الاجور في قلب السياسة: اقتراحا قانون لبدل النقل


2012-02-20    |   

الاجور في قلب السياسة: اقتراحا قانون لبدل النقل

الصراع الذي تجابه فيه التيار المتمثل بوزير العمل شربل نحاس والتيار المتمثل برئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي قد تمحور حول مسألتين اثنتين:
اولا، هل تزاد الاجور على اساس معايير موضوعية (مؤشر غلاء المعيشة) بمنأى عن الاستنسابية السياسية ام للحكومة ان تحددها وفق ما تشاء على ضوء توازن القوى؟ واذ نجح التيار الاول في منع الحكومة من اتخاذ قرارات استنسابية بهذا الشأن تبعا للرأي الاستشاري الصادر عن مجلس شورى الدولة في 27-10-2011، فان التيار الثاني قد استعاد بعضا من هذه الاستنسابية من خلال دوره كعراب للاتفاق الرضائي بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية والذي تقرر بموجبه في نهاية المطاف نسبة الزيادة.
والثاني، بدل النقل: فاذ رأى التيار الاول ضرورة دمجه بالاجر، رأى الطرف الثاني على العكس تماما ضرورة في ابقائه منفصلا عنه. وبالطبع، المسألة مهمة: بحيث ان دمجه بالاجر يؤدي الى اخذه بعين الاعتبار عند احتساب اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وعند تحديد تعويض الصرف او نهاية الخدمة، فيما ان ابقاءه خارج الاجر يحرم الاجير من ذلك. وفي هذا الصدد، آلت آراء مجلس شورى الدولة الى دفع الفرقاء كافة الى المجلس النيابي: فمن جهة، ليس للحكومة ان تمدد العمل ببدل النقل طالما انه ليس لها اي تفويض في الزام المتعاقدين بموجبات من هذا النوع، ومن جهة ثانية، ليس لوزير العمل ان يدمج بدل النقل المعمول به سابقا في الاجر طالما ان هذا البدل قد تقرر اصلا بشكل غير قانوني وبموجب مراسيم عدها مجلس شورى الدولة باطلة لصدورها من دون تفويض. وباية حال، وتبعا لاقرار بدل الحد الادنى وزيادة الاجور وفق الاتفاق الرضائي، تعين على هذا الفريق ان ينكفئ وان يسعى بما قدر على حماية مكاسب الاجراء بموجب قانون يمنع ابتزاز الاجراء باسترداد بدلات النقل المدفوعة في حال ابطال المراسيم المتصلة بها[1].
وهذا ما يفسر وجود اقتراحي قانون معجلين ومكررين: الاول صادر عن النائب نبيل دي فريج، والثاني عن النائب ابراهيم كنعان (عن نص الاقتراحين، انظر ادناه). وفي هذا الخصوص، نسجل فوارق ثلاثة اساسية:
الاول، بشأن موضوع التفويض: فاقتراح دي فريج آل الى تفويض الحكومة ليس فقط بتحديد بدل نقل (اقتراح كنعان) بل ايضا بتحديد منحة مدرسية لاولاد الاجراء. وبذلك، يكون اقتراح كنعان قد عكس حذرا ازاء توسيع صلاحية الحكومة في اقرار حقوق للاجراء منفصلة عن الاجر،
الثاني، بشأن طبيعة بدل النقل او المنحة المدرسية. فقد نص اقتراح دي فريج صراحة على ان هذه البدلات لا تعتبر "عنصرا من عناصر الاجر ولا يدفع عن أي منهما أي رسم أو ضريبة أو اشتراك للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولا تدخل في احتساب تعويض نهاية الخدمة". بالمقابل، فان اقتراح كنعان تضمن عبارة لافتة جدا، تعكس الى حد ما ارادة الوزير نحاس في دمج بدل النقل ضمن الاجر، حماية لحقوق الاجراء عند انتهاء الخدمة. فقد نصت المادة 4 منه: "لا يدخل بدل النقل اليومي المقرر ضمن الحد المبين اعلاه في حساب اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الا في ما خص اشتراك نهاية الخدمة".وتاليا، تفتح هذه المادة، في حال اقرارها، الباب امام ادخال بدل النقل عند احتساب تعويض نهاية الخدمة، بما فيه تعويض الصرف التعسفي او ايضا تعويض الانذار.
الثالث، لجهة حماية حقوق الاجراء بشأن بدلات النقل المدفوعة على اساس المراسيم المعرضة للابطال امام مجلس شورى الدولة: فنسجل ان اقتراح كنعان حفظ صراحة للاجراء حق الاحتفاظ بالمبالغ المقبوضة على اساس هذه المراسيم السابقة، فيما لزم اقتراح دي فريج الصمت المطبق بشأنها، وكأنما الامر لا يعنيه. وصمت الاقتراح الاخير، في حال اقراره، انما يبقي الاجراء عرضة لابتزاز اصحاب العمل بهذا الشأن.
الاقتراحان وضعا على جدول اعمال الهيئة العامة للاربعاء القادم وسط حديث عن مسعى الى دمجهما (النهار، 18-2-2012). فلنر. 

اقتراح قانون دي فريج (مأخوذ من موقع now Lebanon)
1 – يجاز للحكومة ان تحدد بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء، عند الاقتضاء، وكلما دعت الحاجة، بدل نقل يومي عن كل يوم حضور فعلي إلى مركز العمل يسدده صاحب العمل للعامل في القطاع الخاص.
2 – يطبق بدل النقل على العاملين في القطاع العام، ويجاز للحكومة فتح الاعتمادات اللازمة لتغطيةالكلفةالإضافية المترتبة على سداد هذا البدل.
3 – تعفى المؤسسات الخاصة والإدارات الرسمية من سداد بدل النقل في حال كانت تؤمن نقل العاملين لديها من مراكز عملهم واليها.
4 – يعاد النظر في بدل النقل تباعا عند وضع خطة للنقل المشترك موضع التنفيذ.
ثانيا: في المنح المدرسية
1 – للحكومة ان تحدد بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء، عند الاقتضاء، وكلما دعت الحاجة، بدل المنحة المدرسية عن اولاد الاجير.
2 – تحدد في المرسوم المذكور شروط الافادة من هذه المنحة والحد الأقصى لهذه المنحة.
ثالثًا: تتخذ المراسيم المشار اليها في كل من البندين اولا وثانيا في ما يتعلق بالقطاع الخاص، بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزير العمل المبني على اتفاق ممثلي أصحاب العمل والعمال.أما في حال عدم التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، فتتخذ هذه المراسيم بناء على اقتراح وزير العمل.
رابعا: تتخذ المراسيم المشار اليها في البند اولا، في ما يتعلق بالقطاع العام، بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزير المال.
خامسًا: لا يعتبر أي من بدل النقل أو المنحة المدرسية عنصرا من عناصر الاجر ولا يدفع عن أي منهما أي رسم أو ضريبة أو اشتراك للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولا تدخل في احتساب تعويض نهاية الخدمة.
سادسًا: يعمل بهذا القانون اعتبارا من 1/2/2012".
 
