التضامن الجميل في دير الأحمر لا يحجب معاناة التهجير: مساعدات شحيحة وخوف من ثلوج الشتاء وحصاره


2024-11-06    |   

التضامن الجميل في دير الأحمر لا يحجب معاناة التهجير: مساعدات شحيحة وخوف من ثلوج الشتاء وحصاره
نازحون ينشرون غسيلهم على كومة حطب

كانت نرجس حسن، ابنة بوداي، إحدى بلدات قضاء بعلبك، قد أقامت بنتيجة عملها السابق في مجال التدريب، علاقات متينة مع نساء عديدات من بلدة دير الأحمر. مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، وفي قلبه، البقاع منذ 23 أيلول 2024، وخصوصًا محافظة بعلبك الهرمل، بلغت حصّة بوداي، أكثر من 50 غارة إسرائيلية حصدت نحو 50 شهيدًا ثلثهم من الأطفال على الأقلّ. وعليه، اتصلت كارلا، ابنة دير الأحمر بنرجس، صديقتها، وقالت لها “جيبي اولادك وتعي لعنّا”، وذلك قبل يومين من تهديد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي مدينة بعلبك ومحيطها الأربعاء في 30 تشرين الأول 2024، بالإخلاء. لبّت نرجس دعوة كارلا مصطحبة طفلتها ميرنا (8 سنوات) وطفلها حسين (4 سنوات) وانضمّت إلى أكثر من 12 ألف نازح سبقوها منذ 23 أيلول المنصرم إلى منطقة دير الأحمر.

يوم تهديد بعلبك وصل صفّ السيارات “على خطين” مدينة الشمس بدير الأحمر “كان في مئات السيارات ووصل إلى المنطقة (منطقة دير الأحمر) أكثر من 40 ألف نازح من بعلبك ومحيطها”، كما يؤكّد رئيس بلدية دير الأحمر، كبرى بلدات اتّحاد بلديات دير الأحمر، لطيف القزح، لـ “المفكرة”.

مع ازدحام الطرقات بالقادمين هربًا من القصف الإسرائيلي، خرجت كارلا ونرجس لتفقّد القادمين: “لقينا تحت بيتنا شي 22 سيارة مليانين نساء وأطفال عم يبكوا”. تقول كارلا لـ “المفكرة”. على الفور جمعت كارلا بمساعدة نرجس النساء والأطفال وعددهم 29 فردًا وصعدتا بهم إلى منزلها: “ما كان ممكن نتركهم بالشارع”، فيما نام الرجال في السيارات. مع امتلاء المنزل وكثرة العدد، انتقلت نرجس مع طفليها إلى بيت جارة كارلا، وهي صديقتهما المشتركة أيضًا: “قالت لي بلا ما أحشركم أكتر بعد، هيك بترك محلّنا للناس لـ إجوا هلأ”، وهكذا حصل.

صباح اليوم التالي، مرّت نرجس بكارلا لتخبرها أنّها ستغادر إلى منزل صديقة لها في زحلة “دير الأحمر عم تستقبل كتير ناس وأنا قادرة دبّر حالي”. تقول كارلا إنّها حاولت ثني نرجس عن قرارها بدون جدوى “كانت بتستثقل كتير تقعد عند حدا، أنا بعرفها منيح، كانت متضايقة كتير من النزوح”.

قالت نرجس إنّها ستمرّ ببوداي لكي تأخذ بعض الثياب لطفليها: “وبحمّمهن كمان بالبيت”، وراحت. ما إنْ وصلت العائلة إلى المنزل في بوداي حتى استهدفها الطيران الحربي الإسرائيلي بغارة دمّرته على رؤوسهم وأردتْهم شهداء، أبادت العائلة كاملة الزوج والأم والطفليْن.

رحلت نرجس عن دير الأحمر لأنّها لا تُحب النزوح عن بيتها، ولكي تُخلي المكان للنازحين قسرًا من قضاء بعلبك تحت نار التهديد الإسرائيلي للمنطقة ولا يملكون خيارات أخرى. واستمرّت كارلا، كما معظم أهالي الدير باستقبال مزيد من النازحين مع كل تصاعد للعدوان الإسرائيلي على المنطقة “بقيوا عنّا 29 ست مع أطفالهن تلات أيام وبعدها دبروا حالهن وفلّوا، ومع كلّ موجة نزوح جديدة بيرجع البيت بيتعبّا، ما فينا نترك الناس بالطرقات”، تقول كارلا بصوت حزين على صديقتها، وعلى ما يعانيه جيرانها “هودي جيراننا وما فينا نتركهن بهالظروف”.

تعبّر كارلا عن حال منطقة دير الأحمر التي تضمّ 9 بلدات لديها بلديّات هي دير الأحمر، بتدعي، شليفا، بشوات، برقا، القدام، نبحا، الزرازير وعيناتا، و4 قرى تتمثّل محليًا بمجالس اختيارية هي مزرعة بيت أبو صليبا، مزرعة السيد، مزرعة بيت مطر وسطرا، أي 13 بلدية وقرية، تتقاسم منذ 23 أيلول الماضي، تاريخ التهديد الإسرائيلي لمنطقة البقاع بالإخلاء، احتضان النازحين عن بلداتهم وقراهم قسرًا.

