في شباط من العام 1999، وفي موقف اعتراضي على سياسات حكومات الحريري السابقة، صرّح رئيس الحكومة في -1 حينها سليم الحص بوجوب تنفيذ الأحكام القضائية، حيث اعتبر أنّ “القرارات الصادرة عن مجلس شورى الدولة تكتسب لحظة صدورها الحجّة وقوّة القضيّة المقضي بها وهي واجبة التنفيذ فور استكمال مقوّمات التنفيذ”. وتنفيذاً لهذا التصريح/التعهد، قام الحص بخطوة سبّاقة من خلال رصد اعتمادات مخصّصة لهذه الغاية. وكان النائب نجاح واكيم قد وجّه في 1999 سؤالاً إلى الحكومة حول تنفيذ قرارات عن مجلس شورى الدولة متعلّقة ببلدية شتورة.
2- تعهّد رئيس مجلس الوزراء الراحل رفيق الحريري بتنفيذ الأحكام القضائية تبعاً لاستجواب تقدّم به النائب نقولا فتّوش إلى الحكومة بتاريخ 15-7-2003، إلّا أنّ هذا التعهّد لم ينفّذ.
3- خلال الجلسة التشريعية المنعقدة في 22-9-2011، تمّ مناقشة اقتراح قانون يسهّل تنفيذ الأحكام الصادرة بوجه الدولة. وبالنظر إلى شخصية صاحب الاقتراح (نقولا فتوش)، سرعان ما أخذ النقاش منحى شخصياً على خلفية أنّ مجلس شورى الدولة كان قد أصدر حكماً لمصلحة فتّوش وأشقّائه يقضي بتسديده تعويضاً يناهز 200 مليون دولار، من دون أن ينفّذ. فبدا إذ ذاك وكأنما اقتراح القانون يهدف إلى تحقيق مصلحة خاصة بمقدّمه. خلال هذه الجلسة، صرّح النائب فؤاد السنيورة: “القضية كبيرة جداً وهذا الأمر يجب معالجته بحكمة لأنّ أيّ قرار نتّخذه يرتّب أعباءً على الخزينة ويفتح لنا باباً(Pandora box) لا نعرف كيف نقفله”. وقد أردف بأنّ إقرار اقتراح قانون النائب فتوش “سيدخلنا إلى مكان بحيث لا نعرف الأعباء المالية التي يمكن أن تترتّب”. وقد دعمه النائب فتفت بهذه النظرية بقوله: “إننا نتكلّم عن 5500 حالة (حالة عدم تنفيذ أحكام صادرة عن مجلس شورى الدولة) وهذا يعني أننا نتكلّم عن مليارات. فإذا كنّا نتحدّث عن مليارات فما هي قدرة الخزينة؟ وما هي قدرة مالية الدولة على التحمّل؟ فهل هي مستعدة للسير بهذا المشروع؟”. وعليه، وبدل أن تولّد ضخامة الرقم سخطاً إزاء التنكّر الممنهج لأحكام القضاء، تحوّلت إلى حجة يسوقها رافضو التنفيذ بحجة أنّ تنفيذها يتعدّى إمكانات الدولة. وفي هذا الصدد، أشار النائب نقولا فتوش إلى أنّه “تقدّم بطلب لتنفيذ الأحكام إلى الحكومة برئاسة السنيورة في 2009 فكان الجواب “لا أموال في الدولة”. وأجابه السنيورة أنّ “هذا الموقف اتخذ عن قناعة بما يتعلق بالحفاظ على مصلحة الخزينة ومصلحة الدولة العليا”. وقد بدا السنيورة وكأنّه يستغلّ الرفض العام له كي يبرر لحكومته التنصّل من تنفيذ آلاف الأحكام القضائية باسم مصلحة الدولة العليا. ولا نبالغ كثيراً إذا استنتجنا من هذا الموقف أنّ المصلحة العليا تسمح بتقويض استقلال القضاء كلّما أدى هذا الاستقلال إلى المسّ بالخزينة العامة. وبذلك، أصبح مفهوم الحق نسبياً وملتبساً، فالحق لا يصبح نافذاً إلّا عند التيسير.(المصدر: مقال منشور في العدد 17 من المفكرة القانونية:5500 حكم في ذمّة الدولة اللبنانية، والحجّة حفظ المال العام).
نشر هذا المقال في العدد | 65 | حزيران 2020، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.