أمام انحياز دول الشمال العالمي الشديد تجاه إسرائيل في الاعتداءات الحالية على قطاع غزّة، وبغضّ النظر عن جرائمها تجاه المدنيين الفلسطينيين بشكل يُجرّدهم من إنسانيتهم ويُشرع إبادتهم، يبرز موقف اتحاد المحامين الدوليين UIA كواحد من المواقف التي تُضاف إلى المواقف التي تبرّر قتل الفلسطينيين. الاتحاد الذي يضمّ عددًا من نقابات المحامين العرب من بينها لبنان، أصدر بيانًا في 12 تشرين الأوّل يُدين فيه عملية “طوفان الأقصى” ويتجاهل فظائع العدوان الإسرائيلي على غزة، حاول تدارك الأمر بعد توجّه نقابات عربيّة إلى مقاطعته، عبر إصدار بيان جديد في 20 تشرين الأوّل إلّا أنّه لم يكن كافيًا لتهدئة المحامين العرب الّذين يتّجهون إلى مقاطعة مؤتمره السنوي الذي يُعقد في روما ابتداءً من 26 إلى 29 الجاري. وأعربت نقابات المحامين الأعضاء في الاتحاد في الكويت والمغرب والجزائر، والأردن، والعراق وتونس، بالإضافة إلى اتحاد المحامين العرب عن احتجاجها على ما جاء في البيان، وطالبت الاتحاد بسحبه نهائيًا. أمّا في لبنان، فلم يخرج موقف موحّد بين نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس من البيانين الصادرين عن الاتحاد، وانفردت نقابة طرابلس بإصدار بيان يشجب البيانين، معلنة مقاطعة المؤتمر السنوي للاتحاد في روما، فيما لم يصدر عن نقابة المحامين في بيروت سوى تعليق لنقيب المحامين ناضر كسبار ورد في التقرير اليومي الذي تنشره النقابة عن نشاطات النقيب على صفحتها على فيسبوك. وأتى موقف كسبار بعد ساعات من إرسال خمسة محامين لبنانيين كتابًا يُطالبون النقيب بـ “باتخاذ موقف علني، صريح، لا يحمل أي التباس أو مواربة من الموقف المنحاز الصادر عن الاتحاد الدولي للمحامين” نيابة عن قرابة 120 محاميًا فوّضوهم بذلك.
اتحاد منحاز لإسرائيل
يُعرّف الاتحاد عن نفسه أنّه مؤسسة غير سياسية (Apolitical) ومع ذلك لم يردعه ذلك عن إصدار موقف يدعم إسرائيل ويتغاضى عن مشاهد القتلى المدنيين في غزّة. فذهب في أوّل بيان نشره في 12 تشرين الأوّل 2023 موقّعًا باسم رئيسته أوركويلا دي بلاسيو إلى الإعلان عن إدانة “هجمة حماس الفظيعة على إسرائيل ويحثّ على حماية المدنيين، إن كانوا إسرائيليين، فلسطينيين أو من حاملي الجنسيات الأجنيّة، وفقًا للقانون”. ومع أنّه في بدايته أكدّ على ضرورة حماية المدنيين بالمطلق إلّا أنّه حصرها بالمدنيين الإسرائيليين من دون ذكر الفلسطينيين إذ ندد بعملية “حماس” وكأنّها الطرف الوحيد في الصراع ووصفها بـ “الأعمال البغيضة التي تشكّل انتهاكات لسيادة القانون، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”.
ودعا الاتحاد “حماس” إلى الوقف الفوري لهجماتها وإطلاق سراح جميع الرهائن من دون أن يصابوا بأذى. وبذلك يكون الاتحاد قد اعتبر الانتهاكات التي تحصل منذ عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول 2023 وبدء العدوان على غزة بأنّها تحصل من جانب واحد، من دون أن يلحظ الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب يوميًا في غزة والتي هي استمرار لكلّ جرائمها منذ العام 1948 بحق الفلسطينيين. وخلا البيان من أي ملاحظة على وضعية قطاع غزّة الذي يُعد سجنًا مفتوحًا منذ العام 2005، تُحاصره إسرائيل من جميع الجهات وتفرض قيودًا على دخول السلع، كما خلا من أي تذكير بالاحتلال ونظام الفصل العنصري.
ولم تكن الأحداث التي حصلت في الأيّام التي سبقت صدور البيان خافية فقط عن معظم دول الشمال العالمي بل أيضًا غابت عن الاتحاد، بخاصّة في التاسع من تشرين الأول مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت فرض حصار كامل على قطاع غزة، يتضمّن قطع الكهرباء والماء ومنع دخول المواد الغذائية والوقود إلى القطاع. وقال غالانت يومها: “إننا نحارب حيوانات بشرية ونتصرّف تبعًا لذلك”.
وعلى إثر توالي البيانات المندّدة بموقف الاتحاد، عاد الأخير وأصدر بيانًا ثانيًا في محاولة منه لتهدئة غضب المحامين العرب، إلّا أنّ موقفه الثاني بدا أكثر خفّة من الأوّل، إذ دعا فيه “دولة إسرائيل إلى الامتثال للقانون الإنساني الدولي”، من دون استخدام أي عبارات إدانة كما فعل في بيانه الأوّل تجاه “حماس”. وأعرب عن روعه إزاء إصابة أو قتل “الآلاف من الفلسطينيين، بمن فيهم النساء والأطفال”. وشرح متطلبات القانون الدولي الإنساني في “حماية جميع المدنيين” و”احترام مبادئ الحذر والتناسب”. وطالب بإجراء “تحقيق محايد وشفاف في جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي لمحاسبة المسؤولين” وبـ “الوصول الفوري والمستمر للمساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة”.
نقابات عربيّة ترفض انحياز الاتحاد لإسرائيل
برزت المواقف العربيّة مباشرة بعد إصدار الاتحاد الدولي للمحامين موقفها المنحاز لاسرائيل، إذ أعلن الأمين العام لاتحاد المحامين العرب المكاوي بنعيسى في 21 تشرين الأوّل استنكاره لما ورد في بيان الاتحاد الذي وصفه بـ “الجائر والعار في جبين المحامين الذين ينتمون إلى هذه المؤسسة الحقوقية الدولية التي تعنى بالمحامين في العالم”. وطالب بنعيسى رئيسة الاتحاد سحب البيان المساند للكيان الإسرائيلي في عدوانه على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية ومحو آثاره، واعتباره كأنّه لم يكن”. وطالبها بالاعتذار لسائر المحامين العرب على إصدارها للبيان ونشر بيان معاكس في المواقع نفسها التي نشر فيها البيان الأول على ألا يتعدى هذا الإجراء موعد عقد المؤتمر الدولي للمحامين بروما.
وفي 18 تشنرين الأّول، ندّدت الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب ببيان الاتحاد الذي اعتبرته “منحازًا بشكل غير مفهوم للكيان الصهيوني في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني”. وذكّرت الجمعية بـ “دور المحامين تاريخيًا والمتمثل في حماية حقوق الإنسان وحقوق الشعوب بعيدًا عن أي اصطفاف سياسي أو مذهبي أو الجهة المنتهكة للحقوق والحريّات”. وعلى المسار نفسه ذهبت اللجنة الوطنية الجزائرية للاتحاد الدولي للمحامين التي أصدرت بيانًا أعلنت من خلاله “تعليق نشاطاتها مع الاتحاد الدولي، وتعليق ترشح الجزائر لاحتضان المؤتمر السنوي للاتحاد عام 2026”. وطالبت بتوضيح ظروف صدور البيان ومراجعة الموقف.
وفي 20 تشرين الأوّل، أعربت اللجنة الوطنية الكويتية للاتحاد الدولي للمحامين أنّه “بعد البيان المشين من رئيسة الاتّحاد الدولي للمحامين الداعم للكيان الصهيوني وجرائمه، والانحراف الصارخ عن المبادئ الأساسية للاتحاد، تقدّم كلّ من رئيس اللجنة الوطنية الكويتية للاتحاد الدولي للمحامين أ. عبد الرحمن الطاحوس ومستشار رئيس الاتحاد الدولي للمحامين أ. جمانه بهبهاني باستقالتهما رسميًا من مجلس إدارة الاتحاد والعضوية والانسحاب من أعمال المؤتمر السنوي الذي يعقد في روما هذا الشهر. ودعت نقابة المحامين العراقيين كلّ محامي العالم الأحرار إلى استنكار موقف الاتحاد وتعليق العضويّة أو الانسحاب من الاتحاد الدولي ومقاطعة نشاطاته، حتى يعلن موقفًا آخرًا يكون فيه هذا البيان بحكم غير الموجود. وأعلن عميد الهيئة الوطنية للمحامين بتونس حاتم ميزو بدوره مقاطعة أعمال المؤتمر السنوي للاتحاد في روما. كما دعت هيئة المحامين في تونس الاتحاد إلى مراجعة موقفه من العدوان الإسرائيلي الهمجي على الشعب الفلسطيني والرجوع إلى المبادئ النبيلة للاتحاد والتي من أهمّها حق الشعوب في تقرير مصيرها وفي الدفاع عن الحقوق والحريات.
وأصدرت نقابة المحامين الأردنيين بدورها بيانًا في 21 تشرين الأوّل أكدت فيه أنّه في حال تقاعس الاتحاد الدولي للمحامين عن تبنّي الموقف القانوني العادل، فانّ النقابة تعتبر نفسها منسحبة من عضوية الاتحاد، وأنها ستعمل على اتخاذ القرارات المهنية الملزمة لكافة أعضاء النقابة بمقاطعة الاتحاد والانسحاب من عضويته.
لا موقفَ موّحدًا بين نقابتي لبنان
وتتالت المواقف من نقابات المحامين العرب الأعضاء في الاتحاد الرافضة لموقفه والتي تُطالب بسحبه، بما فيها تونس، المغرب، الأردن، الكويت. وفي لبنان عمل محامون بشكل فردي على الضغط على الاتحاد للتراجع عن بيانه وبرز موقف واضح لنقابة المحامين في طرابلس عبر بيانين، فيما اكتفى نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار بموقف مقتضب في النشرة اليومية الخاصة بنشاطات النقابة على صفحتها على فيسبوك دلّ على عدم وجود توافق في الرأي بين أعضاء مجلس النقابة للخروج بموقف موحّد ومباشر من بيان الاتحاد.
وجاء في تعليق كسبار أنّه يشجب “بيان رئيسة الاتحاد الدولي للمحامين أوريكويلا دي بلاسيو، التي خالفت فيه نظام الاتّحاد المبني على الحياد وعدم التدخّل في السياسة؛ خصوصًا وأنّ هدف الاتّحاد هو الحفاظ على المبادئ القانونية والدستورية، وعلى احترام المواثيق الدولية، كما واحترام العدالة التي يجب أن تتوفّر في جميع الدول والمؤسسات والمنظمات”.
في المقابل أصدرت نقيبة المحامين في طرابلس شمال لبنان ماري تراز القوال بيانًا استنكرت فيه موقف الاتحاد الدولي للمحامين، معتبرةً أنّه “تضمّن انحيازًا واضحًا للعدو الاسرائيلي وإدانة للحق الفلسطيني ومقاومته الباسلة، والذي خالفت فيه مبدأ حياد الاتحاد عن السياسة”. وأشارت إلى أنّ “البيان الجديد للاتحاد الدولي للمحامين الذي صدر (في 20 تشرين الأوّل) نتيجة الضغوطات عليه من قبل اتحاد المحامين العرب ونقابات وجمعيات محامين عربية غير كافٍ ولا يدين الهجمات والاعتداءات والمجازر التي يقترفها العدو الإسرائيلي بشكل يومي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وسائر الأراضي الفلسطينية”. وأعلنت القوال “تعليق جميع النشاطات مع الاتحاد الدولي للمحامين بإنتظار الرجوع عن البيان الجائر ومحو أثره”. ودعت المحامين إلى “الامتناع عن المشاركة في المؤتمر المقرّر انعقاده في روما في الخامس والعشرين من الشهر الحالي كخطوة أولى”.
وقد جاء موقف القوال مباشرةً بعد مبادرة مجموعة من المحامين من نقابتي بيروت وطرابلس إلى لفت النظر تجاه الموضوع عبر تقديم عريضة موّجهة إلى النقابتين. ويشرح المحامي محمد صبلوح من نقابة طرابلس الذي قدّم العريضة إلى نقابة طرابلس في حديث مع “المفكرة القانونيّة” أنّه “طالبنا فيها من النقابة مقاطعة أنشطة الاتحاد حتّى يتراجع عن بيانه، ووقّع عليها أكثر من مئة محام ومحامية”. وأكدّ صبلوح “نحن محامون نرفض المساواة بين الضحية والجلّاد”. وتابع صبلوح “هذا موقفنا أمام المجازر التي تحصل بحق الفلسطينيين والتي يذهب ضحيتها الأطفال”. واستنكر “مواقف الدول التي تتغنى بحقوق الإنسان”.
وفي بيروت قدّم خمسة محامين وهم مازن نصر الدين، جاد طعمه، رفيق غريزي ونجيب فرحات ونزار صاغية عريضة مماثلة إلى نقابة المحامين في بيروت لمطالبتها باتخاذ موقف علني، صريح، لا يحمل أي التباس أو مواربة من الموقف المنحاز الصادر عن الاتحاد الدولي للمحامين. واعتبر المحامون أنّ موقف الاتحاد “منحاز، لا يتسم بالحيادية، وأبعد ما يكون عن الموضوعية”. وأنّه “غض الطرف عن واقع الاحتلال والفصل العنصري والانتهاكات اليومية المستمرة والمتمادية لحق الفلسطينيين في الحياة، ومن ضمنها جرائم الحرب المرتكبة خلال الأسبوعين الأخيرين”. وشرح المحامي رفيق غريزي في اتصال مع “المفكرة” بأنّ المطلوب اليوم من الاتحاد التراجع الكامل عن مفعول البيان الأوّل الذي صدر، وإصدار موقف غير منحاز من جرائم الحرب والاعتداءات والجرائم ضدّ الإنسانية”. ويعتبر أنّ البيان الثاني ليس سوى “ترقيعًا للبيان الأوّل”، وأضاف “هذه القضية لا تحتمل أن نكون في موقف رمادي”.
وبالتوازي وجّهت مجموعة من المحامين اللبنانيين في بيروت على رأسهم رئيس الاتحاد السابق المحامي أنطوان عقل كتابًا إلى الاتحاد للتنديد بموقفه المنحاز لإسرائيل. ويقول عقل الذي ترأس الاتحاد في العام 2001 لـ “المفكرة” إنّ هذا “البيان اتخذته رئيسة الاتحاد منفردة، وأنا حين قرأته راسلتها بكتاب استنكار شديد اللهجة وقدّمت استقالتي من الاتحاد”. ومن جهته، يؤكد المحامي جو كرم لـ “المفكرة”، أنّ “مجموعة من المحامين أرسلت كتاب احتجاج واتخذنا قرار تعليق عضويتنا في الاتحاد”. يُتابع كرم “اضطر المكتب التنفيذي في الاتحاد أن يجتمع ويعدّل البيان”. بالنسبة لكرم فإنّ البيان المعدّل غير كافٍ، إذ أظهر الجانبين المتحاربين وكأنّهما متساوييْن. وعليه، يتوقع كرم إحجام مشاركة المحامين اللبنانيّين في مؤتمر روما. عدا عن ذلك، يلفت المحامي كرم إلى أنّ عددًا من المحامين اللبنانيين توقفوا عن تجديد اشتراكاتهم في الاتحاد كون الاتحاد لم يراع الظروف الاقتصاديّة التي تمرّ بها البلاد، ورسوم الاشتراك خارج مقدرة الكثير منهم إذ تتراوح بين 200 و300 يورو في السنة، هذا عدا عن كلفة المشاركة في المؤتمرات التي تتراوح بين 1000 و3000 يورو. ويلفت إلى أنّ الحضور اللبناني في الاتحاد أدّى إلى عقد 9 مؤتمرات هامّة في لبنان وانتخاب المحامي أنطوان عقل رئيسًا للاتحاد عام 2001. ويشرح أنّه “على الرغم من أنّ الحضور العربي لا يزال متواضعًا في هذا الاتحاد إلّا أنّه أثبت فعاليته فاضطروا لتعديل البيان”.
مرشحون لمنصب النقيب في بيروت يندّدون بالجرائم الإسرائيلية
وفيما ظلّ غياب الموقف الرسمي عن مجلس نقابة محامي بيروت، عبّر بعض أعضاء المجلس المرشّحين لمنصب نقيب المحامين في الانتخابات المقبلة لـ “المفكّرة” عن رفضهم لبيان الاتحاد. فاعتبر المرشح ألكسندر نجّار في حديثه مع “المفكرة” أنّه لا يُمكن لشخص الادعاء أنّه يدافع عن الحق وفي الوقت نفسه يصمت عن المجازر التي ترتكب، وكان بالأحرى أن ينتبه الاتحاد أنّه جامع لنقابات من مختلف الدول ومن بينها الدول العربيّة فلا يصدر بيان كهذا من دون معرفة موقفها. نجّار شرح أنّ البيان لم يلحظ المعاهدات الدولية والقانون الدولي، وسأل: “هل الإنسان له قيمة في مكان ومكان آخر لا قيمة له؟”. وأشار إلى أنّه “منذ سنوات وأنا لا أجدد انتسابي لهذا الاتحاد ولو كنت لا زلت منتسبًا لكنت استقلت من عضويتي في الاتحاد رفضًا لهذا البيان”. بدوره، المرشح عبدو لحّود أكدّ أنّه يعتبر أنّ الاتحاد أظهر انحيازه للصهيونيّة ضدّ حقوق الشعوب، وحق الفلسطينيين والاستقلال والعيش بكرامة. كذلك يعتبر المرّشح وجيه مسعد أنّ البيان منحاز مؤكدًا أنّ “ما يحصل اليوم في غزّة هو عمل إجرامي وهو قتل جماعي للفلسطينيين”. ويُضيف “على الاتحاد أن ينظر بالعينتين لا بعين واحدة، عليه أن ينظر إلى المرأة الحامل والأطفال والمنازل التي هدّمت”. ويعتبر مسعد أنّ دفاع الفلسطينيين عن أرضهم جرّاء طردهم من أرضهم وتهديم منازلهم حق طبيعي ومشروع.
المرشح شوقي شريم (وهو ليس عضوًا حاليًا في مجلس النقابة) يشرح بدوره أنّ بيان اتحاد المحامين الدوليين يتجاهل الجرم المتمادي والمستمر باغتصاب فلسطين واحتلالها والاعتداء على شعبها في كل يوم من قبل العدو الإسرائيلي. وسأل “أليس في ذلك مخالفة لما تفرضه القوانين التي ترعى حقوق الإنسان؟”. وتابع “ألا يُشكّل ما يقوم به العدو الإسرائيلي من تعرّضه للمدنيين وقتل الأطفال والنساء والمسنين جرائم إبادة جماعية تعاقب عليها القوانين”. وتابع: “ألا يحقّ للشعب المحاصر والمحتل والمسجون في أرضه أن يرفع عينًا في وجه مخرز أو يدًا في مجابهة جلّاد لحماية حقه في العيش وحقه في تقرير مصيره”.
نقابة المحامين الدولية على خطى الاتحاد بدعم اسرائيل
أتى توجّه الاتحاد الدولي للمحامين في بيانه الأوّل مشابهًا لموقف “نقابة المحامين الدوليين” IBA (نقابتا لبنان ليستا من أعضائها) في بيان صادر عن رئيسته في 11 تشرين الأوّل الذي دان “حماس” حصرًا من دون أن يعطي أي اعتبار لأرواح الفلسطينيين. واعتبر البيان أنّ “لإسرائيل حق أصيل في الدفاع عن النفس من الهجمات غير القانونية (لـ “حماس”) وعلى ضرورة حماية السكان المدنيين من الأذى والتزام الأعمال العسكرية بالمبادئ القانونية الدولية للتفرقة بين المدنيين وغير المدنيين والتناسب”. ولم يتناول البيان واقع احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بشكل مخالف للقانون الدولي وتجاهل حقّ الفلسطينيين المشروع في مقاومة الاحتلال. واللافت أنّ النقابة نفسها أنشأت عام 1995 معهد حقوق الإنسان (IBAHRI) في عهد الرئيس الفخري المؤسّس نيلسون مانديلا، وهو كيان مستقل يعمل على تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وإنفاذها بموجب سيادة القانون العادلة، والحفاظ على استقلال القضاء والمهنة القانونية في جميع أنحاء العالم. وتُناقض نقابة المحامين الدولية نفسها بالفخر بنيلسون مانديلا الذي كان من أبرز المناضلين ضد نظام الفصل العنصري وهو النظام ذاته الذي تفرضه إسرائيل في فلسطين المحتلة.