قدّم النائبان حليمة القعقور وأسامة سعد إلى المجلس النيابي اقتراح قانون يرمي إلى تعديل أحكام القانون رقم 515/96 المتعلّق بتنظيم الموازنة المدرسيّة ووضع أصول تحديد الأقساط في المدارس الخاصة غير المجانيّة. يهدف الاقتراح وبحسب ما ورد في أسبابه الموجبة، إلى إصلاح ثغرات يحتويها القانون 515 بخاصة “بعد دولرة الاقتصاد اللبناني وبعد أن بات ما يتقاضاه أفراد الهيئة التعليميّة من مساهمات بالعملات الأجنبية يخرج بصورة مخالفة للقوانين” وعبر ممارسات “مخالفة للقانون وعبر فرض أقساط على الأهالي لا تدخل ضمن الموازنات المدرسية”. كما يرمي الاقتراح بشكل أساسي إلى معالجة الخلل في القانون في شكله الحالي لجهة عدم أخذه “بعين الاعتبار المبادئ العامة للحوكمة الرشيدة ولا أصول المحاسبة” وإخفاقه في حلّ النزاعات التي نشأت مؤخرًا بين إدارات المدارس والأهالي “بسبب عدم تشكيل مجالس التحكيم التربويّة ما يقضي إلى إخضاع النزاعات أقلّه اختياريًا لقضاء عام ولاسيّما قضاء يبتّ بالنزاعات وفقًا للأصول المستعجلة”.
وانطلاقًا من هذه الأسباب، أضاف الاقتراح فقرات أو عبارات أو تعديلات لا سيّما في المواد 1 و2 و3 و10 تُحدّد بشكّل مفصّل الأموال التي يجب أن تدخل في باب الإيرادات في موازنة المدرسة، ومواد توجب إلحاق نسخة الموازنة المدرسيّة بمستندات إضافيّة منها قطع الحساب وفرض خبير محاسبة مجاز وتشكيل لجان أهل. وهذه كلّها أمور من شأنها، في حال إقرار القانون، أن تُساهم في المزيد من الشفافيّة.
كما أدخلَ تعديلات في المواد 12 و13 و15 و17 أعطت القضاء المستعجل الصلاحية والاختصاص للنظر بالنزاعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 515، وهذا أيضًا من الأمور الضروريّة في ظلّ تعطيل المجالس التحكيميّة أي المحاكم المخصصة للنظر في النزاعات الناشئة بين أولياء الأمور والمدارس.
ولكن على الرغم من هذه الإصلاحات التي أدخلها اقتراح قانون يؤخذ عليه السماح للمدارس الخاصة بتنظيم موازنتها بالدولار الأميركي ما يعني السماح لها بفرض الأقساط بالعملة نفسها. وهذا الأمر “يُشكّل خطرًا على الأمن التربوي ويخفف من أهمية التعديلات الأخرى المُتعلقة بالموازنة المدرسية وبخاصّة في حال تفاقم انهيار العملة الوطنية خلال السنة الدراسية المعنية، ويُخالف النظام العام لا سيما المالي منه، والمبدأ السيادي للعملة الوطنية على باقي العملات الأجنبية” حسب المحامية ملاك حمية.
وترى حميّة أنّ ما يُضعف هذا الاقتراح أيضًا الإبقاء على الاستثناءات المتعلّقة بتوزيع النسب في بنود الموازنة المدرسيّة وإضافة استثناءات أخرى تولّد مجالًا واسعًا للتلاعب وسوء التفسير والتنفيذ.
قطع حساب وتحديد القسط المدرسي
أضاف اقتراح القانون على البند “ج” من المادة الأولى أن ينزل من إجمالي باب النفقات “ما تقبله المدرسة كمنح أو هبات أو مساهمات وما تحقّقه المدرسة من إيرادات استثنائيّة”. كما أضاف في المادة الثانية وتحديدًا في باب الإيرادات فقرة تُلزم المدارس أن تدرج “حكمًا” في باب إيرادات الموازنة المدرسيّة “كل المبالغ التي تقبلها المدرسة الخاصة كمنح أو هبات أو مساهمات تحت أي تسمية أو نوع أو عملة كانت” وأن يُدرج “حكمًا صافي الإيرادات التي تحقّقها المدرسة من غير القسط المدرسي ومن غير المبالغ التي تقبلها المدرسة الخاصة غير المجانيّة… وينزل مجموعها من إجمالي باب النفقات قبل تحديد القسط المدرسي السنوي”. وتُعتبر هذه التعديلات من الأمور الضروريّة، إذ لطالما تهرّبت المدارس من إيراد الهبات والمساعدات وما تتقاضاه بالدولار الأميركي في موازناتها بهدف تحقيق أرباح بما يتعارض مع مبدأ المدارس كمؤسّسات لا تبتغي الربح.
وفي موضوع الشفافيّة أيضًا، أضاف اقتراح القانون فقرة في المادة الثالثة وتحديدًا في ما يخصّ المستندات المطلوب إلحاقها بالموازنة التي تقدّم إلى مصلحة التعليم الخاص، ما ينصّ على إلزاميّة تقديم “ميزانية عامة سنويّة وقطع حساب عن السنة المدرسية المنقضية” على أن يكونا “مدققين من قبل أحد خبراء المحاسبة المّجازين أو مكاتب التدقيق ومراقبة الحسابات المسجلين في نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان والمعتمدين من قبل وزارة التربية”، وفقرة أخرى تنصّ على إلحاق الموازنة بـ “ما يثبت وجود لجنة أهل قانونيّة منتخبة أصولًا ولم تنته ولايتها”، وهي تعديلات تتماشى مع الأسباب الموجبة لاقتراح القانون المتعلّقة بمبدأ الشفافيّة.
وفي ما خصّ القسط المدرسيّ، حرص اقتراح القانون وعبر فقرة أضافها في المادة الأولى على عدم جواز أن تفرض المدرسة “على التلميذ غير القسط المدرسي وأنّ أي مبلغ تطالب به المدرسة غير القسط المدرسي لا يكون إلزاميًا ولا يمكن للمدرسة اتّخاذ أي إجراء بحق التلميذ بسبب عدم تأديته لا سيّما حرمانه من إعادة التسجيل”. كما أضاف فقرة ثانية في المادة نفسها تنصّ على أنّه “لا يمكن للمدرسة استيفاء ما يفوق رسوم الانتساب والتسجيل والدفعة المحدّدة وفقًا لأحكام المادة الخامسة من القانون” (أي الدفعة الأولى التي لا تتجاوز 30% من القسط السنوي للسنة الدراسيّة السابقة) إلّا بعد “إقرار الموازنة بصورة قانونيّة وتوقيع كل من مدير المدرسة ورئيس لجنة الأهل” أو من مندوبي اللجنة في الهيئة المالية (في حالات محدّدة).
وفي الإطار نفسه، عدّل اقتراح القانون المادة الخامسة التي كانت تنصّ على أنّ القسط المدرسي يستوفى على ثلاث دفعات على الأقلّ على ألّا يتجاوز القسط الأول 30% من قسط السنة الماضية وذلك كدفعة على الحساب، فأضاف عبارة “أما القسطان الباقيان فلا يمكن استيفاؤهما إلّا بعد إقرار الموازنة والقسط المدرسي”. وتعتبر هذه التعديلات ضروريّة أيضًا في وقت تفرض بعض المدارس على التلامذة تسديد مبالغ إضافية من خارج القسط المدرسي وتحت مسميات عدّة، وتتخذ إجراءات عقابيّة في حقّ التلامذة الذين يتخلفون عن دفع القسط.
ويُحسب أيضًا لاقتراح القانون أنّه أدخل في المادة 13 تعديلات تُحدّد آلية واضحة للاعتراض في حال خالفت المدرسة القانون في ما يتعلّق بتحديد الأقساط، وحدّد اقتراح القانون مهلا لتقديم الاعتراض والرد عليه من وزارة التربية وما يترتب عن هذا الاعتراض من نتائج.
لجان الأهل والدور الرقابي
ومن الأمور الإيجابيّة التي تضمّنها اقتراح القانون إضافة بعض التعديلات التي تُلزم بشكل واضح المدرسة إجراء انتخابات لجان الأهل. فقد أضاف في بداية المادة العاشرة فقرة تنصّ على أن “تنشأ في كلّ مدرسة خاصة غير مجانية لجنة تمثل أولياء تسمى لجنة الأهل مهمتها رعاية شؤون التلاميذ والسهر على مصالحهم بالتعاون مع إدارة المدرسة كما تمثل أولياء الأمور ومصالح هؤلاء أمام إدارة المدرسة وأجهزتها وأمام صاحب المدرسة وأمام الجهات الرسمية والقضائية وفي مطلق الأحوال تمثّل حقوق مصالح الأهل أمام الجهات الرسمية والقضائيّة”.
كذلك تنبّه اقتراح القانون إلى وضع نص يُحدّد الإجراءات العقابيّة في حال مخالفة المدارس هذا الأمر إذ نص على “فرض غرامة إكراهية على صاحب المدرسة” ولا يمكن “بأي شكل من الأشكال حسابها ضمن الموازنة المدرسية ولا ضمن بند تعويض صاحب المدرسة”. هذا فضلًا عن “وقف توقيع مدير المدرسة وإلزامه تأدية نصف راتبه بالإضافة إلى حرمانه من التدرج لمدة عامين”. وأشارت المادة إلى أنّ هذه الأموال تُجمع “في صندوق خاص وتوزع على الأهالي على شكل منحة للمدرسة وتخفض من باب النفقات في الموازنة المدرسية” .
وفي موضوع لجان الأهل أيضًا، أضاف اقتراح القانون في المادة المذكورة بندًا ينصّ على إنشاء” في مصلحة التعليم الخاص سجلًا خاصًا لكلّ مدرسة تُسجّل فيه أسماء أعضاء لجان الأهل ومهامهم”.
وفي هذا الإطار، ترى حميّة في اتصال مع “المفكرة” أنّ إيراد اقتراح القانون ما يُلزم المدرسة على إجراء انتخابات لجان الأهل هو أمر ضروري وصحيح. ولكن برأيها، أبقى الاقتراح على النصوص القديمة المُتعلّقة بعملية انتخاب لجان الأهل في المدرسة الخاصة، والتي قام بنقلها وجمعها من القانون رقم 11/81 والمرسوم التطبيقي له رقم 4564/81، إضافة إلى ما ورد بخصوص ذلك في القانون رقم 515/96، والتي من بينها، برأيها، ما كان يجب تعديله وتحديدًا المهل المُتعلّقة بعملية انتخاب لجان الأهل وتعزيز الحماية القانونيّة للتلامذة، أو ما كان يجب إلغاؤه مثل رفض طلب الترشّح مباشرة بعد تقديمه مع وإعطاء المدرسة هذا الحق مع التبرير بعد دراسة طلب المُرشح والتأكد من عدم توافر شروط الترشّح لديه.
صلاحيات لقاضي الأمور المُستعجلة
أعطى اقتراح القانون وعبر تعديل البند “أ” من المادة 15 وفي حال عدم تشكيل المجالس التحكيميّة أصولًا، قاضي الأمور المستعجلة الصلاحية والاختصاص الشامل للنظر بالنزاعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 515/96.
انطلاقًا من الأسباب الموجبة التي ذكرها النائبان والتي أوردت أنّ “النزاعات المتعلقة بالقانون 515 بقيت من دون حل بسبب عدم تشكيل مجالس التحكيم التربوية”. يبدو أنّ هذا التعديل كان ضروريًا، لا سيّما أنّ المجالس التحكيميّة، وهي محاكم خاصّة موزعة على الدوائر التربوية مخصصّة للنظر في النزاعات الناشئة بين أولياء الأمور والمدارس، معطّلة منذ سنوات في أغلب المحافظات بسبب عدم استكمال التعيينات فيها. ولا يوجد حاليًا إلّا مجلس واحد مكتمل التشكيل وهو الواقع في المنطقة التربوية في جبل لبنان، أما المجالس السبعة الأخرى فهي معطلّة وتمّ تعيين القضاة الرؤساء لها من دون تعيين المستشارين.
وفي هذا الإطار، ترى حميّة أنّ إعطاء اقتراح القانون قاضي الأمور المُستعجلة الصلاحية والاختصاص الشامل للنظر بالنزاعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 515 وحفظ اختصاصه في المواد 12، 13، 15، و17 غير كافٍ طالما أنّ القانون لا يُجيز لقاضي الأمور المُستعجلة التّعرّض لأساس النزاع وأصل الحق، ويعتبر قراراته لا تتمتّع بحجّية القضية المحكوم بها بالنسبة لأصل الحق. وقد رأت تاليًا أنّ من شأن هذا الأمر أن يولد ثغرة في الاقتراح “ستخلق حتمًا نزاعات جديّة حول الجهة صاحبة الصلاحيّة الاختصاص للنظر في النزاعات ولا سيما النزاع المُتعلّق بتحديد القسط المدرسي”. إلّا أنّ من الممكن تجاوز هذا الاعتراض من خلال التأكيد أكثر في الأسباب الموجبة أو في النص على أنّ صلاحية القضاء المستعجل في هذا المجال تكون شاملة ومتوازية تمامًا لصلاحية المجالس المعطّلة، تمامًا كما هي حال القضاء المستعجل في النزاعات بين أعضاء الهيئة التعليمية والمدارس.
فتح المجال أمام دولرة الأقساط
على الرغم من هذه الإصلاحات التي يحملها اقتراح القانون، تبقى بعض النقاط التي تحتاج إلى إعادة نظر لا سيّما ما ورد من تعديل في البند (أ) من المادة الأولى من القانون 515/ المُتعلق بكيفيّة تنظيم الموازنة المدرسيّة. فقد أدخل اقتراح القانون عبارة “بأي عملة كانت”، أي أنّه سمح للمدارس الخاصّة بتنظيم الموازنة المدرسيّة بأي عملة كانت، وهذه “المسألة تُشكّل خطرًا على الأمن التربوي، كما أنها تجعل من التعديلات الأخرى المُتعلقة بالموازنة المدرسية غير ذي جدوى” حسب حميّة التي تُشير أيضًا إلى أنّه “بموجب هذا التعديل أصبح يحق للمدارس الخاصة تنظيم موازناتها بالعملة الأجنبية، وتبعًا لذلك تحديد الأقساط بالعملة الأجنبيّة حصرًا، ومن ثمّ إلزام الأهالي بدفعها بغير العملة الوطنية، وهذا الأمر يُخالف النظام العام لا سيما المالي منه، والمبدأ السيادي للعملة الوطنية على باقي العملات الأجنبية”.
وفي هذا الإطار يوضح معدّو القانون (النائبة حليمة القعقور والنائب أسامة سعد وشوكت حولا منسق الشؤون القانونية في اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة في لبنان)، أنّ موقفهم واضح ضدّ دولرة الاقتصاد، ولكنّ إدخال عبارة “أي عملة” كانت المخرج الوحيد لإدخال ومراقبة كافة النفقات والإيرادات في الموازنة المدرسية التي تفرض منذ أكثر من عامين أقساطًا بالدولار بعدما ابتدعت صناديق دعم أو مساهمة بالدولار الأميركي لا تخضع لأي مراقبة، صناديق يضع فيها الأهل قيمة الزيادة المحدّدة بالدولار على القسط كمساهمة إجبارية. ويشرحون لـ “المفكرة” أنّه لما كان القانون بتركيبته الحالية المبنية على أساس رواتب وأجور أفراد الهيئات التعليمية المحددة بموجب قوانين سلاسل الرتب والرواتب بالليرة اللبنانية يمنع بصورة واقعية تنظيم الموازنة بغير العملة الوطنيّة، تهرّبت المدارس من إدخال أو حتى التصريح عما تتقاضاه بالدولار من خارج الموازنة وماهية النفقات التي توازيها، لافتين إلى أنّ هذه المدارس لم تلتزم حتى بتعاميم وزارة التربية بإدخال ما تتقاضاه بالدولار على الموازنة بقيمتها حسب سعر الصرف ما منع مراقبة وتدقيق الموازنات من قبل لجان الأهل والمراجع المختصة في وزارة التربية وما جعل من الأقساط والزيادات عليها عشوائيّة وغير خاضعة لأي معيار. هذا بالإضافة إلى أنّ عدم السماح للمدارس بإقرار الموازنة بغير العملة الوطنية سيُستعمل لإخراج المنح أو الهبات أو المساعدات التي تصل إلى المدارس بالعملات الأجنبية من إطار الموازنة وبالتالي إخراجها من أي إطار رقابي، فكان الحل بإيراد عبارة “أي عملة” مع تشديد إجراءات المراقبة التي ذكرت في مواد عدة من اقتراح القانون.
وشدّدوا على أنّ هذا الاقتراح قابل للتعديل وأنّ النائبين غير متمسكين بهذه العبارة في حال وُجدت آليات أخرى تضمن دخول كلّ ما يصل للمدرسة من إيرادات وكل ما تنفقه من نفقات في موازنتها حتى تخضع جميع إيراداتها ونفقاتها للمراقبة.
الإيرادات الاستثنائيّة لرواتب الأساتذة
من الأمور التي وضعتها حميّة في إطار الثغرات التي تعتري اقتراح القانون أيضا، تتعلّق بإبقائه على البند (أ) من الفقرة أولاً (باب النفقات) من المادة الثانية والمتعلّق بالرواتب والأجور وملحقاتها المُستحقة والمحدّدة قانونيّا في العام 2017، من دون أي تعديل على الرغم من أنّ قسما من أفراد الهيئة التعليمية بات يتقاضى راتبه أو جزءا من راتبه بالدولار وبشكل استنسابيّ من المبالغ التي تستوفيها المدارس بالدولار.
وهنا نُشير إلى أنّ اقتراح القانون تحدّث عن “إيرادات استثنائيّة” (والتي يدفع منها للأساتذة) واشترط قيدها في باب الإيرادات على شكل “إيرادات استثنائية”. ولكن كان يجب، بحسب حميّة، أن تدخل في صلب البند (أ) مع تحديد نسبة منها للراتب بعد تحويلها لليرة اللبنانيّة، على أن يكون الأمر مؤقتا إلى حين سنّ تشريع يُصحّح رواتب وأجور أفراد الهيئة التعليمية.
وفي هذا الموضوع، يرى معدّو الاقتراح أنّ هذه النفقات ستدخل تلقائيّا في البند “أ” عند استتباب الأوضاع المالية واستقرار سعر الصرف بشكل نهائي وتصحيح الرواتب بموجب قانون أو مرسوم غلاء معيشة، ولكن إدخالها بالبند “أ” حاليا قد يسمح للمدارس يتضخم الرواتب وإيرادات صاحب المدرسة من تعويضات واستهلاكات وإيجارات التي تدخل في البند “جيم” من نفقات الموازنة التي لا يمكن أن تتجاوز قانونا ًسقف ال 35% من مجموع البنود “أ” و”ب” المتعلقان بالرواتب والأجور ومتممّاتهما و”ج” المتعلق بسائر النفقات الذي تدخل ضمنه النفقات الإدارية، كما تعويضات صاحب المدرسة كما استهلاك المنقول وغير المنقول الذي يستفيد منهما أو من أحدهما صاحب المدرسة ، كما بدلات الإيجار التي يستفيد منها صاحب المدرسة، فيما لو كان مالك المباني. هذا من جهة، أما من جهة ٍأخرى، فإن إدخال هذه الرواتب الاستثنائية التي تدفعها المدارس بالعملة الأجنبية بالبند أ من باب نفقات الموازنة يضرب مبدأ وحدة التشريع بين القطاعين العام والخاص الذي تدافع عنه نقابة المعلمين. فلهذه الأسباب قرّر الاقتراح إدخالها بالبند “دال” فقرة “1” التي تفرض وجود تقرير لمدقق حسابات يراقب ماهيتها والقيود والمستندات والعقود المرتبطة بها فتصبح واضحة في الموازنة وقابلة للمراقبة من قبل لجان الأهل والمراجع المختصة في وزارة التربية.
الاستثناءات تفتح باب التأويل
أبقى اقتراح القانون على الاستثناءات الواردة في القانون رقم 515/96، وأضاف استثناءات أخرى جديدة، وهذا الأمر غير سليم وغير مرغوب به عند تشريع أي قاعدة قانونيّة “لأنّ كثرة الإستثناءات تُفقد النص الأساسي قوته الإلزامية، وقد تؤدي إلى خلق تعقيدات وتأويلات عند التطبيق” حسب حميّة، مع الإشارة إلى أنّ “الاستثناءات الموجودة أصلًا في القانون قد وردت في العام 1996 ليُعمل بها لمدة خمس سنوات فقط وفق ما نصّت عليه المادة 20 منه، لا لكي تبقى عشرات السنوات، وهي أصلًا مخالفة لمبدأ العدالة والإنصاف”.
وأبقى اقتراح القانون على الاستثناء الذي يُجيز قيام للأشخاص المعنويين الذين يملكون مدارس عدّة بتقديم موازنة واحدة شاملة لجميع مدارسهم لتخفيف الأقساط عن تلامذة إحداها أو أكثر، الأمر الذي قد يفتح مجالا للتلاعب بالموازنات ولتحميل أولياء أمور نفقات تلامذة غير أبنائهم. ويُشير معدّو الاقتراح إلى أنّه لم يمسّ بهذه الصلاحية كون هذا الإجراء قد يُستخدم لإنقاذ بعض المدارس في المناطق الفقيرة من الإغلاق، وأنّ القانون يفرض توقيع وبالتالي موافقة جميع لجان الأهل في جميع المدارس المعنية على الموازنة الموحدة ضماناً لعدم التلاعب، وأنّ اقتراح القانون أضاف جملة على هذا الاستثناء تحتّم إرفاق الكتاب التفصيلي والموازنة الموحدة بتقرير صادر عن خبير محاسبة مجاز لضمان عدم التلاعب.
وأبقى الاقتراح أيضًا على الاستثناء المتعلّق بتجاوز توزيع النسب بين بنود نفقات الموازنة والذي ينصّ على أنه “بصورة إستثنائيّة وإذا ثبت لمصلحة التعليم الخاص أن النفقات والأعباء المندرجة في نطاق البند ج من باب النفقات التي تتجاوز الخمسة والثلاثين بالمئة 35% وهي غير قابلة للتخفيض، يمكن لوزير التربية الوطنية والشباب والرياضة … الموافقة على توزيع النسب بين البنود أ ب ج ” شرط أن لا تتعدى الزيادة 5% من إجمالي البنود”، وأضاف اقتراح القانون استثناء آخر يسمح بعدم الالتزام بشرط تعدي الزيادة 5%.
ويشرح معدّو الاقتراح في هذا الإطار، أنّه أراد أن يأخذ بعين الاعتبار أي ظروف استثنائيّة يتعذّر خلالها توزيع النسب بين البنود حسب ما ينصّ القانون لذلك كانت الاستثناءات مشيرين إلى أنّ اقتراح القانون استبدل عبارة التوزيع وفقًا لواقع الحال بعبارة ” وفقًا لما يقتضيه استمرار المدرسة بحده الأدنى” واشترط لذلك إبراز تقرير عن خبير محاسبة مجاز يشرح بشكل واف عدم قابلية النفقات والأعباء المندرجة في نطاق البند (ج) من باب النفقات للتخفيض ويفسر بشكل ٍدقيق ووافٍ وبالاثبات بالأرقام تأثير التغيير بسعر صرف العملة الوطنية على النفقات والأعباء المنصوص عنها في البند (ج) من باب النفقات. كما اشترط أنّ توافق لجنة الأهل على هذه الزيادة عند الاضطرار لأن تتعدى الزيادة الـ 5%، كما أعطى النص المعدل مصلحة التعليم الخاص سلطة فض الخلاف عبر منحها حق التثبت من أنّ النفقات والأعباء المندرجة في نطاق البند (ج) من باب النفقات هي غير قابلة للتخفيض منعًا للتعسّف.
للاطّلاع على اقتراح قانون تنظيم الموازنة المدرسية في المدارس الخاصة غير المجانية