب ومحدودية عدادها تنظيميا وشعبيا. لكن هل هو “تكتيك” ناجح فعلا؟ تَشكّلَت عدة جبهات خلال السنوات الثلاث الفائتة ثم تشتت واندمجت ضمن جبهات أخرى، كما أنها وجدت نفسها إزاء خلافات قديمة عاشتها المعارضة التونسية في مطلع الألفية الثالثة -خلال السنوات الأخيرة من حكم زين العابدين بن علي- مثل الموقف من الإسلاميين (حركة النهضة بالتحديد) والمشاركة في الانتخابات. ثم هل ستكتفي المعارضة السياسية الحزبية بالجانب الحقوقي في عملها في انتظار عودة “المناخ الديمقراطي”؟ ألن تسعى إلى إعادة بناء هياكلها وصياغة برامجها بهوية سياسية وإيديولوجية واضحة؟
كما تنبغي الإشارة إلى أن هناك مشكل آخر يعاني منه جزء من المعارضة وهو المكابرة والإصرار على أن الأمور كانت مثالية قبل 25 جويلية 2021 -ربما كردة فعل على إصرار السلطة ومناصريها تسمية فترة 2011 / 2021 بالعشرية السوداء- والحال أنها لم تكن -على الرغم من الايجابيات ونقاط الضوء ومؤشرات الأمل- كذلك. لم ينقلب “المزاج الشعبي” فجأة، ونتائج بعض المحطات الانتخابية شاهدة على ذلك، كما يدل على ذلك حصد القائمات المستقلة الجزء الأكبر من الأصوات في الانتخابات البلدية 2018، وتصدّر المرشحين “غير التقليديين” و”الشعبويين” نتائج الدور الأول في الانتخابات الرئاسية وفوزهم بعدد كبير من المقاعد البرلمانية في سنة 2019. هناك إذا أزمة قديمة تفاقمَت عبر السنوات، وجَنَى الرئيس سعيّد ثمارها في 25 جويلية 2021، والاكتفاء بانتقاد السلطة الحاكمة حاليا دون السعي إلى فهم جذور الأزمة وتلمّس سبل الخروج منها ليس الحل الأمثل بكل تأكيد.
تبدو السلطة السياسية في تونس اليوم في وضع مريح نسبيا، في ظل الانسجام الظاهري لأجهزتها الإدارية والأمنية، وموالاة السلطة التشريعية، وخُفوت صوت السلطة القضائية، وحالة “اللامبالاة” الشعبية، وضعف المعارضة السياسية، وانكماش المجتمع المدني، وتحول الإتحاد العام التونسي للشغل إلى ما يُشبه الشَّبَح في المشهد العام وانغماسه في صراعاته الداخلية، وتوخّي أغلب المنظمات الممثلة للفلاحين ورجال الأعمال سياسة الانحناء أمام العاصفة أو الاصطفاف الصريح وراء السلطة. لكن هل هو وضع دائم يمكن الاطمئنان إليه؟
إذا ما افترضنا اليوم أن هناك غالبية شعبية في تونس قابلة بتركّز السلطة في يد شخص واحد ولا ترى في الحريات السياسية والمدنية أولوية، فإنها لا تفعل ذلك بـ”المجان” بل تنتظر مقابلا. لطالما كان هناك “مقابل” و”صفقة” ما في تاريخ تونس المعاصر: بناء الدولة الحديثة ومحاربة الفقر في الستينيات، المصعد الاجتماعي وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى في السبعينيات، الإنقاذ السياسي في آخر الثمانينيات، والنمو الاقتصادي في التسعينيات وبداية الألفية، الخ. فما هي الصفقة التي تقترحها السلطة حاليا؟ التخلص من الإسلاميين قد يكون “مبهجا” أو “مغريا” لبعض الأحزاب وجزء كبير أو صغير من عموم التونسيين، لكنه بعد سنوات سيَفقد جاذبيته. اللعب على وتر الحنين إلى ماضي “خالي من التعقيدات” والصراعات السياسية قد ينجح لبعض الوقت، وكذلك الأمر بالنسبة لسردية “استرجاع هيبة الدولة”. لكن كل هذه العناصر ليست كافية لتأمين صفقة طويلة المدى. كما أن الدوافع الاقتصادية-الاجتماعية لثورة 2011 مازالت قائمة، بل ولعلها تفاقمت أكثر: الاختلال التنموي بين دواخل البلاد وواجهتها البحرية، والفقر، والبطالة، وريعية أجزاء كبيرة من الاقتصاد التونسي.
وربما تكون السلطة واعية بهذا الوضع، لذلك تسعى بشكل دؤوب إلى تصوير سياساتها وبرامجها باعتبارها استرجاعا لروح الثورة واستكمالا لأهدافها وتنقية لها من شوائب “الانتقال الديمقراطي” و”العشرية السوداء”. اتخذت السلطة في الأشهر الأخيرة عدة قرارات وإجراءات ذات طابع اجتماعي تمس الفئات الأكثر هشاشة مثل عملة الحضائر والعاملات الفلاحيات ومنتسبي القطاع الخاص وصغار الفلاحين وذوي الإعاقة والمعلمين والأساتذة المعوضين وغيرهم من ضحايا التشغيل الهش في مؤسسات الدولة وخارجها، لكن مازال الوقت مُبكّرًا للحكم على مدى جدية وتأثير هذه الإجراءات. كما أنه يصعب تخيل معالجة آثار نظام اقتصادي كامل ببضع مسكنات أو ضمادات، دون أن ننسى أن الارتفاع الكبير لنسب التضخم الاقتصادي التي تبتلع كل “المكاسب”. فهل تمضي السلطة قدما في طريق تغيير النمط الاقتصادي السائد في البلاد وتتحمّل الأثمان التي قد تنجرّ عن دفاع فئات نافذة متضررة من مس مصالحها؟ وبعيدا عن كل هذه الحسابات، هل من الضروري فعلا الاستمرار في نهج الصفقات والمقايضات؟
“شغل، حرية، كرامة وطنية” واحد من أبرز شعارات الثورة التونسية، ومن يعتبر نفسه وفيا لهذه الثورة فيجب أن يكون وفيّا لشعاراتها وألا يكون انتقائيا.
قد لا تبدو ثورة جانفي 2011 في أفضل حالاتها اليوم، فهي تُواجَه بكثير من التجاهل والجحود وحتى الشيطنة. لكنها لن تُمحَى من الذاكرة الجماعية، أولا لأنها حدث مفصلي في التاريخ المعاصر للبلاد، وثانيا لأن أسبابها مازالت قائمة وتأثيراتها مازالت حاضرة. لم تَنسَ أجيال من التونسيين أحداث “الخميس الأسود” في جانفي 1978 ولا “انتفاضة الخبز” في جانفي 1984 ولا “انتفاضة الحوض المنجمي” في 2008 وغيرها من المحطات التي انتفضت فيها كامل البلاد أو أجزاء منها دفاعا عن الحق في حياة كريمة. ومازال “شغل، حرية، كرامة وطنية” راهنيا بامتياز.
قد تطول فترة العطالة السياسية التي تعيشها البلاد، في ظل اختلال موازين القوى بين السلطة والمعارضة وعزوف جزء كبير من التونسيين عن المساهمة الفاعلة في الشأن العام، وقد تتغذى من ازدهار الشعبوية والفاشية وغيرها من التعبيرات المناهضة للديمقراطية والحريات في أجزاء كثيرة من العالم. لكن متى كان التاريخ قطارا يسير بسرعة ثابتة على نفس السكة؟ الولادة والأفول والتجدّد هي سنن الكون والحياة والسياسة، ولا مَرد لحتميّة التغيير.