مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراءها، يوم 6 أكتوبر المقبل، تَشهد البلاد موجة من القرارات والمراسيم والقوانين في مجالات ومسائل شتى، كما تَجهَد جهات رسمية وأخرى غير رسمية مقربة من السلطة أو مساندة لها في الترويج لجملة من الإحصائيات والأرقام والمؤشرات التي ترى فيها دليلا على حجم “الإنجازات” التي حققها “مسار 25 جويلية”.
من الطبيعي أن تسعى السلطة وأنصارها إلى التعظيم من شأن حصيلة العهدة الرئاسية المنقضية، لكن القواعد الديمقراطية تفترض أن يكون للمترشحين الآخرين إمكانية مناقشة هذه الإنجازات ومقارعتها بالأرقام والحجج والبدائل خلال حوارات ومناظرات تليفزيونية يتواجَه فيها جميع المعنيين بالوصول إلى القصر الرئاسي. لكن الوضع القائم حاليا في تونس بعيد عن كل هذا، لذا سيكون من المفيد تفحص بعض أبرز هذه “الإنجازات” والتمعن في مدى واقعيتها وأهميتها.
مؤشرات اقتصادية “وردية”
_ تونس تُسدد ديونها:
تونس تسدد 80 % من ديونها، هذا واحد من أكثر الأخبار الاقتصادية تداولاً في الصفحات المساندة لـ”مسار 25 جويلية” خلال الأسابيع الفائتة، وعادة ما يُنشر هذا “الخبر المفرح” من دون معطيات إضافية أو مع التغاضي عن السياق العام. مصدر هذا الرقم هو البنك المركزي، الذي أعلن أن تونس سددت إلى حدود 10 أوت الفائت 9760،9 مليون دينارا أو ما يعادل 79،3 % من أقساط الديون الخارجية الواجب خلاصها خلال سنة 2024 والتي تبلغ قيمتها 12315 مليون دينارا. ونحن نتحدث هنا عن الدين الخارجي فقط، إذ إن حجم الدين الإجمالي لسنة 2024 سيكون حوالي 24700 مليون دينار. ويذكر هنا إن حجم الدين الداخلي شهد خلال الأشهر الأولى من سنة 2024 ارتفاعا بنسبة 24،9 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2023. وتبلغ نسبة الدين العمومي في تونس حوالي 78 % من الناتج المحلي الخام، وتقدر قيمته بحوالي 127 مليار دينار تونسي.
_ تحسن التصنيف الائتماني لتونس:
في 16 سبتمبر أصدرت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش ريتنغز” تحديثا في تقييمها لوضع الاقتصاد التونسي ورفعت تصنيفه من “سي سي سي سلبي” إلى “سي سي سي ايجابي” ( + CCC) وهو ما أبهج الكثير من أنصار الرئيس المنتهية ولايته واعتبروه مؤشرا إضافيا على تَعافي الاقتصاد بفضل جهود قيس سعيّد والحكومة. التصنيف الجديد وإن كان يعني تحسنا طفيفا فإنه لم يُخرج تونس من دائرة البلدان التي قد يواجه مقرضوها مخاطر عالية في استخلاص أموالهم. وقد بررت الوكالة الأمريكية الترفيع في تصنيف تونس بعدة مؤشرات من أهمها تَعزّز الثقة في قدرة الحكومة التونسية على جمع الموارد المالية اللازمة لتسديد أقساط ديونها الخارجية، إذ نجحت في ضمان الحصول على تمويلات خارجية بقيمة 2،8 مليار دولار خلال الأشهر الأولى من سنة 2024 مع إمكانية اقتراض 500 مليون دولار إضافية قبل نهاية السنة.
