أعلن وزير العدل التونسي عمر منصور عن فتح بحث تحقيقيّ ضدّ الفرنسي الذي اتّهم باغتصاب أطفال تونسيّين. وشكّل هذا الإعلان أول ردّ فعل منه على الإتهامات التي وجّهها الإعلام الفرنسي للسلطات التونسية بعدم التعاون في الكشف عن ضحايا اغتصاب الأطفال من مواطنيها من قبل مواطن فرنسي. وكشف الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بسوسة القاضي محمد علي اليوسفي[1] أن قاضي التحقيق الأول بالمحكمة الإبتدائية بسوسة تعهّد فعليّا ببحث تحقيقي مستقل في هذا الشأن. كما كشف أن هذا الأخير يواصل تنفيذ الانابة القضائية التي صدرت عن القضاء الفرنسي في ذات الموضوع. يبدو للوهلة الأولى "البحث التحقيقي" الجديد مخرجاً ممكناً لتجاوز التقصير المدّعى به. لكن الإمعان في هذا الحلّ يتبدى عند الإمعان في ما قد يصل إليه، مجرّد أداة تغطية على الفشل تمنع الإصلاح وإن كان في ظاهره عملاً لكشف الجريمة.
بحث تحقيقي في قضية منتهية
أصدر القضاء الفرنسي بتاريخ 23-06-2016 حكما بالسجن لمدة 16 عاماً على المتهم بقضايا الإعتداء على القصّر من تونسيين وسيرلنكيين ومصريين. وأعلن محامي المحكوم عليه لاحقا أن موكله لن يطعن في الحكم وأنه يقبل بتنفيذ العقوبة وبالخضوع للعلاج. وينتظر تاليا أن يمسي هذا الحكم بنهاية الآجال المحددة في القانون الفرنسي للطعن فيه باتّاً. فضلا عن ذلك، يتعهد قاضي التحقيق التونسي في جريمة ليس له من المعطيات حولها الا صور لضحايا تعود لسنة 2004[2] وهوية لمتهم يقبع في سجن بلاده حيث يتمتع بحماية مبدأ عدم جواز محاكمته لمرة ثانية من أجل أفعال حوكم سابقا لأجلها.
لا ينتظر بالتالي أن ينتهي التحقيق الذي حظي الاعلان عن فتحه بدعاية اعلامية واسعة الى قرار سريع في ختم الأبحاث، خصوصا وأن الفصل 306 من مجلة الإجراءات الجزائية يمنع التحقيق في الجرائم التي اقترفها الأجنبي بالبلاد التونسية متى ثبت صدور حكم بات في حقه في خارج البلاد التونسية.
التحقيق، خدعة بصرية للتغطية على الفشل
أكدت عضوة مجلس نواب الشعب والناشطة الحقوقية "بشرى بالحاج حميدة" أن السلطات التونسية تلقّت طلب التعاون في البحث من السلطات القضائية الفرنسية في سنة 2012، ولكنها لم تبد تعاوناً في الموضوع. كما ذكرت أنها تقدّر أن يكون سبب عدم التعاون "حماية السياحة التونسية"[3]. يكشف هذا التصريح عن أهمية الشبهات التي ترتبط ب "الفضيحة التونسية"، فيما يتعلق بتنفيذ انابة القضاء الفرنسي. وكان يفترض بالتالي أن تنكب السلطات التونسية على البحث في أسباب هذا التقصير، فتعالجها وتحمّل المسؤولية لمن ثبت تقصيره عمداً. ويبدو بالتالي قرار فتح التحقيق اختياراً ترقيعياً غايته التجاوز الإعلامي لاستحقاق محاسبة الذات بادعاء تواصل إمكانية معالجة الخلل الحاصل من خلال البحث للكشف عن هوية الضحايا[4].
[2]تصريح الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بسوسة
[3]بشرى بلحاج حميدة: تونس تلقت منذ 2012 مكاتبة في قضية الفرنسي ولم تتحرك – تصريح لاذاعة كلمة – 23-06-2016
[4]يراجع الراي المخالف لهذا الراي والذي تبنته جمعية القضاة التونسيين ببيانها المؤرخ في 25-06-2016 والذي كان اول من طالب بفتح بحث تحقيقي – منشور بصفحة الفايسبوك
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.