تعقد محكمة العدل الدولية جلسة علنية يوم الجمعة 19 تمّوز لتلاوة رأيها الاستشاري بشأن التبعات القانونية الناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي المستمرّ للأراضي الفلسطينية وانتهاكه لحقّ الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. وكانت المحكمة قد عقدت طيلة ستة أيام في شباط 2024، وعلى وقع استمرار حرب الإبادة في غزّة، جلسات لسماع المرافعات الشفهية حول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في قضية تعدّ الأكبر في تاريخها حيث شاركت فيها 62 دولة وثلاث منظمات دولية (جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي). بعدما استعرضنا في الجزء الأول من هذه المقالة البعد السياسي العالمي المتمثّل بطغيان الطابع الجنوبي على المشاركات والإجماع على عدم قانونية هذا الاحتلال، نبحث في هذا الجزء الثاني في المسائل القانونية والحجج المقدّمة من قبل المشاركين لإعانة المحكمة في إنجاز مهمتها والإجابة على الأسئلة المطروحة عليها.
للتذكير، كانت الأسئلة التي طرحتها الجمعية العامّة للأمم المتحدّة أمام المحكمة تتعلّق بـ”الآثار القانونية الناتجة عن الممارسات والسياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية”. وهو ما يتطلّب عمليًا جرد لهذه الممارسات وتوصيفها قانونًا وتحديد الآثار القانونية الناتجة عن هذا التوصيف. وكما أشرنا سابقاً، تلاقت معظم المشاركات في طلبها من المحكمة بقبول إبداء رأيها في هذه القضية والإفتاء بعدم قانونية الاحتلال الاسرائيلي وبانتهاكِه المستمرّ لحق الفلسطينيّين بتقرير مصيرهم باستثناء تسع من الدول المشارِكة التي دعمت موقف إسرائيل لجهة حثّ المحكمة على الامتناع عن إبداء رأيها في هذه القضية (كندا، إيطاليا، بريطانيا، هنغاريا، تشيكيا، نورو، توغو، فيجي، زامبيا).
لكنّ النص الحرفي للأسئلة – مثلما صاغته لجنة المسائل السياسيّة الخاصة وإنهاء الاستعمار وأقرّته الجمعية العامّة في قرارها [1]247/77 – جاء أكثر تفصيلًا وتعقيدًا، حيث استند إلى قواعد قانونية وقرارات دولية متعددة، من معاهدات دولية وقواعد عرفية إلزامية وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والمبادئ القانونية التي ترعى المسائل المطروحة أمام المحكمة. وعليه، نستعرض سريعًا أبرز القواعد القانونية المطروحة أمام المحكمة قبل البحث في مواقف المشاركات بشأن مدى انطباقها في القضية الفلسطينية.
أوّلًا، الحقّ في تقرير المصير الوارد في البند الأوّل والبند 55 من ميثاق الأمم المتحدة كأحد أهدافها، والمعرّف في قرار الهيئة العامة للأمم المتحدة رقم 1514(عام 1960)، والمعترف به كأحد مبادئ القانون الدولي المتعلّقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول (القرار رقم 2625 عام 1970). إضافة إلى ذلك، وبحسب المادة الأولى المشتركة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، يشكّل حق تقرير المصير الحق الأوّل من ضمن مجمل الحقوق التي يكرّسها العهدان والتي تنتفي إمكانية ممارستها إذا لم يكن هذا الحق الأساسي مصانًا.
ثانيًا، قواعد القانون الدوليّ الإنساني لجهة مسؤولية سلطة الاحتلال، والواردة في معاهدة لاهاي عام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة عام 1949.
ثالثًأ، قوانين الحرب الواردة في ميثاق الأمم المتحدة (المادة 2 الفقرة الرابعة، والمادتان 42 و51) التي تحظر استخدام القوة المسلحة أو التهديد بها في العلاقات الدولية، إلّا بحال الدفاع عن النفس أو بحال تدخّل مجلس الأمن، إضافة إلى الأحكام العرفية التي استنبطتها في أكثر من مرة محكمة العدل الدولية كجزء أساسي ومكمّل من قانون الحرب (مثل تعريف العدوان، واحترام شرطي التناسب والضرورة). وفي جميع الأحوال، تمنع هذه المبادئ المساس بسيادة الأراضي الدولية، وتحظر مبدأ الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
رابعًا، الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1965)، والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (1973) أي الأبارتايد.
هذا ولم تتطرق الأسئلة بشكل مباشر إلى مدى انتهاك إسرائيل للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو للقانون الدولي الإنساني في مختلف أعمالها العسكريّة. وهو ما ركّزت عليه المستندات المقدّمة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة الذي استند إلى عمل هيئات الأمم المتحدة ومؤسساتها، وتشمل الوثائق التي قدّمها إلى المحكمة تلك الصادرة عن “مختلف الهيئات التابعة للأمم المتحدة المكلفة بقضايا حقوق الإنسان”. فتطرّق في مشاركته إلى حقوق الفلسطينيين من دون ترابط واضح إذ اعتمدت مشاركته تصميما غير متناسق في عناوينه الفرعية، ليس وفقاً للموضوع بل وفقاً للهيئات الأممية التي أنجزتها،. فجاء على الشكل التالي :(1) المستوطنات الإسرائيلية، (2) ظروف حياة الشعب الفلسطيني، (3) النساء والأطفال الفلسطينيين، (4) السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية والوطنية، (5) الحق في تقرير المصير، (6) قضية فلسطين، (7) الوضع في الشرق الأوسط، (8) اللجنة الخاصة المكلفة بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تؤثر على حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، (9) مكتب الأمم المتحدة لإغاثة وأعمال اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط (UNRWA).
وعليه، يتّضح أنّ الأسئلة المطروحة أمام المحكمة تتعلّق بمبادئ شاملة بطبيعتها وتشمل عدة فروع للقانون الدولي، وهو ما أشارت إليه دولة جنوب افريقيا في مذكرتها الخطية. إذ ظهر تباين في كيفية تناول المشاركات لمواقفها حول هذه الأسئلة ومقاربتها لمسألة الاحتلال. ومن المتوقّع أن يقدّم رأي المحكمة، في حال موافقتها على إبداء رأيها في هذه القضية، تصميماً مختلفاً لما قدّمته المشاركات، إذ يحقّ لها إعادة صياغة الأسئلة المطروحة إليها. ومن المتوقع أيضاً أن ينشغل بعض القانونيين والأكاديميين والباحثين في تحليل الإطار القانوني الذي سترسمه المحكمة، بخاصة وأنّ الأسئلة التي تشغلهم في الآونة الأخيرة ترتبط بملاءمة قواعد القانون الدولي بشأن الاحتلال وما إذا تطورت أو يجب تطويرها على ضوء تحوّلات القرن الأخير[2]. من جهتنا، وبعيداً عن القراءة التقنية للمسائل المطروحة من منطلق “القانون لأجل القانون” التي قد تحجب الواقع، ومع كامل حرصنا على احترام الدقة القانونية، نرى أنّه يجب تفسير القانون على نحو يتوافق مع الغايات منه، أي التوّجه نحو إنهاء كل أشكال الاستعمار. من هنا، وبعد مطالعتنا لأكثر من 2472 صفحة من المذكرات الخطية، و710 صفحة من محاضر الجلسات المرافعات الشفهية، نطرح بدورنا قراءتنا لهذه الأسئلة والمشاركات عبر تصميم يناقش المسائل القانونية من دون أن يغيب عنه المحرّك الأساسي لجميع هذه الممارسات، والتي يشكّل بعضها جرائم دولية موصوفة، وهو المشروع الاستعماري والعنصري.
وعليه، وبعد عرض المقاربات المختلفة لمسألة الممارسات الإسرائيلية (1)، ننطلق إلى البحث في الحجج القانونية المقدّمة في المشاركات المتعلّقة بمدى قانونية الاحتلال الإسرائيلي (2) وضمّ إسرائيل للأراضي الفلسطينية (3)، وبجريمة الفصل العنصري المبنية في جوهرها عليه (4)، وهي ممارسات تهدف جميعها إلى حجب حق تقرير المصير عن الفلسطينيين (5). وأخيراً، سوف نتناول في الجزء الثالث من هذه المقالة، موقف المشاركات حول التبعات القانونية الملقاة على جميع الأطراف نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
1. أي مقاربة لعقودٍ من الانتهاكات لمجمل قواعد القانون الدولي؟
شكّل تعقيد الأسئلة المطروحة أمام المحكمة، كما وحجم الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية والمدة الزمنية الطويلة التي يطالها، تحدّيًّا في ترتيبها، ودفع أغلب المشاركات باختيار التركيز على جانب منها من دون الإلمام بكافة جوانبها. وحدها دولة فلسطين[3] تناولت الموضوع بشموليته، مخصّصةً له أكثر من 300 صفحة[4]. لكنّ اختلاف المقاربات ليس نتيجة حصرية لهذا التعقيد، إنّما ينمّ أيضا عن اختلاف المواقف تجاه القضية الفلسطينية بشكل مباشر، أو اختلاف المواقف تجاه القانون الدولي بشكل أعم.
كان لافتا استشهاد بعض دول الجنوب بتجاربها السابقة مع الاستعمار والاحتلال والتمييز العنصري لتبني عليها مرافعاتها وتقدّم حججًا تثبّت ارتكاب إسرائيل لهذه الانتهاكات، وتطرح مقاربتها على ضوء هذا التاريخ. على سبيل المثال، ركّزت جنوب إفريقيا على جريمة الفصل العنصري، وأشارت ممثلتها في مرافعتها الشفهية إلى سخرية القدر في “أن يكون تاريخ جنوب أفريقيا الأليم وتجربته مع الفصل العنصري شكلت مساهمة كبيرة في تطوير القانون الدولي بشأنه”. إذ ساهمت التجربة الأفريقية في تبلور حظر قانوني دولي لممارسته على شكل قاعدة قطعيّة وجريمة دوليّة، حتى أصبحت قاعدة مناهضة الفصل العنصري واحدة من “أكثر القواعد الآمرة التي يُستشهد بها”، لتخلص إلى اعتبار نظام الفصل العنصري الإسرائيلي نموذجًا أكثر تطرّفًا من نظام الفصل ضدّ السود في جنوب إفريقيا. ورأت أنه لا يمكن النظر في الفصل العنصري من دون النظر إلى السياق العام لعدم المشروعية المتأصّلة في الاحتلال، واللذين يهدفان سويا إلى إعاقة حق الفلسطينيين في تقرير المصير. أمّا ناميبيا، فركّزت على كونها “دولة تعرّض شعبها لأوّل إبادة جماعيّة في القرن العشرين ارتكبتها ألمانيا بوحشية، ودولة تعرف جيدًا ألم الاحتلال والاستعمار والتمييز العنصري والأبارتايد”. وبالنظر إلى هشاشة وضعها المناخي، ركّزت المالديف على سياسات وممارسات إسرائيل المتعلّقة بالموارد المائيّة الفلسطينيّة، والتي تقوم على الحرمان والإنكار والتمييز والتدمير، واعتبرتها جزءًا لا يتجزّأ من بسط إسرائيل لسيطرتها بنيّة الاستيلاء على الأراضي بشكل دائم[5]. و قد ركّزت بعض الدول الإسلامية على البعد الديني لمدينة القدس الشرقية، وأدانت الممارسات الاسرائيليّة التي تهدف إلى تغيير طبيعتها الديمغرافية، والتي تنتهك حق المصلّين فيها[6].
كان لافتا أيضا تجلّي الرفض عند بعض المشاركات (أغلبها من دول الجنوب) في تجزئة الانتهاكات المطروحة، فلم تتعامل معها كممارسات منفصلة عن بعضها البعض بل ركّزت على الترابط بيهنا، وإن اختلفت أوجه وأشكال الترابط. فقد قرأت كوبا الممارسات الإسرائيلية على اعتبارها “أعمال إبادة منخفضة الحدّة بقساوة منهجية وفعّالة” واعتبرت مثلًا أنّ حتى جريمة الفصل العنصري تشكّل بحد ذاتها وسيلة لارتكاب الإبادة بحق الفلسطينيين[7]. وعليه، دعت كوبا المحكمة إلى تجاوز دراسة الآثار القانونية البسيطة التي تنشأ عن الانتهاك الصارخ والمنهجي لاتفاقيات جنيف، وأن تنظر إلى “السيّاسات الإسرائيلية بتعدّدها ومنهجيّتها ونطاقها ومدّتها التي تهدف إلى تدمير الشعب الفلسطيني كليًا أو جزئيًا”[8]. وحدّدت فلسطين الهدف الأساسيّ لإسرائيل بالاستيلاء على أرض فلسطين، واقترافها تاليًا كل ممارساتها تحقيقا لهذا الهدف، بما يضع الفلسطينيين أمام 3 خيارات: التطهير العرقي، الأبارتايد أو الإبادة. وأشارت بوليفيا إلى التفاقم المتعمّد لنتائج الممارسات الإسرائيلية عن طريق تراكمها، فأوضحت العلاقة التي تربط ديمومة الاحتلال بإقامة المستوطنات وبعمليات الضمّ والعزل وتجزئة الأراضي الفلسطينية وإخضاع الفلسطينيين إلى نظام فصل عنصري، معتبرةً أنّ كل هذه الممارسات مصمّمة لتسبب نزوح واستبدال الشعب الفلسطيني[9].
على الرغم من تداخل الممارسات المطروحة، ينحصر القانون بتنظيم كلٍّ منها على حدة ليطبّق عليها سلسلة القواعد المنفصلة التي جردناها في المقدّمة. وفي حالات دول “عادية”، يمكن فعلًا مقاربة انتهاكاتها بهذه “البساطة” والجزئية. لكن حين تكون المخالفات بهذه الشمولية، لا يمكن إلّا أن نتوقف أمام ترابطها ونتساءل حول أسبابه ومفاعليها.