اقتراح قانون ابراهيم كنعان (مأخوذ من جريدة النهار: 18-2-2012):
وفي الاقتراح مادة وحيدة تنص على الآتي:
1- على صاحب العمل ان يعطي الاجير بدل نقل يومي عن كل يوم حضور فعلي الى مركز العمل تحدد قيمته بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العمل.
2- يجاز للحكومة، بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، اعادة النظر في بدل النقل اليومي كلما دعت الحاجة.
3- يمكن لصاحب العمل الذي يؤمن وسائل النقل او المنامة لاجرائه في مكان العمل ان يعفى من موجب دفع بدل النقل اليومي اذا اختار صاحب العمل توفير الوسائل المذكورة عوضا عن دفع بدل النقل.
4- لا يدخل بدل النقل اليومي المقرر ضمن الحد المبين اعلاه في حساب اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الا في ما خص اشتراك نهاية الخدمة.
5- تبقى المفاعيل التي نتجت عن المادة الرابعة من المرسوم رقم 6263 تاريخ 18/ 1/ 1995 وتعديلاتها قائمة، وتسقط جميع حقوق المراجعة سواء للمطالبة بتحصيل بدلات نقل غير مدفوعة او للمطالبة باسترداد بدلات نقل سبق ان تم تسديدها، وذلك عن كامل الفترة السابقة لتاريخ صدور هذا القانون.ا
6- يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية.
وفي الأسباب الموجبة الآتي: "بموجب القانون الرقم 266 الصادر بتاريخ 23 تشرين الأول 1993 منحت الدولة العاملين في القطاع العام بدل نقل يومي، من اجل مواجهة ارتفاع كلفة الانتقال من والى مركز العمل.
وبموجب المرسوم الرقم 6263 الصادر بتاريخ 18 كانون الثاني 1995 منحت الحكومة العاملين في القطاع الخاص بدل نقل يومي موقت ومنحة تعليم للغاية ذاتها، مستندة في ذلك الى التفويض المعطى لها بموجب القانون رقم 36/67 الصادر بتاريخ 16 ايار 1967.
الا ان بعض اصحاب العمل تقدموا بمراجعات امام مجلس شورى الدولة الذي ابطل اعطاء بدل النقل اليومي ومنح التعليم، بسبب تجاوز حد السلطة المفوضة الى الحكومة بموجب القانون رقم 36/67 المذكور.
اضف الى ذلك ان القانون رقم 717 الصادر بتاريخ 5 تشرين الثاني 1998 فوض الى الحكومة، بمراسيم تتخذ في مجس الوزراء، تعديل بدل النقل اليومي في القطاع العام، الامر الذي اوجد تفاوتاً بين العاملين في كل من هذين القطاعين، لا سيما في ضوء وجود مستخدمين في مؤسسات عامة خاضعة لقانون العمل فيطبق عليهم ما يطبق على العاملين في القطاع الخاص، ومستخدمين آخرين في مؤسسات عامة لا تخضع لقانون العمل فيطبق عليهم ما يطبق على العاملين في القطاع العام.
ولما كان المشترع قد عدّل قانون الضمان الاجتماعي، ولا سيما المواد المتعلقة بالتعويضات العائلية، فمنح العاملين المنتسبين الى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي منحاً تعليمية وفوض الى الحكومة امر تحديدها وشروط استحقاقها بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العمل وإنهاء مجلس ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
لذلك، ومن اجل معالجة هذا الخلل في التشريع، تم اعداد اقتراح القانون المعجل المكرر المرفق الذي نأمل مناقشته وإقراره".
وفي المذكرة لتبرير اعطاء صفة المعجل المكرر ورد الآتي: "لما كان العاملون في القطاع الخاص قد استفادوا من جراء المرسوم الرقم 6263 الصادر بتاريخ 18 كانون الثاني 1995 وتعديلاته اللاحقة، من بدل نقل يومي ومن منح مدرسية وفقاً للأسس المبينة في هذه المراسيم.
ولما كان مجلس شورى الدولة أبطل هذه المراسيم لجهة بدل النقل اليومي والمنح المدرسية بسبب تجاوز حد السلطة المفوضة للحكومة بموجب القانون رقم 36/ 67 الصادر بتاريخ 16 ايار 1967 الامر الذي يمس بحقوق اكتسبها العاملون في القطاع الخاص لمدة تتجاوز السبعة عشر عاماً.
ومن اجل الحفاظ على حقوق العاملين في القطاع الخاص في بدل النقل اليومي، على اعتبار أن منح التعليم قد جرى اقرارها بتعديل قانون الضمان الاجتماعي ولا يحتاج تطبيقها الا لمرسوم تتخذه الحكومة في هذا المجال، لذلك، اعطي اقتراح القانون المرفق صفة المعجل المكرر".
 
 



[1]  م. زبيب، حقوق العمال بخطر، الاخبار، 4-1-2012.
انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني