في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها لبنان اليوم، جراء العدوان الإسرائيلي وتزايد المشكلات الحياتية اليومية، تبرز مجددًا أزمة النقل، ولكن هذه المرة من باب تزايد عدد السيارات بشكل كبير في شوارع مناطق النزوح. ورغم أن هذه الأزمة تشمل جميع المدن والقرى التي تستقبل أعدادًا ضخمة من النازحين، فإن المدن الرئيسية، وبخاصة العاصمة بيروت، تظل الأكثر تأثراً بها، نظرًا للكثافة السكانية العالية وكونها تشكّل مركزًا حيويًا للاقتصاد والخدمات. نتيجة لذلك، تعاني هذه المدن من ضغوط شديدة على شبكة النقل والبنية التحتية فيها. يهدف هذا المقال إلى استعراض أبرز الآثار السلبية للزيادة في أعداد السيارات في المدن التي لجأ إليها النازحون خلال الحرب الحالية، على أن يتم استعراض بعض الحلول التقنية، التي يتم العمل عليها حاليًا مع مجموعة من المختصين، في مقالات لاحقة قريبًا.
لطالما كانت المدن في لبنان تعاني من أزمة مرورية خانقة، وهي إحدى أبرز نتائج أزمة النقل المستفحلة فيها. فالتنقل في شوارعها، سواء بالنسبة لسكانها المقيمين أو الوافدين إليها، يمثّل تحدّيًا يوميًا بسبب الاعتماد المفرط على السيارات الخاصة. يعود هذا الاعتماد إلى مجموعة من الأسباب التي تكمن في غياب بنية تحتيّة للنقل العامّ موثوقة وفعالة، إضافة إلى ضعف الخدمات العامّة المخصصة للمشاة، والندرة الشديدة في المسارات المخصصة للدراجات الهوائية التي يمكن أن تمثل بديلاً مستدامًا لوسائل النقل التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، تساهم عوامل فردية واجتماعية واقتصادية في تفاقم هذه الأزمة التي لا تقتصر فقط على تأثيراتها الاقتصادية والبيئية، بل تمتد أيضًا إلى التأثيرات النفسية والاجتماعية كما على نوعية الحياة في المدينة.
ومع اندلاع العدوان الإسرائيلي على لبنان، ونظرًا لاعتماد نظام النقل في لبنان بشكل رئيسي على السيارات الخاصة، فإنّ النزوح الناجم عنه ترافق بشكل مباشر مع زيادة كبيرة في أعداد المركبات في مناطق النزوح. فعندما قرّر الناس الهروب من المناطق الأكثر خطورة، أصبح الانتقال بالسيارات الخاصة الخيار شبه الوحيد بسبب غياب البدائل الفعالة. هذا النزوح الجماعي، الذي يشمل أسرًا ومجتمعات بأكملها من مختلف المناطق، أضاف اذًا عبءًا ثقيلًا على بنية تحتية هشة أصلاً وزاد من تفاقم مشكلة الاختناق التي كان يعاني منها سكان المدينة اساسًا، مما خلق لهم تحديات جديدة.
قبل الخوض في آثار هذه الظاهرة اليوم، يجدر التذكير بأن النظام القائم على الاعتماد المفرط على السيارات كما في لبنان هو نظام غير عادل تمامًا، إذ يعمق الفجوة بين من يمتلكون سيارة ومن لا يمتلكونها، ولا يقف التمييز عند هذا الحدّ بل يتعداه ليشمل مستخدمي السيارات أنفسهم بناءً على عوامل اقتصادية واجتماعية مختلفة. في حالات النزوح، ظهرت هذه اللامساواة بعدّة أشكال؛ حيث واجه الأفراد الذين لا يملكون وسائل نقل خاصة صعوبات كبيرة في الوصول إلى مناطق آمنة أو مراكز إيواء، مقارنةً بأولئك الذين يمتلكون هذه الوسائل. حتى من يمتلكون سيارات قد يعانون من تحدّيات إذا كانت خصائصهم الاجتماعية “غير ملائمة” (مثل حجم الأسرة أو نوع المركبة)، بالإضافة إلى الفئات الأكثر هشاشة في التنقل، كالأطفال، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة. وقد أدّى هذا التباين إلى تفاقم التحديات التي تواجه هذه الفئات المتنوعة.
اليوم، يعتبر تكدّس السيارات في الشوارع من أبرز القضايا الحضريّة الملحّة التي تعاني منها المدن، بخاصّة في ظلّ الزيادة الكبيرة في أعداد المقيمين، ما أدى إلى زيادة تلقائية في عدد السيارات. مع هذه الزيادة بالإضافة الى ضعف البنى التحتية وسوء الإدارة، أصبحت السيارات تُركن في كل مكان، مما ساهم بشكل كبير في تفاقم المشكلة. إذ أنّ الشوارع، والمواقف، والأماكن العامة، وحتى الأرصفة، باتت مليئة بالسيارات المتوقفة بشكل عشوائي. هذا التكدس يخلق عائقًا إضافيًا في ظل الظروف الحالية، حيث يواجه السكان ازدحامًا غير مسبوق ويؤثر بشكل مباشر على جودة حياتهم ويزيد من التوتر اليومي. وبينما كان هذا يمثل تحديًا يوميًا في الأوقات العادية، فإن الحرب الحالية جعلت الظاهرة تزداد بشكل كبير، مما حولها إلى خطر حقيقي. وفي غياب سلطة فعّالة للحفاظ على النظام العام، تتسبب السيارات المركونة في الأماكن غير المخصصة في تقليص المساحات المتاحة للناس كما تعطل حركة المرور بشكل أكبر وتزيد من صعوبة التنقل، لا سيما للمشاة بشكل خاص عدا عن تحوّل بعض الأماكن التي كانت مخصصة للأنشطة العامة أو الاستخدامات الضرورية إلى مواقف غير رسمية، مما فاقم من تعقيد الوضع.
إضافة إلى ذلك، يشكل التكدّس الكبير للسيارات عائقًا حقيقيًا أمام استجابة فرق الطوارئ، وهو ما يتسبب في آثار كارثية في حالات الطوارئ حيث تكون كل لحظة حاسمة. فسيارات الإسعاف والإطفاء، التي تعتمد على سرعة الوصول إلى موقع الحادث أو مكان الحريق، تجد نفسها في كثير من الأحيان مضطرة إلى مواجهة طرق مسدودة بسبب السيارات المتوقفة عشوائيًا في الأماكن غير المخصصة. في هذه الحالات، لا تقتصر المشكلة على زيادة الزمن المستغرق للوصول إلى مكان الحادث، بل تمتد لتؤثر على قدرة الفرق الطارئة على أداء مهامها بشكل فعّال.
في حالات الغارات أو الحوادث من أي نوع كان، يمكن أن يتأخر وصول سيارة الإسعاف إلى المصابين بسبب تكدس المركبات في الطرقات الضيقة أو في الشوارع الرئيسة. هذا التأخير لا يقتصر فقط على تقديم الرعاية الطبية الفورية للمصابين، بل قد يؤدي أيضًا إلى تفاقم الإصابات نتيجة تأخر عمليات النقل إلى المستشفى. في حالات أخرى، يمكن أن تواجه فرق الإنقاذ صعوبة في إخلاء الجرحى من مواقع الحوادث بسبب ازدحام المركبات، ما يجعل عملية نقل المصابين أكثر تعقيدًا وأحيانًا مستحيلة. أما في حالات الحرائق، فإن الوضع يصبح أكثر خطورة. فكلما تأخرت سيارات الإطفاء في الوصول إلى موقع الحريق، كلما زادت احتمالية انتشاره بشكل أسرع وأكثر تدميرًا. أيضًا، عندما تكون الطرق أو الأرصفة مليئة بالسيارات المتوقفة، تجد سيارات الإطفاء نفسها مضطرة للبحث عن طرق بديلة أو الانتظار في نقاط معينة لتمرير المركبات الأخرى. هذا قد يؤدي إلى تأخير حاسم في السيطرة على الحريق، خاصة في المناطق التي تحتوي على بنايات مكتظة أو مواقع صناعية، أو مواد، خطرة. في بعض الحالات، قد تضطر فرق الإطفاء إلى الاعتماد على طرق جانبيّة ضيّقة أو طرق غير مجهزة للوصول إلى الموقع، مما يزيد من المخاطر المتعلقة بالسلامة العامة. ومثال على ذلك الحادث المؤسف الذي وقع الأسبوع الماضي حين انفجر مولد كهرباء في موقف سيارات في منطقة الحمرا وأدّى إلى أضرار كبيرة في السيارات المركونة كما في المباني المحيطة. في حين تمّ التركيز في الإعلام على خطورة وجود مولّدات في الأحياء السكنية ومن دون احترام معايير السلامة، لم يتمّ الحديث كفاية على أن تكدّس السيارات في الطرقات أخّر وصول خدمات الطوارئ كما أدّى تكدّسها في الموقف وملاصقة بعضها لبعض كان أيضًا سببًا إضافيًا في تفاقم الكارثة يومها.
علاوة على ذلك، فإن التكدس المروري يعطل وصول سيارات الإسعاف التي تنقل المرضى في حالات صحية طارئة مثل السكتات الدماغية أو النوبات القلبية. ففي هذه الحالات، يعتمد النجاح في إنقاذ الأرواح على سرعة نقل المرضى إلى المستشفيات في الوقت المناسب. مع وجود سيارات متوقفة في الأماكن المخصصة للمركبات الطارئة أو في الطرقات العامة، تزداد المخاطر الصحية ويعوق التدخل الطبي السريع، مما قد يؤدي إلى نتائج مأساوية. وفي السياق الأوسع، تضم المدن كثافة سكانية عالية وبنية تحتية متقادمة، مما يجعلها أكثر عرضة لهذا النوع من المشاكل خاصة في ظل غياب الرقابة الفعّالة وسوء الإدارة.
بالإضافة إلى تأثير هذه الأزمة على خدمات الطوارئ، تظهر تحديات كبيرة تتعلق بإجلاء السكان. فعند صدور تحذير بحدوث غارة وشيكة أو مع بدء الغارة بالفعل، تتفاقم صعوبة الإخلاء بشكل كبير بسبب التكدس المروري الهائل، مما يُحتمل أن يؤخر هروب الناس. في مثل هذه الظروف، قد تغلق سيارة متوقفة الطريق أمام أخرى، وتتشابك المركبات بشكل يعوق الحركة السريعة. ومع تزايد عدد السيارات وعدم وجود ممرات إخلاء كافية، يصبح الخروج من منطقة الخطر تحديًا شديدًا، يزيد من المخاطر ويُعرقل أي استجابة طارئة فعّالة.
عدا عن أزمة الركن، تُعد أزمة السير من القضايا الحضرية الكبرى مع الأعداد المتزايدة من السيارات التي تسير بشكل عشوائي ومن دون أي تنظيم. وتتفاقم المشكلة بشكل كبير، خاصة مع غياب إشارات المرور وتنظيم حركة السير، ما يزيد الوضع تعقيدًا. في ظل ضعف البنية التحتية، تصبح بعض الشوارع غير قادرة على استيعاب الأعداد الضخمة من المركبات، مما يؤدي إلى ازدحام شديد في أوقات معينة. ويزداد الوضع سوءًا مع غياب آلية فعّالة لإدارة حركة المرور، ما يسمح للسائقين بالتنقل بحرية بين المسارات بشكل فوضوي، مما يزيد من مخاطر الحوادث ويضغط على شوارع المدن بشكل مضاعف. كما أن تزايد أعداد السيارات يصعب على السلطات ضمان سلامة المرور، ويؤدي غياب الصيانة المستمرة للبنية التحتية إلى ضعف قدرة الشوارع على التعامل مع هذا الضغط الكبير.
أيضًا، عدا عن الازدحام المتزايد، في حركة المرور أو في الركن العشوائي، وضعف البنية التحتية، يصبح خطر وقوع حوادث السير أكبر مع تزايد التوترات الأمنية والضغط النفسي لدى الناس. مثلًا، خاصة في أوقات الغارات أو الإنذارات بالإخلاء، يضطر السائقون إلى القيادة بسرعة أو بتهور نتيجة للضغط للوصول إلى أماكن أكثر أمانًا. هذه القيادة المتهورة، إلى جانب صعوبة التنقل بسبب الازدحام، تسهم في تزايد حوادث الطرق بشكل ملحوظ. وتزداد المشكلة حين يتعذر على السكان إيجاد طرق بديلة بسبب إغلاق الطرق نتيجة للغارات أو الحوادث الأمنية، ما يضطرهم إلى السير في طرق ضيقة وغير مجهزة لاستقبال تدفقات كبيرة من المركبات، مما يزيد من احتمال وقوع الحوادث.
من جهة أخرى، تؤدي الحوادث المرورية إلى تعقيد الوضع الأمني في المدينة، حيث يمكن أن تتسبب في تعطيل أو تباطؤ الحركة المرورية في المناطق المحلية، ما يزيد من الازدحام في الأماكن المحيطة المكتظة أصلاً، ويؤثر على حركة الناس ووصول الخدمات العامة، مثل الإجلاء في حالات الطوارئ.
إضافة إلى أزمة السيارات، تزداد أزمة الدراجات النارية التي تسير بشكل عشوائي. وعلى الرغم من أن الدراجات النارية تلبّي حاجة أساسية في النقل، خاصة في ظل الازدحام الكبير والوضع المعيشي الصعب، إلا أن سيرها غير المنظم يشكل تحديًا آخر. فالدراجات النارية غالبًا ما تتنقل بين السيارات في مسارات ضيقة من دون احترام معايير السلامة وإرشادات السير، مما يساهم في زيادة الحوادث. وبالطبع، من غير المناسب إيقاف هذه الدراجات بشكل كامل لأنها تساهم في حلّ جزء من أزمة التنقل، ولكن من الضروري بالمقابل أن يتم تنظيم حركة السير الخاصة بها ومراقبتها بشكل صارم.
فضلا عن ذلك، لا يمكن إغفال البُعد الشخصي والنفسي لهذه الأزمة. إذ أن زيادة عدد السيارات واحتلالها للأرصفة والأماكن العامة، مما يقلّص المساحات (القليلة اساسً) المتاحة للمشي وممارسة الأنشطة العامة، يزيد من صعوبة الحياة اليومية. وعند إضافة هذا الواقع إلى نقص المساحات العامة التي تُتيح للسكان فرصة الترفيه أو التنفيس عن أنفسهم، يزداد شعور الناس بالاختناق وسط بيئة مشبّعة بالفوضى والازدحام. يسهم هذا الوضع في تصاعد التوتر الاجتماعي وتدهور جودة الحياة، حيث تصبح الأنشطة الترفيهية أقل توفرًا، ويصبح العثور على مساحة هادئة للاستراحة تحديًا بحد ذاته، مما يزيد من العبء النفسي ويعمّق مشاعر التوتر والإجهاد، لاسيما أننا في وضع موّتر بطبيعته.
عدا عن ذلك، للشق البيئي حيّز مهم أيضًا. إذ أن أحد التحديات البيئية الكبرى التي تواجهها المدن هو التلوث الهوائي الناجم عن التكدس العمراني وأزمة الكهرباء خاصة مع انتشار المولدات كما أزمة النقل الزيادة المفرطة في عدد السيارات في شوارعها. بيروت مثلًا، التي تقع بين الجبال والبحر، تقع في منطقة جغرافية تجعل من الصعب التخلص من الانبعاثات السامة بسهولة. في الظروف العادية، كان التلوث الهوائي يشكل مصدر قلق بالغ، حيث تلوث السيارات الجو بمواد سامة مثل ثاني أكسيد الكربون. ولكن مع ازدياد عدد السيارات وتكدسها في الشارع يصبح الوضع أكثر سوءًا خاصة مما لذلك من تأثير على الفئات الضعيفة مثل الأطفال وكبار السن بشكل خاص.
كما أن ارتفاع عدد السيارات يشكل أيضًا ضغطاً هائلاً على نظم إدارة النفايات في المدن، خاصةً في الأحياء والمناطق المكتظة بالسكان. ومع ازدياد حركة المرور والاكتظاظ، تصبح عملية جمع النفايات أكثر صعوبة وانتظامها تحدياً كبيراً للجهات المختصة. يؤدي هذا الضغط إلى تراكم النفايات في الشوارع والأحياء لفترات أطول، مما يزيد من تلوث البيئة المحيطة ويخلق بيئة خصبة لتكاثر الحشرات الضارة والقوارض التي تهدد الصحة العامة. كما يؤدي تراكم النفايات إلى انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الأمراض، مما يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض ويضاعف العبء على قطاع الرعاية الصحية في المدينة. كما أن نقص الموارد اللوجستية والبنية التحتية المناسبة لإدارة النفايات يُعيق التعامل مع الأزمة بشكل فعّال، ما يجعل الوضع أكثر تعقيداً. في ظل هذا الواقع، يتطلب الأمر تدخلاً عاجلاً لتعزيز البنية التحتية المخصصة لجمع النفايات، مع إطلاق حملات توعية مجتمعية تهدف إلى الحد من توليد النفايات وتعزيز إعادة التدوير، حيث يمكن أن تساعد هذه الجهود في التخفيف من وطأة الأزمة على البيئة وصحة السكان.
إضافة إلى ذلك، لا بد من التنبه إلى أن الحرب والمخاوف من تفاقمها قد تدفع المواطنين إلى التهافت على شراء الوقود وتخزينه، مما يشكل ضغطًا كبيرًا على موارد الوقود في المدينة. ورغم أن هذه الظاهرة لم تتحول بعد إلى أزمة فعلية بفضل توفر المحروقات في الوقت الحالي، إلا أن الخطر يكمن في حدوث نقص أو قيود على الإمدادات، بخاصة في ظل سيناريوهات مشابهة للحصار الذي شهدته البلاد خلال وبعد حرب 2006. في مثل هذه الظروف، يزداد خطر انقطاع الوقود أو تقليص الكميات المتوفرة، مما سيؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين ونشاطاتهم اليومية، لا سيما التنقل والإمداد بالخدمات الأساسية. لذلك، يصبح من الضروري وضع خطة استباقية لترشيد استهلاك الوقود وتنظيم عملية البيع والتوزيع على نحو يحدّ من التبذير، ويوفر كميات كافية للفئات الأكثر حاجة، كالمرافق الصحية وخدمات الطوارئ. هذه الخطة ينبغي أن تكون منسّقة بين السلطات المحلية، مثل البلديات، والسلطات الوطنية، كوزارة الاقتصاد وقوى الأمن الداخلي، لضمان حسن توزيع الموارد والحدّ من عمليات الاحتكار والتلاعب بالأسعار التي قد تتفاقم في مثل هذه الظروف. كما أن هذه الجهات يجب أن تعمل على تطوير نظام توزيع منظم يسمح بتحديد الأولويات وتخصيص الكميات الضرورية لضمان استمرار الخدمات الأساسية.
في الختام، إن تزايد عدد السيارات في المدن اللبنانية في ظل الحرب يعكس تحديات عميقة تتعلق بالبنية التحتية والبيئة والأمن. فقد تسببت الحرب في تفاقم جوانب معينة من أزمة النقل وجعلتها أكثر تعقيدًا، مما أثر بشكل مباشر على جودة الحياة في المدن، خصوصًا في المناطق التي شهدت نزوحًا كثيفًا. بالإضافة إلى الازدحام الذي يعيق الحركة ويزيد من حوادث السير، يشكل تكدس السيارات تهديدًا إضافيًا لأمن وسلامة المواطنين، حيث يؤثر على استجابة فرق الطوارئ ويعطل خدمات الإسعاف والإطفاء. ولا تقتصر الآثار السلبية على الناحية الأمنية، بل تمتد لتشمل التأثيرات البيئية مثل زيادة التلوث الهوائي وتراكم النفايات. إن هذا الوضع يتطلب حلولًا سريعة وشاملة من شأنها تخفيف حدة الأزمة. وبالعمل المشترك بين السلطات المعنية والمجتمع المحلي، يمكن أن تتوجه المدن نحو التخفيف من هذه الأزمة.