في أبريل 2020، في ثاني تعليق للرئيس عبد الفتاح السيسي على أزمة الكورونا، أفرد جزءا من الوقت ليشير إلى أهمية التعامل بحسم وشدة مع مخالفات البناء. كان البرلمان أقر في العام الماضي قانون[1] التصالح في مخالفات البناء بهدف تقنين أوضاع العقارات المخالفة مقابل دفع غرامات مالية خلال فترة سماح ستة أشهر. وتم تعديل هذا القانون في يناير 2020 لمدّ فترة التصالح. أوضح المشهد السابق أولوية هذه القضية في اهتمامات رئيس الدولة والأهمية التي منحها لتنفيذ هذا القانون. وتكرر تعليق رئيس الجمهورية علي مخالفات البناء الشهر التالي في مايو 2020 خلال خطابه أثناء افتتاح مشروع بشائر خير3 في الاسكندرية.[2] وهنا جاء رد فعل المسؤولين سريعا، فقامت الحكومة ممثلة في رئيس الوزراء ووزير التنمية المحلية بالاستناد على التعديلات الأخيرة لقانون الطوارئ لمنع إصدار تراخيص بناء جديدة في المحافظات وتوقيف كافة عمليات البناء الخاصة حتى إنفاذ القانون على المباني المخالفة. كما تم اتخاذ اجراءات لإزالة المباني المخالفة والتي لم يتقدم ملاكها أو ساكنوها بطلب التصالح. تعددت الآراء والتحليلات التي تعلق على مشهد إزالة العقارات المخالفة وتقيم طرق تنفيذ هذه القرارات وتأثيرها على المواطنين خاصة مع اضطرار العديد من سكان الوحدات العقارية داخل المباني المخالفة لترك منازلهم التي تعرضت للإزالة.
يتوقف مقالنا عند قضية مخالفات البناء ليضعها في سياق أوسع وهي سياسة الدولة للتنمية العمرانية ثم ينتقل لمناقشة ما يكشفه هذا المشهد عن علاقة الدولة والمواطنين من زاوية تحمل المواطن المسؤولية كاملة عن عقود من الفساد وأخيرا ينتهي بسؤال مفتوح عن إمكانية تصوّر قرارات وسياسات التصالح في مخالفات البناء كخطوة أولى نحو إصلاح المحليات.
1- بناء أم تعمير؟ تقنين البناء كجزء من خطة التنمية العمرانية
لا شك أن التنمية العمرانية من أبرز مجالات اهتمام الدولة منذ تولي النظام الحالي للسلطة. فهناك تركيز واضح وأولوية قاطعة للبناء؛ سواء المدن الجديدة أو الطرق والكباري أو مشاريع الإسكان الاجتماعي. كانت التنمية العمرانية عنصرا مركزيا في رؤية مصر2030 بل أفردت لها رؤية مستقلة معروفة باسم مصر 2052 والتي صدرت في 2014 عن هيئة التخطيط العمراني. شرعت كافة الأجهزة في تنفيذ الخطة التي نتج عنها توسيع وإعادة تشكيل جذرية للمدن الجديدة والقديمة بسرعة شديدة؛ لدرجة أن رئيس الوزراء أعلن أن معدل تنفيذ مشروعات سبق الخطة الموضوعة وأنه خلال سنوات قليلة سيكتمل المخطط الذي كان مقرراً ل2052.
من هنا نفهم كيف استحقت القيادة الحالية وصف “مهندسي البناء”[3] وفي أحيان أخرى “مقاولي البناء”[4] . ومن هنا أيضا نفهم أولوية إزالة مخالفات البناء بالنسبة للدولة: فتشكيل العمران وفقا للخطة يتطلب السيطرة على الأرض[5] وتنظيم وتقنين البناء بشكل عام كما عبر صراحة المسؤولون في مناسبات عدة.
وبالرغم من أن المخطط القومي للتنمية العمرانية يذكرأهمية الأبعاد الاجتماعية والبيئية في عملية التطوير، إلا أن التنفيذ يتم بشكل يتغافل عن هذه الأبعاد بشكل كبير أو لا يضعها في الاعتبار بشكل كافٍ لضمان حقوق المواطنين وتحقيق التوازن الاجتماعي والبيئي[6]. فلا يبدو على متخذي القرار ومنفذي خطة التنمية العمرانية إدراكهم بأن إعادة تخطيط مدينة يتضمن إعادة تشكيل حياة ساكنيها بشكل ملموس وحقيقي؛ وبالتالي فلا يمكن التخطيط العمراني دون أخذ الأفراد وممتلكاتهم ومصالحهم وأولوياتهم وأسلوب حياتهم وثقافتهم وذكرياتهم في الاعتبار. يتجلى غياب المواطن عن الحسبان في العديد من القضايا التي أثارت خلال الأعوام الماضية النقد والجدل بين الباحثين والمحللين: بدءا من بناء جسر شديد القرب من العمارات السكنية بحيث يفرق بينه وبين شرفات البنايات المُطلة عليه أقل من أمتار أو في إزالة مبان تراثية لها قيمة تاريخية وثقافية: مثل إزالة المقابر[7] وعمارة الزمالك.
تظهر إشكالية غياب البعد الإنساني أيضا في الجدل المحيط بإزالة “المناطق الخطرة” أو ما كان يعرف بالعشوائيات وإعادة تسكين أهلها. فبينما تشيد وسائل الإعلام بأماكن السكن البديلة مثل حي الأسمرات، يشير الخبراء إلى إشكاليات عديدة مثل الإجلاء الإجباري للمواطنين والذي يشمل العنف، وفصل السكان عن مصدر رزقهم.
كما تلقي الدولة بالمسؤولية على المواطنين من خلال ربط البناء المخالف بوجود العشوائيات دون النظر لحاجة المواطنين لسكن يناسب دخلهم، أو لوم “الفلاحين” القادمين إلى القاهرة بحيث يبدو الحق في السكن كأنه جريمة في حق الدولة[8].
وهنا وجب أن نؤكد أن معظم هذه السياسات ضروري ومهم بل وكما يصفه رئيس الجمهورية كان يجب حدوثه من عشرات السنين لكن المشكلة ليست في التطوير العمراني في حد ذاته ولكن في تنفيذه بشكل أحادي يتجاهل التأثير المباشر والثمن الذي يتحمله المواطن. نفس الشيء ينطبق على مخالفات البناء: فهي ظاهرة تعود للسبعينات (كما نبين في القسم التالي) ومن المهم مواجهتها لتنظيم وضمان حقوق المواطنين وسيادة القانون ولكن يتم تنفيذه بطريقة تثير العديد من الإشكاليات.
تذكر التقارير والتحليلات عدة إشكاليات: منها أثر تجميد تصاريح البناء على السوق العقارية.[9] لكن تظل الإشكالية الأكبر هي تحميل جزء من مسؤولية التصالح وتكلفته لملاك الوحدات داخل العقارات المخالفة وليس فقط لملاك هذه العقارات[10]. وبالرغم من وضوح اجراءات التصالح ونشر معلومات كثيرة حولها في وسائل الإعلام المختلفة بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي إلا أن تنفيذها يشمل العديد من الخطوات البيروقراطية مرتفعة التكلفة بالإضافة إلى تكلفة التصالح في حد ذاتها وإلا قطع المرافق أو إزالة المباني. ويعلم كل مهتم بالشأن المصري معني أهمية تملك شقة أيا كانت مساحتها بالنسبة للأسر المصرية المتوسطة ومحدودة الدخل فكون هذه الأسر مضطرة لتحمل تكلفة مخالفات لم ترتكبها يؤكد غياب الثمن الإنساني عن حسابات التكلفة لمخططات التطوير العمراني للدولة؛ وهنا تظهر أهمية التساؤل عن مسؤولية الدولة عن نشوء وتفاقم مشكلة مخالفات البناء، كما سنوضح أدناه.
2- مسؤولية الدولة وثمن الفساد
ترددت بعض التصريحات من المسؤولين والتعليقات من المواطنين في وسائل الإعلام حول مسؤولية ملاك العقارات وساكنيها: فيرى البعض أنه من الخطأ تحميل سكان العقارات مسؤولية مخالفات ارتكبها المالك أو المقاول بالذات مع وجود عدة تكتيكات معروفة لدى الملاك والمقاولين للتحايل على قوانين البناء. ونجد الخطاب الرسمي يلقي اللوم على عدة عوامل منها “فساد بعض المسؤولين” حيث صرح وزير التنمية المحلية أن رؤساء الأحياء سيتعرضون للمساءلة عن دورهم في المخالفات. ولكن في نفس الوقت صرح أيضا عن عدة أسباب أدت في رأيه إلى انتشار ظاهرة البناء المُخالف: منها عدم وجود عدد كافٍ من المهندسين لضبط تصاريح ومخططات البناء وانتشار الفساد بين المقاولين والمواطنين من ملاك العقارات للبناء غير المرخص وأخيرا “ظاهرة البلطجة نتيجة الانفلات الأمني خلال بعض الفترات خاصة أعقاب ثورة يناير 2011”. نجد إذا ميلا لإلقاء اللوم على السياق السياسي أثناء وبعد الثورة.
وهنا يجب أن نشير إلى أن الظاهرة تعود إلى السبعينات وتفاقمت منذ الثمانيات[11]. فالقانون الحالي هو قانون للتصالح في مخالفات البناء التي تمت وفقا لقانون البناء الموحد الذي تم إصداره في 2008 لمواجهة البناء المخالف.
أما عن أثر الثورة فوفقاً لتقرير صادر من مرصد العمران في 2019، ” قام القطاع الخاص غير الرسمي ببناء 2 مليون، مثلت 67% من الوحدات السكنية”(…) بين 2007 و2010؛ أما خلال السنوات الثلاث التالية للثورة (2011-2014) تم بناء 3.2 مليون وحدة”. وبالتالي هناك زيادة بعد 2011 ولكن ليس بالقدر الذي يثبت وجود رابط مباشر بين الثورة وارتفاع البناء غير الرسمي بمخالفاته. بالعكس يشير التقرير إلى أن العامل المتغير بعد الثورة هو “استجابة وزارة الكهرباء إلى عدد أكبر من طلبات إمداد الوحدات غير الرسمية بالكهرباء.”
يفصل المرصد العمراني في دراسة أخرى تاريخ علاقة الدولة بالبناء المخالف: والتي تضمنت التقنين من خلال مد الكهرباء والخدمات لكن على مرحلتين الأولى من خلال مد الكهرباء بطريقة رسمية والثانية مدها بطريقة “شبه رسمية” عن طريق عداد كهرباء “كودي”[12] للعقار دون اسم المالك. كما أنه كانت هناك محاولات فعلية لتحجيم المخالفات منذ 2008 ولكنها فشلت بسبب إعطاء الأولوية لتنظيم وتخطيط المجتمعات العمرانية الجديدة. بالتالي؛ لا يمكن إلقاء اللوم على المواطن أو على الثورة، فعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها. فسواء قبل أو بعد الثورة لعبت الدولة خلال عقود دورا أساسيا في خلق وتفاقم مخالفات البناء أولا من خلال تطبيع الأوضاع المخالفة عن طريق مد المرافق والكهرباء وثانيا من خلال الفساد المؤسسي الممنهج.
وبالرغم من ذلك يسيطر على القرارات والتصريحات حول الأزمة التركيز على تحصيل المخالفات التي تدر دخلا على الدولة؛ رغم تصريحات رئيس الجمهورية على أن الأساس في الموضوع هو إصلاح مشكلة تضر المجتمع ككل وتضر المواطنين بل أن ما يتم تحصيله من مبالغ سيتم استرداده في شكل خدمات أخرى. ولكن إدارة الأزمة يظهر فيها اعتبار جمع الموارد لخزينة الدولة فوق كل اعتبار آخر. فالدولة تتصرف في هذه القضية بشكل يقترب من مفهوم “الدولة المفترسة” (Predatory state) الذي يقدمه الباحث سامر سليمان في كتابه الذي يرصد فيه تحول النظام المصري في العقد السابق على الثورة من دولة ريعية (Rentier state) إلى دولة مفترسة. يقتبس سليمان المفهوم من نظرية الاقتصاد السياسي التي تذهب إلى أن النظام المفترس يسعى لاستخراج أكبر قدر من الإيرادات من الشعب. لا يعني هذا بالضرورة أن هذه الإيرادات تذهب في جيوب المسؤولين فمن الممكن أن يتم توجيهها نحو مشروعات اجتماعية وتنموية. ولكن أيا كانت الأهداف، فالدولة المفترسة تظهر حينما يكون استخراج الدخل هو الاعتبار الأول الذي يفوق أي اعتبارات دستورية- حقوقية أو اقتصادية. [13]
لا نعني بذلك أن الدولة مطالبة بترك المخالفات وعدم حل المشكلات ولكن لابد أن تتحمل قدرا من مسؤوليتها السياسية والمؤسسية ولابد أن تظهر في إدارة الأزمة الحساسية والوعي لهذه المسؤولية. وإذا كان الحديث عن مسؤولية الدولة عادة ما يتناول حساب المسؤولين السابقين فنقترح هنا أن المسؤولية أيضا قد تتحقق بالاستفادة من القنوات والأدوات التي تم تفعيلها لتنفيذ قانون التصالح لاتخاذ خطوة نحو إصلاح المحليات على المدى الأطول.
3- التصالح في المخالفات وإصلاح المحليات
لا يُخفى على أحد الرابط المباشر بين مشكلة البناء المخالف وبنية وأداء المحليات في مصر: من موظفي ورؤساء ومجالس الأحياء وحتى المحافظين. وعندما تحدثنا عن مسؤولية الدولة والمؤسسات بشكل عام فلا شك أنه لابد أن نتناول الفاعل الأساسي بل يد الدولة الفاعلة في بروز هذه المشكلة كما في إصلاحها: المحليات.
إن إصلاح المحليات مطلب قديم ظهربوضوح على الساحة مع ثورة 25 يناير. ومع التركيز الشديد على الانتخابات البرلمانية والرئاسية والإصلاحات الدستورية وقتها نادى الكثير من الملاحظين بأن الإصلاح المؤسسي لن يبدأ من أعلى السلم الإداري للدولة ولكن من أسفله: فطالبوا بمجالس محلية منتخبة تمثل المواطنين وتمارس عملها بنزاهة علما بأنها كانت من أهم بؤر الفساد في نظام مبارك. تركز مطالب الإصلاح، سواء في 2011 أو في الوقت الحالي، على فكرة الانتخابات كوسيلة لتحقيق التمثيل والرقابة لمكافحة الفساد. يوضح تقرير لمدى مصر أن الإشكاليات المترتبة على أزمة مخالفات البناء مرتبطة بغياب المجالس المحلية المنتخبة التي تراقب عمل موظفي الوحدات المحلية التي تتولى إصدار التراخيص. ونشير إلى أنه بالرغم من النص على انتخاب المجالس المحلية في دستور 2014[14] لم يتم تنظيم أي انتخابات حتى الآن. وإن كان السياق المصري الحالي لا يبشر بانتخاب مجالس محلية مستقلة تنتج عن انتخابات حرة تنافسية، نرى أن إدارة أزمة مخالفات البناء قد ولّدت وفعلت بعض الأدوات التي من الممكن أن تفتح الطريق لشكل ما من الإصلاح الإداري.
فمن ناحية لفتت أزمة مخالفات البناء الأنظار إلى الدور الذي تلعبه المحليات في حياة المواطن بشكل يومي. فعلى عكس المؤسسات الأخرى ظهر دور المحليات المباشر في تشكيل المساحة التي يعيش فيها المواطن وفي المساس بحياته اليومية ليس بشكل مجرد يظهر في قرارات وسياسات عامة لكن في تنفيذ قرارات تؤثر في حياة المواطنين بشكل مادي وملموس بل تتسبب في مشكلات يومية لهم أو في حلّها: السكن – تقسيم المساحات – إدارة الشكاوى والنزاعات بين المواطنين.
أدى هذا إلى تسليط الأضواء الإعلامية على أداء المحليات بكافة أنواع المنصات الإعلامية سواء رسمية أو موالية للسلطة الحاكمة أو المنصات المستقلة أو الإعلام العالمي. بل وضعت الأزمة المحليات على “رادار” الجهات المختلفة من رئاسة الجمهورية والحكومة والرقابة الإدارية. ظهر ذلك في عدة تصريحات بدءا من رئيس الجمهورية في مايو 2020 الذي خاطب مباشرة المحافظين مطالبا منهم الحسم في تطبيق القانون مرورا برئيس البرلمان الذي أرسل منشورا لرؤساء الأحياء لتسهيل الاجراءات ووزير التنمية المحلية الذي نبه رؤساء الأحياء على ضرورة التواجد في مكاتبهم خلال أيام العمل لتقديم مساعدة للمواطنين؛ كما صرح المتحدث باسم الوزارة أن : “الدولة المصرية تقف مع المواطن وفي حال وجود 10 آلاف مخالفة سيكون هناك نفس العدد من المسؤولين قيد المساءلة”. أما على الصعيد غير الرسمي اتهم الصحفي مصطفي بكري “رؤساء الأحياء والمهندسون المرتشون بأنهم السبب في مخالفات البناء” بينما رفض أحد البرلمانيين التعميم قائلا إن 96% من رؤساء الأحياء شرفاء.
جاءت تلك التصريحات لتعمق توجها ظهرمؤخرا من المسؤولين بالدولة وخاصة وزير التنمية المحلية لمتابعة أداء المحليات وبالذات على مستوى الأحياء عن قرب. فمثلا في أواخر 2019 أقال وزير التنمية المحلية عدة رؤساء أحياء كبرى في القاهرة من مناصبهم لأسباب تتعلق بانتشار القمامة داعيا المسؤولين إلي التواجد بين المواطنين. ومن المتوقع أن تعمق قضية مخالفات البناء من هذا التوجه فاتحة الطريق لإعادة تشكيل (ولا نقول إصلاح) هيكل وأدوات الإدارة المحلية.