_ تقلص العجز في الميزان التجاري:
في 12 سبتمبر الجاري أكد المعهد الوطني للإحصاء تقلص العجز في المبادلات التجارية من 12191 مليون دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2023 إلى 11924 مليون خلال نفس الفترة من سنة 2024 . ويعود الفضل في هذا التقلص إلى حصيلة الميزان التجاري الفلاحي، فحسب الأرقام الرسمية سجلت تونس في شهر أوت الفائت فائضا قدره 1606،2 مليون دينارا، وتطورت الصادرات بنسبة 35،4 % في حين تراجعت الواردات بنسبة 11 %. وتحقق هذا الفائض بفضل تطور عائدات صادرات زيت الزيتون (62 % ) والتمور (20 %) وتراجع الواردات من السكر بنسبة 39،6 % والحبوب بنسبة 19،7 %. وهذا يعني أن تقلص العجز مرتبط أساسا بعوامل ظرفية (محاصيل فلاحية) وسياسات حكومية تقشفية تمس حتى السلع الغذائية الأساسية.
الحقوق الاجتماعية
_ قانون عطلة الأمومة:
في 13 أوت الفائت دخل القانون عدد 44 لسنة 2024 المتعلق بـ”عطل الأمومة والأبوة في الوظيفة العمومية والقطاع العام والقطاع الخاص” حيز التنفيذ. ومن أهم ما جاء فيه من اجراءات تمديد عطلة ما بعد الولادة لتصبح ثلاثة أشهر كاملة خالصة الأجر بعد أن كانت شهرين للعاملات في القطاع العام وشهر واحد للعاملات في القطاع الخاص، مع التمتع بعطلة بأسبوعين خلال الشهر الأخير من فترة الحمل، وإمكانية الحصول بعد ذلك على عطلة أمومة مقابل نصف الأجر. وهكذا يصبح مجموع العطلة خالصة الأجر 14 أسبوعا، وهي المدة التي تعتبرها منظمة العمل الدولية الحد الأدنى حسب بنود الإتفاقية 183. ولئن يعتبر القانون الجديد إنجازا مقارنة بالقوانين السابقة سواء من حيث طول مدة العطلة أو إلغاء أغلب أوجه التمييز بين العاملات في القطاع العام والخاص وكذلك الأخذ بعين الاعتبار حالات المولود الميت والمواليد الخدّج والحاملين لأمراض تستوجب رعاية خاصة، فإنه لم يستجب إلى مطالب المجتمع المدني فيما يخص إقرار “عطلة والدية” بدلا من عطلة أمومة يمكن للأم والأب تقاسمها وفق ظروفهما ومصلحة المولود الجديد. وكانت حكومة نجلاء بودن قد أعلنت في أكتوبر 2021 أن مشروع القانون شبه جاهز وستقع المصادقة عليه سريعا، فتطلب الأمر ثلاث سنوات.
_ إلغاء العمل بنظام المناولة:
تحتفي عديد الصفحات والجهات المساندة للرئيس سعيّد بإنهاء العمل بنظام المناولة في تونس وتعتبره من الإنجازات الاجتماعية الكبرى التي تحققت في عهدته الرئاسية الأولى. لكن وعلى الرغم من حديث الرئيس سعيّد المستمر حول ضرورة الإسراع بإنهاء نظام المناولة وبقية أشكال التشغيل الهش في القطاعين العام والخاص، وتوجيهاته المتكررة لرؤساء الحكومة، وآخرها خلال إشرافه على مجلس الوزراء في 13 سبتمبر الجاري، فإنه ليس هناك تقدم كبير في الملف منذ 23 فيفري الفائت، تاريخ إصدار رئاسة الحكومة لأمر يقضي بتحجير إبرام عقود مناولة جديدة بالقطاع العمومي. وهذه ليست المرة الأولى التي تُقرّر فيها الدولة إلغاء هذه الآلية في القطاع العمومي إذ سبق أن وقّعت اتفاقيات مع الاتحاد العام التونسي للشغل في أفريل 2011 ونوفمبر 2013 لإنهاء العمل بالمناولة، واتفاقيات في 2015 و2018 لإدماج المنتفعين بالآلية 16 والآلية 20، بالإضافة إلى اتفاق أكتوبر 2020 لتسوية وضعية عمال الحضائر وانتداب 30 ألفا منهم في المؤسسات العمومية. وإذا ما كان تحسين الأوضاع بضعة عشرات الآلاف في القطاع العام تطلّب سنوات من التفاوض وعشرات الاتفاقات، فماذا عن القطاع الخاص الذي يشغل حوالي ثلاثة ملايين تونسي؟
_ تسوية وضعية المتعاقدين في وزارة التربية:
في 2 أوت الفائت نشرت الصفحة الرسمية لوزارة التربية بلاغا يَزُفّ بشرى سارة إلى آلاف المتعاقدين معها: رئيس الجمهورية أمر بانتداب قرابة 3000 من المعلمين الذين قاموا بنيابات في المدارس الابتدائية ما بين سبتمبر 2006 وجوان 2024، وحوالي 8000 من الأساتذة الذين أمّنوا فترات تعويض في المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية ما بين سبتمبر 2008 وجوان 2024، و1200 عون تأطير ومرشد تطبيقي متعاقدين. لكن الاحتفاء الرسمي والإعلامي بالقرار الرئاسي غطى على حقيقة أن الانتداب سيتم على دفعات وليس دفعة واحدة، وإلى حد تاريخ كتابة هذه السطور لم تصدر أوامر ترتيبية ورزنامات تضبط تاريخ كل دفعة وعدد المشمولين بها. غادرت وزيرة التربية التي أعلنت عن قرار الانتداب، منصبها واستقبل رئيس الجمهورية خَلفها، في 2 سبتمبر، الجاري و”جدد التأكيد على ضرورة إيجاد حل نهائي وعادل لملف المعلمين والأساتذة النواب بما يحفظ حقوق جميع الأطراف”.
مشاريع كبرى بالشراكة مع الصين
حظيت زيارة رئيس الحكومة، كمال المدوري، إلى الصين من 02 إلى 06 سبتمبر 2024 بتغطية إعلامية كبيرة واحتفت بها عدة صفحات ومواقع الكترونية رسمية ومناصرة باعتبارها ستُمهّد لتعاون شامل مع العملاق الآسيوي، خاصة وإنها أتت بعد أشهر قليلة من زيارة الدولة التي أداها الرئيس سعيّد إلى الصين أواخر شهر ماي الفائت.
هذا الابتهاج بتطور العلاقات مع الصين مرده الأساسي الأمل في إمكانية تكفل الصين بحل جزء كبير من مشاكل تونس على مستوى البنى التحتية والمشاريع الكبرى التي يسعى رئيس الجمهورية إلى تنفيذها منذ سنوات وتتعثر لأسباب تقنية ومالية متعددة. ومن أبرز هذه المشاريع “مدينة الأغالبة الصحية” في القيروان، المشروع الصحي الضخم متعدد الاختصاصات الذي أعلن عنه قيس سعيد في فيفري 2020 لكنه تعثر لمدة سنوات، قبل أن يُعلن الرئيس في شهر سبتمبر الجاري عن قرب الانطلاق في تنفيذه إثر توقيع مذكرة تفاهم مع الصين في هذا الصدد. كما تحدث رئيس الجمهورية عن مشاريع أخرى ستُشرف الصين على انجازها مثل اعادة تهيئة الحي الأولمبي بالمنزه والقطار السريع الذي سيربط شمال البلاد بجنوبها. وذكرت رئاسة الحكومة مشاريع أخرى من بينها بناء محطة لتوليد الطاقة الشمسية وتوسعة مستشفى جامعي في صفاقس وبناء مستشفى لعلاج الأورام في ولاية قابس. طبعا أغلب هذه “الانجازات” المستقبلية تحظى بدعاية كبيرة دون أي تفاصيل اضافية حول التكلفة المالية والجهات المنفذة، حتى ان كثيرين يعتقدون أنها ستكون كلها في شكل هبات ومساعدات.