فكيف يكون الحال، حين يكون المنتهك هو إسرائيل – التي وإن استطاعت انتزاع شرعيتها كـ”دولة” بين الأمم – تبقى تجسيدًا للمشروع الصهيوني الاستعماري الذي استدعى لتنفيذه اقتراف كل هذه الجرائم، كما جاء في مرافعة جامعة الدول العربية، بتنسيق ومنهجية تامة ومحكمة. فلا الاحتلال، ولا ضمّ الأراضي ولا الاستيطان ولا الفصل العنصري بحدّ ذاتها هي الهدف، بل هي جميعها وسائل لتنفيذ مشروع واحد بصفته آلة استعمارية واحدة، كما يصفه الكاتب الفلسطيني مجد كيال الذي اعتبر أنّ “بعد كل ما شهدنا، لم تعد الصهيونيّة بحاجة للمقاربات، إنما هي نموذج إجرامي كامل وخالص، استخدم نماذج قمع من كل أصقاع الأرض وكل حقب التاريخ، وطوّر نماذج جديدة تُدرّس وتُصدَّر للأنظمة القمعيّة في كل العالم”.
2. عدم قانونية الاحتلال
كما أشرنا في مقالنا الأوّل، أكّدت أغلبية المشاركات على عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية (43 مشاركة من ضمنها 7 من دول الشمال) سواء منذ العام 1967 لمخالفته قواعد الحرب أو بسبب ديمومته. وفيما لم تدافع أيّ من المشاركات عن قانونية الاحتلال، ذهبتْ أقلية منها إلى ثني المحكمة عن إبداء رأيها بشأن قانونيته في محاولة لتحييد القانون الدولي عن هذه المسألة.
ما من مدافع عن قانونية الاحتلال
أشار ممثل المملكة العربية السعودية خلال مرافعته إلى عدم سعي أيّ دولة إلى الدفاع عن قانونية سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة – معتبرًا ذلك بحد ذاته اعترافاً دوليا شاملا بعدم قانونيتها – وإلى كون “إسرائيل نفسها لا تحاول الدفاع عن جوهر سياستها وممارساتها”[10]. وبالفعل، بعد مراجعة مجمل المشاركات أمام المحكمة، لم نجد من يدافع عن قانونية الاحتلال بحد ذاته، علماً أنّ السؤال المطروح على المحكمة يتعدّى مسألة السياسات والممارسات الإسرائيلية ليتطرّق إلى شرعية الاحتلال الإسرائيلي المستمرّ. وهنا، لم نجدْ من يدافع عن شرعيّة هذا الاحتلال بل وجدْنا شبه إجماع على عدم قانونيته. وفي أقلّ المواقف حدّة، حاولت بعض الدول الطلب من المحكمة عدم تناول هذا الموضوع والتركيز على انتهاكات إسرائيل لمسؤوليتها بصفتها سلطة احتلال، معتمدةً سياسة “تحييد” القانون الدولي عن مسألة شرعيّة الاحتلال بحد ذاته. ومن دون أن تعتبره “احتلالًا مشروعًا”، حاولت على الأقل نفي صفة عدم الشرعية عنه (فرنسا، سويسرا، الولايات المتحدة الأميركية).
وفي محاولة لمنع إدانة الاحتلال بشكلٍ مطلق ومبدئيّ، استخدمتْ بعض الدول الداعمة لإسرائيل القانون الدولي الإنسانيّ متجاهلةً تمامًا ميثاق الأمم المتحدة. ولم تقدّم هذه الدول حججا قانونية مشابهة فيما بينها، فيكفي أن نقابل حججها ببعضها البعض – قبل حتى اللجوء إلى مواقف الدول التي دعت المحكمة إلى إعلام عدم قانونية الاحتلال – لتتبيّن عبثيتها وضعفها القانوني. وكان الموقف الفرنسي أكثر هذه المواقف ضعفًا، حيث أشار ممثل فرنسا في مرافعته إلى خطر توصيف الاحتلال على أنّه غير قانوني لأنّ ذلك يؤدّي إلى عدم تطبيق الإطار القانوني للاحتلال (معاهدات جنيف) – بما معناه أنّه يلغي الموجبات الملقاة على سلطة الاحتلال تجاه حماية الشعب الخاضع لسلطتها – وهو ما يؤدي بدوره إلى “نتيجة عبثية وغير منطقية يُحرم فيها السكان المدنيين من الحماية التي يوفرها القانون”[11]. وقد جاء موقف الولايات المتحدة الأميركية ليناقض حجّة فرنسا، حيث أعلنت صراحةً أنّه “لا يهمّ إذا كانت الدولة قد بسطت احتلالها من خلال عدوان (أي أنّه احتلال غير قانوني) أو دفاعا عن النفس (أي أنّه قد يكون احتلالاً قانونياً). حتى في حالة الاحتلال بعد العدوان، يظلّ وضع الاحتلال معترفًا به وفقًا للقانون الدولي الإنساني وتظل حقوق وواجبات سلطة الاحتلال قائمة.” وفيما جاء موقف الولايات المتحدة هنا أقل فداحةً من الموقف الفرنسي، حيث أصابت في تطبيق القانون الدولي الإنساني jus in bello، لكنّها بالمقابل تجاهلت بشكل تام وجود ميثاق الأمم المتحدة وقانون الحرب jus ad bellum. فدعت المحكمة إلى رفض الإجابة على سؤال قانونية الاحتلال أو بطلانه، متذرعةً بغياب “أساس في القانون الدولي”، حاصرة الإطار القانوني الذي يرعى الاحتلال بالقانون الدولي الإنساني[12].
وجاء الموقف السويسري ليرد على الموقف الأمريكي، فلم يلغِ تطبيق قانون الحرب كما فعلت أميركا، إنّما أشار إلى التطبيق الموازي بين القانون الدولي الإنساني وقانون الحرب، محذّراً من عدم جواز إلغاء التمييز بينهما. وأقرّت سويسرا أنّ تطبيق قانون الحرب قد يؤدّي إلى إعلان عدم قانونيّة الاحتلال، وأنّ القانون الدولي الإنساني يبقى ساريا بغض النظر عن مسألة قانونية الاحتلال. ومع كامل تيقّنه لوجود إطارين قانونيين واضحين يرعيان المسألة، ركّز ممثل سويسرا في مرافعته على “الإشكاليات المتعلّقة بالاحتلال الطويل الأمد من وجهة نظر القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان”[13]، من دون أن يقدّم أي تبرير لعدم الغوص في دراسة قانونية الاحتلال من وجهة نظر قانون الحرب. وقد يكمن سبب هذا الخيار ضمنيًا في ما وصفه “غياب أي قاعدة في القانون الدولي الإنساني تحظر الاحتلال طويل الأمد”، ما أمّن له مخرجًا لعدم التطرّق إلى مدى قانونية الاحتلال.
هذه المواقف الثلاث البارزة تظهر تلاعب دول الشمال بالقانون الدولي وببديهيّاته، واستغلالها للقانون الدولي الإنساني، لتقدم لاسرائيل حججاً قد تنفي عنها، بأحسن الأحوال، تهمة عدم قانونية احتلالها، من دون حتى أن تتمكّن من التأكيد على قانونيته. ومهما حاولت هذه الأقلية من دول الشمال تحوير القانون الدولي، تبقى حججها ساقطة لأنّ القانون الدولي لا يعتمد موقفاً حياديًا تجاه الاحتلال.
القانون الدولي ليس حياديا تجاه الاحتلال
صحيح أن القانون الإنساني الدولي لا يُعنى في حد ذاته بشرعية الاحتلال، لكن الوضع يختلف عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي بشكل عام. في حين يقتصر القانون الدولي الإنساني على تعريف الاحتلال باعتباره حالة تخضع فيها أرض معينة “بحكم الأمر الواقع لسلطة جيش العدو”[14]، ويحدد الالتزامات الملقاة على عاتق سلطة الاحتلال بهدف الحفاظ على حقوق الشعب المحتل، فهو ليس معنياً بأي حال من الأحوال بالعملية العسكرية التي أدت إلى إنشاء الاحتلال. بهذا المعنى فقط تُفهم حيادية القانون الدولي الإنساني تجاه شرعية الاحتلال.
تجدر الإشارة هنا إلى اختلاف سرعة ظهور وتطوّر هذين الجزءين من القانون: فالاحتلال كجزء من القانون الدولي الإنساني (jus in bello)، تطوّر على مدى عدة قرون وبالتالي سبق قانون مناهضة الحرب (jus ad bellum). وإذا كان تطوّر هذا الأخير أيضا قد استغرق عدّة قرون، فقد شهد قطيعة واضحة في العام 1945، لذلك يعتبر أحدث من القانون الإنساني. مع صدور ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945، حدث تحول جوهري في المفاهيم حين أصبحت الحرب “محظورة”، عندما كرّس حظر استخدام القوة من قبل الدول في علاقاتها الدولية كمبدأ، وأصبحت الحالات الممكن فيها استخدام العنف مجرّد استثناءات على المبدأ. لذا، إذا كان القانون الدولي قبل عام 1945 لم يعترف بـ”الاحتلال غير القانوني”، فقد تغيّرت الأمور منذ ذلك الحين إذ أصبح القانون الدولي يرعى شرعية العمل الحربي الذي يؤدّي إلى الاحتلال. وبهذا المعنى، يتمّ تطبيق الميثاق على أي نشاط عسكري لتحديد شرعية النشاط العسكري. ونجد بوضوح في قرار الجمعية العامة رقم 2625 (1970)[15] مفهوم الاحتلال “المحظور” (غير القانوني)، حيث جاء في تفسير أوّل مبدأ أنّه “لا يجوز أن يكون إقليم دولة ما موضوعاً لاحتلال عسكري ناتج عن استخدام القوة خلافاً لأحكام الميثاق”.
هذا التطور في القانون الدولي دفع محكمة العدل الدولية في عام 2005 إلى اعتبار أنّ الاحتلال يمكن أن يشكل في حد ذاته عملاً غير مشروع دوليًا[16]، وقادها سابقا في العام 1971 إلى اعتبار أن وجود جنوب إفريقيا في ناميبيا كان بدون سند قانوني وبالتالي فهو غير قانوني. ولم تعتبر المحكمة – كما يحلو لأقلية الدول المؤيدة لنظرية “حياد القانون الدولي” تجاه الاحتلال – أنها أمام احتلال فعلي بحكم الواقع، وأن القانون يحكم ببساطة شروط تنفيذ هذا الاحتلال من دون الاكتراث إلى شرعيته. لا بل أمرت المحكمة جنوب أفريقيا، “المسؤولة عن خلق هذا الوضع وإطالة أمده”، بوضع حد له وأن تنسحب من الأراضي الناميبية. وقد أكّدت أنّ احتلال جنوب افريقيا للأراضي من دون سند قانوني يحمّلها مسؤوليات دولية بسبب انتهاكها المستمر لالتزاماتها.
وقد انعكس أيضًا هذا التطور القانوني في مختلف قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن التي تدين عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 وتطالب بانسحاب القوات الإسرائيلية. وكنا قد أشرنا في مقالتنا التمهيدية لهذه القضية إلى كون نقطة انطلاقها ترشح عن انتقاص من حقوق الفلسطينيين، لأنّها تطلب منهم تشغيل عداد الاحتلال فقط بعد العام 1967، وقبول قيام إسرائيل كدولة بناء على الشرعية الدولية وإن أتت هذه الشرعية على حساب نكبتهم وتهجيرهم. وعلى الرغم من الهشاشة القانونية لما يسمّى ب “حدود 1967″، أصبحت هذه الحدود مرجعًا لرسم الحدود الفاصلة بين “اسرائيل الشرعية” والاحتلال غير الشرعي.
عدم شرعية عدوان 1967
بما أن الاحتلال هو شكل من أشكال استخدام القوة، فإن قانون الحرب jus ad bellum هو الذي يرعى شرعيته الجوهرية، ولا يمكن بالتالي أن يكون قانونيا إلّا إذا كان نتيجة ممارسة حق الدفاع عن النفس، ومتوافقًا مع جميع شروطه: أن يكون نتيجة عدوان دولي، وأن يكون ضروريا ومتناسبًا.
لم تدافع أيٌّ من المشاركات عن شرعية العملية العسكرية الإسرائيلية عام 1967، وأكّدت الأغلبية صراحةً أنّ إسرائيل شنّت حربًا استباقية – محظورة قانونًا – ضد مصر والأردن وسوريا بغياب تامّ لأيّ اعتداء مسلّح عليها، وبغياب حتى أي تهديد فعلي ووشيك حينها. من هنا، ينتفي الشرط الأوّل الذي يبرر اللجوء إلى حق الدفاع عن النفس. وقد ذهبت بعض المشاركات حتى إلى اعتبار الحرب الإسرائيلية بحد ذاتها عدوانًا غير مشروع، وانتهاكًا لكل من المادة 2(4) والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة (ناميبيا، مالديف، اندونيسيا، اسبانيا، بوليفيا، غامبيا، موريتيوس)[17]، ليكون الاحتلال في حد ذاته ومنذ البداية من دون أساس قانوني لأنّه شكّل استخداماً غير مشروع للقوة ويمكن إدانته على أنّه عدوان (جامعة الدول العربية)[18].
وقد استطردت بعض المشاركات في البحث الافتراضي لدحض انتفاء التناسب والضرورة في استمرار الاحتلال (بعد لحظها انتفاء الاعتداء المسلّح الأساسي). فبغض النظر عن ظروف بداية الاحتلال، تشكّل استمراريته في حد ذاتها استخدامًا للقوة. ولذلك يبقى المعيار، في كل الأوقات، لتحديد شرعيته في كونه ضروريًا ومتناسبًا. وعلى فرض اعتبار تعرّض إسرائيل لهجوم مسلّح عام 1967، فإنّ ذلك لا يمكن أن يشكّل تبريرا قانونيا للاحتلال إلّا خلال فترة وجيزة من الأعمال العدائية. بالتالي لم يعد لدى إسرائيل سبب وجيه لمواصلة استخدام القوة المتمثّل بالاحتلال. وحين تتذرّع اسرائيل بالدفاع عن نفسها وعن احتلالها كوسيلة لمنع ظهور تهديدات ضد مواطنيها في المستوطَنات في الضفة الغربية، فهذا يشكّل تدبيراً وقائياً محظوراً، ولا يمكن تبريره لأنّ المستوطنات بحد ذاتها غير مشروعة، فيكون السبيل الوحيد قانوناً ل”حمايتهم” هو وقف وجودهم غير المشروع في هذه الأراضي (جامعة الدول العربية)[19].
3. عدم قانونية الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية
فيما ركّزت العديد من المشاركات على تحوّل الاحتلال إلى عملية الاستيلاء على الأراضي المحظورة قانوناً، ركّزت بعض المشاركات أيضاً على تحقيق إسرائيل الضم “بحكم القانون” عن طريق صدور تشريعات إسرائيلية لهذا الهدف فيما خص القدس وضواحيها، كما “بحكم الواقع” عن طريق مزيج من الممارسات والتصريحات الإسرائيلية التي تعلن ممارسة “السيادة” الإسرائيلية على الاراضي، معتبرة أنّ الاستيطان – الذي يشكّل جريمة حرب بحد ذاته – هو أيضًا وسيلة للضم.
من الاحتلال إلى الضمّ المحظور قانونًا
ميّز إعلان مبادئ القانون الدولي الرسمي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول[20]، بين الاحتلال الذي لا يجوز أن يكون “ناتجا عن استخدام القوة خلافاً لأحكام الميثاق”، وبين الاستيلاء على الأراضي بالقوة المحظور في كل الأحوال، حين نص على ما يلي: “لا يجوز لدولة أخرى أن تستحوذ على أراضي دولة ما بعد التهديد باستخدام القوة أو استخدامها. ولن يتم الاعتراف بأي استحواذ على الأراضي يتم الحصول عليه عن طريق التهديد باستخدام القوة أو استخدامه على أنه قانوني”. فأصرّت مشاركات عديدة التذكير على أنّ مبدأ حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوّة ثابت بغض النظر عن قانونية استخدامها[21]. وعليه، يمّيز القانون الدولي بين الاحتلال وهو ذات طبيعة مؤقّتة ولا ينقل السيادة على الأراضي والذي قد يقبله القانون الدولي في بعض الحالات أو على الأقل يتعامل مع نتائجه من جهة، وبين عملية ضم الأراضي المحظورة من جهة أخرى، وهي عملية دائمة بطبيعتها وتترجم بممارسة السيادة على الأراضي، سواء كانت هذه الممارسة قانونية de jure أو بحكم الواقع de facto .
أشارت مشاركات دول عدّة إلى ضرورة إعادة توصيف الممارسات الإسرائيلية من كونها احتلالا إلى كونها ضمّ لأراضٍ فلسطينية. وهو ما يتماشى مع مواقف الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ركّزت على التناقض بين الاحتلال والضم، معتبرةً أنّ الجانب الإسرائيلي يستخدم الاحتلال من أجل تحقيق الضم[22]. استند هذا الموقف أيضًا إلى تقرير المقرر الخاص السابق المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة[23]، مايكل لينك لعام 2022 الذي اعتبر فيه أنّ الاحتلال الاسرائيلي “الذي لا يرحم” أصبح في العقود الأخيرة “بمثابة ضمّ للأراضي”.
واعتبرت بالتالي عدة مشاركات أنّ الاحتلال غير قانونيّ وأنّه تحوّل إلى سيّاسة الضمّ بسبب ديمومته الزمنيّة التي تتنافى مع طابع الاحتلال المؤقت[24]. فيما اكتفى بعضها الآخر بالإشارة إلى أنّ طول أمد الاحتلال لا يغير الإطار القانوني المطبق، إنّما يزيد من مسؤوليات سلطة الاحتلال لجهة احترام وحماية حقوق الشعب الخاضع للاحتلال (بلجيكا، سويسرا)[25]. في المقابل، أشارت بعض المشاركات إلى أنّ الاحتلال لم يتحوّل بمرور الزمن إلى الضم، إنّما هدف إلى الضم منذ بداياته لأنّ اسرائيل تعمّدت اتخاذ خطوات واتباع سياسات وممارسات لضمان السيطرة الكاملة والدائمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة (فلسطين، بوليفيا)[26].
الضم عن طريق القانون أو الضم المعلن
أدانت عدة مشاركات “القانون الإسرائيلي الأساسي لعام 1980” والذي جعل رسميا من القدس “الكاملة والموحدة عاصمة إسرائيل” والتشريعات التالية التي رسّخته، على الرغم من إدانة مجلس الأمن القاطعة له في 5 أغسطس/آب 1980( السعودية، فلسطين، جنوب افريقيا). أشارت دولة فلسطين إلى اعتماد إسرائيل منذ قيامها عام 1948 لقوانين تضم القدس الغربية إلى أراضيها. ففي آب 1948، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي السيطرة العسكرية الإسرائيلية على القدس الغربية، وأصدرت السلطات الإسرائيلية مراسيم توسّع تطبيق القانون الإسرائيلي على كل منطقة يعتبرها وزير الدفاع “تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي” ليكرّس بذلك إمكانية تطبيق التشريع الإسرائيلي في القدس الغربية[27]. وفي حزيران/يونيو 1967، عدّل الكنيست قوانينه لتوسيع نطاق الصلاحية القضائية الإسرائيلية لتشمل كامل “أرض إسرائيل” وأعطى وزير الداخلية صلاحية توسيع حدود بلدية القدس في حزيران 1967. وفي تحدٍّ كامل لإدانات مجلس الأمن لها، تابعت اسرائيل تعزيز تشريعاتها لترسيخ ضمها للقدس الشرقية، مثلا عبر القانون الصادر عام 2000 والذي يحظر نقل أي سلطة على القدس إلى أي جهة أخرى غير إسرائيل، ويعتبر القدس تشمل “جميع الأراضي التي ضمتها بلدية القدس”.
الاستيطان أو الضم عبر الاستعمار
أكّدت غالبية المشاركات على عدم قانونية المستوطنات الإسرائيلية في الضفّة الغربية (46 مشاركة)، وطالبت بوجوب وقف سياسة الاستيطان و/أو إزالة المستوطنات (33 مشاركة). وكانت محكمة العدل قد خلُصت في رأيها الاستشاري بشأن الجدار عام 2004 إلى اعتبار أنّ ” المستوطنات التي أنشأتها إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة (بما فيها القدس الشرقية) قد أقيمت خلافا للقانون الدولي”[28]. فالمادة 49 (6) من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر على سلطة الاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة، لأنّ القيام بأي تغيير ديمغرافي يشكّل جريمة حرب.
لكنّ سياسة الاستيطان الإسرائيلية تتعدّى كونها جريمة حرب وتأتي تطبيقًا لسياسة توسعيّة تهدف إلى ضم الأراضي بحكم الواقع. هذا ما جاء صراحة في تقرير الأمين العام[29]، حيث ربط صراحة “بين توسيع المستوطنات الإسرائيلية والاستحواذ الدائم على الأراضي الفلسطينية”. واعتبر الأمين العام أنّ “سيّاسات الحكومة الإسرائيلية تتماشى إلى حدّ غير مسبوق مع حركة الاستيطان الإسرائيلية المتمثلة في توسيع سيطرتها على المدى الطويل على الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وفي زيادة دمج تلك المناطق داخل أراضي دولة إسرائيل.” ميّز بالتالي الأمين العام بين السلطات الإسرائيلية من جهة، وحركة الاستيطان من جهة أخرى وأعاب فقط التقارب الحاصل بينهما في “الآونة الأخير”، وذلك بالرغم من أنّ تقريره السابق الصادر عام 2022 كان قد أظهر بوضوح مسؤولية السلطات الإسرائيلية في رسم وممارسة سياسة الاستيطان، من خلال توسّع المستوطنات عبر تعيين الأراضي، وإجراء عمليات التخطيط وإطلاق المناقصات بشأنها، أو من خلال ترسيخ البؤر الاستيطانية، وتسوية أوضاعها “القانونية”[30]. ولم يكتفِ حينها بالإشارة إلى عنف المستوطنين، بل ركّز أيضا على استخدام العنف من قبل القوات الإسرائيلية، في غياب تامّ لأي مساءلة قانونية للمستوطنين.
ومع فضح جرائم إسرائيل على الساحة الدوليّة، يظهر توّجه لدى البعض لإدانة “تطرف” بعض المجتمع الإسرائيلي، كوسيلة لحجب نوايا الاستعمار خلف بعض المتطرفين (سواء كان هذا “التطرف” من قبل المستوطنين أو من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية نفسه)، ليتحوّل بالتالي الخطاب من إدانة المشروع الاستعماري إلى المطالبة بمحاسبة المتطرّفين الأفراد كما يستشفّ من العقوبات الأميركية والأوروبية على قلّة من المستوطنين. وتكمن خطورة هذا التوّجه في التطبيع مع الممارسات الأخرى التي قد تعتبر أقلّ تطرّفًا، حتى لو ظلت غير قانونية في الأساس. أمّا في الواقع، فتبقى الحكومات الاسرائيلية وحركة الاستيطان أدواتٍ مختلفة في آلة استعماريّة واحدة، إذ ركّزت مشاركات عدّة على المسؤولية المتعاقبة لكل الحكومات الإسرائيلية[31]، وعلى الطابع الاستعماري للاحتلال. فاعتبرت الجزائر أنّ “الطريقة التي تدير بها إسرائيل الأرض الفلسطينية المحتلة هي نموذج للممارسات الاستعمارية”. وذكّرت ناميبيا بعدم اعتراف القانون الدولي بـ “الاحتلال الاستعماري” وشبهت سياسات وممارسات إسرائيل إلى حدّ كبير بتلك التي تتبناها القوى الاستعمارية أكثر من تلك التي تتبعها سلطة الاحتلال. أما باكستان، فأصرّت على التذكير بإزالة الحكومة الفرنسية لمليون مستوطن من الجزائر عام 1962 مشددّة أن عدد المستوطنين الفرنسيين كان أكبر من عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية والقدس الشرقية مجموعين، و“أقدم بكثير وأفضل ترسيخًا” منهم.
4. استعمار استيطاني يمارس الأبارتايد
تناولت 37 مشاركة مسألة السياسات والممارسات التمييزية الإسرائيلية التي تعيق جميع جوانب حياة الفلسطينيين، مركّزة على وجه الخصوص على ما يلي:
- الممارسات التمييزية المتعلقة بالنظام القضائي المطبّق على الفلسطينيين والمستوطنين، حيث يخضع الفلسطينيون إلى القضاء العسكري في الضفة الغربية، فيما يخضع المستوطنون اليهود إلى القانون “المدني” الإسرائيلي، على الرغم من وجودهم خارج “الحدود الإقليمية”.
- الممارسات التمييزية المرتبطة باستخدام الأرض والحقوق النابعة منها مثل حق الملكية والسكن والبناء. فتطبق إسرائيل سياسات تمييزية فيما يتعلّق بإصدار تراخيص البناء، وعمليات الهدم والإخلاء القسري، وقوانين المصادرة، وفيما يتعلق بالتخطيط المدني ونظام توزيع الأراضي.
- الممارسات التمييزية في مسائل حرية التنقّل – والحقّ في الإقامة وحريّة مغادرة المنطقة والعودة إليها – سواء داخل أراضي فلسطين أو خارجها. ففي الداخل، تقيّد اسرائيل حرية التنقل للفلسطينيين عبر شبكة معقدة من القيود المفروضة على حرية التنقل تشمل إجراءات قانونية وعراقيل فصل مادية. فيتمثل التمييز في البنى التحتية المسهلة للمستوطنين والممنوعة عن الفلسطينيين، كما يساهم وجود الجدار العازل والمستوطنات والحواجز ونقاط التفتيش العسكرية، وتطبيق نظام التصاريح في خلق عواقب وخيمة على السكان الفلسطينيين. أما خارج فلسطين، فيحرم الفلسطينيون من حقهم التاريخي بالعودة إلى أرضهم فيما تسمح لا بل تحث السياسات الإسرائيلية أيّ يهودي في العالم إلى الانتقال إلى اسرائيل والإقامة فيها.
هنا أيضًا، لم نجد من ينفي الطبيعة التمييزية الواضحة عن الممارسات الإسرائيلية. لكنّ بعض المشاركات أتت متساهلة معها. على سبيل المثال، ارتأتْ فرنسا أن تنوّه في مذكرتها الخطية أنّ “القانون الإنساني الدولي لا يستبعد بالضرورة إمكانية تطبيق أوضاع مختلفة على سكان الأراضي المحتلة”، واعتبرت أنّ “الوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية المحتلّة يثير صعوبات كبيرة فيما يتعلق بالالتزام بمبدأ عدم التمييز”[32]. أمّا سويسرا، فأعربت عن “قلق بشأن احترام مبدأ المساواة أمام القانون” واكتفتْ بالطلب من المحكمة أن تحكم في مسألة انتهاكات حقوق الإنسان، ولا سيما فيما يتعلق بحظر التمييز والمساواة أمام القانون[33].
في المقابل، أكّدت مشاركات عدّة أنّ الممارسات الإسرائيلية ترتقي إلى جريمة الفصل العنصري وتختلف عن أشكال التمييز المحظورة الأخرى. فهي ليست مجرد تدابير منفصلة، بل تشكّل تمييزًا منهجيًا يطال جميع مجالات الحياة الفلسطينية وتندرج ضمن سياسة رسميّة مؤسساتية لفرض هيمنة الدولة على مجموعة عرقية أخرى (جنوب أفريقيا، تشيلي)[34]. واعتبرت أنّ قانون “يهودية الدولة” الذي ينصّ على حصرية ممارسة حق تقرير المصير في إسرائيل للشعب اليهودي[35] دليلٌ إضافيّ يتوّج كلّ الممارسات السابقة واللاحقة. وتميّزت بليز[36] في إشارتها إلى بدء تلقين نظام الفصل العرقي في المدارس الإسرائيلية، من حيث تضمّن المناهج المدرسية خطاب كراهية تجاه الفلسطينيين، وبداية العسكرة الواسعة للمجتمع الإسرائيلي أيضا في نظام التعليم. أبعد من ذلك، أشارت تشيلي إلى إقامة إسرائيل لإطار تشريعي كامل (من إصدار القوانين والتدابير الإدارية، بالإضافة إلى تطبيق وتفسير القانون الدولي من قبل الهيئات الإسرائيلية الرسمية)، بحيث تبدو فيه جميع هذه الممارسات والسياسات شرعيّة في نظر إسرائيل[37]. ومع تجلّي هذا العنصر المؤسساتي، وصلت الممارسات الإسرائيلية إلى حد جريمة الفصل العنصري كما حددته الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (1973)[38].
لكنّ هذه الممارسات لا تنحصر في العقد الأخير، وإن كانت السنوات الأخيرة شهدتْ حراكاً دوليًا (وحتى من قبل المنظمة الحقوقية الإسرائيلية بيتسلم) بالاعتراف بتوصيف الأبارتايد، إنّما تعود أصولها إلى إنشاء إسرائيل عام 1948. فأتت كل جرائم النكبة تطبيقا للمشروع الصهيونيّ المبني على أساس و”في إطار عنصري يميّز الشعب اليهودي عن الشعب الفلسطيني غير اليهودي”[39]. وامتدّت الممارسات “إلى الأراضي المحتلة بعد حرب الأيام الستة عام 1967”[40].
إنّ التدقيق في هذه الممارسات التمييزية التوسعية والاستيطانية، إنّما يدل على أمر واحد: إنّ هذا الفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل هو أداة لتأبيد وجودها الاستعماريّ والاستيطانيّ باعتباره منهجيّة عزل مادي وسياسي للفلسطينيين. فكل هذه الممارسات لا تهدف فقط إلى عزل الفلسطينيين عن الإسرائيليين، بل إلى عزل الفلسطينيين عن بعضهم البعض، ومنع بناء أيّ قدرة ووعي على وحدتهم المادية ووحدة مصيرهم السياسي. كما يظهر جليًّا هدف الممارسات التمييزيّة المتعلقة باستخدام الأرض والتي تحاول نفي وهدم ارتباط الفلسطينيين بأرضهم مع كل قرار هدم “اعتباطي” تأخذه وتنفذه سلطات الاحتلال. كلّ هذه الأساليب المركّبة وغير المباشرة التي يستخدمها الاستعمار لعزل الفلسطينيين وإخضاعهم في شتى مجالات حياتهم من المواطنة، والإقامة، ولم شمل الأسرة، وحرية التنقل والحصول على التعليم والصحة وحرية تكوين الجمعيات، كلها “ميزة جوهريّة تلازم الاستعمار، ومنهجية عزل مادي وسياسي للفلسطينيين بأساليب حديثة”[41].
5. حق تقرير المصير للفلسطينيين بوجه الاستعمار
“كثيرا ما يقال إن الحق في الحياة هو الينبوع الذي تتدفق منه جميع الحقوق الأخرى. ويمكن قول الشيء نفسه عن حق تقرير المصير” – ممثلة جنوب إفريقيا في مرافعتها الشفهية أمام المحكمة.[42]
أجمعت المشاركات أمام المحكمة على الإقرار بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم (51 مشاركة، من ضمنها 40 دولة أعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية)، ومنهم من أصرّ أن تكون هذه الدولة قابلة للعيش وعلى أرض متواصلة، وأدانت انتهاك إسرائيل المستمرّ لحقّ الفلسطينيين في تقرير مصيرهم (47 مشاركة، من ضمنها 8 من دول الشمال).
واعتبرت المشاركات أنّ إسرائيل تعيق ممارسة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في شتى الطرق: فهي لا تعترف أصلاً بهم كشعب ولا بحقهم في تقرير مصيرهم، تقمعهم عبر سياسات الفصل العنصري، تمحو تراثهم، وتحرمهم من الحقوق السياسية والحريات الأساسية عبر تجريم الخطاب السياسي، وتقوّض قدرتهم على الحكم الذاتي وتحديد مستقبلهم. إذ أنّ الممارسات الإسرائيلية تهدف إلى “تجزئة الوجود الفلسطيني على نحو متزايد وتقييد الاستخدام الفلسطيني لأرض الشعب الفلسطيني والموارد الطبيعية. فهو يهدد قدرة الدولة الفلسطينية المستقبلية على البقاء. إن طبيعة النشاط الاستيطاني وحجمه ومدّته لا يمكن أن يكون غرضه إلا عرقلة ممارسة حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بشكل دائم” (ايرلندا).
إنّ أحد عناصر حق تقرير المصير هو مبدأ سلامة الأراضي. فلا يمكن للشعوب أن “تحدّد بحرية وضعها السياسي وتسعى إلى تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”[43] إلّا على أرض واضحة، كاملة وقابلة للعيش. وقد ذكّرت تشيلي بإصرار المحكمة على هذه الصلة الجوهرية بين سلامة الأراضي وحق تقرير المصير في رأيها الاستشاري في قضية شاغوس، وفي موقفها في رأيها الاستشاري في العام 2004 – تطبيقا لنفس المنطق – أن بناء الجدار والنظام المرتبط به يعيق بشدة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير. وعليه، ركّزت عدة مشاركات على ضرورة أن تقام دولة فلسطينية “قابلة للعيش وعلى أرض متواصلة”.
بالإضافة إلى ذلك، ركّز عدد من المشاركات على استيلاء إسرائيل على الموارد الطبيعية الفلسطينية بخاصة المائية والزراعية منها، حيث تتعمّد إسرائيل من خلال سياستها الاستيطانية التوسعية منع الفلسطينيين من استغلال مواردهم الطبيعية وتحويلها إلى المستعمرات. وتعتمد لذلك سياسة محاصرة معظم الأراضي الزراعية ومصادر المياه والخزانات الجوفية في مستوطناتها من خلال حظر تشييد البنية التحتية اللازمة أو إنشاء مناطق عسكرية مغلقة حول هذه الموارد أو إنشاء عقبات إدارية[44].
تشكّل سياسة تجزئة الأرض أيضا وسيلة لإحكام السيطرة على الشعب الفلسطيني. فمثلما تُجزّأ الأرض، يُجزّأ الشعب الفلسطيني ويُفتّت عبر عزل مجموعاته وفئاته عن بعضها البعض. وهذا ما يسمّى ب “التجزئة الاستراتيجية” التي تعمل، من خلال أنظمة معقدة من الضوابط الإدارية، على تقسيم الشعب الفلسطيني إلى عدد من المجموعات الإدارية، بدرجات متفاوتة من الحقوق، وهي تجزئة إنما تهدف إلى منع وحدة الفلسطينيين في الجغرافيا والحقوق، لحرمانهم من وسائل لتحقيق وحدة مصيرهم السياسي[45].
ختامًا، نذكّر أنّ حق تقرير المصير تبلوّر على صعيد القانون الدولي ردًا على الاستعمار، وقد تطوّر وتبلور في جوّ معادٍ للاستعمار ومنادٍ بالتحرّر. فأتت المواثيق الدولية وقرارات الجمعية العامة محاولات أوّلية لتزويد الشعوب الخاضعة للاستعمار بأدوات قانونية قابلة للاستخدام للمطالبة باستقلالها[46]. وفيما أكدّت عدّة مشاركات على الطبيعة الاستعمارية والعنصرية للاحتلال الاسرائيلي، يصبح جلياً أنّ تفكيك هذه المشروع الاستعماري يشكّل شرطاً أساسياً لتمكين الفلسطينيين من ممارسة حقهم بتقرير المصير.
[1] أولاً، ما هي “الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك اسرائيل المستمرّ لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها الطويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 واستيطانها وضمّها له، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافيّ لمدينة القدس الشريف واعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن”؟ وثانياً، ما هو “تأثير هذه السياسات والممارسات على الوضع القانوني للاحتلال والآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة”؟
[2] Philip Spoerri, “The Law of Occupation” in “The Oxford Handbook of International Law in Armed Conflict” (2014). “Some commentators challenge the relevance of the law of occupation head-on while others emphasize that this body of law still serves useful purposes”; Défis contemporains posés au droit international humanitaire – Occupation | Comité international de la Croix-Rouge (icrc.org)
[3] وإلى حدّ معيّن مذكرة جامعة الدول العربية
[4] فتناولت تدريجيا وضع فلسطين في ظل الدولة العثمانية والانتداب البريطاني؛ حرب عام 1967 والاحتلال الإسرائيلي لبقية فلسطين (الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة)؛ مخالفة مبدأ حظر الاستيلاء على الأراضي عن طريق القوة مع تفصيل سياسة إسرائيل في ضم الأراضي الفلسطينية (الضفة والقدس)؛ انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ حظر التمييز العنصري والفصل العنصري؛ حق تقرير المصير؛ بناء إسرائيل للمستوطنات في القدس الشرقية وما حولها وتهجير الفلسطينيين خارج هذه المناطق؛ بناء البنية التحتية والسيطرة عليها واستغلال الموارد الطبيعية في الضفة الغربية من قبل إسرائيل؛وختامًا الآثار القانونية الناتجة عنها.
[5]المالديف، مذكرة خطية، ص.1-2
[6] الإمارات العربية المتحدة، تركيا، الأردن، مجلس التعاون الإسلامي
[7] كوبا، مرافعة الشفهية، محضر 21/02/2024 جلسة قبل الظهر
[8]كوبا، مذكرة خطية، ص. 14
[9] بوليفيا، مذكرة خطية، ص.4
[10]المملكة العربية السعودية، مرافعة شفهية، محضر اليوم الثاني قبل الظهر.
[11]فرنسا، مرافعة شفهية، محضر جلسة اليوم الثالث بعد الظهر، ص. 20
“De l’avis de la France, le caractère indéfiniment prolongé d’une occupation est contraire au fait que celle-ci devrait être provisoire par nature. Pour autant, l’occupation est une question de fait dont découle un régime juridique spécifique. Son caractère prolongé ne suffit pas, à lui seul, à la qualifier d’illicite. Le danger serait qu’un tel constat d’illicéité conduise à soutenir l’inapplicabilité du régime. Cela aboutirait à un résultat manifestement absurde ou déraisonnable où les populations civiles se verraient privées de la protection offerte par ce régime, protection pourtant d’autant plus nécessaire que ladite occupation perdure dans le temps”
[12]الولايات المتحدة الأمريكية، مذكرة خطية ص. 25
[13]سويسرا، مرافعة شفهية، محضر اليوم الخامس بعد الظهر
[14] المادة 1942 معاهدة جنيف الرابعة
[15] مبادئ القانون الدولي الرسمية المتعلّقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول
[16] Activités armées sur le territoire du Congo (République démocratique du Congo c. Ouganda), arrêt, C.I.J. Recueil 2005, p. 280, par. 345
[17] ناميبيا، مذكرة خطية، ص. 41؛ مالديف، مذكرة خطية ص. 5؛ اندونيسيا، مرافعة شفهية، محضر 23/02/2024 جلسة قبل الظهر؛ اسبانيا، مرافعة شفهية، محضر 26/02/2024 جلسة بعد الظهر؛ بوليفيا مرافعة شفهية محضر 20/02/2024 جلسة بعد الظهر ؛ غامبيا مرافعة شفهية محضر 21/02/2024 جلسة بعد الظهر؛ موريتيوس مرافعة شفهية محضر 22/02/2024 جلسة بعد الظهر.
[18] جامعة الدول العربية، مذكرة خطية، ص. 16
[19]جامعة الدول العربية، مذكرة خطية، ص. 22-23؛ بيليز، مذكرة خطية ص.57
[20] قرار جمعية عامة 2625/ 1970
[21]اليابان، مذكرة خطية، ص. 2؛ كوبا، مذكرة خطية، ص. 4
[22] A/RES/77/126, “Les colonies de peuplement israeliennes dans le Territoire palestinien occupe, y compris Jerusalem-Est, et le Golan syrien occupe, 12 Decembre 2022.”
[23]شيلي، مذكرة خطية ص. 33
[24] لوكسمبورغ، بنغلاديش، الأردن، تشيلي، النرويج، الجزائر، غويانا،ايرلندا، ماليزيا، كولومبيا، السنغال، ليبيا، سلوفينيا، مصر.
[25]بلجيكا، مرافعة شفهية، محضر اليوم الثاني جلسة قبل الظهر؛ سويسرا، مذكرة خطية ص.11
[26] بوليفيا، مذكرة خطية ص. 3؛ فلسطين، مذكرة خطية ص.40
[27] فلسطين، مذكرة خطية ، ص. 47
[28] فقرة 120 من الرأي
[29]“لقد دأبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تطوير وتنفيذ سياسات توسيع المستوطنات والاستيلاء عليها من الأراضي الفلسطينية. وتتماشى سياسات الحكومة الحالية في هذا الصدد، إلى حد غير مسبوق، مع أهداف حركة الاستيطان الإسرائيلية المتمثلة في توسيع سيطرتها على المدى الطويل على الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفي الممارسة العملية، زيادة دمج تلك المناطق داخل أراضي دولة إسرائيل.”
25 تشرين الأول/أكتوبر 2023 – A/78/554
[30] بما في ذلك مصادقة محكمة العدل العليا الإسرائيلية على خطة الحكومة لبناء تلفريك يربط القدس الغربية بمركز منظمة استيطانية
[31] المملكة العربية السعودية مرافعة شفهية، محضر 20/02/2024 جلسة قبل الظهر؛ مجلس التعاون الإسلامي، مذكرة خطية ص. 4؛ الجزائر، مذكرة خطية ص. 29
[32] فرنسا، مذكرة خطية، ص. 17-18
[33] سويسرا، مذكرة خطية، ص. 16
[34] تشيلي، مذكرة خطية ص. 28، جنوب افريقيا مذكرة خطية ص. 26
[35] مثلا: الجزائر، السعودية، ناميبيا، تشيلي، بليز
[36] Belize، دولة في أميركا الوسطى
[37] تشيلي، مذكرة خطية، ص. 28
[38] جنوب أفريقيا، مذكرة خطية، ص. 26
[39] جامعة الدول العربية، مرافعة شفهية، محضر اليوم السادس قبل الظهر.
[40] جنوب أفريقيا، مذكرة خطية، ص. 22
[41] “في المعنى الأوسع للفصل العنصريّ”، مجد كيال، جريدة السفير العربي، تاريخ 2017-09-14
[42] محضر جلسة اليوم الثاني، جلسة قبل الظهر، ص. 21
[43] المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
[44] مالديف، مذكرة خطية ص. 15-20؛ تشيلي، مذكرة خطية ص. 18
[45] ناميبيا، مذكرة خطية ص. 43؛ حنوب افريقيا، مرافعة شفهية، محضر 20/02/2024 جلسة قبل الظهر، ص. 14
[46] Anne-Hélène Béranger, “Décolonisation et droit des peuples selon le droit international” in “Le genre humain”. Editions Le Seuil, 2005/1(N 44), pp. 143-156