مساء الثلاثاء 25/8/2015، تعرض الناشط أيمن مروة لاعتداء وحشي على أيدي القوى الأمنية التي قامت بإعتقاله الى جانب نحو خمسين آخرين تم توقيفهم بشكل عشوائي بعدما أوسعوا ضرباً خلال اعتصام نظمته حملة "بدنا نحاسب." وفور إطلاق سراحه، عقد مروة مؤتمراً صحافياً نهار الأربعاء عند الساعة الثانية عشر ظهراً في ساحة رياض الصلح شرح خلاله ملابسات ما جرى معه ومع الاخرين. واعتبر ان القوى الأمنية تصرفت معهم كما الإرهابيين لمجرد أنهم نزلوا الى الشارع للمطالبة بأبسط حقوقهم وهو العيش بكرامة في وطنهم.
وعما جرى معه قال:" عندما اعتدوا علي كنت أحاول أن أحمي المتظاهرين وأن أقف حاجزاً بين القوى الأمنية وبينهم كي لا يصبح هناك اعتداءات متبادلة. أنا قيادي في "اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني"، وأحد منسقي حملة "بدنا نحاسب" ونعمل على التنسيق مع كافة الحملات من اجل هذه التظاهرات. كنت طوال الوقت أؤكد لقوى الأمن الداخلي أنني جزء من التنظيم ولكن هذا الأمر لم يردعهم عني. بالأمس كان الإعلام يصور كيف كنت من جهة أمسك الحاجز بين قوى الامن الداخلي والمتظاهرين ومن جهة اخرى أحمل مكبر الصوت وأدعو المتظاهرين للتراجع عن قوى الأمن على إعتبار أن معركتنا ليست معهم وانما مع السلطة التي لا تؤمن حتى الحد الأدنى للعيش الكريم للمواطن اللبناني بكل أطيافه وأحزابه السياسية ومناطقه".
وتابع:" لم تكن القوى الامنية على استعداد لأن تستمع لأحد فقد كانت غاية الضرب حاضرة لديهم لفك هذا التحرك ومنعه من الاستمرار… فتم الاعتداء علينا بوحشية لردعنا، ولكن نحن نؤكد أن الاعتصامات والتظاهرات مستمرة ولن تتوقف. نحن أقوى كمواطنين فالشعب هو السلطة وليست الحكومة ولا الوزير المشنوق المسؤول عن قرارات الاعتداء على المتظاهرين".
ورفض مروة الحديث عن وجود مندسين في جميع التحركات المطلبية الحاصلة معتبراً ان كل ما يحصل هو نتيجة احتقان يعاني منه المواطن اللبناني منذ زمن وقال:"ان اي أحد يتحدث عن وجود مندسين يكون بصدد إيذاء هذه التظاهرات عن سابق اصرار وتصميم. نحن اردنا ان نثبت لهذا النظام الذي عاث فساداً في وطننا والذي لم يدرك معنى ادارة الشأن العام للمجتمع بأننا على استعداد للتضحية بأنفسنا من أجل حقوقنا ومطالبنا".
وأضاف: "لقد وضعنا هذا النظام أمام معادلتين إما المطالب والحقوق وإما الاستقرار والأمن على اعتبار أنه لا يمكن أن يدمج الاثنين مع بعضهما. وقد أثبت بالأمس أنه يخشى أي حراك شعبي سلمياً كان أم تصعيدياً. كما يخشى ان ينزل المواطنون الشرفاء الذين يعانون من ويل الفساد الذي تمارسه السلطة الى الشارع لاستعادة جزء من كرامتهم وحقوقهم فعمل على الاعتداء عليهم".
وشدد مروة على انه و"اتحاد الشباب الديمقراطي" سيتقدمون بدعوى ضد من اعتدى عليهم وقال: "سنقوم برفع دعوى على كل من تعرض لنا بالاعتداء من قوى الامن الداخلي وبكل الاحوال هناك كاميرات ومعروف من قام بالاعتداء الوحشي علينا. كما ندعو جميع المتظاهرين الذين تعرضوا الى مثل هذه الاعتداءات ان يخطوا نفس الخطوة ويتخذوا نفس القرار من اليوم سوف نحاسب ومن غير مسموح ان تمر بعض الامور دون حساب".
وكان وزير الصحة وائل أبو فاعور قد طلب من جميع المستشفيات استقبال الجرحى على نفقة الوزارة بعيد الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون في 22/8/2015 على أيدي القوى الأمنية في ساحة رياض الصلح. الا أن مروة في مؤتمره أشار الى ان بعض المستشفيات لاسيما مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت تطلب من الجرحى بدل علاج وقد ناشد مروة وزير الصحة معالجة الأمر لأن معظم الجرحى هم من الفقراء الذين يعجزون عن تكبد تكاليف العلاج في المستشفى الحكومي فكيف بسواه".
وفي الختام أكد مروة المطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين واستمرار التحركات المطلبية داعياً تكثيف الحشد من أجل الاعتصام الذي دعت اليه حملة "طلعت ريحتكم" نهار السبت 29/8/2015.
وفي حديث الى "المفكرة القانونية"، استطرد مروة في شرح ما جرى معه فقال:"تعرضت للضرب المبرح على رأسي حيث احتجت الى عدة "قطب" في الرأس وفي باقي أنحاء جسدي ثم ساقوني الى فصيلة طريق الشام حيث بقيت رهن التحقيق لما يزيد عن الساعتين وانا واقف على رجلي رغم النزيف الذي كنت اعاني منه حتى كدت ان أغيب عن وعي. فسمح لي بالجلوس لأتابع التحقيق وأنا أعاني من الدوار ليتم طلب الصليب الأحمر في النهاية ويجري نقلي الى المستشفى". هذا وقد بدت آثار الضرب المبرح على رأس أيمن كما غطت الكدمات أنحاء جسده حيث قام بعرضها أمام وسائل الإعلام.
ثم تحدث المحامي مازن حطيط الذي كلفته الحملة الى جانب مجموعة من المحامين بمتابعة ملفات الموقوفين فقال: "بالأمس بعد ان بلغت القوى الامنية انتهاء التحرك على التلفزيونات فوجئنا كيف تمّ اعتقال الشباب على نحو تعسفي بعدما انهالت عليهم بالضرب. وقد حاولنا التواصل مع المعنيين ولكن أحدا لم يعطينا أسماء الشباب الذين أوقفوا او أماكن وجودهم فأمضينا الليل ندور على الفصائل والمخافر. وقد ركزنا بداية على الموقوفين الذين تعرضوا لاعتداءات جسيمة لاسيما ان القوى الامنية لم ترسلهم الى المستشفيات بل قامت بتضميد جراحهم سريعا على الأرض. والبعض الآخر تحول الى المخافر رغم النزيف الذي يعاني منه وهناك اناس أغمي عليهم. وتحت ضغط الاعتصام الذي نظمته مجموعة من الشباب أمام المخافر، أجبرت القوى الامنية على طلب الصليب الاحمر للكشف على الجرحى وتحديد وضعهم".
وتابع: "وقد وجهت الى الموقوفين مجموعة من التهم الا وهي إثارة الشغب ومواجهة القوى الأمنية والاشتباه بالتعاطي. لقد وصلت الدولة الى حد تركيب ملفات على اشخاص ذنبهم الوحيد أنهم مناضلون نزلوا للمطالبة بحقهم".
وعن وضع الموقوفين قال:"هناك مجموعة منهم لا يزالون بثكنة الحلو ومفوض الحكومة أعطى الاشارة بالابقاء عليهم موقوفين الى حين اعطاءه إشارة أخرى وهذا الأمر ان كان يشير الى أمر فهو محاولة الضغط على التحرك المزمع إقامته عند الساعة السادسة مساء. نحن مطالبين بتوسيع إطارنا القانوني وضغوطاتنا الشعبية ان كان أمام الفصائل أو السلطات القضائية للافراج عن الشباب لأن المطلوبين معروفين والمخلين بأمن البلد معروفين والإرهابيين معروفين لذا فليدعوا المتظاهرين يعبرون عن رأيهم".
ولفت الى ان عدد الموقوفين يتراوح بين الخمسين الى الستين شخصاً 19 واحد منهم موجودون في ثكنة الحلو بينما هناك على الأقل أربعة أشخاص مفقودين علما أن سياراتهم لا تزال مركونة في مكانها وهواتفهم مقفلة.وتلا المؤتمر الصحافي وقفة تضامنية أمام ثكنة الحلو نفذتها مجموعة من الناشطين وذلك للضغط على السلطات المعنية من أجل الإفراج عن جميع الموقوفين.
وفي المساء نظمت حملة "بدنا نحاسب" مسيرة انطلقت من ساحة رياض الصلح بإتجاه مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت حيث يتلقى الشاب محمد قصير العلاج بعد تعرضه لإطلاق نار في رأسه من قبل القوى الأمنية اثناء تظاهرة الأحد 23/8/2015، وقد أكدت الحملة: "أن لا عدد نهائي للذين لا يزالون موقوفين إثر التظاهرة" كما أكدت استمرار التحركات المتواصلة.
وتزامن ذلك مع قيام حملة "طلعت ريحتكم" بإضاءة الشموع أمام الاسلاك الشائكة في رياض الصلح تضامناً مع جرحى التحركات.
وفي مقابل كل التحركات الشعبية واستمرار التوقيفات بحق العديد من الناشطين عقد في مقر "المفكرة القانونية" اجتماعاً ضم عدد من المحامين الذين تطوعوا من أجل الدفاع عن سجناء حرية الرأي والتعبير. وبالمحصلة تم في ختام اللقاء تشكيللجنة من المحامين للدفاع عن المتظاهرين مع وضع خط ساخن في تصرف المتظاهرين يعمل على مدار الساعة وهو 78935579.
اذاً لا تنفك السلطات اللبنانية تفاجئ المواطنين بمدى احترامها للقانون والدستور وقبل ذلك بمدى احترامها للانسان كقيمة. فمنذ انطلاق التحركات المطلبية بقيادة أطياف من الشعب اللبناني والبعيدة عن كل الانتماءات السياسية والطائفية المعتادة، سقطت ورقة التين عن هذه السلطة بطريقة التعاطي الإجرامي مع متظاهرين عزل سلاحهم الكلمة وربما "كرتونة" تحمل أفكارهم. لقد أسقطت الدولة اللبنانية ممثلة باجهزتها الأمنية بمختلف أشكالها كل المفاهيم التي حفظناها عن حرية الرأي والتعبير والديمقراطية وحق التظاهر في لبنان. فأمسينا في بلد تديره سلطة ديكتاتورية تمارس قمعية وحشية ممنهجة ضد كل أصحاب الرأي بهدف فرض خيارين أحلاهما مرّ إما الموت اختناقاً بفسادها وإما الموت في ساحات ثورة الحق والكرامة.
الصورة من أرشيف المفكرة القانونية تصوير علي رشيد