دايفد داود، ممرض في الطوارئ ينظر من نافذة مكسورة في مستشفى راهبات الوردية الذي دمّر جرّاء تفجير 4 آب، السبت 8 آب، 2020. تصوير داليا خميسي
تقدم النائب بلال عبدالله بتاريخ 12 كانون الأول 2023 باقتراح قانون يرمي إلى تنظيم إعلان حالة الطوارئ الصحية في لبنان. يتكوّن هذا الاقتراح من خمسة فصول تحمل في الأوّل منها مادة تعريفيّة عن “الوباء” و”حالة الطوارئ الصحية” و”الهيئات الصحّية المختصّة” و”الحجر الصحي الشامل” و”الحجر الصحي الجزئي”. ويوضح الاقتراح في المادة الثانية من الفصل عينه أن الهدف من القانون هو “تنظيم إعلان حالة الطوارئ الصحية وتحديد الأحكام والإجراءات الاستثنائية المتعلقة بها” وذلك لأجل “حماية صحة وحياة الأشخاص وضمان سلامتهم من جراء انتشار أمراض معدية أو وبائية أو خطرًا محدقًا بالصحة العامة” و”للحدّ من المخاطر والأضرار التي يمكن أن تنتج عنها” ولأجل “ضمان استمرارية المرافق العامة والخدمات الأساسية والحيوية”.
وينص الفصل الثاني على كيفيّة “إعلان ورفع حالة الطوارئ الصحية” إذ يتم ذلك بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، على أن تحصر فترة الطوارئ بثلاثة أشهر قابلة للتمديد أو التقليص.
أمّا في فصله الثالث، فإنّ القانون المقترح ينصّ على إمكانية “إقرار الحجر الصحي الشامل أو الجزئي من خلال اتخاذ جملة من التدابير والإجراءات الاستثنائية”، نذكر منها ” تحديد ومراقبة الأشخاص المصابين أو المشتبه بإصابتهم والحدّ من تنقّلاتهم بما في ذلك العزل في أماكن سكنهم” و “منع أو وضع قيود على حرية تنقل الأشخاص بما في ذلك المنع أو الحد من الدخول إلى لبنان أو مغادرته” كما غيرها من التدابير الشبيهة بالتي شهدها لبنان في فترة التعبئة العامة والتي فرضت إثر انتشار وباء كورونا من “إغلاق أو تحديد أوقات عمل المساحات والمحلات المفتوحة للعموم” و”منع وتنظيم التجمعات والأنشطة والتظاهرات”. بالإضافة إلى تلك القيود التي تحد من الحريات الدستورية للمواطنين يولي القانون صلاحية استثنائية لمجلس الوزراء تمكنه من تعليق أو تمديد المهل القانونية والقضائية والعقدية.
ويخصص الاقتراح الفصل الرابع للعقوبات المفروضة في حال مخالفة أحكامه وهي “الحبس من شهر إلى سنة وبغرامة تتراوح بين الحد الادنى الرسمي للأجور وبين ثلاثة أضعافه أو بإحدى هاتين العقوبتين” في حال ارتكاب أفعال تتنافى وحالة الطوارئ الصحية، يعددها الاقتراح بثماني نقاط نذكر منها على سبيل المثال الامتناع عن الامتثال إلى الحجر الصحي الشامل والجزئي أو امتناع أصحاب المحلات والمساحات المفتوحة للعموم من الامتثال لقرارات الإغلاق الجزئي أو الكلي.
نستشف من الأسباب الموجبة لهذا القانون أنه يأتي عقب انتشار جائحة كورونا عالميًّا لا سيما في لبنان، حيث انطلقت “دعوات لحث العالم الى الاستعداد على نحو أفضل لمواجهة أي جائحة قادمة”. لذلك فإن الاقتراح هدفه أن “يسرّع في تأطير العمل الذي تقوم به كل الأطراف في حالة انتشار أمراض معادية أو وبائية أو أي أخطار محدقة بالصحة العامة من خلال تنظيم وضبط شروط إعلان حالة الطوارئ الصحية والتسريع في تنفيذ الإجراءات الاستثنائية المستعجلة لحماية صحة وحياة الأشخاص وضمان سلامتهم”.
بعد الإطلاع على كافة مضامين هذا الاقتراح وخلفياته المبيّنة في أسبابه الموجبة، تبرز عدة نقاط من المهم التطرق إليها وهي التالية :
قانون لحالة الطوارئ الصحية: ضرورة دون ضمانات كافية
اتخذت الحكومة اللبنانية خلال جائحة كورونا تدابير احترازية عدة ظلّت حتى اليوم موضع جدل لجهة قانونيتها, فهي استندت على مفهوم التعبئة العامة الموجود في قانون الدفاع الوطني لإقرار منع التجول وإغلاق الأماكن والمحلات التي تستقبل العموم أو لتقييد أوقات فتحها كما لإلزام المواطنين بالحصول على إذن مسبق للخروج من منازلهم. إلا أن المادة الثانية من قانون الدفاع الوطني التي تستحدث النظام القانوني للتعبئة العامة تكتفي بالاشارة إلى إمكانية “تنظيم ومراقبة النقل والانتقال والمواصلات والاتّصالات” من دون أن تنص صراحةً على منع التجوال الكامل في أوقات معينة من قبل السلطات كما حصل في ظل الجائحة. كما لا يشير القانون المذكور إلى إمكانية اتخاذ أيّة تدابير تتعلق بإغلاق الأماكن العامة ومنع الدخول والخروج من المرافئ والمعابر الحدودية والمطار، ما يعني أن معظم التدابير التي اتخذت من قبل الحكومة في ظلّ الجائحة كانت تفتقر إلى إطار قانوني واضح يجيز لها تقييد حرية المواطنين بغض النظر عن مدى ضرورة هذه التدابير لحماية المجتمع.
انطلاقًا من هذا الواقع الذي شهده لبنان، وبالنظر إلى التجارب المختلفة عالميًا والأطر القانونية التي أنشئت لاحتواء الجائحة، يأتي هذا الاقتراح كعمل استباقي يعزز الجهوزية في حال حصول كوارث أو طوارئ صحية مستقبلًا، من خلال تنظيم “حالة الطوارئ الصحية”، التي تختلف عن حالة الطوارئ المنصوص عليها في المرسوم الاشتراعي رقم 52 الصادر سنة 1967, وعليه، يخوّل الاقتراح مجلس الوزراء إعلان حالة الطوارئ الصحية لمدة لا تتعدى الثلاثة أشهر كفترة أوليّة مبدئيّة، على أن يكون للمجلس عينه صلاحية تمديد هذه المدة أو تقليصها حسب الحاجة.
ولا بد من السؤال هنا هل أن حالة الطوارئ الصحية تقع تحت أحكام المادة 65 من الدستور التي تنصّ على وجود نظام قانوني مختلف هو حالة الطوارئ، التي تعتبر من المواضيع المهمة، والتي يفرض الدستور ضرورة حصولها على موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء. إذ إن الاقتراح لا يعالج هذه الإشكالية ولا ينص على غالبية مشددة لإقرار حالة الطوارئ الصحية لكن تداعيات هذه الأخيرة لجهة حدها من حرية المواطنين يجب أن تؤدي إلى اعتبار هذه الأخيرة شبيهة بحالة الطوارئ لا بل متفرعة منها ما يوجب إخضاعها للشروط الدستورية ذاتها التي ترعى إعلان الطوارئ.
ولكن بالعودة إلى نصّ الاقتراح، فإن ما يلفت أوّلًا هو أنه يستبعد أي رقابة لمجلس النواب على عملية إعلان حالة الطوارئ كما على تمديدها. فخلافًا لحالة الطوارئ المنصوص عنها في المرسوم الاشتراعي الصادر سنة 1967 والتي يتحتم عرض مرسوم إعلانها على مجلس النواب في مهلة ثمانية أيام للموافقة عليه بقرار، لا يضع الاقتراح الحالي على عاتق الحكومة أي موجب بالعودة إلى مجلس النواب لنيل الموافقة، ولا يعطي حتى أيّ دور لهذا المجلس في إعلان التمديد لحالة الطوارئ أو التثبت من الحاجة إليه رغم أن قرار التمديد لا يتطلب من حيث المبدأ العجلة نفسها.
ويجدر التذكير هنا أن فرنسا، التي أخذ لبنان منها النظام القانوني لحالة الطوارئ، لم يكن يوجد لديها “حالة طوارئ صحية” ما دفع البرلمان الفرنسي بعد انتشار جائحة كورونا إلى إقرار قانون[1] خاصّ سنة 2020 قضى بإنشاء حالة الطوارئ الصحية علما أنه نص على أن إعلان حالة الطوارئ الصحية يتم بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء مع ضرورة إقرار قانون لاحقا لتمديدها في حال كانت الفترة تزيد عن شهر.
وهذا يخرج إعلان الطوارئ الصحية بما يتضمنه من حدٍّ خطير للحريات العامة عن رقابة مجلس النواب بوصفه ممثلا للشعب والمدافع عن حقوق المواطنين، ما يفتح المجال للسلطة السياسية الممثلة بالحكومة بإساءة استخدام هذه الصلاحية الخطيرة عبر التفلّت من أيّ دور رقابي يمكن للبرلمان أن يلعبه في هذه المجال.
الجهات العلمية المخولة تقييم الوضع الصحي يعتريها الإبهام
ينصّ اقتراح القانون في مادته الثالثة على أن حالة الطوارئ الصحية قابلة للإعلان “عند تفشي أمراض تكتسي طابعًا وبائيًّا أو خطرًا محدقًا بالصحة العامة تقتضي مواجهته ومكافحته باتخاذ اجراءات استثنائية مستعجلة”. وتنص المادة على أن تقييم الوضع الوبائي يتم من خلال تقرير يصدر عن “الهيئات الصحية المختصّة” على أن يرسل التقرير إلى وزيريْ الصحة العامة والداخلية والبلديات. وبالعودة إلى التعريفات المنصوص عليها في المادة الأولى من الاقتراح، نجد أن هذه “الهيئات الصحية المختصة” تتشكل من “المؤسسات والهيئات واللجان الصحية المكلفة وفقًا للقوانين بمتابعة ومكافحة الأمراض والأوبئة” من دون مزيد من التوضيح. هكذا يتبين أن هذا الاقتراح لم يعرّف هذه الهيئات بشكل واضح إذ كان من الأجدى بالاقتراح الإقدام على واحدة من خطوتين: إمّا إنشاء لجنة خاصة لتقييم الوضع الوبائي وحسم الموضوع أمام السلطات الوزارية، وهذا هو الحل الذي تم اعتماده في فرنسا عبر استحداث القانون للجنة علمية التي تقترح الإجراءات الضرورية لمواجهة الوباء أو تمديد فترة حالة الطوارئ الصحية، وإمّا تحديد الجهات المعنية بالتقييم العلمي للوضع الصحي بشكل واضح وإسمي، على أن تحدد آلية اتخاذ القرارات وطريقة الفصل بينهما. إذ من الممكن بسهولة افتراض حصول تضارب في القراءة العلمية للوضع الوبائي بين مختلف الجهات ما سيفتح المجال أمام اعتباطية من قبل مجلس الوزراء في اختيار الآراء العلمية لإعلان حالة الطوارئ. ومن المفيد التذكير هنا أن التضارب بين الآراء العلمية في هذه الشؤون ليس بالفرضية الصعبة وذلك بالعودة إلى ما رأيناه في جائحة كورونا من آراء مختلفة حول منافع الحجر أو التباعد الاجتماعي أو ارتداء الأقنعة الواقية أو الطعوم المضادة لفيروس لفيروس الكورونا.
إنشاء نظام مصادرة جديد خاص بحالة الطوارئ الصحية
ينص اقتراح القانون في مادته الثامنة على إمكانية الحكومة “تسخير الأشخاص والمؤسسات والوسائل الضرورية لضمان استمرارية سير المرفق العام والخدمات الأساسية والحيوية”. ومن المستغرب استخدام عبارة “تسخير” في هذه المادة إذ هو مفهوم غريب عن النظم القانونية المعروفة التي عادة ما تتحدث عن المصادرة التي نجدها في قانون الدفاع المذكور آنفًا، كما في القانون رقم 550 والصادر في 20 تشرين الأول 2003 الذي يتعلق بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة وسائر المصادرات الذي ينص في مادته الأولى أن وزير الدفاع يمكن له مصادرة “الأموال المنقولة التي تستهلك كليا بالاستعمال أو الأموال التي لا تستهلك كليا بالاستعمال أو العقارات” في حالة الحرب المعلنة أو عند إعلان منطقة عسكرية أو حالة الطوارئ. وهذا القانون يفنّد كيفيّة إتمام المصادرة المسموح بها في هذه الحالات، إن لناحية الصلاحية في أخذ قرار المصادرة أو في نوعية الأموال المنقولة وغير المنقولة التي تخضع لهذا النظام. ومن أهم ما ينص عليه هذا القانون لا سيما في مادته الرابعة هو إنشاء لجان تخمين ابتدائية واستئنافية “مهمتها تخمين قيمة الأموال المنقولة التي تستهلك كليًا بالاستعمال أو تخمين قيمة البدل المتوجب لأصحاب الحقوق إذا كان المال المصادر عقارًا أو مالًا لا يستهلك كليًا بالاستعمال”.
غير أنّه وبالعودة إلى الاقتراح في مادته الثامنة التي تتحدث عن التسخير، فإنها تتجاهل قانون المصادرة لسنة 2003 ولا تشرح إذا ما كان إعلان حالة الطوارئ الصحية يوجب أيضا تطبيق أحكام قانون المصادرة. كذلك لا ينص الاقتراح على ذكر البدلات والتعويضات المالية المستحقة لأصحاب المؤسسات وأصحاب “الوسائل الضرورية” (وهي أيضًا عبارة ملتبسة) في حال “تسخيرهم” لمجابهة حالة الطوارئ الصحية. كما أنه لا يأتي على ذكر بدلات أو أتعاب للأشخاص الذين قد يتم “تسخيرهم” أيضًا. لذلك يمكن الاستنتاج أن هذا الاقتراح قد يؤدّي إلى “تسخير” الأفراد والمؤسسات من دون وجود إطار قانوني واضح يرعى التعويضات المالية التي ستترتب على الدولة لأصحاب الحقوق ما يشكل مخالفة دستورية لحق الملكية الذي وإن كان يقبل بعض الاستثناءات خلال حالة الطوارئ حفاظا على المصلحة العامة لكن هذا الاستثناء يجب أن يكون محصورا بالأمر الضروري فقط وأن لا يؤدي إلى حرمان المواطنين من التعويض العادل.
صلاحيات استثنائيّة وتفويض تشريعي للحكومة بعيدًا عن أي رقابة واضحة
أعطت المادتان 9 و10 من الاقتراح صلاحيات خارقة وغير مألوفة للحكومة، إذ نصّت المادة 9 على حق مجلس الوزراء أن يتخذ “إذا اقتضت الضرورة القصوى، (…) أي إجراءات خاصة ذات طابع اقتصادي أو مالي أو اجتماعي أو بيئي يكتسي صفة العجلة لمعالجة التداعيات المترتبة عن إعلان حالة الطوارئ الصحية المذكورة”. من النافل القول أوّلًا أن نص المادة يفتح الباب أمام جملة من الإمكانيات تكاد لا تحصى، تمكّن مجلس الوزراء، بفضل هذه الصياغة المطاطة وتحت ذريعة الضرورة القصوى وصفة العجلة وحالة الطوارئ، أن يخرج عن إطار صلاحياته التنظيمية العادية فيتعدّاها ليمس بنطاقات العمل التشريعي، في كلّ المجالات المذكورة، من دون أن تأتي المادة على ذكر موافقة مجلس النواب اللاحقة على إجراءات الحكومة, من شأن إقرار النص المقترح أن يؤدي إلى تفويض تشريعي مبطن ودائم الأمر الذي يشكل مخالفة دستورية كون تفويض الحكومة باتخاذ تدابير تدخل في النطاق التشريعي لا يجوز إلا لفترة محددة ينص عليها قانون التفويض صراحة.
ومع الأخذ بعين الاعتبار أن الصلاحيات الواسعة الممنوحة لمجلس الوزراء وما قد ينتج عنها من مقررات ينحصر في مدّة حالة الطوارئ، إلّا أننا قد ذكرنا أن هذه المدّة هي أيضًا متفلّتة زمنيًّا، إذ إن حدود الثلاثة أشهر المنصوص عنها في المادة الرابعة من الاقتراح تبقى شكلية نظرًا لصلاحية مجلس الوزراء بتمديدها (أو تقليصها) بقرار منفرد دون الرجوع إلى أيّة مرجعية دستورية أخرى. لذلك، ونظرًا لخروج هذه الصلاحيات المتشابكة عن أيّة ضوابط، فإن خطورتها تصبح مضاعفة ما يحتمّ إعادة النظر بها في حال إقرار هذا الاقتراح.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المادة العاشرة من الاقتراح تطرح المشكلة عينها فهي تعطي مجلس الوزراء صلاحية “تعليق أو تمديد المهل القانونية والقضائية والعقدية وغيرها بناءً لاقتراح وزير العدل ووزير الصحة العامة استنادًا إلى التوصيات المقدمة من قبل الهيئات الصحية المختصة”. وتكمل المادة فتقول أنّه “يستأنف سريان تلك المهل بعد أسبوع من تاريخ الإعلان عن رفع أو انتهاء حالة الطوارئ الصحية”.
فمن خلال الرجوع إلى الإجراءات التي اتخذت في ظلّ جائحة كورونا التي أرْخت بظلالها على لبنان سنة 2020، نجد أن المجلس النيابي قد صوّت على قانونين رقم 185 و 199 صدرا سنة 2020 وقانون رقم 212 صدر سنة 2021، وقد اتصلت جميع هذه القوانين بتعليق وتمديد المهل القانونية والقضائية والعقدية، ما يفيد أن هذه المادة عولجت أثناء وباء كورونا بالتشريع. انطلاقًا من هذا، يتبيّن لنا أن المادة العاشرة من الاقتراح تحمل في طيّاتها تفويضًا تشريعيًّا مقنّعًا، ينقل موضوع تمديد المهل القانونية وتعليقها من نطاق العمل التشريعي إلى نطاق العمل الحكومي، ما يعني مجددا أن المادة العاشرة تعطي تفويضا دائما للسلطة التنفيذية لتعديل القانون ما يعتبر مخالفا لأحكام الدستور كون هذا التفويض لا يتسم فقط بطابع الديمومة بل أنه لا ينص حتى على ضرورة عرض تلك الاجراءات لاحقا على مجلس النواب لتصديقها كما يحصل عادة. كذلك إن ربط مهلة سريان التمديد والتعليق للمهل بمدة حالة الطوارئ الصحية التي، وكما فسّرنا سابقًا، هي بلا حدود واضحة وبتصرّف مجلس الوزراء مطلقًا، ما يعني تمديد المهل العقدية والقانونية والقضائية يخضع بالكامل لاستنسابية الحكومة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اقتراح القانون لا يأتي على ذكر سبل الطعن بالتدابير المتخذة في حال إعلان الطوارئ الصحية، على غرار ما يقوم به القانون الفرنسي المذكور أعلاه الذي يفتح المجال للطعن بالتدابير المتخذة أمام القاضي الإداري علما أن ذلك لا يجب أن يعني تلقائيا أن الطعن لتجاوز حد السلطة أمام مجلس شورى الدولة هو غير متاح كون ذلك يحتاج إلى نص صريح يمنع ذلك.
خلاصة القول، يتبين أن هذا الاقتراح يأتي كي يسدّ ثغرة في النظام القانوني اللبناني لكنه يفتقر إلى الضمانات الأساسية التي يجب أن تكون موجودة في هكذا قانون نظرًا لخطورته على الحريات العامة للمواطنين ولطبيعته الاستثنائية التي تؤدّي إلى تعليق ولو مؤقّت للحقوق التي يكفلها الدستور.
للاطّلاع على اقتراح القانون، إضغطوا هنا
[1] LOI n° 2020-290 du 23 mars 2020 d’urgence pour faire face à l’épidémie de covid-19