أصدرت محكمة التمييز في تاريخ 25/11/2021 قرارا قضى بنقل التحقيق في القضية التي قدّمها مجموعة من المودعين ضدّ عدد من المصارف من البقاع إلى بيروت، بداعي الارتياب المشروع. وقد صدر القرار عن الغرفة السادسة (برئاسة القاضية رندا كفوري وعضوية القاضيين رولا مسلّم وفادي العريضي) بناء على دعوى قدمها عدد من مدراء المصارف (وهم نعمان أزهري نعمان أزهري[1]، وليد روفايل، سليم صفير، سامر عيتاني، فرانسوا باسيل، غسان عساف، ريا الحسن، رمزي الخوري، عدنان القصار، نديم القصار) ضدّ قاضية التحقيق في البقاع أماني سلامة تبعا لقرارها بتجميد أصول أموالهم.
واللافت أن محكمة التمييز عللت قرارها بشكل خاص بأدبيات “نادي قضاة لبنان” الذي رأسته في فترة 2018-2021، وبشكل خاص البيان الصادر عنه في تاريخ 25/2/2020 والكلمة التي ألقتها باسمه في تاريخ 10/8/2020 بعد أيام من تفجير مرفأ بيروت، وبانسجام قرار الحجز على أصول أموال مدراء المصارف مع هذه الأدبيات. وقد أوضحت المحكمة المقاطع الواردة في هاتين الوثيقتيْن والتي اعتبرتْها مدعاة للارتياب، ومنها أنه “لم يعد خافيا على أحد أن الأزمة المالية التي يواجهها الشعب اللبناني هي وليدة فساد معظم الحكّام ومنظوماتهم القضائية والمصرفية والإدارية والأمنية ويقتضي إصدار قانون بتجميد الأصول المنقولة لكل المسؤولين عن السياسة النقدية” (البيان) وأن “النيابة العامة التمييزية والمالية لم توقف أي مسؤول من الصف الأول منذ تشرين وعقدت تسويات مع المصارف” (الكلمة).
وقد خلصت المحكمة انطلاقا من ذلك إلى اعتبار الارتياب المشروع في حياد القاضية سلامة متحققا انطلاقا من واقعتين:
- تجاوزها موجب التحفّظ الذي “يملي على القاضي عدم الإدلاء بتصاريح علنية موجّهة للجمهور أو مُعدّة للنشر تتعلّق بمواضيع اقتصادية أو مالية أو اجتماعية تضعه في موقف حرج إذا ما طرحت أمامه في نزاع وتجعله يظهر وكأنه غير حيادي”. وقد اعتبرت المحكمة أن هذا البيان مع ما يستتبعه من إخلال بموجب التحفظ يُعتبر صادرا عن رئيسة النادي كما عن أعضاء هيئته الإدارية، ومن دون أن يسأل عنه سائر المنتسبين إليه.
- اتخاذ القاضية سلامة في الدعوى المقامة أمامها وحتى “قبل التحقيق فيها” الإجراء الذي دعا إليه بيان النادي.
انطلاقا من ذلك، يهدّد هذا القرار بفعل تعليله ليس فقط حرية القضاة بالتعبير من خلال توسيع مفهوم موجب التحفّظ وحريّة القضاة بالتجمّع من خلال فرض هذا الموجب على جمعيات القضاة أيضا، ولكنه يهدد أيضا حقّ القضاة بالتفاعل والانخراط في القضايا الاجتماعية والدفاع عنها، وضمنا القضايا الكبرى مثل قضايا الانهيار المالي والاقتصادي والمصرفي. وبذلك يكون القرار في صدد إعادة إنتاج القاضي الصامت والمستفرد والمنعزل عن القضايا الاجتماعية، وهو القاضي الذي يسهل التدخّل في عمله ويصبح استقلاله بالغ الهشاشة. بالمقابل، هو يؤدي إلى إنكار مشروعية بعض ضمانات استقلال القضاء والتي يفترض أن تعزز استقلالية القاضي وحياديته وأن تضعف مجالات الارتياب المشروع فيه.