لكن سفير الصين في تونس لا يبدو متأثرا بكل هذا الحماس، فخلال حوار أجرته معه الإذاعة الوطنية التونسية يوم 18 سبتمبر الجاري حرص على وضع النقاط على الحروف. أكد استمرار الصين في دعم تونس، لكنه أوضح أن هذا الدعم سيكون متعدد الأشكال: هبات واستثمارات وقروض تجارية. وأشار إلى أن أشغال المستشفيات ستكون في شكل هبة، لكن المشاريع الأخرى ضخمة وتستوجب القيام بدراسات معمقة حول الجدوى والتكلفة وعقد اتفاقيات بين الدولتين، كما أنها ستخضع لقواعد السوق والاستثمار. وأضاف أن بلاده تشجع الشركات الصينية الخاصة على الاستثمار في تونس وتقديم عروض لإنجاز المشاريع الكبرى.
لا نعلم إن كانت الصين ستنجز كل هذه المشاريع، وكم تبلغ التكلفة المالية -والسياسية- لهذا التعويل الكبير على دولة أجنبية لإنجاز البنى التحتية، ولا مدة إنجاز المشاريع في صورة التوافق حولها بين البلدين، لكن ما هو مؤكد ان هناك عجز تجاري كبير في ميزان المبادلات بين البلدين لصالح الصين، وهو في تطور مستمر في السنوات الأخيرة: 5422،041 مليون دينار في 2018، و5850 مليون دينار في 2019، و8532،5 مليون دينار في 2022، و8418،3 مليون دينار في 2023.
التقدم في تنفيذ البرنامج السياسي الاجتماعي الرئاسي
_ دعم الشركات الأهلية:
خلال اجتماعه بوزير أملاك الدولة في 09 سبتمبر الجاري، شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة مراجعة النظام القانوني لتسويغ أملاك الدولة وتكريس مبدأ الأولوية لمن يتقدم بمشاريع لإنشاء شركات أهلية. وبعد هذا الاجتماع بيومين أصدرت وزارة التشغيل والتكوين المهني بلاغا تُعلن فيه عن تخصيص منحة لدعم الشركات الأهلية، كما قررت يوم 18 سبتمبر الجاري إلغاء شرط طلب دراسة المؤثرات على المحيط عند طلب صرف المنحة.
هذه الإجراءات ليست إلا حزمة من بين حزمات أخرى اتُّخِذَت لدعم الشركات الأهلية التي تُشكل أهم أعمدة “مشروع” قيس سعيد الاقتصادي، ويسعى أنصار “مسار 25 جويلية” إلى تصويرها كفكرة غير مسبوقة لخلق الثروة وتشغيل الشباب. بغض النظر عن واقعية الآمال المعلقة عليها، فإن مسار بعث هذه الشركات يشهد تعثرا واضحا. سنتان ونصف مرت على صدور المرسوم عدد 15 المُتعلق بالشّركات الأهلية. وكانت الدولة قد رصدت خط تمويل لهذه الشركات في ميزانية 2023 وأبقت عليه في ميزانية 2024. كما تم استحداث منصب كاتب دولة مكلف بالشركات الأهلية في جانفي 2024. ولا يتوقف رئيس الجمهورية على مطالبة الحكومة بتذليل العقبات أمام هذه الشركات، كما طلب بشكل مباشر من البنوك تقديم تمويلات بشروط ميسرة للباعثين الجدد.
وعلى الرغم من كل هذه التحفيزات فإن عدد الشركات الأهلية التي استكملت إجراءات الترسيم بالسجل التجاري لم يتجاوز 75 شركة إلى حدود منتصف جويلية 2024 حسب تصريحات رسمية لمسؤول في وزارة التشغيل والتكوين المهني.
_ تنظيم العلاقة بين الغرفتين البرلمانيتين:
في 13 سبتمبر أصدر رئيس الجمهورية المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلس نوّاب الشّعب والمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم. ويُعتَبر هذا المرسوم الحجر التشريعي الأخير في بناء “الديمقراطية القاعدية” التي تُشكّل العمود الفقري للنظام السياسي الذي يبشر به قيس سعيّد منذ سنوات. تركيبة المجلس الوطني للجهات والأقاليم تقوم على تصعيد -بالقرعة- نواب من مجالس الجهات هم أيضا تم تصعيدهم من المجالس المحلية التي انتُخِبَ أعضائها مطلع سنة 2024. في شهر مارس من نفس السنة أشرفت هيئة الانتخابات على إجراء عمليات القرعة لتصعيد أعضاء من المجالس المحلية إلى المجالس الجهوية ثم إلى “المجلس الوطني للجهات والأقاليم” الذي عقَدَ جلسته العامة الافتتاحية في 19 أفريل الفائت. وفي مطلع شهري جوان وسبتمبر تم إجراء عمليات قرعة أخرى لتجديد تركيبة المجالس الجهوية. كل هذا من دون مرسوم يضبط بدقة صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم وعلاقته بمجلس نواب الشعب. كا أنه لم يتم إصدار نص قانوني جديد يضبط صلاحيات النواة الأولى للـ”ديمقراطية القاعدية” أي المجالس المحلية. المرسوم قضم صلاحيات مجلس نواب الشعب المحدودة، وساوَى بين مجلس تتغير تركيبته بالقرعة كل بضعة أشهر ومجلس منتخب بشكل مباشر لمدة خمس سنوات.
_ مرسوم إحداث المجلس الأعلى للتربية:
بعد طول انتظار صدر في 16 سبتمبر الجاري المرسوم الرئاسي عدد 2 لسنة 2024 المتعلق بتنظيم المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم. هذا المجلس كان من بين وعود الحملة الانتخابية الرئاسية للمترشح قيس سعيّد في رئاسيات 2019، وأفرده بباب في دستور 25 جويلية 2022. وتتمثل أهمية المؤسسة الجديدة في الآمال الكبيرة المعلقة عليها لقيادة إصلاح تعليمي شامل وناجع.
المجلس حسب الفصل 2 من المرسوم “هيئة دستورية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلالية المالية”، لكن بقية الفصول تضعه عمليا تحت سيطرة السلطة التنفيذية، فرئاسته ستكون بالتناوب كل 6 أشهر بين الوزراء المكلفين بالتربية، والتعليم العالي، والتشغيل والتكوين المهني، والأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، والشباب والرياضة، والشؤون الدينية، والثقافة. هؤلاء الوزراء هم كذلك أعضاء الهيئة العليا للمجلس التي تضم أيضا “سبعة أعضاء من ذوي الخبرة والكفاءة” يتم تعيينهم باقتراح من الوزراء و”رئيس هيئة الخبراء” و”رئيس هيئة التقييم” و”ممثل عن النقابة الأكثر تمثيلا، يتم اختياره من النقابة التي يمثلها ويُدعى كلما تضمّن جدول الأعمال مسائل تتعلق بالحق النقابي في القطاع الذي يمثله”. ويضبط رئيس الهيئة العليا معايير اختيار أعضاء هيئتي الخبراء والتقييم. مما يعني أن المجلس ستقوده الحكومة وتختار بقية أعضائه باستثناء الممثل النقابي. هذا المقعد النقابي ليس قارا، علاوة على أنه سيتم تقاسَمه بين نقابات مختلف الأسلاك المعنية.
التونسيات والتونسيون بحاجة إلى الأمل والأخبار المفرحة، خاصة بعد سنوات طويلة من التأزم الاقتصادي والاحتقان المجتمعي والسياسي. لكن، هذا لا يبرر الاحتفاء المبالغ فيه بقوانين ومؤشرات بعضها مازال حبرا على ورق، وبعضها الآخر لا يرقى لأن يُعتبر انجازا، بل يدخل ضمن المهام العادية المحمولة على الدولة والسلطة. علاوة على هذا، فإن التدفق السريع للقرارات والقوانين في مدة قصيرة يخلق “زحمة” لا تسمح بنقاش عقلاني ومعمق حول أهميتها وتأثيرها المستقبلي.