يقول رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر جان فخري لـ “المفكرة” إنّ الاجتماعات الأولى التي عقدها الاتحاد مع غرفة الكوارث المنبثقة عن خطة الطوارئ قبل عام من اليوم، قدّرت نزوح 2000 نسمة إلى بلدات وقرى الاتحاد، “وفي أسوأ الاحتمالات قالوا ممكن يرتفع الرقم إلى 3000″، ليضيف “الدولة وضعت تقديرًا انطلاقًا من تجربة حرب 2006 وطلع التقدير كتير بعيد عن واقع اليوم”.

في 23 أيلول 2024، ومع توسّع العدوان الإسرائيلي على لبنان وتهديد سكان منطقة البقاع وخصوصًا محافظة بعلبك الهرمل بالإخلاء، بدأ النازحون بالوصول إلى دير الأحمر. فتحت البلدة، المتوسطة الرسمية فيها، وفق قرار وزارة التربية، وامتلأت مباشرة “فتحنا الثانوية وتعبّت، فتحنا المعهد الفني (مهنية الدير) ووصل فورًا إلى سعته القصوى”. 

وصل إلى الدير يومها، ألف نازح، وُزّعوا على مدرسة شميس برقا الرسمية ومتوسطة بشوات الرسمية ومتوسطة شليفا الرسمية، إضافة إلى المدارس الثلاث في دير الأحمر. وفي 24 و25 و26 أيلول الماضي، توالى النازحون قسرًا مع تصاعد القصف على بعلبك الهرمل حتى وصل عددهم إلى نحو 12 ألف نازح من بينهم 2048 نازحًا ونازحة في مراكز الإيواء منهم 957 نازحًا في مراكز بلدة دير الأحمر وحدها. ويضمّ النازحون في مراكز الإيواء في المنطقة 558 طفلًا وطفلة من عمر يوم إلى 17 عامًا، و24 شخصًا من ذوي الإعاقة، و791 امرأة بالغة، بينهنّ 91 سيّدة فوق الستين عامًا، و14 حاملًا، وفق أرقام مكتب نائب المنطقة د. أنطوان حبشي. 

ومع امتلاء مراكز الإيواء الرسمية، فتح أهالي منطقة دير الأحمر منازلهم ومنازلهنّ للنازحين من دون أي مقابل. كما احتضنتْهم قاعات الكنائس والأديرة، فيما سجّلت المنطقة أدنى نسبة تأجير تراوحت حول 5 % أو أكثر قليلًا، وبأسعار مقبولة في وقت استعرت فيه بدلات الإيجار بطريقة استغلالية في غالبية المناطق اللبنانية: “هودي أهلنا وجيراننا، أقل الواجب نحطّهم بقلوبنا”، هي الجملة التي يستهل بها حديثهم المسؤولون في منطقة الدير من النائب حبشي إلى رئيس الاتحاد جان فخري، إلى رئيس بلدية دير الأحمر، كبرى بلدات الاتحاد لطيف القزح، إلى رجال الدين في الأديرة والكنائس وصولًا إلى أهالي البلدات والقرى والمغتربين من أبنائها، ومعهم محازبون في القوات اللبنانية، الحزب السياسي الأقوى في المنطقة، والذين ينخرطون عبر منسقية دير الأحمر في أعمال إغاثة النازحين. في المقابل، اقتصرت مساهمة هيئة الطوارئ الرسمية لغاية الساعة على إرسال شاحنتي مساعدات عبر طريق بشري بعد تنسيق مرورها مع الجيش اللبناني تفاديًا لقصفها، وتوزّعت المساعدات على المواد الغذائية وتلك المرتبطة بالنظافة.

نرجس وعائلتها الشهيدة

12 ألف نازح في حضن دير الأحمر.. ولكن

هذه الصورة الجميلة عن احتضان منطقة دير الأحمر بكلّ بلداتها وقراها النازحين، حيث تقاسم مضيفوهم حتى مؤونتهم الشتوية معهم،  يقابلها واقع أليم لدى الغوص في واقعهم: نقص حاد في المساعدات: من غذاء تقتصر وجباته على الغداء في 24 ساعة، إلى افتراش بلاط مراكز الإيواء بالكاد تردّ صقيعه فرش الإسفنج الرقيقة المتوفّرة، وبعضها من دون غطاء، وحرامات رقيقة، لا حصيرة أو بساطًا أو سجادة، لا ليتر مازوت للتدفئة، تقنين حاد في الكهرباء حيث لا تتخطى التغذية الساعة والنصف ليلًا، وفق حبشي. حليب بـ “القطارة” للرُضّع وكذلك الحفاضات، ولا حفاضات لمن يحتاجها من المسنّين، لا مياه ساخنة للاستحمام وبعضهم لم يستحم منذ 15 يومًا، ومياه الشفة غير متوفرة بشكل دائم. كما يفتقرون أحيانًا لمياه الخدمة حتى في المراحيض. بعض هؤلاء ترك منزله تحت القصف بالملابس “لـ علينا”، كما قالوا لـ “المفكرة”، وبالتالي لا ملابس شتويّة تدفئهم. نحن نتحدث عن منطقة تلتحف سفح جبل المكمل الذي تعلوه أعلى قمم لبنان (القرنة السوداء 3088 مترًا) ويتراوح ارتفاع بلداته وقراه عن سطح البحر بين 1000 و1620 مترًا، وهي من المناطق التي يداهمها الصقيع قبل غيرها خصوصًا مع بواكير الثلوج التي كلّلت المكمل ليل الأحد الإثنين.  

ومع ذلك يحمد هؤلاء الله على وجود سقف فوق رؤوسهم، ونافذة يقفلونها في وجه الريح الباردة التي اشتدت مؤخرًا. ويتلو نازحو مراكز الإيواء وقاعات الكنائس فعل الحمد عندما يقارنون أنفسهم بنحو 40 عائلة ما زال أفرادها في العراء أو في سياراتهم من دون إيجاد سقف يظلّلهم أو جدار يردّ عنهم الهواء البارد. وساكنو العراء يدفعون أيضًا سكان المنازل قيد الإنشاء من دون نوافذ، ولا “توريق” جدرانها، ولا مراحيض وبعضها بلا مياه حتى، على حمد الله أيضًا، كما يقول ابن شعث النازح اسماعيل العايق إلى بلدة القدام في منطقة دير الأحمر لـ”المفكرة”. “كتّر خيرهم عطونا حتى البيوت يللي بعدها ع العضم، بعدما امتلأت بيوت الأهالي بالنازحين، أحسن ما ننام بالشارع أو بالباحات أو تحت الشجر، ع القليلة في سقف فوق راسنا”، يؤكد.       

هذه المعلومات التي عاينتها “المفكرة” على الأرض، يحوّلها المسؤولون والعاملون في إغاثة النازحين في منطقة دير الأحمر، ومعهم النازحون إلى مطالب يرفعون الصوت بها عاليًا تجنّبًا لوقوع كارثة، وخصوصًا مع قدوم الشتاء الذي وإن تأخّر هذا العام إلّا أنّ الصقيع قد حلّ فعليًا، وبدأ يُمرض النازحين وخصوصًا الأطفال والمسنّين. يبذل هؤلاء كلّ جهد لتأمين احتياجات النازحين “ولكن المتوفّر قليل جدًا مقارنة مع الأعداد والحاجة”، يؤكد النائب حبشي، وهو ما يتفق مع حديث رئيس اتحاد البلديات جان فخري ورئيس بلدية دير الأحمر لطيف القزح وحتى العاملين في جمعيات إغاثية.

ويطلق حبشي تحذيرًا يصفه بـ “الجوهري” من خطورة إطباق الطبيعة أيضًا الحصار على منطقة دير الأحمر، حيث عادة ما تُقفل الثلوج طريقها نحو منطقة الأرز- بشري بعد اسبوعين من اليوم عادة، وهي الطريق الوحيدة الآمنة المتوفّرة حاليًا. إذ يضطرّ حتى أهاليها اليوم إلى سلوكها في ذهابهم وإيابهم تجنّبًا للقصف الإسرائيلي العنيف الذي يستهدف البقاع عامّة وقضاء بعلبك خاصّة. ويقول حبشي: “يجب تخزين المازوت الكافي للكهرباء والتدفئة والمياه الساخنة ومياه الشفة، وهي حاجات ماسّة جدًا لا غنى عنها، مع بُسط أو سجاد لأراضي غرف مراكز الإيواء، وكذلك مستودعات للمواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال والحفاضات، وإلّا لن يصل شيء إلى أهلنا النازحين بعد ذلك”. ويقول: “لا يكفي أن نحميهم من القصف ونتركهم في مواجهة الأمراض والصقيع والعوز والحاجة”.

اللغة العاجزة أمام معاناة ووجع النازحين قسرًا     

لمنطقة دير الأحمر اليوم وجهان: الأوّل نهاريّ والثاني ليليّ.

في النهار ازدحام غير مسبوق في الشوارع، تواجد كثيف للآليات السيّارة كانت أم المركونة على جانبي الطرقات. أعداد كبيرة للناس في المحلّات والأفران ومطاعم الوجبات السريعة، وأمام مراكز الإيواء أو الجمعيات الداعمة، كما المستوصفات ومراكز الرعاية، ومعهم حركة المتطوعين والعاملين في إطار لجنة الاستجابة للنزوح التي شكّلها اتحاد البلديات ومكتب النائب حبشي ومطرانية المنطقة وكنائسها، والجمعيات وكذلك القوات اللبنانية. تبدو المنطقة خليّة نحل لا تهدأ. 

أما في الليل، فتتحوّل المنطقة إلى موقف سيارات كبير. مئات من سكان قرى قضاء بعلبك، وخصوصًا ممن لديهم أطفال، يقودون سياراتهم نحو دير الأحمر لقضاء الليل حيث يبلغ سيل الغارات العنف الأقصى، هذا في الأيام التي لم يخرج فيها الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بخريطته الحمراء مع تهديد بإخلائها.

أما في حال التهديد، فتشهد المنطقة حركة نزوح كثيفة تصل إلى الآلاف، لم يعد هناك مكانٌ يمكن أن يأويهم. وشهدت دير الأحمر مع بلداتها وقراها أعنف هذه الموجات يوم الأربعاء، 30 تشرين الأول، تاريخ تهديد مدينة بعلبك ومحيطها بالإخلاء، حين اتّصلت السيارات على الطريق من مدينة الشمس إلى دير الأحمر على صفّين.

يقدّر رئيس اتحاد البلديات جان فخري أعداد النازحين في ذلك اليوم بالآلاف “اصطفّت السيارات من الدير إلى الغرفة الفرنسية في جبل المكمل، أي بمسافة نحو 15 كلم”. ويومها رفع النائب حبشي والرئيسان فخري والقزح الصوت لمطالبة الجهات الرسمية بالتدخل لإغاثة من بقيوا في السيارات والفانات وحتى آليات الـ “توك توك” في الليل والصقيع لأكثر من يومين.

إحدى السيارات التي يبيت فيها نازحون من قضاء بعلبك

من هؤلاء ابن إيعات الذي يمكث مع ابنه وزوجته في سيارة “رينو 12″ قديمة لا يمكن أن تعبر جبل المكمل حتى لو توفّر لهم مكانٌ يستقبلهم في أي منطقة أخرى. خضع أبو بسام (اسم مستعار) لعملية تركيب بطارية و”راصور” في القلب قبل 10 أيام، وما زالت ضمادات جرحه تعلو قلبه ولم يفك الغرزات حتى. وضعت أم بسام على المقعد الخلفي للسيارة بعض الأغطية الشتوية، وفي صندوقها غاز “سفير” صغير للقهوة والشاي وربما لطهي بعض البطاطا ومؤونة “كشك ومكدوس وبعض اللبنة المكعزلة وشاي وقهوة وتبرويير زيتون وبعض الخبز”.

لا يشتكي أبو بسام: “كتّر خيرهم أهل الدير ما قصّروا، فاتحين بيوتهم وكنايسهم قبل المدارس، بس ما بقى في محلات، نحن بس بدنا نحتمي من القصف الإسرائيلي العنيف حول بيتنا، والحمدالله عم نعمل لي منقدر عليه”. لكن أم بسام خائفة “ع زوجي لأنّه عمليته جديدة وبخاف ينتكس، بعده ما فك القطب”. هي لا تحمل هم نفسها “النسوان بقاعة الكنيسة فوتوني نمت عندهم وابني شاب مش مشكل ينام بالسيارة، بس أبو بسام عامل عملية وزلمي كبير بالعمر بخاف عليه، يا ريت بيقدر هو ينام بالقاعة وأنا نام بالسيارة، بس أنا مرا دحشوني النسوان معهن”.

بالقرب من سيارة الرينو، تغطي سيدة أربعينية وجهها حين استأذنها لأخذ صورة للفان الذي وضّبت فيه أغطية وبعض فرش الإسفنج وحاجيات قليلة أخرى: “ع مهلك لإنزل من الفان أحلى ما يشوفوني أهلي”. قالت فاطمة (اسم مستعار)، النازحة من يونين، لأهلها إنها تسكن مع زوجها وأولادها وشقيق زوجها وعائلته في بيت: “بيّي بيموت من القهر إذا بيعرف إنّي عم نام بالفان”. يبدو مقعد الفان قليل العرض للجلوس فكيف للنوم، وعلى هذه الكراسي المفصولة عن بعضها البعض، تنام فاطمة مع نساء العائلة، فيما وضع الرجال، ومن بينهم زوجها، فرشًا إسفنجية رقيقة على البلاط أمام قاعة الكنيسة “هون عم ننام نحن”. يستغلّ زوج فاطمة وجود درج من الباحة التي يركن فيها حافلته الصغيرة كي يتلطّى بدرجاته “الدرج بيرد عني البرد والهوا من فوق شوي، ومدخل القاعة وحيطها من ناحية الشمال، ومع هيك البرد كتير قوي وصعب، المهم الأولاد عم يناموا حد أمهم بالفان، أنا بتحمّل”.

على يسار فان فاطمة تقع مصطبة كنيسة مار نهرا، ويعيش عليها أفراد سبع عائلات “نحن هون شي 40 نَفَر”، يقول الشاب الذي حاول تهدئة شقيقته المنفعلة تجاه أي سؤال “ما بدي قول شي، تعبت قد ما حكيت وما شفنا شي”. تسكن هذه العائلات النازحة من الرام والسعيدة والعلاق في العراء منذ 25 أيلول الماضي “صرلنا منّام برا من أكتر من شهر، وما قادرين نعمل شي”. خطّطت الصبية للنزوح إلى داخل سوريا “فكّرنا نروح ع عكار طلعلنا بيان محافظها إنه ما في ولا خرم إبرة ليستقبل نازح عندهم، قلنا بركي منشوف إذا منوصل ع طرابلس، طلع لنا محافظ الشمال بنفس كلام محافظ عكار، فقلنا خلينا هون ع القليلة ما حدا عم يقلنا فلّوا ما في محلات لتبقوا”.

أقنعت الصبية أشقّاءها بالنزوح إلى سوريا “ولا فان قِبل ياخدنا بأقل من 200 دولار، ونحن مش قادرين ندفع هالمبلغ”، فبقيوا مكانهم. كانت العائلات السبع تنام تحت الأشجار القريبة من الكنيسة إلى أن لمحهم الأب جهاد سعادة، كاهن الرعية، وطلب منهم الانتقال إلى مصطبة الكنيسة، كون قاعتها وصلت إلى قدرتها الاستيعابية القصوى باستقبال 20 عائلة فيها: “عالقليلة المصطبة مسقوفة بقرميد بترد عنكم شوي، وخصوصًا بس تشتي”، فشكروه وانتقلوا.

ليل الأحد الإثنين، ساء الطقس وتساقطت الأمطار، وعامت المصطبة بالمياه. سارعت نساء العائلات إلى استعارة مكانس وشفاطات وتناوبنَ على دفع المياه خارج المصطبة. “كانوا متل فريق فوتبول عم ينفّذ هجمات مرتدّة”، يمزح شقيق الصبية ليلطّف الجو، عندما رأى عيون شقيقته دامعة وهي تخبر ما جرى معهنّ. لكنها لم تقوَ على الابتسام حتى “بدي إضحك بس ما قادرة” قالت وكأنها تعتذر منه. هنا تتدخل جارتهم على المصطبة لتخفف عنها “عالقليلة إنتو جبتو شراشف وحرامات وثبتّوهم ع العواميد وصار عندكم ستر، ولو مش كافي يرد شوية صقيع وريح عنكم، شوفي نحن بعدنا عم ننام مع الأطفال ع المصطبة، ما عنا شي يرد عنّا”. كانت السيدة التي دخلت الحديث قد تركت وراءها طفلتها ابنة السبع سنوات تنتبه لشقيقها الرضيع لكي لا يحبو نحو درج المصطبة. وراء الطفلة هناك فرشة واحدة من الإسفنج وضعتها السيدة مع فرشة جارتها على مقعدين خشبيين بعدما جمعتاهما مقابل بعضهما لكي يشكّلا قاعدة بعرض مقبول لوضع أغراضهما فلا تبلّلها المياه. ليس بعيدًا عن الفتاة الصغيرة، كان رجل مسنّ يسند رأسه بعصاه ويجلس على حافة حجرية “ما تسأليه شي” قالت لي السيدة و”ما تقرّبي عليه، كتير زعلان هيدا العمّ”. لم يقبل العمّ ترك منزله في السعيدة رغم أنّ أبناءه يعملون في بيروت “إذا تركت بيتي بموت، اتركوني بالضيعة يا بيي، ما تقصفوا لي عمري”، يقول لهم كلّما ألحّوا عليه للالتحاق بهم. وها هو اليوم لم يتقبّل النزوح عن بيته إلى العراء، بعدما أدى القصف قريبًا من منزله إلى تكسّر زجاجه وتخليع أبوابه وتضرّر الأثاث، ففضّل النزوح إلى دير الأحمر القريبة على الالتحاق بأولاده، آملًا أن يتمكّن من تفقّد منزله في حال انخفضت وتيرة القصف.

يسند رأسه بعصاه

كلّه كوم والفوتة ع الحمام كوم

لا يحظى سكّان العراء، وفقط من يسكنون على مصطبة الكنيسة، إلّا بوجبة غداء واحدة على مدار 24 ساعة، تقدّمها لهم جميعة LOST (المعروفة بجمعية الدراسات) والتي مع كاريتاس والجمعية اللبنانية للتعايش والإنماء في بعلبك، تقدّم وجبات ساخنة في نطاق اتحاد بلديات دير الأحمر، بعد التنسيق في ما بينها. ليس لديهم مياه للاستحمام ولا للشفة، البرد ينخر عظامهم، وبدأوا يصابون بأمراض البرد واحدًا تلو الآخر… لا ألبسة كافية كي يتدثّروا بها في مواجهة الصقيع، معظمهم صرف ما أتى به من مال شحيح بالأساس.. ومع ذلك يشكّل همّ قضاء حاجتهم شاغلهم الأصعب. يقصدون قاعة الكنيسة حيث يقطن نحو 95 شخصًا هم أفراد 20 عائلة، وفيها ثلاثة مراحيض: “هن الجماعة بيوقفوا بالدور ع الحمامات ونحن منروح نوقف وراهم”، تقول الصبية التي تحتد أكثر، وتتغيّر ملامحها إلى أسوأ مع الحديث عن الحمامات. صار دخول الحمام جائزة “إذا طولتي بالحمام بتصيري تسمعي لـ عم يتسعجلوكي برا”. أما القدرة على الاستحمام حتى بالمياه الباردة فتصبح عيدًا “منعيّد إذا صرلنا نكبّ شوية مي مصقعة ع حالنا، أوقات أكتر من 15 يوم حتى يصرلنا نتحمم”.

في قاعة الكنيسة التي فتحها الأب جهاد لإيواء 20 عائلة، قسّم النازحون أنفسهم. حدّدوا مساحة صغيرة لكلّ عائلة، من دون ساتر أو أي فاصل سوى فرش الإسفنج، على نحو خمسين مترًا طول وبعرض نحو 10 أمتار، تاركين ممرًا في المنتصف لكي لا يخرق أحدهم “خصوصية” العائلات الأخرى.  

في القاعة تتقاطع شكوى النازحين مع أقرانهم في مراكز الإيواء، كونهم “يحظون” مثلهم بشمولهم بوجبات الغداء: “كتّر خيرهم الجماعة عم يعملوا كل شي حتى يهتموا فينا، بس هيدا الموجود ولـ عم يوصل”، يقول رجل خمسيني يبدو أنّه يتصدّى لأيّ حديث عن معاناتهم مع جيرانهم الذين تعرّف إليهم في القاعة. يكرر الرجل الشكوى من عدم توفّر المياه الساخنة ومن غياب وجبات الفطور والعشاء: “عم نحاول ندّبر حالنا وفي ناس بتساعد ناس إذا ما عندهم شي وخصوصًا الأولاد، نحن فينا ننام بلا عشا أو ما نتّروق مش مشكلة، بس الصغار ما بيستوعبوا هالشي”. ينده “الناطق باسم القاعة” على أمهات الأطفال الرضّع ليخبرننا عن شحّ الحليب: “أوقات مننطر 15 يوم حتى يعطونا مجمع حليب صغير ما بيكفي الطفل أكثر من 3 أيام”، تقول السيدة فيما يلحق بها طفلها وفي فمه قارورة الحليب (البيبرون) فارغة. هنا لا يتحدث أحد عن الخصوصية وغالبية النساء محجّبات، فيما القاعة مشرّعة على بعضها البعض، فقط تغطي الحرامات أجساد النائمين. ينظر الرجل من حوله ويتذكر وهو يلفت الانتباه إلى أنّ حرامًا خفيفًا واحدًا لا يكفي لتدفئة جسد الإنسان في مناخ بارد كما في دير الأحمر، يلمح سيدة من جيرانه على مصطبة الكنيسة التي تعلو القاعة، فيُنهي حديثه  ليقول: “هودي وضعهم أصعب بكتير، نحن ع القليلة منسكّر الشبابيك بالليل وفي سقف فوق راسنا وفي حيطان ترد عنا، الحمدالله، عنجد الحمدالله”.

العيش في ملعب مدرسة

في ملعب المعهد الفني في دير الأحمر، وهو أحد مراكز الإيواء الرسمية، تعيش ثلاث عائلات في مربّع (5×5 أمتار) مزنّرة بالحرامات التي ثُبّتت على شريط يسيّج ما اصطلح على تسميته غرفة النزوح الأولى في المعهد. تقع “الغرفة” بالقرب من الدرج الذي يؤدّي إلى الطوابق الثلاثة حيث قاعات التدريس التي تحوّلت غرف سكن تضمّ كلّ منها 3 إلى 4 عائلات، أي من عشرين نفرًا وما فوق.

في أرض غرفة الملعب بعض فرش الإسفنج المصفوفة على أرض الملعب من دون أي سجادة أو حتى حصيرة أو بساط. كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة من بعد ظهر يوم الإثنين حين أكّدت السيدة أنها لم تحظَ بفطورها: “ما في ترويقة، دبّرت حالي وروّقت الأولاد ونحن الكبار منتحمل، ما في مشكلة بعد شوي بيجيبوا وجبة الغدا ومناكل”. تشكو من المياه الباردة “إن توفّرت، وهلأ بهالطقس ما فينا نتحمّم بمي باردة”.  

كانت السيدة تخطّط للذهاب إلى بلدتها دورس للاستحمام حين انتشرت قصة عائلة عادت إلى منزلها واستشهد جميع أفرادها بعد استهداف منزلهم. فقالت لنفسها “عمرو ما يكون حمّام”. ولكنها لا تتمكّن من التعايش مع الحمّام المشترك “في حمّامات بالطوابق فوق بس كلّهم بيفوتوا ع الحمّامات اللي بالملعب، وبيصير الحمّام بيقرّف: تخيّلي إنّه يكون حلمك تفوتي ع حمّام نضيف”. وقصة العائلة التي استشهدت إثر عودتها إلى منزلها، هي غير عائلة نرجس. فقد أخبرنا مدير المعهد الفني في دير الأحمر شربل سعادة أنّ إحدى الأسر النازحة في المعهد قصدت منزلها إما للاستحمام أو لجلب بعض الأغراض وما إن وصلت إلى البيت حتى أغار عليهم الطيران الحربي فاستشهد الأب والأم والأبناء الأربعة. 

العودة إلى “الحياة البيئية السليمة”

من شعث التي تتعرّض للقصف الإسرائيلي اليومي، سلكت عائلة إسماعيل العايق الطريق عبر نيحا إلى بلدة الرام في منطقة دير الأحمر “قلنا هودي جيراننا منعرف وجوههم وعنّا نفس العادات والتقاليد، ومستقبلين كتير ناس، وقررنا ننزح لعندهم”، من بيته على “أطراف” البلدة يقول لـ المفكرة”. مع وصول إسماعيل مع عائلته وأشقائه وشقيقاته وعددهم 25 شخصًا، كانت جميع بيوت البلدة التي يمكنها استقبال نازحين قد امتلأت. اتصل رئيس البلدية بأصحاب 20 بيتًا قيد الإنشاء واستأذنهم منحها للنازحين وهكذا حصل. مُنح إسماعيل ومعه 25 فردًا من عائلته وعائلات أشقائه وشقيقاته بيتًا أرضيًا قيد الإنشاء. كما فتحت كنيسة البلدة قاعة قيد الإنشاء مسقوفة بعدما نصبت لهم خيمًا داخلها كونها تفتقر للنوافذ ولم تستكمل تجهيزًا.

ما زال البيت على “العضم”، أي مسقوفًا بالطبع “والحمدالله” كما يستدرك حين يتذكّر أنّ فوقهم سقف. كانت عائلة إسماعيل قد أتت ببعض الأغطية معها فثبّتتهم على النوافذ لرد الهواء والبرد “الطقس هون بارد بالمنطقة، ولمّن شتت الدني الأحد غرقنا بالمي وتغرّقت (تبللت) تيابنا كلّنا صغار وكبار”، يقول. لا يشكو إسماعيل من قلّة المياه “صاحب البيت حاطط خزان ع السطح وفي مي وبيتعبّى من مياه بلدة الرام”.

تقضي عائلة إسماعيل حاجاتها في الخلاء، واستحدثت العائلة موقدًا في البورة أمام المنزل للطبخ والقهوة والشاي. أما العتمة التي عاش إسماعيل وعائلته فيها فقد خفّ تأثيرها مع توزيع إحدى الجمعيات، عليهم وعلى جيرانهم من ساكني البيوت قيد الإنشاء، مصابيح تعمل على الطاقة الشمسية “منحطّها برا بس تطلع الشمس وع القليلة منضل نقشع بعض وما بيخافوا الأولاد بالسهرة حتى ننام”، يقول شارحًا الأثر الإيجابي للخطوة.

تلقى إسماعيل والأفراد الـ 15 الذين يسكنون معه، حصّة مواد غذائية وأخرى لمواد التنظيف وكيس حفاضات واحدًا لسبعة أطفال خلال أكثر من شهر “أنا بنقهر بس حدا يروح ع مركز نزوح ويصير يعصّب لأنّه ما في مساعدات، الجماعة عم يقدّموا لنا الممكن بظلّ شحّ المساعدات اللي عم توصلهن”، يختم.

الخبز والملح

بعض أهالي الرام، ممن فتحوا بيوتهم للنازحين، غادروا إلى بيروت للشتاء وتركوا مفاتيحهم معهم: “اعتبروا البيت بيتكم وخدوا راحتكم” قالوا لهم، وفق متطوّعة في جمعية تعمل مع النازحين. تؤكّد آسيل أنّ السكان من بلدات المنطقة ممن استقبلوا نازحين تقاسموا معهم مؤونة الشتاء حتى “في ناس فعليًا ما عاد معها مصاري حتى لو جابت معها”. في المقابل، تؤكّد ابنة برقا التي لم ترغب في ذكر اسمها أنّها استضافت في بيتها ثلاث عائلات “راحوا أخوتي الشباب ع بيروت وأنا بقيت معهم بالبيت، ومش مهمّ مين عم يصرف، الناس لي معها مصاري بتشارك بمصروف البيت ويللي ما معها ما طالبين منهم شي”.

يقول رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر إنّ التركيز اليوم هو على مراكز الإيواء “ما حدا تطلّع بعد بالنازحين بالبيوت”، مؤكدًا أنّ “الجمعيات توزّع ما يصلها وهو بالأساس غير كافٍ”. من جهته، يبرّر رئيس بلدية دير الأحمر اقتصار الوجبات المؤمّنة على الغداء بالتأكيد أنّ الجمعيات كانت توزّع وجبتين في اليوم “ترويقة متأخّرة شوي، وغدا متأخّر شوي، لكن مع قلّة المساعدات التي ترِدها، لم تعد قادرة على تقديم وجبة ترويقة أو حتى عشاء”، يؤكد القزح.

هذا الكلام يؤكّده إيلي سعادة، مسؤول المطبخ المركزي الذي تديره مؤسّسة كاريتاس في المعهد الفني لدير الأحمر، والذي كان يشرف على إعداد وجبة الغداء للنازحين في مراكز الإيواء في البلدة. تلقّت كاريتاس عبر بلدية دير الأحمر المساعدات الغذائية التي وصلت إلى الدير من هيئة الطوارئ عبر محافظ بعلبك الهرمل “كنا نقدّم ترويقة ومن أكتر من 20 يومًا نفد مخزوننا، ولكن كان لدينا ستوك وزّعناه، واليوم لم نتمكّن منذ أكثر من 10 أيام من تقديم ترويقة، بسبب ضآلة المساعدات”. ويعطي إيلي مثالًا عن حليب الأطفال والحفاضات “إذا وصلني كمية حليب أو حفاضات وحتى معلبات غذائية لا يمكننا توزيعها قبل توفّر كمية كافية للمراكز الثلاثة، لكي لا نميّز بين النازحين”.