ومن ناحية أخرى إذا كان ال “تركيز” مع المحليات قد يفتح الطريق لإعادة هيكلة الإدارة المحلية فهذه الاحتمالية تشكل خطر تعميق المركزية والأحادية في صنع القرار بشكل منعزل لا يأخذ أولويات المواطنين في الاعتبار. لكن صاحَبَ الأزمة تفعيل بعض القنوات التي من الممكن إذا تم الحفاظ عليها أن تساهم في وصول صوت المواطن إلى صناع القرار على مستويات عدة. فمع دعوة المواطنين للإبلاغ عن المباني المخالفة تم فتح عدة وسائل للتواصل مع الحي والمحافظة: خط ساخن – رقم واتساب وصفحة فيسبوك. والحقيقة أنه من الممكن تحويل هذه الخطوط إلى قنوات لاستقبال الشكاوى والبلاغات بشكل أعم لتكون خطوة لفتح اتصال بين المواطنين والمجالس المحلية. تبدو هذه الخطوة واقعية في ظل تعميق التوجه للحكومة الإلكترونية وتحول صفحات وسائل التواصل الاجتماعي للجهات الرسمية ومواقعها الإلكترونية لمنصات أكثر وضوحا بل بقدر ما أكثر تفاعلية.
لا نحاول في هذه الفقرة تقديم تصور أن أزمة مخالفات البناء ستؤدي لإعادة تشكيل عميقة في طرق صنع القرارأوستصبح توجها نحو اللامركزية فالعكس صحيح كما فصلنا منذ بداية المقال لكن القراءة التي نقترحها هي أن ظهور المحليات في بؤرة الضوء قد يفتح الطريق لتفعيل مستوى جديد من الإدارة وصناعة القرارأقرب للمواطن: أقرب لحياة المواطن وهمومه اليومية – أكثر تركيزا في مساحة التأثير وأكثر قدرة على اتخاذ قرارات تتناول مشكلات دقيقة و”حقيقية” بشكل واقعي. لكن هل تأخذ الدولة الخطوة في هذا الطريق؟
[1] قانون رقم 17 لسنة 2019.
[2] محمد طارق، من ينتصر: حرب الحكومة والمقاولين بعد قانون التصالح، مدى مصر، 9-08-2020
[3] Yezid Sayegh, Owners of the Republic: An Anatomy of Egypt’s military economy, Carnegie Endowment for International Peace, 18 November 2020
[4] Omnia Khalil The State as un Urban Broker: Subjectivity Formation, Securitization, and Place-Making in Post-Revolutionary Cairo August 2019 Urban Anthropology and Studies of Cultural Systems and World Economic Development 48(1,2):85-128
[5] علي الرجال، العمران والعنف: من صفقة مبارك إلي خطة السيسي ، مدى مصر 30-09-2020
[6] Omnia Khalil, Negotiations and Violence in the “Reconstruction” of Greater Cairo Region, AUC alternative policy solutions, 19 September 2020
[7] أعلن المسئولون أن هذه المقابر غير مدرجة في قائمة الاثار ولكن أوضح المختصون أن للمنطقة بأكملها قيمة تاريخية وتراثية ناهيك عن رمزية المقابر وحرمة الموتى.
[8] للمزيد: انظر مقال على الرجال (مذكور)، وأحمد ناجي، كيف باعت الدولة أسطورة “البناء العشوائي” للمصريين؟، المنصة، 29-09-2020.
[9] Rania Fazza, Building Violations Bring Out Tailor-Made Pandemic for Real Estate, Invest-gate,20 June 2020.
[10] معضلة قانون التصالح فى مخالفات البناء
[11] Reconciliation of construction violations thorny but important for Egypt: Prime Minister, Daily News Egypt, 9 September 2020
[12] عداد كودي أي يحمل رقم كودي للعقار دون اسم المالك، وبالتالي عدم ربطه بحيازة العقار، كما المعمول به عادةً.
[13] Soliman, S. (2011). The autumn of dictatorship: Fiscal crisis and political change in Egypt under Mubarak. Stanford University Press.
[14] راجع المواد 175 إلى 183 حول الحكم المحلي، والمادة 180 حول تنظيم انتخابات الوحدات المحلية.