من إحدى الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
للوهلة الأولى يبدو الإخلاء مجرّد فعل انتقال من مكان غير آمن إلى آخر آمن، يُخال إلينا، نحن الذين نعيش خارج خرائط الإخلاء (حتى الآن)، أنّ مُعضلة الإخلاء الكبرى تكمن في إيجاد المكان الآمن، ولذلك ربما نسأل مع كلّ إنذار إسرائيلي للإخلاء وما يليه من موجة نزوح، عن أيّ أماكن ستتّسع لهؤلاء قبل أن نبدأ بمشاهدة عائلات تفترش الأرض في الساحات العامّة أو كورنيش البحر. صحيح أنّ الناس في الحروب قد يفاضلون تلقائيًّا بين خسارة وأخرى، وقد تطغى مأساة على أخرى، فيصبح السؤال الأساسي في موضوع الإخلاء عن المكان الآمن وبشكل أقلّ عن الطريق الآمن، إلّا أنّ ثمة تفاصيل أخرى تخصّ فقط من كان يومًا داخل خريطة الإخلاء وقفز خارجها على عجل ليلًا مقتنعًا بأنّه سيعود صباحًا.
تفاصيل مثل أن تضع العائلات جدول مناوبة ليليًّا لرصد الإنذارات وتحذير أقاربها وجيرانها. أو أن تتمنّى لو كنت أكثر براعة في قراءة الخرائط الجويّة لترسم بسرعة طريقًا آمنًا لإخلاء عائلتك. أو أن تعجز عن حزم حقيبة للإخلاء لأنّك تريد أخذ بيتك كلّه، أو أن يكون أحد أفراد العائلة عاجزًا وعليك أن تحمله خارج الخطر. أو أن تشعر باستحالة الاستعداد لإخلاء فوري ولو كان متوقّعًا لأنّك تارة تفكّر أنّه مؤقّت وطورًا تشعر بأنّه قد يطول، وأن تُفاضل بين مكان وآخر ليس فقط على أساس الأمان بل أيضًا على أساس قربه من منزلك المُخلى.
تفاصيل كثيرة تحدّث عنها من التقيناهم ممّن اضطرّوا لإخلاء منازلهم في الضاحية الجنوبيّة لبيروت بعد إنذارات صدرت عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي منذ السابع والعشرين من أيلول الماضي. إنذارات متكرّرة عمد المتحدّث إلى نشرها على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي (“إكس” وفيسبوك) بشكل شبه يومي. ومع الوقت أصبح الناس لا سيّما سكّان الضاحية أو من لديه أقارب فيها ينتظرونها ليعرفوا مصيرهم أو ليحذّروا غيرهم. إنذارات تليها سلسلة غارات تأتي في بعض الأحيان بعد خمسة عشر دقيقة وفي أحيان أخرى تستهدف مواقع لم تكن ضمن خرائط التحذير أصلًا. خمسة عشر دقيقة ليست فقط غير كافية لحزم حقيبة بل حتى أيضًا لإيقاظ من كان نائمًا من أفراد العائلة ولاسيّما أنّ معظم الإنذارات كانت تأتي في ساعات الليل المتأخّرة وساعات الفجر الأولى. دقائق ليست كافية لنزول درج أو لتلمّس أقلّ الطرقات خطرًا للوصول إلى مكان آمن، كما ردّد كثيرون ممّن التقيناهم، مشيرين إلى أنّهم سمعوا الغارات أو عرفوا بها ما أن وصلوا إلى مكان آمن أو حتّى قبل ذلك، وأنّهم حبسوا أنفاسهم مع كلّ خطوة على طريق ليس لأحد أن يجزم أنّها آمنة حتّى الأمّهات اللواتي حاولن على الطريق تهدئة أطفالهنّ وإخبارهنّ بأنّ لا شيء يدعو للخوف.
يروي من التقيناهم من أهالي الضاحية الجنوبية كيف ساروا مع جموع يحمل بعضهم حقيبة وبعضهم حرامًا وبعضهم اكتفى بالإمساك بيد شخص عزيزٍ عليه بقوّة.
30 منشورًا حمل كلّ منها أكثر من أمر بالإخلاء لمبانٍ في أحياء مختلفة في الضاحية الجنوبيّة، من دون تحديد مهل معيّنة للإخلاء أو إعطاء وقت كاف له، ما حوّل الإنذارات وفقًا لـ “المفّكرة” إلى أمر بالتهجير، وإلى أداة لترهيب المدنيين وستر جرائم الحرب بدلًا من أن تكون أداة لحماية المدنيين من العمليات العدائية.
وكانت هذه التفاصيل أيضًا دفعت منظمة العفو الدولية إلى وصف إنذارات الإخلاء لسكّان ضاحية بيروت الجنوبية وأهالي الجنوب بالمُضلّلة في بعض الأحيان، لاسيّما أنّ تحليل الإنذارات لم يتضمّن خرائط مضلّلة فحسب، بل صدر بعضه أيضًا في غضون مهلة قصيرة من شنّ الغارات وفي منتصف الليل وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، أي في الوقت الذي يكون فيه الكثير من الناس نائمين أو غير متصلين بالإنترنت أو لا يتابعون التقارير الإعلامية.
شواطئ البحر والساحات العامّة
منذ توسّع العدوان في الثالث والعشرين من أيلول الماضي وقبله حتّى والضاحية الجنوبيّة لبيروت تشهد موجات نزوح، كان رُبّما أكبرها يوم الجمعة في السابع والعشرين منه بعد الغارة العنيفة التي اغتالت فيها إسرائيل أمين عام حزب الله حسن نصر لله والإنذار الأوّل الذي تلاها في تلك الليلة وكان موّجهًا إلى بعض أحيائها بالإخلاء. إلّا أنّ النزوح لم يكن نهائيّا لعدد كبيرٍ من العائلات التي عاشت بعد ذلك إخلاءات مُتكرّرة لاسيّما في الأحياء التي طالتها الغارات بشكل أقلّ.
كانت شواطئ البحر والحدائق والساحات العامّة وحتّى المقابر وجهات أساسيّة قصدها من أخلى بيته في الضاحية على وقع الإنذارات الإسرائيلية، وجهات لم تكن في معظم الأحيان نهائيّة، بل محطّات تفصل بين إنذارين وبالتالي بين إخلاء وآخر.
“أبقى هنا ليلًا، وأعود إلى منزلي في المريجة نهارًا، أقضي ما يسمح لي الهدوء بين الغارات من وقت وأعود” يقول شاب التقيناه في حرش بيروت متحدّثًا عن أمان بات يشعر فيه في الأماكن المفتوحة “هنا لا سقف ينزل علينا، وحديقة عامّة نأمل أنّ العدو لن يستهدفها” يُضيف.
في إنذارات الإخلاء الأولى، كان الشاب يخرج مع والديه إلى حرش بيروت على درّاجة ناريّة. كانوا يقضون ساعات وبعدها يعودون إلى منزلهم. ولكن مؤخّرًا وبعد توسّع الغارات وصعوبة الحياة في الضاحية، أخلى والدا هذا الشاب المنزل “لم يعد من الممكن العيش هناك، الحيّ شبه فارغ، روائح كريهة تنبعث من كلّ شارع، الدمار في كلّ مكان ولا مقوّمات للحياة” يقول. ويضيف: “قرّر والداي قبل 10 أيّام تقريبًا ترك المنزل والانتقال إلى مدرسة وأنا بقيت هنا، وحدي أزور المنزل بشكل شبه يومي وأعود إلى الحديقة”.
كثيرون ممّن أخلوا منازلهم في الضاحية لا يزالون يتردّدون إليها، يتفقّدونها ويتفقّدون منازل جيرانهم وأقاربهم ممّن نزح أو أخلى ويعودون إليهم بالخبر اليقين عن حال هذه المنازل، وفي بعض الأحيان وإن كان ذلك مُمكنًا يحملون معهم بعض الأغراض الأساسيّة.
ليس الاطمئنان على المنزل السبب الوحيد الذي يدفع هؤلاء إلى العودة، بل أيضًا الحاجة إلى أخذ قسط من الراحة من التشرّد.
في حرش بيروت أيضًا، حيث تفترش الأرض منذ أيّام، تُخبرنا سيّدة بأنّ أفرادًا من خليّة الأزمة في بلدية بيروت تواصلوا معها ومع عائلات أخرى في المكان بهدف الانتقال إلى مدرسة خارج بيروت. لكنّها لا تريد أن تكون بعيدة عن منزلها في الضاحية ولا عن ابنتها التي لا تزال في حيّ السلّم في الضاحية أيضًا. تخبرنا أنّ ابنتها مع كلّ إنذار بالإخلاء تتوجّه هي وأولادها وزوجها إلى المقبرة القريبة، تجلس فيها لساعات، تنتظر وقوع الغارات التي هدّد الجيش الإسرائيلي بتنفيذها، أحيانًا تسمع صوتها، أحيانًا تشعر فقط بالهزّات التي تسببها. تمرّ ساعات والعائلة جالسة بين القبور، وما أن تهدأ الغارات حتّى يعود الجميع إلى المنزل في حي السلّم. لم تكن ابنتها تريد ترك الضاحية كي لا تبدأ ما تُسمّيه مأساة النزوح التي قد تطول ما دام هناك سقف يأويها وعائلتها.
كما حرش بيروت والمقبرة كذلك شاطئ البحر وكورنيشه محطّات مؤقّتة أو دائمة للمهجّرين. ليالٍ كثيرة قضتها آيات وزوجها في سيّارتهما على الكورنيش في بيروت، فمع كلّ إنذار بالإخلاء في الضاحية الجنوبيّة كان الكورنيش وجهة آيات وزوجها، وكان سقف سيّارتهما الصغيرة أمانهما: “مرّات كنّا نقضي الليل بطوله ومرّات كنّا نرجع بعد انتهاء الغارات على المنطقة المهدّدة” تقول آيات لـ “المفكرة”.
وفي ظلّ تكرّر الإنذارات والغارات على الضاحية الجنوبيّة كان من الصعب أن تبقى آيات وحدها في المنزل نهارًا أيضًا وزوجها في العمل، لذلك قرّرا أن ترافقه يوميًا. “كنّا نركن السيّارة في مكان قريب من عمله، وأنتظر داخلها حتى انتهاء دوامه، وبعدها إمّا نعود إلى المنزل إذا كان الأمر ممكنًا أو إلى الكورنيش بانتظار أن تهدأ الغارات”.
كانت العودة إلى المنزل بالنسبة لآيات وزوجها بمثابة استراحة بين إخلاءين مؤقّتين محتّمين “منروح مناكل لقمة، منرتاح، منتفقّد البيت، منغسّل ومنرجع لسيّارتنا” ولكنّ الغارات التي استهدفت الضاحية في الأسبوع الأوّل من هذا الشهر حرمتهما من هذه الاستراحة بعدما تضرّر منزلهما وبعدما باتت العودة إليه صعبة جدَّا.
عن هلع الطريق
في الإخلاء الأخير الذي لا تزال تصرّ على اعتباره مؤقّتًا وإن طال، عاشت آيات لحظات مُرعبة حين خرجت من برج البراجنة. لم يكن منزلها أو حتّى حيّها ضمن نطاق إنذارات الإخلاء في ذلك اليوم، ولا ضمن مساحة الـ 500 متر التي غالبًا ما تأتي ملحقة بالإنذارات والتي أشارت منظمة العفو الدولية أنّها مساحة مضللة، إلّا أنّ عصف الغارات ودمارها وصلا إلى المبنى حيث تسكن ما اضطّرها إلى الخروج. “من الضغط طار باب مدخل المبنى، وبدا وكأنّنا أصبحنا أنا وزوجي حبيسي المنزل، بدأ الجيران يصرخون ويركضون باتجاه مدخل مقفل، ركضت إلى الشرفة بقصد القفز منها ونحن في الطابق الأوّل، لم أقفز، صرخ أحد الجيران ليعلمنا أنّ المدخل ليس مغلقًا بالكامل”.
ركضت آيات نحو الدرج الذي كان نزوله صعبًا “كان مُعتمًا مغطّى بأسلاك كهربائيّة وحجارة، كنت أشعر بها تحت قدميّ” تقول. عندما خرجت من المدخل نظرت آيات وزوجها سريعًا إلى السيّارة التي تمثّل سقفها وأمانها في الإخلاءات السابقة، كانت متضرّرة فسارت معه مشيًا إلى حيّ قريب حيث يسكن أقاربهما، ومن ثمّ غادرا وأقاربهما الضاحية الجنوبيّة، ريثما تنتهي الحرب.
لا تذكر آيات التاريخ و”تقول ليل السبت الماضي” أي 5 تشرين الأول. وبالعودة إلى الإنذارات التي نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، نرى أنّه في ليل ذلك اليوم، أُنذر سكان حارة حريك الملاصقة لبرج البراجنة والشويفات العمروسية عند الساعة 10:49 مساء ووقعت الغارات في المنطقتين بعد وقت قليل من الإنذار.
كان من الصعب جدًّا على من التقيناهم ممّن خرجوا من الضاحية على وقع إنذارات الإخلاء، ولاسيّما الإنذارات الأولى، الحديث عن طريق رحلة الخروج من الضاحية الجنوبيّة أو أقلّه من حدود خريطة الإخلاء، بعضهم وصف المشهد بـ “يوم القيامة” وبعضهم “بمشهد من فيلم خيالي” وبعضهم شبّهه بـ “مشاهد الإخلاء في غزّة” وجميعهم تحدّثوا عن أطفال يُمسكون بذويهم بقوّة، عن أمّ تحمل طفلًا وتجرّ آخر، عن مسنّين بعضهم كان وحده وإن سار مع جموع الناس إلى أيّ وجهة خارج حدود التهديدات.
“لا أستطيع تحديد الوقت بدقّة، أظنّ أنّها كانت حوالي الحادية والنصف ليلًا، بعض منّا كان نائمًا وبعضنا يستعّد لنوم كان صعبًا في الأيام الأخيرة، وفجأة سمعنا حركة غريبة في الشارع وكأنّه استفاق فجأة بعد أن خفّت الحركة فيه حتّى نهارًا، بدأ سيل من الرسائل يصلنا على مجموعات واتساب من أقارب وأصدقاء طالبين منّا أن نُخلي فورًا، وكذلك كان شبّان يصرخون من الشارع، أخلوا أخلوا هلّق!”، تقول سيّدة اضطرّت أن تُخلي منزلها في الليلكي بعد إنذار بالإخلاء.
لا تملك هذه السيّدة كما الكثيرين ممّن التقيناهم أيّ حساب على وسائل التواصل الاجتماعي ، ولا تُجيد قراءة الخرائط، “حتّى لو كنّا نجيد قراءة الخرائط لن نُجيدها في تلك اللحظة” تُضيف.
جمّعت أفراد عائلتها ونزلت إلى المدخل، كانوا 8 بينهم أحفادها الأربعة، أصغرهم عمره سنة ونصف السنة وأكبرهم خمسة. تصف تلك السيّدة لـ “المفكّرة” كيف وقعت على الدرج فتأذّت رجلها إلى حدّ بات معه المشي صعبًا، وكيف وقفت في المدخل مع أحفادها تنتظر أيّ سيّارة تُخرجها. “كان الناس يركضون خارجين من الحي، كانوا أكثر بكثير من السيّارات، ولم نستطع تأمين أيّ سيّارة”.
مشيت حتّى دوّار الكفاءات “الدوّار ليس بعيدًا، فشخة، ولكنّنا شعرنا كأنّه في قارة أخرى، أمشي وأسحب أحفادي أتأكّد أنّهم لا زالوا معي، أنظر إلى الأعلى وأدعوا أن نخرج من الضاحية قبل أن تمطر السماء غارات” تقول. ما أن وصلت إلى دوّار الكفاءات حتّى نقلها وعائلتها شابّان حضرا إلى المنطقة لمساعدة الناس بالإخلاء “توزّعنا على درّاجتين ناريّتين، أوصلتنا إلى حرش بيروت وهنا تنفّسنا الصعداء”.
علي أيضًا لا يملك حسابًا على وسائل التواصل الإجتماعي ووجد نفسه فجأة وهو المقيم في شارع قريب من “الميكانيك” في الحدث ضمن خريطة الإخلاء التي وصلته من خلال مجموعات إخباريّة. “عن أيّ شعور ممكن أن أخبرك، عن بحثي عن منزلي في الخريطة؟ لم أستطع تمييز المبنى قرأت فقط شارع الميكانيك، وسارعت للخروج”. خرج علي من المبنى كما خرج الجيران وسكّان الحي، فكّروا في الطريق التي يمكن أن توصلهم أسرع إلى برّ الأمان فاختاروا التوجّه إلى الحدث “ركضنا أنا زوجتي، حملنا ولدينا (3 و8 سنوات) مشينا حتّى مستشفى السان جورج”.
لا يذكر علي الساعة ولكنّه يذكر أنّها كانت ليلًا وأنّ الطريق كان مزدخمًا بالناس ليس بالسيّارات، وأنّه من جانب مستشفى السان جورج نقلته وعائلته سيّارة إلى مكان خارج خريطة الإخلاءات، ومن ثمّ نقلتهم سيّارة أخرى إلى حرش بيروت، ومن الحرش نقل علي عائلته إلى مدرسة خارج بيروت.
لا يمكن الاستعداد لإخلاء فوري ولو كان متوقّعًا
على غصن شجرة في حرش بيروت حيث تفترش وعائلتها منذ 30 أيلول الماضي الأرض، علّقت سيّدة نزحت من الليلكي قفص عصفور حملته معها يوم أخلت منزلها في الليلكي كما حملت أحفادها. لم تكن هذه السيّدة وعلى الرغم من الإنذارات بالإخلاء المتكرّرة حضّرت أيّ حقيبة للإخلاء، واكتفت بتجميع أوراق تعتبرها أساسيّة في حقيبة يد، وعندما طُلب منها إخلاء المنزل ركضت إلى حبل الغسيل جمّعت ما عليه من ملابس وحملت عصفورها وسارت مع السائرين.
لم يتعامل سكّان الضاحية مع فعل الإخلاء وكأنّه إخلاء نهائي كما يُخبرنا مُعظم من التقيناهم، لذلك لم يفكّروا كثيرًا بما سيحملون معهم إذا ما طُلب منهم الإخلاء، ولم يُحضّر معظمهم حقيبة لأنّه “لا يُمكن الاستعداد لإخلاء ولو كان متوقّعًا” كما تقول زينب.
بعد تكرار استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت وبعد توالي إنذارات الإخلاء، قرّرت زينب المُقيمة في برج البراجنة أن تحضّر حقيبة أسمتها حقيبة الإخلاء، وحقيبة أخرى أصغر للأوراق والمستندات. كان تحضير الحقيبة الصغيرة سهلًا أمّا الحقيبة الثانية فلم تتمكّن من تحضيرها طوال أكثر من أسبوع “ربما كنت أريد أن آخذ البيت كلّه فلم أتمكّن من تحديد الأولويّات، وربّما لم أكن أصدّق بأنّني سأترك البيت فكّرت لأيام بحقيبة الإخلاء ويوم أخليت لم أُخرج معي شيئًا” تقول.
علي أيضًا كان يريد أن يأخذ بيته كلّه فلم يحمل شيئًا معه، “أخرجت عائلتي وأجّلت التوضيب. واليوم راح ما كان من الممكن أن أوضّبه وراح المنزل والمبنى كلّه”. يضيف علي المقيم في الحدث عن لحظات الإخلاء: “لحظات تختصر عمرًا كاملًا هي اللحظات التي خرجنا فيها على وقع الإنذارات، لم أفكّر أبدًا بما سأحمل معي، استعدّينا لهذه اللحظة ولم نستعدّ”.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.