وتؤكد ستيفاني عماد من فوج الإسعاف التابع لمستشفى المحبة ومجمل متطوّعاته ومتطوعيه من أبناء منطقة دير الأحمر، أنّ الفوج قدّم خدمة صحّية لنحو مائة نازح جريح نتيجة الغارات الإسرائيلية “ومن احتاج منهم لأدوية أو طبيب قمنا بإرشاده إلى المراكز الصحية”. ويجول عناصر الفوج على مراكز الإيواء للوقوف الدائم على حاجات النازحين.   

مساع لتجنّب حصار دير الأحمر والنازحين فيها

يؤكّد مدير المعهد الفني في دير الأحمر شربل سعادة على كلّ المعلومات التي تحدثت عن واقع النازحين، وقلّة المتوفّر مقارنة مع الحاجة “كلّ ما يتوفّر للبلديّات والجمعيّات ومطبخ كاريتاس مخصّص للنازحين في مراكز الإيواء”، يقول لـ “المفكرة”. ويشير إلى وجود أكثر من ثلاث عائلات في غرفة واحدة “لأنّه لا يوجد أمكنة تسمح لنا بتخفيف العدد في الغرف”.  ويؤكّد أنّه يُطلع أعضاء لجنة إدارة المعهد التي تتألّف من الإدارة ومن ممثل عن كل غرفة للنازحين فيه على كلّ القرارات المتعلّقة بالمعهد “ومنسمع احتياجاتهم كذلك ونحاول أن نلبّيها بالممكن”، يضيف. وتتولّى اللجنة نفسها تنفيذ خطة غرفة الاستجابة الخاصة بالنازحين ومن بينها تركًّز نقطة للجيش اللبناني على مدخل كلّ مركز حفاظًا على أمن أهالي المنطقة والنازحين أنفسهم “ولذا يُقفل باب المركز عند التاسعة من مساء كل يوم ولا يدخله أو يخرج منه أيّ كان إلّا في الحالات الطارئة وبالتنسيق مع الجيش”. 

ويشير سعادة إلى أنّه في اليوم الذي نفد فيه المازوت “كنا مضطرّين أن نترك النازحين ع العتم، لولا أن النائب أنطوان حبشي أمّن بضعة آلاف ليتر، فتمكنّا من تشغيل المولدات ساعتين إلى ثلاث ساعات ليلًا لكي لا تبقى العائلات في الظلام ويتمكّنوا من تشريج هواتفهم. ولكن هذه الكمية من المازوت لا تكفي للتدفئة طبعًا ولا لتسخين مياه للاستحمام”، ونحن نسعى جهدنا لتأمين مياه شفة وخدمة ونادرًا ما ننقطع من المياه”. ووفق سعادة “يتبرّع بالمياه أشخاص من منطقة دير الأحمر، لكننا سنعزز الاعتماد على صهاريج المياه لأنّ الآبار في الشتاء لن تشتغل على الطاقة الشمسية”.

ويوضح النائب حبشي أنّه وبعدما رفع الصوت واجتمع مع محافظ البقاع بشير خضر إثر نفاد كميات المازوت التي كانت مخزّنة في المدارس، حيث حذّر من أنّ المدارس سوف تطفئ مولّداتها الكهربائية وستعجز عن إضاءة مراكز الإيواء، وردته تبرّعات من مغتربين في إفريقيا، ومن مواطنين من بعلبك (لم يرغبوا في ذكر أسمائهم) ما مكّن إدارات المراكز من الاستمرار بالإضاءة لنحو أسبوع إضافي لمدة ساعة ونصف أو ساعتين مساء.

وإثر اجتماعات عقدها مع منسّق هيئة الطوارئ وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين بحضور وزيري الزراعة عباس الحاج حسن والطاقة علي حمية، وعد الأخير “ووفى”، وفق حبشي، بتأمين جرافة توربين مع حاجتها من المازوت طيلة الشتاء لكي تعمل دائمًا لمنع إقفال طريق دير الأحمر الأرز. وتعمل جرّافة التوربين على شفط الثلوج ورميها على حفافي الطريق منعًا لتراكمه وإقفاله، إضافة إلى تأمين حمية 50 طنًا من الملح، ضمن السعي لعدم إقفال الثلوج طريق دير الأحمر عيناتا الأرز.

وبالنسبة لتأمين حقّ النازحين في الخدمة الطبيّة، وافق وزير الصحة فراس الأبيض، وإثر تواصله معه، على تعاقد الوزارة مع مستشفى المحبة في دير الأحمر وتعزيز تجهيزاتها والتعاقد أيضًا مع الكادر الطبي اللازم “لأنّه لا يمكننا نقل المرضى على الطريق نحو دار الأمل الجامعي بسبب تعرّض محيطها للقصف وكذلك الطريق عينها، كما أنّ المستشفى وهي قريبة أيضًا من قضاء بعلبك يمكنها استقبال الإصابات في حال حصولها”. 

وأكد حبشي أنه تواصل مع الوزير ياسين لأجل تأمين مازوت يكفي لإضاءة مراكز الإيواء وتسخين المياه للاستحمام والتدفئة لمراكز الإيواء “وقد وعدني خيرًا”.   

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، فئات مهمشة ، مقالات ، جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية ، العدوان الإسرائيلي 2024



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني