اعتصام للمجتمع المدني دفاعا عن حق الناس في الوصول الى الشاطئ


2016-05-06    |   

اعتصام للمجتمع المدني دفاعا عن حق الناس في الوصول الى الشاطئ

خلال بيان ألقاه من بيت الوسط بتاريخ 1/5/2016صرح رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري بأن "الرملة البيضاء ستبقى لأهل بيروت ولا شيء سيتغير وسيبقى الشاطئ لأهل العاصمة فرفيق الحريري اشتراه لذلك وهكذا سيكون…". كلامٌ كاد أن يبعث الاطمئنان في قلوب "البيارتة" الذين كادوا في الأمس القريب أن يخسروا شاطئهم العام ومتنفسهم البحري الوحيد، بعد اقفال "دالية الروشة" بالأسلاك الشائكة والسواتر الباطونية وأرتال النفايات المنتشرة بينها. جاء تصريح الحريري على خلفية كشف صفقة شراء حاول رئيس بلدية بيروت الحالي بلال حمد تمريرها قبل انتهاء ولايته بأسابيع قليلة، تقضي بشراء ثلاثة عقارات في منطقة الرملة البيضاء بمبلغ 120مليون دولار من شركات عقارية اتضح ان ملكيتها تعود لآل الحريري وذلك بغية تحويلها الى شاطئ عام لأهالي بيروت اي تحويلها الى ما هي عليه أصلاً؛ ما يعني سرقة موصوفة و"على عينك يا تاجر".
وكان حمد قد أدرج بند مناقشة شراء ثلاثة عقارات في الرملة البيضاء في اجتماع المجلس البلدي بتاريخ 2142016تحت حجة إعادة استملاكها وهي اصلاً ملكاً عاماً.  أما محافظ بيروت القاضي زياد شبيب فقد حاول التنصل من القضية عن طريق تحويل المسؤولية مباشرة الى وزير الداخلية والبلديات. وربما يكون شبيب قد استند الى المادة القانونية رقم 56من المرسوم الاشتراعي رقم 118تاريخ 30/6/1977، التي تقول إن "الرقابة الإدارية تمارس على قرارات مجلس بلدية بيروت من قبل وزير الداخلية فقط". وهو في حديث له عبر محطة المؤسسة اللبنانية للإرسال قال بأن: "ان قرار المجلس البلدي لم يكتمل بعد وهو يحتاج الى موافقة سلطة الرقابة الادارية المتمثلة بوزارة الداخلية والبلديات. والملف اليوم أمام الوزير للموافقة أو عدم الموافقة عليه. ويحال بعد ذلك الى ديوان المحاسبة وإذا اقترن القرار بديوان المحاسبة تبدأ مرحلة السلطة التنفيذية المتمثلة بالمحافظ". لكن لا بد من الإشارة هنا الى ان المادة 61 من المرسوم نفسه تؤكد "أن قرار شراء العقارات أو بيعها التي تزيد قيمتها على 100مليون ليرة ودفاتر الشروط الخاصة العائدة لها تخضع لتصديق المحافظ".

على ان التضارب في تفسير صلاحيات المحافظ، قابله تحرك مفاجئ من قبل وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر الذي حاول استعادة دور وزارة الاشغال في موضوع الأملاك العامة البحرية ومستنداً الى القانون، أرسل بتاريخ 4/5/2016كتاباً الى محافظ بيروت زياد شبيب يطالبه فيه "بوقف صفقة البيع" مذكراً اياه بالصلاحيات التي يتمتع بها وفقا للمادة 68من المرسوم الاشتراعي 118/77في هذا الشأن والتي تنص على "انه يتولى السلطة التنفيذية في البلدية رئيس المجلس البلدي وفي بلدية بيروت يتولاها المحافظ" طالباً التنسيق المستمر مع وزارته حفاظاً على الأملاك العمومية والمال العام.

وقد استند زعيتر في استرجاع دور وزارته الى "أحكام المادة الأولى من القرار رقم 144/س الصادر بتاريخ 10/6/1925؛ والى أحكام الفقرة الأولى من المادة الثانية من القرار المذكور بالنظر الى طبيعية هذه العقارات وموقعها وآليات تجعلها داخلة ضمن الأملاك العمومية". وبالتالي، أوقف زعيتر صفقة بقيمة 120مليون دولار حاول تمريرها بلال حمد من خلال اعتبار ان هذه الصفقة هي لتأمين شاطئ للعموم. فمما جاء ايضاً في كتاب زعيتر "لما كانت الغاية المعلنة من شراء العقارات التي تعتبر بطبيعتها من الأملاك العمومية هي انشاء مسبح للعموم عليها، أي انشاء ما هو موجود أصلاً على تلك العقارات، الأمر الذي يظهر بصورة جلية النية الحقيقة لكل من ساهم في اصدار الرقم 284(قرار صادر عن بلدية بيروت بتاريخ 21/4/2016والقاضي وفق مادته الأولى بشراء العقارات 2369و 4026و 4027المصيطبة) والتي اتجهت الى تكريس واقعة التعدي الحاصلة منذ زمن بعيد على الأملاك العمومية التي جرى تملكها من قبل أشخاص معينين، والى هدر المال العام عبر شراء ما هو مملوك أصلاً من الدولة اللبنانية ولإنشاء ما هو موجود أصلاً على تلك العقارات وذلك بدلاً من السعي الى استرجاع حقوق الدولة وفقاً للأصول القانونية وبما يحفظ المال العام وحقوق الغير".  

في هذا الوقت، كانت الجمعيات المدنية تتصدى لـ "مشروع بلال حمد"، من خلال اعتصام رمزي نفذه "الائتلاف المدني لحماية الأملاك العامة"، نهار الأربعاء 4/5/2016، أمام مدخل المسبح المجاني للعموم في الرملة البيضاء، رفضاً لإتمام صفقة لا تسعى سوى لهدر مال بلدية بيروت. وقد رفع المعتصمون شعارات منها "يا محافظ وقف هدر المال العام ورجعوا لصحابو"، و"يا وزير الداخلية أموال البيارتة أمانة برقبتك الغي عقد بيع الرملة يلي بحوزتك".
وقد تحدث في هذه المناسبة المدير التنفيذي لجمعية "نحن" محمد أيوب مذكراً بأن "الرملة البيضاء هي بطبيعتها أملاك عامة بحرية، بحسب المادّة الأولى والثانية من قانون تحديد الأملاك العموميّة رقم 144/س الصادر في 10حزيران 1925، الذي اعتبر أن كل الشواطئ الرملية هي أملاك عامة بحرية، ولا يمكن بيعها أو شرائها، ولا تكتسب ملكيتها مع مرور الزمن. أي، هي من حقوق الناس حكماً. ولأن ملكيتها غير قانونية فيجب تصحيح الخطأ وليس شراؤها".

وبسؤاله ان كان رئيس بلدية بيروت يحاول تمرير صفقة معينة اجاب: "كانت واضحة محاولات رئيس بلدية بيروت للمتاجرة بالفقراء حتى "يربّحهم الجميل". فكما هو معروف فإن مياه المجارير والصرف الصحي تصب في بحر الرملة البيضاء. بالمقابل لم يقم "حمد" بواجبه بإيقاف المجاري المتدفقة على هذا الشاطئ، ولم يقرّ أي سياسة تعيد تفعيل وتنظيم له حتى يعود مرتعاً ومتنفساً للناس والبيروتيين. بالمقابل يحاولون بيعه بمبلغ 120مليون دولار لإعطاء المبلغ لأشخاص محددين عوضاً عن القيام بمشاريع لفقراء في بيروت لاسيما سكان طريق الجديدة ورأس النبع".
ولفت ايوب الى أن "منطقة الرملة البيضاء تخضع، بحسب تصنيف المنطقة العاشرة في بيروت التّي تشملها، لعامل استثمار يساوي صفر بالمائة، وبالتالي فإن فرصة إنشاء أي نوع من المشاريع الخاصة عليها هي معدومة قانوناً". وشدد على "رفض قرار بلدية بيروت القاضي بشراء عقارات هذه المنطقة"، مطالباً وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق "بإسقاط القرار تطبيقا للقانون وحماية لأموال الناس كونه يمثل السلطة الرقابية على بلدية بيروت".

 بدوره طالب الناشط البيئي رجا نجيم من "الجمعية اللبنانية للحفاظ على التراث" وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق "بردّ القرار رقم 248الصادر عن مجلس بلدية بيروت الى المجلس البلدي ورفضه والطلب من المجلس البلدي الجديد الغاءه".
واستطرد نجيم قائلاً: "هذه املاك عمومية بحرية لا يمكن لها ان تكون خاصة. وكل السندات الخاصة الموجودة على الاملاك العمومية يجب ان تلغ وهذا ما يسمى استرداد الملك العام". معتبراً ان هذا الامر هو من صلاحيات وزارة الاشغال العامة والنقل.
ورداً على سؤال حول كيفية استرداد الأملاك العامة دون شراءها أجاب: "إذا اعتبروا بحسب القانون ان المالك المدون اسمه حسب السندات هو حسن النية يقومون بالتعويض عليه واما ان اعتبروه سيئ النية فيقولون له الله معك". وشدد على انه" لا يوجد ما يسمى عقارات خاصة وانما هي عقارات عامة يوجد عليها سندات ملكية خاصة".

وسجل نجيم لوماّ على الوزير المشنوق فقال: "كيف يسمح لنفسه ان يتعدى صلاحياته فهو وصي وليس السلطة وليس لديه الحق حتى في أن يقبل ان يقوم المحافظ بالتنازل على المراقبة التي من المفروض ان يقوم بها على المستندات التي وصلته من قبل المجلس البلدي. لهذا السبب أقول سواء للمحافظ او وزير الداخلية ان لديهم المجال ان يقوموا بتصحيح الخطأ المرتكب ويقوموا برد العقد الذي تعمم وتحضر للمحافظ كي يقوم المجلس البلدي المقبل بإلغائه".

وختم متمنياً على الرئيس سعد الحريري الذي قال "ان الرملة البيضاء بقيت للعالم، الاّ يكون كلامه مجرد دعاية قبل الانتخابات وان يثبتها بقرار بالتنازل وإرجاعها الى اهالي بيروت".
يشار الى أنه وقبل انتهاء الاعتصام علم الناشطون بأن محافظ بيروت القاضي زياد شبيب "وافق على طلب وزير الأشغال العامة والنقل، الرّامي إلى منع بيع الأملاك العامّة البحرية الكائنة على شاطئ الرملة البيضاء" وطلب بالمقابل من وزارة الأشغال والنقل "الإسراع في تحديد حدود الأملاك العامة المذكورة، وفقاً لأحكام الفصل الثاني من القانون المذكور، والمباشرة بهذه العملية عبر تشكيل اللجنة التي يرأسها مهندس من وزارة الأشغال ومندوب من وزارة المالية وعضو بلدي".

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني