“الأحوال الشخصيّة” تُلغي عقود زواج مدني عملاً بمبدأ المساواة


2022-12-02    |   

“الأحوال الشخصيّة” تُلغي عقود زواج مدني عملاً بمبدأ المساواة

في 28 تشرين الثاني من العام 2021، عُقد أوّل زواج مدني عن بعد في لبنان عن طريق قاض من ولاية يوتاه الأميركية. انتشر الخبر بين اللبنانيين بسرعة لا سيّما بعد ظهور الزوجين في تقرير تلفزيوني. وبدأ هذا النوع من الزواج يُلاقي رواجاً في لبنان، إذ إنّه لا يحتاج إلى السفر الذي بات صعباً في ظلّ الانهيار الاقتصادي ومع إجراءات المديريّة العامة للأمن العام التي حرمت عدداً كبيراً من اللبنانيين من الحصول على جواز سفر.

لم يطلْ الأمر كثيراً حتى فوجئ عدد من اللبنانيّين الذين عقدوا زواجَهم عن بعد في ولاية يوتاه بعرقلة تسجيل زواجهم في لبنان، عبر عدم إرسال القنصلية اللبنانيّة في مدينة لوس أنجلس وثائق زواجهم إلى وزارة الخارجيّة أو بامتناع المديرية العامة للأحوال الشخصية عن التوقيع على هذه الوثائق بعدما وصلتها من الخارجية لتُحال إلى التسجيل. وعندما راجع أحد هؤلاء الأزواج المديرية العامة مستشهداً بزواج سابق مسجّل، تمّ شطب الزواج المسجّل تحت حجّة “مبدأ المساواة” كما يؤكّد الوكيل القانوني عن الزوجين المراجعين.

“مبدأ المساواة غير المُحترم أصلاً في لبنان وتحديداً في موضوع عقد الزواج” كما يُكرّر الأزواج الذين تواصلت معهم “المفكّرة” إذ تقول إحدى الزوجات” أين مبدأ المساواة إذا كان يُسمح لمن اختاروا زواجاً دينياً أن يُعقد هذا الزواج على الأراضي اللبنانيّة ويمنع الأمر عمّن اختار زواجاً مدنياً؟ وأين المساواة إذا كان من لا يستطيع تحمّل تكاليف السفر ممنوعاً من إجراء زواجه عن بعد، هل تسمح الدولة فقط لمن يملك المال أن يتزوّج مدنيّاً؟”

حوالي 70 عَقد زواج عُقد عن بعد في ولاية يوتاه الأميركيّة للبنانيين مقيمين وغير مقيمين في لبنان حتى اللحظة، سُجّل منها عدد قليل فقط، لتعود المديريّة العامة للأحوال الشخصيّة وتلغي عدداً منها، فيما لا يزال بقية الأزواج ينتظرون تسجيل زواجهم في لبنان.

إلغاء عقدَي زواج: كيف نسجّل أطفالنا؟ 

في تشرين الأول الماضي وُلد كاي، الطفل الذي وجد والداه اللبنانيّان نفسيهما غير قادرين على تسجيله في لبنان وذلك لأنّ مدير عام الأحوال الشخصية في لبنان العميد الياس الخوري قرّر ببساطة إلغاء عقد زواجهما المدني النافذ. وفي حديث مع “المفكّرة”، يروي خليل رزق الله (والد كاي) تفاصيل ما حصل معه، ويخبر أنّه بعدما علم أنّ ولاية يوتاه الأميركيّة تسمح بالزواج عن بعد وفق شروط معينة، أقدم وزوجته على هذا النوع من الزواج ليكونا أوّل زوجين لبنانيّين يتزوجان في ولاية يوتاه من الأراضي اللبنانيّة عبر خاصيّة زوم في الثامن عشر من تشرين الثاني من العام الماضي 2021.

بعد إجراء مراسم الزواج أُرسلت أوراق رزق الله الرسمية إلى القنصلية اللبنانيّة في لوس أنجلس لتسير بعدها المعاملة بالشكل القانوني إلى السفارة اللبنانيّة ومن ثمّ إلى وزارة الخارجيّة وبعدها إلى الداخليّة وإلى دائرة النفوس حيث سُجّل الزواج رسمياً في لبنان. وحصل الزوجان في شهر أيّار الماضي على وثيقة تسجيل زواجهما رسمياً في لبنان. ولكن بعد أشهر وتحديداً في شهر أيلول الماضي وحين كان وزوجته خارج البلاد تحديداً في الولايات المتّحدة حيث وُلد ابنهما، عرف الزّوجان أنّ القوّة الأمنية جاءت لتبلّغهما بقرار شطب زواجهما وأنّها أخذت إفادة من المختار وذوي الزوجة بأن المعنيّين خارج البلاد.

