يَبدو أن مشروع تأسيس بنك بريدي تونسي لن يرى النّور قريبا بعد أن كان على قاب قوسين من الإنجاز الفِعلي إثر بلوغه مرحلة النضج التقني على مستوى الإعداد. هذا الملف ظلّ يُرحَّل من حكومة إلى أخرى في السنوات الأخيرة، حتى وصل درجة من الضبابية والتعقيد في المسار الذي اتخذه، وتداخلا في المسؤوليات بخصوصه. انطلق هذا المسار إثر تقدّم الديوان الوطني للبريد بتاريخ 31 ديسمبر 2019 بمطلب أوّلي للبنك المركزي لإنشاء بنك بريدي إلكتروني، عَقبه إيداع نهائي لمطلب الرخصة في شهر ديسمبر 2020. ظلّ المطلب يُرواح مكانه في البنك المركزي الذي تجاوز الآجال المنصوص عليها في القانون عدد 48 لسنة 2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية[1] في فصله 30 والذي يفترض الردّ في مدة أقصاها أربعة أشهر سواء بالترخيص المبدئي أو بالرفض، إلى غاية شهر مارس 2022 حِين راسل مؤسسة البريد ليعلمها أنّ المطلب أصبح لاغيا على معنى الفصل 28 من القانون سالف الذكر لعدم استيفاء الإرشادات والوثائق المطلوبة التي طالب بها البنك المركزي في غضون ثلاثة أشهر.
تُبرز هذه المعطيات التناقضات بين البنك المركزي الذي يُحيل إلى أن الخلل متأتّ من الديوان الذي يبدو غير جدّي شكليّا في مسعاه، بينما يؤكّد مدير عام مؤسسة البريد في تصريحاته الأخيرة بخصوص الموضوع أن مطلب الرخصة مكتمل الشروط الإجرائية باعتبار أن دراسة المشروع وإعداد الملف قامت به مؤسسة بنكية مختصة في الغرض «Cap Bank». وبناء على ذلك، ليس للبريد ما يضيف للملف ويرجع الكرّة بدوره للبنك المركزي. وبذلك تحوّل مشروع بعث بنك بريدي من مشروع وطني استراتيجي إلى مجرّد ملف بيروقراطي يحجب الأسباب الحقيقية المُعرقِلة لتحقيق هذا المشروع.
تعود فكرة إنشاء بنك بريدي تونسي إلى سنة 2007، تاريخ أوّل دراسة في الغرض، وقد أخَذَت هذه الفكرة صبغة عمليّة سنة 2016، حيث طُرحَت في مجلس وزاريّ في حقبة رئيس الحكومة الأسبق الحبيب الصيد. وبينما أبرَز الديوان الوطني للبريد إرادة لتفعيل هذا البرنامج تبدو الإرادة مُنعدمة لدى الحكومات المتعاقبة التي لم تتبنّ المشروع ولم تُدافع عنه أمام التعطيلات التي اعترضته. بل أكثر من ذلك، اتّسمَ هذا الملفّ بالضبابية وسوء الفهم للنموذج الاقتصادي لهذا المشروع في المناسبات المحدودة التي طُرح فيها للعموم -في بعض البرامج الإعلامية- إذ يتمّ الحديث على تغيير صبغة مؤسسة البريد؛ أي أن هذا الأخير سيتحوّل إلى مؤسسة بنكية كلاسيكية، بينما الحال هو أن مطلب الرخصة يتعلق ببنك رقمي سينشِئه ديوان البريد في شكل شركة خفية الاسم.
مسارات متعددة لنتيجة واحدة
يندرج تأسيس البنك البريدي في إطار توسعة نشاط البريد الذي فرضت عليه التحولات التكنولوجية وتطوّر قطاع الخدمات تقلّص دوره الكلاسيكي وانغماسه أكثر فأكثر في المعاملات المالية. يعود تأسيس البريد التونسي إلى سنة 1847 من خلال خلق أول نواة توزيع. ومن ثم اتّجهَ نحو تطوير خدماته ليتمّ سنة 1956 إنشاء صندوق الادّخار القومي التونسي. وفي سنة 1998 اتخّذ شكله الحالي بتأسيس الديوان الوطني للبريد تحت مسمى البريد التونسي في شكل مؤسسة عمومية ذات صبغة صناعية وتجارية تتمتع بالاستقلالية المالية والشخصية المعنوية تحت إشراف وزارة تكنولوجيات الإتصال.
تتمثل مهامّ الديوان في تأمين الخدمات البريدية المتعلقة بجمع ونقل وتوزيع المراسلات، والخدمات المالية المتعلقة بالادخار والحسابات الجارية والحوالات البريدية. وبلغت نسبة المعاملات المالية من جملة معاملات البريد 83%. لذلك يُعتَبر تأسيس البنك البريدي نتاجا طبيعيا في صيرورة تطوّر المؤسسة البريدية، بل ويمكن اعتبارها خطوة متأخرة إذا أخذنا بالاعتبار الموقع الاقتصادي للمؤسسة في السوق المالية، إضافة إلى بعض التجارب المقارنة على غرار المغرب.
بشكل عامّ، لا يختلف البنك البريديّ في مهامه عن البنك التجاريّ التقليدي من حيث جمع الودائع ومنح القروض والتصرّف في وسائل الدفع والتحويلات المالية، إضافة إلى خدمات التأمين وعمليات الإيجار المالي. ويكمن الاختلاف في طبيعة المساهمين باعتبار أن البنك البريديّ هي مؤسسة عمومية يتميز بمسؤولية اجتماعية مغايرة لنظرائِه في القطاع الخاصّ تحتّم عليه استراتيجية عمل مختلفة. في ذات السياق، يقوم البنك الإلكتروني ” E-Banking” بنفس المهام ولكن بشكل افتراضي كامل، أي أنه يقدم خدماته حصريا عبر شبكة الإنترنت من دون وجود مادي.
في تونس، لا يُوجد أيّ بنك من هذا الصنف. لذلك يمكن أن يتراءى للملاحظين مبدئيّا أن ديوان البريد سبّاق في مواكبة التطورات التكنولوجية وفي اكتساح مجالات اقتصادية جديدة. غير أن المسار الذي عرفه ملف البنك البريدي صلب الوزارة المشرفة والإدارة المعنية إبان تقديم طلب الرخصة يبيّن واقعا مغايرا. إذ يبدو أن ديوان البريد كان يطمح إلى إنشاء بنك بريدي تقليدي على غرار التجارب السائدة. في هذا السياق، سعى ديوان البريد في وقت سابق للحصول على بنك الزيتونة المُصادر لكن الدولة خَيّرت التفويت فيه لمستثمر أجنبي “ماجدة القطرية”. ومن ثم سعى للحصول على حصة تونس من بنك تونس والإمارات إلا أن الحكومة عارضت ترشحه في آخر لحظة. وقد تمّ اختيار هذا المسار في البداية لتجنّب المرور بعقبة البنك المركزي. إصرار الديوان على تأسيس البنك البريدي والذي يَعكس رغبة إطاراته في تطوير نشاطهم الوظيفي اعترضه صدّ حكوميّ بتعلاّت مختلفة من بينها عدم الرغبة في تأسيس بنك عمومي جديد وفي فقدان وزارة الماليّة سلطتها ورقابتها على النشاط المالي للبريد والتي سيتم إحالتها إلى السلطة النقدية في البلاد بحكم القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية. هذا الجدل لن يكون مفصولا عن شبكة المصالح التي يعبّر عنها مجلس إدارة الديوان الوطني للبريد عبر تمثيلية وزارة المالية والبنك المركزي.
فَشَل هذا التوجه أجبرَ الديوان بمعيّة وزارة الإشراف على المرور بمرحلة التأسيس عن طريق البنك المركزي وتقديم طلب رخصة إنشاء بنك رقمي في المناطق التي تغيب أو تضعف فيها التغطية البنكية، وهي أساسا مناطق ذات طابع ريفيّ تتّسم بضعف الاندماج المالي والنشاط الاقتصادي. فيما تبدو هذه الصيغة مبهمة إلا أنها حظيت بالاختيار من قبل مؤسسة البريد للدفع بحظوظ قبول الملف من السلطة النقدية على اعتبار أنّ البريد بهذا التوجه سيخفّف من درجة منافسته للبنوك. يبيّن ذلك أن مربط الفرس في العراقيل التي تعترض تفعيل مشروع البنك البريدي يكمن في الوفاق البنكي. ويُشار أنّ مجلس إدارة البنك المركزي يتضمن عضوية مرشح من قبل رئيس المجلس البنكي والمالي (الجمعية المهنية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية سابقا) ودائما ما يعكس تداخل التمثيليات في مجالس الإدارة صراع المصالح.
المردودية الاقتصادية
في دراسة نشرها مؤخرا المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية حول “الإدماج المالي ودوره في الحد من الاقتصاد غير المنظم في تونس”[2]، شدّد فيها هذا المعهد على الدور الذي يمكن للبريد أن يلعبه في التقليل من الفوارق الجهوية وفي مراجعة منظومة التعويضات والإدماج المالي في صورة وجود بنك بريدي، لاسيما في ظل توفر بنية تحتية محفّزة بوجود 1046 مكتب بريدي موزعة على كامل البلاد، منها 53% متركّزة في مناطق ريفية، وجميع هذه المكاتب مُجهزة بالانترنت و70% منها متشابكة بمنظومة معلوماتية موحّدة[3].
تستقطب هذه المكاتب يوميا 700000 حريف[4] من مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية. والسّواد الأعظم منها يتصل بالبريد من أجل معاملات مالية. ورغم أن التغطية البريدية موافقة للمعايير الدولية الجاري بها العمل بوجود مكتب لكل 11 ألف مواطن إلا أن الاكتظاظ الحاصل يوميا في مقرات البريد يعكس محدودية انتشار الفروع البنكية وتغطيتها لحاجيات الحرفاء على مستوى الخدمات المالية الدنيا. يَتمظهر ذلك خاصة لدى بعض الشرائح الاجتماعية التي تتسم بالولوج الضعيف أو المنعدم للخدمات البنكية على غرار الطلبة والعمال والمتقاعدين من أصحاب الأجور المتدنية. مَكّن عامل القرب البريد من تكوين شبكة حرفاء واسعة ومتنوعة سمحت له بتسجيل 2 مليون حساب بريد جاري و4 مليون حساب ادّخار بريدي سنة 2020[5]، ومعدل رصيد حسابات للادّخار قدّر بـ2200د.[6] وهو ما يدل على أن البريد يستحوذ على حصّة من السوق متروكة من البنوك يُمثّلها أصحاب الدخل الضعيف بمعدل رصيد ادّخار مُنخفض نسبيا وعدد حسابات ادخار مرتفع مكّن مؤسسة البريد من المساهمة بنسبة 25% في الادّخار الوطني.
تُبيّن هذه الأرقام المكانة التي يحتلّها البريد في السوق المالية الوطنية، وتُحيلنا إلى التساؤل عن القيمة المضافة التي يمكن أن يقدّمها بعث بنك بريدي للاقتصاد المحلّي. في هذا السياق، يُعاني الاقتصاد التونسي من أزمة هيكلية في التمويل على مستوى الشركات الصغرى وعلى مستوى الأفراد من متوسطي وضعاف الدخل التي لا تتوفر فيها شروط الاقتراض حسب المعايير البنكية التونسية على صعيد الدخل أو على صعيد الرّهن. وحتى في حال توفر ذلك، تقف نسبة الفائدة المرتفعة والعمولات المُشطة حائلا أمام هذه الفئات لأنها ستُفقِد القرض جدواه الاقتصادية بالتحديد في ظل توسّع العجز المالي للعائلات التونسية والذي دفَعها إلى البحث عن سلفات صغيرة لمواجهة مناسبات دورية على غرار العودة المدرسية أو ظرفية على غرار المرض، إضافة إلى العجز الذي تعانيه الشركات الصغرى حتى على مستوى رأس المال المتداول. هذه الحاجة إلى التمويل تَدفع جزءًا منهم إلى براثن استغلال شركات القروض الصغرى التي تقيم استراتيجياتها على ارتهان الحريف عبر الإقراض المتتالي والمتدرّج في القيمة.
هذا السياق يُمكن أن يَلعب فيه البنك البريدي دورا متقدما على نطاق التمويل الصغير «Microfinance» وسياسة القروض المُوجهة لتنشيط الاقتصاد عبر استيعاب الشرائح الاجتماعية المهمشة والتي قدّرها البنك الدولي بحوالي 30% إلى 40% من السكان البالغين وبأكثر من نصف الشركات التي لا تتصل البتة أو اتصالها ضعيف بالقطاع المالي التقليدي[1] [7] في بيئة إقتصادية لا تزال فيها الخدمات المالية الشاملة مجزّأة ولا يمكن الوصول إليها بسهولة، ورغم ذلك تتمتع تونس بمنظومة إدخار على مستوى الخدمات الأساسية لأصحاب الدخل المنخفض بفضل البريد. ومثلما تستفيد المجموعة الوطنية من توفير أموال هذه الشريحة من حق هذه الأخيرة الاقتراض في حالة الحاجة.
لا يرمِي البنك البريدي إلى تمويل رؤوس الأموال الكبرى وأصحاب الدّخل المرتفع أو عجز ميزانية الدولة وإنما هو مشروع ذو طابع إجتماعي والتزام مواطني محمول بقيم ومسؤوليات مختلفة عن بقية البنوك باعتباره رافعة للتنمية المحلية ومكافح للإقصاء البنكي، وهو ما يحتّم عليه اعتماد التسعيرات الأرخص في السوق البنكية. وهكذا إعطاء نجاعة اقتصادية للقروض المسداة، مما سيساهم في ترشيد مديونية الأسر المتفاقمة التي تقضّي سنوات في خلاص فوائض القروض البنكية. إضافة إلى ذلك فإن لهذا البنك مسؤولية إيجاد آليات لمرافقة وتمويل من يمرّون بمشاكل السّداد.
في هذا السياق، شهدت دول عدّة تجارب ناجحة للبنوك البريدية في نماذج اقتصادية مختلفة أخذت بعين الاعتبار متطلّبات التنمية المحليّة على غرار بنك الادّخار البريدي الصيني (2007) الذي توجّه أساسا للأفراد والتجّار الوسطاء تحت شعار تعميم التنمية على المجتمع، وهو البنك الأكثر انتشارا في البلاد ونصف فروعه متواجدة في القرى والأوساط الريفية. إذ أن توسّع نشاطه مكّنه من احتلال المرتبة 12 في قائمة كبرى البنوك عالميا[8]. وكذلك البنك البريدي الفرنسي (2006) الذي يمتلك شبكة حرفاء متنوّعة تمتد من الأشخاص الطبيعيين والشركات إلى الجماعات المحلية والمستشفيات والجمعيات وتُموّل قطاعات مختلفة مثل مشاريع السكن الاجتماعي والانتقال الطاقي وتتميز بجودة خدماتها على مستوى الدراسات والمرافقة المالية لحرفائها، ذلك أن حجم نشاطها مكّنها من بلوغ المرتبة 11 في خارطة بنوك منطقة اليورو[9]. وأخيرا البنك البريدي في المغرب (2010) الذي احتلّ سنة 2012 المرتبة الأولى في إفريقيا من قبل الاتحاد البريدي العالمي بخصوص الشمول المالي والخدمات المصرفية للفئات ذات الدخل المنخفض من ذوي الدخل غير المنتظم.[10] وقد ساهم تأسيس البنك البريدي في الترفيع بـ 10% في نسبة أصحاب الحسابات البنكيّة (taux de bancarisation)[11].
تبيّن هذه التجارب الدور التنموي الذي يمكن أن يقوم به البنك البريدي في مسار تكريس العدالة الاجتماعية ودَمقرَطة الخدمات المالية. فمن حقّ متوسطي وضعاف الدخل أن يكون لهم بنك شعبي يرافقهم في تحسين أوضاعهم الاجتماعية في ظلّ تخلي البنوك العمومية التونسية عن دورها الاجتماعي في دعم السّكن وفي تمويل الاستثمارات الصغرى وتحالفها مع الكارتيل البنكي. إضافة إلى الفساد وسوء التصرف الذي ينخرها. زيادة على ذلك يُعتبر البنك البريدي ضرورة للحفاظ على ديمومة البريد كمؤسسة عمومية عبر الترفيع في حجم معاملاته وتقديم خدمات مالية شمولية تمكّنه من عدم خسارة جزء من حرفائه لصالح البنوك بحثا على القروض.
في هذا الإطار، يتطلّب نجاح البنك البريدي صياغة استراتيجيا اقتصادية واضحة تبيّن القطاعات التي سيدعمها ودوره في الاستثمار المحلي والخدمات التي يجب أن تغطّي الحاجيات الخصوصية لحرفائه والشراكات التي سيعقدها. هذه الرؤية لم يُعلن عنها الديوان الوطني للبريد الذي غيَّر توجّهه أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، ليستقرّ على خيار البنك الإلكتروني. نعتقد أن المجتمع التونسي في أمسّ الحاجة إلى بنك اجتماعي تقليدي له وجود مادي يُمكّنه من تقديم الاستشارات والمرافقة الفعّالة وفض النزاعات، خصوصا وأن جزءًا كبيرا من حرفائه يقطن في وسط ريفي تضعف فيه نسبة التمدرس وخدمة الإنترنت.
لكن يبدو جليا أن هذا المشروع سيبقى مُعطّلا من البنك المركزي تحت تأثير سلطة الوفاق البنكي، درءًا لأي منافسة من شأنها تخفيض العمولات وتقديم امتيازات على الادّخار ونسب تحفيزية. هذا الوفاق الذي ما انفكّ يؤكد أنه عقبة أمام تطور الاقتصاد التونسي، بالتوازي مع انعدام الإرادة السياسية لتفعيل مشروع البنك البريدي خاصة وأننا أمام سلوك رئاسي يستثمر في خطاب الفقر والمضامين الاجتماعية مقابل غياب كلي للفعل المادي والبرنامج السياسي العملي.
[1] قانون عدد 48 لسنة 2016 مؤرخ في 11 جويلية 2016، يتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية
[2] L’inclusion financière et son rôle dans la réduction de l’informalité en Tunisie, Sami Mouley, Février 2023, ITES
[3] المصدر السابق
[4] المصدر السابق
[5] Rapport annuel de 2020, site de la Poste Tunisienne
[6] L’inclusion financière et son rôle dans la réduction de l’informalité en Tunisie, Sami Mouley, Février 2023, ITES
[7] Banque Mondiale, « Etat des lieux : inclusion financière en Tunisie – populations à bas revenus et micro-entreprises », 2015.
[8] S&P Global Ratings
[9] La banque postale France
[10] البريد بنك المغرب
[11] L’inclusion financière et son rôle dans la réduction de l’informalité en Tunisie, Sami Mouley, Février 2023, ITES