الحيادية لا تثبت بالصمت
اعتمدت محمكة التمييز تعريفا واسعا جداً لموجب التحفّظ، على نحو يجعله مرادفا لموجب الصمت في المسائل التي “تتعلّق بمواضيع اقتصادية أو مالية أو اجتماعية”، أي عملياً في المسائل التي تشكّل أولوية الشأن العام في لبنان اليوم. ومن المعلوم أن حريتي التعبير والتجمع وإنشاء جمعيات للقضاة شهدتْ تطورا كبيرا على صعيد المعايير الدولية في العقود المنصرمة، ونشأت مفاهيم تكفل للقضاة التمتع بهذه الحريات أسوة بجميع المواطنين[2] مع مراعاة القيود التي تفرضها الوظيفة القضائية، بمعنى أن تكون الحرية هي المبدأ والقيد هو الاستثناء. واستبدل التوجَه الحديث موجب التحفَظ التقليدي Obligation de réserve بواجب أخلاقي وسلوكي ذاتي Devoir de convenance كما نرى في شرعة بنغالور مثلاً[3]، وهو واجب يتصل بكيفية ممارسة حريتيْ التعبير والتجمَع من دون المسَ بمبدأ التمتَع بهما[4]. والتحوَل الحاصل في هذا المجال إنما يعكس سعياً إلى جبه التطبيقات التعسفية لموجب التحفَظ والتي وصلت إلى حدّ تحويله إلى موجب صمت.
ولا يمكن تقييد حريّة التعبير بالنسبة للقضاة[5] كما المواطنين إلا إذا توفّرت 3 شروط: أن يحصل التقييد بموجب القانون[6]، وأن يكون هدفه مشروعاً، وأن يأتي متوافقاً مع مبدأي الضرورة والتناسب (بين التقييد والهدف المرجو منه)[7].
وقد رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن معيار ارتباط القضية أو النقاش ب”المصلحة العامة” أو ب”الشأن العام”[8] يفضي إلى توسيع حريّة التعبير. فلا يعود “من مجال لوضع ضوابط لها في معرض قضايا الشأن العام” بحسب تعبيرها[9]. وقد طبّقت المحكمة الأوروبية ذلك المبدأ تحديداً في ما خصّ حريّة تعبير قاضٍ في قضية Baka c. Hongrie [10]. ونجد المبدأ نفسه مكرّساً في اجتهاد المحكمة الانتر-أميركية لحقوق الإنسان[11].
هذا فضلا عن أن المحكمة الأوروبية اعتبرت أن حقّ القاضي بالتعبير يصبح واجبا عند إشغاله موقعا هاما (رئيس المحكمة العليا)[12]. وهذا ما ينسحب على القاضية سلامة أقله في فترة ترأسها نادي قضاة لبنان (وهذا ما نعود إليه في ما يلي). كما أن الاجتهاد اعتبر أن على عاتق القضاة واجب أخلاقي في التعبير، تحديداً في فترات الأزمات الحادة التي تهدد الديمقراطية أو دولة القانون[13].
توسيع حرية القضاة بالتعبير في معرض ممارستهم حرية التجمّع
لم تميّز محكمة التمييز في معرض تطبيقها لموجب التحفّظ، القاضي الذي يمارس حريّة تعبيره في معرض تجمّع مهني للقضاة. ويقتضي انتقاد هذا التوجّه بشدّة على اعتبار أن ممارسة القضاة لحريّتهم في معرض ممارستهم لحريّة التجمّع تُحتّم توسيع نطاق هذه الحريّة[14].
فما هو الهدف من تجمّع القضاة إن لم يكن تكوينهم قوّة قادرة على اتخاذ المواقف العلنية من القضايا الكبرى، وبخاصة حين يستشرفون تدخلا في القضاء أو تعرضا لأبسط الحقوق، كما حصل في اللحظة التي دخل لبنان فيها تزامناً مع “17 تشرين” وانكشاف الانهيار الكبير الذي تسبّبت به المنظومة الحاكمة؟ وللتذكير، فإن حراكات تأسيس نوادي القضاة وتوسّعها حصلت في أوروبا في سياق تاريخي من الالتزام بمناهضة الأنظمة القمعية والنهوض بأنظمة ديمقراطية[15] كما حصلت في المغرب وتونس بالتزامن مع حراكات اجتماعية تغييرية واسعة في 2011.
أما وأن محكمة التمييز جعلتْ أي تصريح نقديّ عامّ (غير موجه لأشخاص بعينهم) لنادي القضاة حول تعسّف المنظومة السياسية والمصرفية سببا مشروعا لارتياب مدراء المصارف بجميع أعضاء هيئته الإدارية في أي قضية مصرفية، فإنها بذلك تكون في صدد وضع حدود غير مبررة لحريتي التعبير والتجمع.
الدفاع عن المجتمع لا يشكل ارتيابا
فضلا عما تقدّم، اعتمدتْ محكمة التمييز مفهوماً فضفاضاً جداً للارتياب المشروع وتساهلتْ في اعتبار عناصره متحقّقة، حين اعتبرتْ أن مجرّد إعلان القاضية سلامة عن أفكارها بخصوص الانهيار المالي والاقتصادي ومسبّباته يشكل سببا مشروعا للارتياب بها.
فإشكالية الارتياب المشروع تتّصل بمسألة حياديّة المحكمة الناظرة بالقضية والتي هي إحدى أهم ضمانات المحاكمة العادلة[16]. وبالإمكان تعريف الحياد على أنه غياب العداء أو التحيَز أو التعاطف تجاه أي من الطرفين[17]. فالحياد متعلَق بعقلية القاضي وآرائه وأفكاره المسبقة والشخصية تجاه القضية أو الأفرقاء. كما يفرض ألاَ يكون للقاضي مصلحة مرتبطة بالقضية التي ينظر فيها.
وبالطبع، تترجم إشكالية حياد المحكمة بمسألة التأكّد من مدى توفّر معطيات ملموسة قابلة لأن تولّد لدى أحد أفرقاء الدعوى (وهنا رؤساء مجالس إدارة المصارف) ارتياباً مشروعاً بالمحكمة، وذلك بشكل موضوعي، طالما أنه من غير الممكن التثبت مما يضمره القاضي في قرارة نفسه من أفكار ومعتقدات شخصية. وتالياً، لا يكون الشكّ أو الارتياب وحده كافياً، بل يقتضي أن يترافق بصفة “المشروعية”[18]، أي بعناصر تسمح بالتثبت الموضوعي من توفّر “رأي مسبق بالقضية أو الأفرقاء”. بمعنى آخر، يتمتّع القاضي بقرينة حياده حتى إثبات العكس من خلال معطيات موضوعية[19]. وهذا تحديداً ما أخفقت محكمة التمييز في تحقيقه، بحيث فشلتْ في إعطاء تعليل سليم يسمح باعتبار الارتياب المحيط بالقاضية، متّسماً ب”المشروعية”.
فلا تتوفّر في تعليل محكمة التمييز معطيات موضوعية كافية لتثبيت وجود – لدى القاضية سلامة – “رأي مسبق في القضية قيد الحكم”، وذلك بالنظر إلى عاملين:
– أن انتقاد سلامة بصفتها رئيسة نادي القضاة “جهات عدّة” (ولم تحدّدها المحكمة في تعليلها) فضلا عن تمنّع النيابة العامة التمييزية والمالية عن إيقاف أي “مسؤول من الصف الأول” منذ تشرين وعقدها تسويات مع المصارف (في إشارة إلى محضر الإجتماع بين النائب العام التمييزي غسان عويدات وجمعية المصارف في 10/3/2020) إنما يشكّل انتقادا للتدخلات الحاصلة في القضاء وتقاعس النيابة العامة عن ملاحقة الجرائم الخطيرة كالجرائم التي تسببت في الانهيار. ويشكل هذا الانتقاد دليلا على حرص القاضية والنادي على استقلالية القضاء ووظيفته في الدفاع عن المجتمع وهو أمر يؤكّد حياديتها وحرصها على الصالح العام ويناقض قول المحكمة بتوفّر أسباب الارتياب المشروع بحقها. وما يزيد من قابلية تعليل المحكمة للانتقاد هو أنها لم تقدم أي دليل على ماهية هذه “الجهات” التي انتقدتها ولا على مدى ارتباطها برؤساء مجالس إدارة المصارف (الذين يدّعون الارتياب بالقاضية).
– أن دعوة نادي القضاة إلى “إصدار قانون بتجميد الأصول المنقولة لكل المسؤولين عن السياسة النقدية” تعكس رأي النادي بكيفية حماية المجتمع وضمان توزيع الخسائر بصورة عادلة تطال بشكل رئيسي من تسبب بها. وهو رأي رائج وعقلاني يستشرف سبل حل الأزمة ومسبباتها. وعليه، هنا ايضا أخطأت محكمة التمييز حين اعتبرت أن هذا التصريح ينمّ عن رأي مسبق تجاه المصارف وأن التدابير التحفظية التي اتخذتها سلامة بتجميد أصول بعض رؤساء مجالس إدارة مصارف استناداً إلى الصلاحية المناطة بها بموجب 598 أ.م.م معطوفة على المادة 6 من القانون نفسه، يأتي تلبية للمطالبة المذكورة والصادرة عن النادي.
وينطوي إذا قرار محكمة التمييز على مفهوم فضفاض جداً للارتياب المشروع، بحيث يصبح أي انتقاد لأي “جهة” كافياً لاعتباره رأياً مسبقاً وسببا للارتياب المشروع بالقاضي، من دون حاجة إلى تحديد ارتباط الموقف هذا بالقضية موضوع الدعوى أو بالأفرقاء فيها. ويفضي بالنتيجة مفهوم الارتياب المشروع الفضفاض هذا إلى تضييق حريتيْ التعبير والتجمّع للقضاة بشكل غير مبرر.
وعليه، فإن ذهاب المحكمة في هذا المنحى لا يستقيم مع ما سبق وبيّناه وهو قرينة حياد القاضي ما لم تثبت معطيات موضوعية وملموسة على العكس. كما أن ذلك لا يستقيم مع ماهية الحياد. فكما يقول أحد الفقهاء: الحياد ليس عدم وجود أية آراء شخصية لدى القاضي – وضمنه آراء سلبية أو انتقادات- أو تجرّداً طوباوياً، بل ما يحتّمه الحياد هو عدم وجود “رأي مسبق”، أي رأي غير قابل للتغيير مهما حصل من نقاش قانوني في الدعوى. [20]
[1] الذي أكّد في طلب نقله الدعوى للارتياب المشروع أنه لا يرأس مجلس إدارة مصرف.
[2] هذا ما يؤكَده المبدأ 4.6 من شرعة بنغالور للأخلاقيات القضائية، كما المادة 8 من المبادئ الأساسية للأمم المتحدة
[3] عن هذه النقطة انظر سامر غمرون ونزار صاغيّة، التحرّكات القضائيّة الجماعيّة في لبنان، في”حين تجمّع القضاة” (دراسة مقارنة لبنان، مصر، تونس، المغرب، الجزائر، العراق)، ص. 78. كفلت وثيقة بنغالور للأخلاقيات القضائية في المبدأ الرابع منها وهو مبدأ اللياقة وتحديدا في الفقرة 4.13 منه بوضوح أن هذا المبدأ يتضمّن حق القاضي بالانضمام أو بتشكيل نقابة أو أية جمعية أخرى من هذا النوع، تمثَل مصالح القضاة.
[4] المبادئ الأساسية للأمم المتحدة (المادة 8 و9)؛ فقرة 1.7 من الشرعة الأوروبية حول نظام القضاة
[5] V. Rapport du rapporteur spécial sur l’indépendance des juges et des avocats, A/HRC/41/48, 29 avril 2019, par. 37s.
[6] CEDH, N. F. c. Italie (requête no 37119/97), arrêt du 2 août 2001, par. 24 à 32 ; et Maestri c. Italie (requête no 39748/98), arrêt du 17 février 2004, par. 30 à 42.
[7] CEDH, Baka c. Hongrie (requête no 20261/12), arrêt du 23 juin 2016, par. 158.
[8] V. Répertoire de droit pénal et de procédure pénale, Vo Diffamation, no 320-321.
[9] V. not. CEDH 25 avr. 2006, Dammann c/ Suisse, req. no 77751/01. – CEDH 15 févr. 2005, Steel et Morris c/ Royaume-Uni, req. no 68416/01); CEDH 15 juill. 2010, Roland Dumas c/ France, req. no 34875/07. – Adde CEDH 8 juill. 1999, Sürek c/ Turquie, req. no 26682/95 : “Pour apprécier la nécessité de l’ingérence […], la Cour rappelle que l’article 10, § 2, de la Convention ne laisse guère de place pour des restrictions à la liberté d’expression dans le domaine du discours politique ou de questions d’intérêt général”.
[10] Baka c. Hongrie préc., par. 171 et 175. V. égal. Kudeshkina v. Russia préc., par. 94. « [L]a position du requérant et ses déclarations relevaient manifestement d’un débat sur des questions d’intérêt général. Il en résulte que la liberté d’expression du requérant devait bénéficier d’un niveau élevé de protection et que toute ingérence dans l’exercice de cette liberté devait faire l’objet d’un contrôle strict, qui va de pair avec une marge d’appréciation restreinte des autorités de l’État défendeur ».
[11] López Lone et al v. Honduras, arrêt du 5 octobre 2015, par. 157 et 165. « [L]a protection légitime des principes d’indépendance et d’impartialité judiciaires ne pouvaient reposer sur l’idée qu’un juge soit tenu de garder le silence sur les questions publiques“
[12] V. Baka c. Hongrie, préc., par. 168. V. égal. CEDH, Wille c. Liechtenstein, (requête no 28396/95), arrêt du
28 octobre 1999, par. 64.
[13] V. ONUDC, Commentaire des Principes de Bangalore sur la déontologie judiciaire, par. 140; López Lone préc. (par.148, 153 et 174)
[14] هذا ما تؤكد عليه بشكل خاص المواثيق الدولية في المبدأ رقم 9 من المبادئ الأساسية، والمبدأ 12 من الشرعة العالمية للقاضي، والمبدأ IV من توصية لجنة وزراء المجلس الأوروبي رقم R(94)12 والفقرة 25 من توصية لجنة وزراء المجلس الأوروبي رقم R(2010)12، والفقرة 1.7 من الشرعة الأوروبية حول نظام القضاة.
[15] V. É. Alt, Les organisations de magistrats en Europe : une histoire politique, Les cahiers de la justice 2016, no 3, p.465.
[16] V. S. Guinchard, Répertoire de procédure civile, Vo Procès equitable.
[17] V. Dictionnaire de droit international public, éd. Bruylant, Belgique, 2001, Vo Impartialité : « l’absence de parti pris, de préjugé et de conflit d’intérêt chez un juge, un arbitre, un expert ou une personne en position analogue par rapport aux parties se présentant devant lui ou par rapport à la question qu’il doit trancher ».
[18] V. Répertoire de procédure civile, Vo Récusation et renvoi, no 40.
[19] J. Van Compernolle, note ss Crim. 13 janv. 2015, JCP 2015, p. 222. [Cette] approche objective est « parfaitement logique dans la mesure où – le “for intérieur” du juge étant évidemment impénétrable – la présomption d’impartialité dont il bénéficie ne peut être renversée que par des circonstances concrètes de nature à susciter dans le chef d’une des parties un doute légitime quant à l’aptitude du juge à traiter l’affaire dont il est saisi avec impartialité, à savoir en l’absence de tout préjugé défavorable ou favorable à l’encontre d’une des parties
[20] M.-A. Frison-Roche, L’impartialité du juge, D. 1999. 54 « L’impartialité, qu’elle soit objective dans l’organisation de la juridiction ou subjective dans le comportement du juge particulier, consiste non pas à cesser d’avoir des opinions plus personnelles ou de parvenir à une sainte désincarnation mais plus simplement à être apte à être convaincu par un fait, un argument, une interprétation juridique qu’une partie va proposer au juge. Ainsi, ce que l’impartialité interdit, ce n’est pas d’avoir une opinion, c’est de ne pas vouloir en changer, d’être dès le départ hors de portée du débat ».