بعد أيام من القرار، ولد ابن رزق الله ولا مجال لتسجيله في لبنان حالياً، “في حال عدم إلغاء قرار شطب الزواج سيكون أمامي وزوجتي خياران إمّا إعادة الزواج دينياً في لبنان أو مدنياً في قبرص. ولكن هذا يطرح إشكاليّة أخرى عن آليات تسجيل طفل ولد قبل تاريخ عقد الزواج”.

ما حصل مع رزق الله حصل أيضاً مع فريد يزبك الذي ينتظر وزوجته مولوداً لن يتمكّنا من تسجيله بعد إلغاء عقد زواجهما في لبنان. ويشرح يزبك في حديث مع “المفكّرة” أنّه في شهر نيسان الماضي عقد قرانه مدنيّاً عن بعد في ولاية يوتاه، ومرّت أوراقه في المسار القانوني وحصل على وثيقة زواج مسجّلة في لبنان وإخراج قيد عائلي في الشهر الماضي. إلّا أنّه بعد أقلّ من أسبوع من الحصول على إخراج القيد، تمّ إلغاء الزواج وإعادة الزوجة إلى خانة أهلها، بعدما طُلب منه من قبل الجهات الرسميّة تسليم إخراج القيد العائلي.

يستغرب يزبك ما حصل معه لا سيّما أنّه، وكما يخبر “المفكّرة”، لم يلجأ إلى هذا النوع من الزواج إلّا بعد التأكّد من المصادر المعنيّة من أنّه قانوني. ويقول: “قبل إقدامنا على عقد الزواج بهذه الطريقة، اتّصلنا بالقنصليّة اللبنانية في لوس أنجلس وبوزارتيْ الخارجية والداخلية، وكلّ من تواصلنا معه أكّد لنا أنّ الزواج قانوني ويسجّل في لبنان، نحن في الليلة نفسها ذهبنا إلى تركيا، لو لم يؤكّدوا لنا قانونيّة الخطوة كنّا تزوجنا في تركيا، من يتحمّل المسؤوليّة؟”

المسيرة العلمانية نحو المواطنة

التوقّف عن تسجيل العقود 

بالتوازي مع إلغاء هذين العقدين (قد يكون هناك أكثر من عقدين)، توقّفت وزارة الداخليّة عن تسجيل عقود الزواج التي نُفّذت عن بعد في ولاية يوتاه، والتي كان الدافع، حسب ما كرّر من التقت بهم “المفكرة” لاختيار هذا النوع من الزواج،  بشكل أساسي إمّا عدم القدرة على الحصول على جواز سفر بسبب الإجراءات الجديدة التي فرضها الأمن العام منذ شباط الماضي وقيّدت حركة المواطنين، أو الانهيار الاقتصادي وعدم قدرة المواطنين على تحمّل كلفة السفر إلى الخارج لعقد زواج مدني.

وفي هذا السياق، تروي فرح فيّاض التي لم يتمّ تسجيل عقد زواجها حتّى اللحظة على الرغم من مرور أشهر على عقده في حزيران الماضي لـ “المفكّرة”: “تزوّجت في حزيران الماضي، لديّ وزوجي نسخة من عقد الزواج عن ولاية يوتاه. كان من المفترض أن تسلك الأوراق المسار القانوني وعندما شعرنا بأنّ العمليّة استغرقت وقتاً أكثر من المعتاد، راجعنا وزارة الداخليّة وعلمنا أن ملفّنا غير موجود عندها. تواصلنا مع القنصليّة التي كان من المفترض أن تكون أرسلته إلى الداخليّة للسؤال عن رقم الملف، فجاء الجواب أنّه تمّ ردّه من الداخلية، وأنّه تمّ وقف قبول أوراق الزواج أونلاين من ولاية يوتاه” .

تسأل فرح الحامل في شهرها الثاني، كيف يمكن أن يمتنع لبنان عن تسجيل زواجها وهي التي اتصلت بالقنصلية اللبنانية في لوس أنجلس وأكّد لها المعنيون هناك أنّ الزواج قانوني ويسجّل في لبنان، وتشير إلى أنّ ما حصل معها قد يضطرّها، ولاسيّما أنها حامل، إمّا للسفر إلى الخارج للزواج المدني أو للزواج الديني في لبنان، حتى تتمكّن من تسجيل ابنها. 

وتقول فرح: “من يتحمّل مسؤولية ما حصل معي، أنا اخترت الزواج عن بعد لأنّ إجراءات الأمن العام حالت دون حصولي على جواز سفر، موعدي على المنصّة الشهر المقبل، كما أنّني سألت المعنيين عن قانونيّة الخطوة قبل الإقدام عليها”.

إذا كانت وثيقة زواج فرح وصلت إلى الداخليّة ورُدّت، فإنّ وثيقة زواج ديما راضي لا تزال عالقة في السفارة التي كان يجب أن ترسلها إلى الداخليّة.

وتقول ديما في حديث مع “المفكّرة” إنّها تزوّجت في تشرين الأوّل الماضي عبر خاصيّة زوم في ولاية يوتاه، بعدما سألت وزوجها القنصلية اللبنانيّة وأشخاصاً خاضوا التجربة عن قانونيّة هذه الخطوة فكان الردّ أنّ الزواج قانوني ويُسجّل في لبنان، مضيفة: “كلّ شيء كان يسير بشكل صحيح، وأرسلت وثيقة الزواج إلى القنصليّة، ومن ثمّ إلى السفارة التي كان يجب أن ترسلها إلى الداخلية لكنها علقت هناك، حتى أحضرناها”.

وتلفت ديما إلى أنّ أحداً لم يبلغها بأنّ أوراقها عالقة وبأنّ هناك قراراً من السفارة بعدم إرسال أوراق هذا النوع من الزيجات إلى الداخليّة ولو لم تراجع لكانت بقيت منتظرة تسجيل الزواج.

وكما فرح، كان عدم إمكانيّة الحصول على جواز سفر هو أحد أسباب اختيار ديما لهذا النوع من الزواج إذ تقول: “زوجي لم يكن يملك جواز سفر، وأنا اتصلت بالأمن العام وأخبرتهم بأنّني بحاجة إلى جواز سفر من أجل السفر بهدف الزواج، ولم أجد تجاوباً”.

لا شكّ أنّ قرار المديريّة العامة للأحوال الشخصيّة باعتبار عدد من العقود التي تمّت عن بعد باطلة والامتناع عن قيد عدد آخر منها ألحق ضرراً بالأطفال الذين وُلدوا أو سيولدون من هذه الزيجات. إلّا أنّ المحامية والباحثة في المفكّرة “القانونيّة” يُمنى مخلوف تُشير إلى أنّ الأطفال الناتجين عن هذه الزيجات يعتبرون بمثابة الأطفال “الشرعيين” بمعزل عن صحة أو بطلان الزواج طالما أن أحد الزوجين كان حسن النيّة، وذلك عملاً بنظرية الزواج الموهوم، الأمر الذي يقتضي تسجيلهم على أنهم أولاد “شرعيون”.

المسار القانوني 

يوضح وكيل عدد من الأزواج (ألغيت عقودهم أو لم تسجّل) المحامي باتريك داميانوس أنّه في ما خصّ ملف الزيجات التي عُقدت في ولاية يوتاه يمكن الحديث عن ثلاث فئات: 

الفئة الأولى هي العقود التي سُجّلت رسمياً في لبنان بعدما سلكت المسار الإداري الكامل، ومن ثمّ قرّرت المديريّة العامة للأحوال الشخصيّة شطب هذه الزيجات. 

الفئة الثانية هي فئة العقود التي  توقّفت عند وزارة الداخليّة بعدما امتنعت عن التوقيع عليها. ويشير داميانوس في حديث مع “المفكرة” إلى أنّ أوراق الفئة الثانية سلكت المسار الإداري أي أنّه تمّ إرسال الأوراق إلى القنصليّة اللبنانية في لوس أنجلس ومن ثمّ إلى وزارة الخارجيّة بموجب حقيبة دبلوماسيّة ومن ثمّ أرسلت إلى وزارة الداخليّة للتوقيع عليها لتُحال إلى التنفيذ. إلّا أنّ الداخليّة امتنعت عن الأمر. 

أمّا الفئة الثالثة فهي فئة الأزواج التي بقيت أوراقها في القنصليّة اللبنانيّة بعدما وصلت من يوتاه ولم تُرسل إلى الداخليّة بناء على توجيهات غير رسميّة من الداخليّة التي عمدت إلى إعادة عدد من هذه الوثائق.

ويُضيف داميانوس أنّ لكلّ فئة مساراً قانونياً مختلفاً. ففي حال الفئة الأولى، تقدّم رزق الله (ألغي عقد زواجه بعد التسجيل) بدعوى أمام مجلس شورى الدولة يطعن من خلاله بقرار المدير العام للمديرية العامة للأحوال الشخصيّة، كما تمّ اللجوء إلى القضاء العدلي.

ويشرح داميانوس أنّه في قرار المديريّة العامة إلغاء وثيقة زواج رزق الله والذي اطّلعت عليه “المفكرة” تورد المديريّة الأسباب وتحدّدها، بأنّ عقد الزواج لا يحمل توقيع الزوجين، إضافة إلى أنّ الزوجين غير مقيمين على الأراضي الأميركيّة، فضلاً عن عدم إظهار العقد، الوسيلة التي استعملت في تواصلهما مع العاقد خلال إجراء العقد.

وجاء في قرار إلغاء وثيقة زواج رزق الله أنّه “حيث أن تحديد مكان انعقاد العقد يحدده قانون البلد الذي يسري عليه لجهة شروطه وصحة معاملاته، وذلك سنداً لقاعدة “المكان يسود العقد” المتعلقة بالنظام العام. وحيث أنّ العاقدين موجودان على الأراضي اللبنانية فيكون مكان انعقاد العقد هو حكماً الأراضي اللبنانية ما يوجب تطبيق القانون اللبناني”. و”حيث أنّ المادة 61 من قانون 2 نيسان 1951 نصّت على أن يكون باطلاً كلّ زواج يجريه في لبنان لبناني ينتمي إلى إحدى الطوائف المسيحية أو إلى الطائفة الإسرائيلية أمام مرجع مدني” و”حيث أنّ أيّ اتفاق بموضوع زواج في لبنان يتدخّل فيه مرجع مقيم خارج الأراضي اللبنانية عبر أيّ وسيلة يكون غير ذي صلاحية في هذا المجال ولا ينتج عنه أية مفاعيل قانونية”، تقرّر إلغاء وثيقة الزواج.

وهنا يعتبر داميانوس أوّلاً وقبل الدخول في تفاصيل الأسباب التي أوردتها المديريّة العامة للأحوال الشخصيّة لإلغاء وثيقة الزواج، لا بدّ من الإشارة إلى موضوع تجاوز المديريّة العامّة للأحوال الشخصيّة صلاحيّاتها المقتصرة على القيد.

أمّا في ما خصّ التفاصيل الواردة في قرار الإبطال، فيشير داميانوس إلى أنّ وثيقة الزواج الأميركية تتضمّن تواقيع رقميّة وحسب قانون يوتاه، هذا فضلاً عن أنّ قانون المعاملات الإلكترونية يقضي بأنّ التواقيع الرقمية لها المفاعيل القانونية نفسها التي تتمتّع بها التواقيع على دعامة ورقية.

وفيما خصّ النقطة التي تحدّثت عن تحديد وسيلة عقد الزواج، يشير داميانوس إلى أنّ وثيقة الزواج اللبنانية المنظمة في القنصليات اللبنانيّة أو داخل الأراضي اللبنانيّة لا يوجد فيها خانة تظهر الوسيلة التي تم فيها عقد الزواج، هذا بالإضافة إلى أنّ قانوني ولاية يوتاه ولبنان لا يفرضان إظهار هذه الوسيلة سنداً للمادتين 26 و29 من قانون قيد وثائق الأحوال الشخصية اللتين تنصّان على وجوب الاحتفال بالزواج وفقاً للشكل المتّبع في البلد الأجنبي الذي يعقد الزواج.

ويضيف داميانوس أيضاً أنّه بالإضافة إلى تبنّي ولاية يوتاه الأميركية صلاحيتها في إخضاع هذا الزواج لقانونها وليس للقانون اللبناني، لا بدّ من لحظ أنّه للمتعاقدين وعملاً بقاعدة الإرادة، حق اختيار القانون الذي يرغبان في إخضاع زواجهما لهـا، فاختار العاقدان قانون ولاية يوتاه ليرعى زواجهما.

أمّا في ما خصّ قاعدة “المكان يسود العقد”، فيسأل داميانوس كيف تمكّن المدير العام لمديريّة الأحوال الشخصيّة من إثبات تواجد العاقدين على الأراضي اللبنانية، وإن كان اكتفى بالاستناد إلى مكان الإقامة الذي يحدد مكان سكنهما قبل الارتباط، لا سيّما أنّ عدداً من الأزواج الذين عقدوا زواجهم بهذه الطريقة كانوا خارج الأراضي اللبنانيّة، وامتنعت الداخليّة أيضاً عن توقيع هذه العقود ليُصار إلى تسجيلها في لبنان.

وفي ما خصّ الفئة الثانية أي الفئة التي امتنعت وزارة الداخلية التوقيع على عقود زواجها، فيوضح داميانوس أنّ المديريّة العامة للأحوال الشخصيّة وبحسب المادة 25 من القرار رقم 60 ل.ر. لعام 1936 (نظام الطوائف الدينية) هي جهة القيد كما ذكرنا سابقاً، أي أنّ عليها “تنفيذ” الأوراق وليس التدقيق فيها، فهذا الأمر من صلاحيّة القنصليّة التي نظّمت الوثيقة، مضيفا أنّ هذا ما قامت به الوزارة من قبل في عدد من العقود (قبل أن يتمّ شطب عدد منها).

ويلفت داميانوس إلى أنّه عندما تمّ الاعتراض على عدم تنفيذ المديريّة العامة للأحوال الشخصيّة وثيقة أحد الأزواج، رفض مكتب المدير العام تسلّم الاعتراض. وعندها تمّ توجيه الاعتراض إلى وزير الداخليّة بسّام المولوي الذي حوّله إلى المدير العام للأحوال الشخصية مرة أخرى. وقد أتى جواب الأخير برفض مضمون الاعتراض مصرّا على قراره عدم قيد الزواج مع الإشارة إلى أن المديرية قضت بإلغاء وثيقة زواج  خليل رزق الله وإعادة قيد زوجته الى خانة والديها “عملاً بمبدأ المساواة”، أي بدل من قيد الزواج تمّ شطب زواج مقيّد.

وفي ما خصّ الفئة الثانيّة، فإنّ الأسباب القانونيّة التي أوردتها الداخليّة لعدم تنفيذ القيد هي ذاتها التي أوردتها في كتب شطب الزيجات لذلك الردّ القانوني عليها هو ذاته. بالنسبة للفئة الثالثة أي الفئة التي لم ترسل القنصليّة أصلاً أوراقها إلى الداخليّة، يشير داميانوس إلى أنّه لا بدّ من انتظار قرار إعادة القيد للفئة الأولى وتسجيل من هم في الفئة الثانية حتى يتمّ الطلب من القنصلية إرسال الوثائق إلى الداخلية، إذ تمتنع القنصلية من إرسال أوراق الزواج بناء على طلب ورد في قرار عدم قيد إحدى الزيجات من المديرية العامة للأحوال الشخصية إذ جاء في متنه: “كما نأمل من جانب وزارة الخارجية والمغتربين التعميم على البعثات والقنصليات كافة لجهة الأخذ بعين الاعتبار هذه المسألة عند تنظيم وثائق الزواج لعاقدين مقيمين على الأراضي اللبنانية من قبل مرجع مقيم خارج لبنان”.

ويُشير داميانوس إلى أنّه حتى اللحظة لم يتمّ إبلاغ اللبنانيين بأنّ هذا النوع من الزيجات لن يُسجّل، مضيفاً: “حتّى يومنا، هذا النوع من الزيجات مستمر والمديريّة العامة للأحوال الشخصيّة تمتنع عن تسجيلها من دون إعلام الناس، يجب أقلّه أن يعلنوا الأمر ليوفّروا على الناس خسائر ماديّة ومعنويّة”.

وفي موضوع صلاحية المديريّة العامة للأحوال الشخصيّة وحصرها بالقيد من دون النظر بصحّة الزواج أو اعتباره باطلاً، تُشير مخلوف إلى رأي لهيئة التشريع والاستشارات صدر العام 2000 جاء فيه “يخرج عن اختصاصها (المديريّة العامة للأحوال الشخصيّة) – خارج إطار المنازعات القضائيّة التي تتمثّل فيها إما بشخص مأمور النفوس أو بهيئة القضايا في وزارة العدل- أن تبدي موقفا بشأن صحة أو عدم صحة أو بطلان هذا الزواج أو ذاك، خاصة وأنّ الأمر هو في منتهى الدقة والتعقيد”.

ويعتمد هذا الرأي بشكل أساسي وكما ورد في متنه على “أن صلاحيّة دوائر الأحوال الشخصيّة بالنسبة لقيد وثائق الزواج والولادة هي محدّدة في قانون 7/12/1951 المتعلّق بقيد وثائق الأحوال الشخصيّة” ولاسيّما أنّه ليس في هذا القانون “ما يولي دوائر الأحوال الشخصيّة صلاحية تقدير صحة أو قانونيّة أو بطلان الزواج فضلا عن هذه الصلاحية هي من اختصاص القضاء وحده”.

يمكنكم/نّ هنا قراءة المقال باللغة الانكليزية

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، محاكم دينية ، محاكم مدنية ، قرارات إدارية ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني