في 25-7-2015، نظمت حركة الشعب اعتصاماُ "ضد التساهل في مكافحة الجرائم" أمام وزارة الداخلية والبلديات مقابل حديقة الصنائع في بيروت. وقد تمّ تبرير الدعوة الى الاعتصام بأن الوضع ما عاد يطاق وأنّ من حقّ اللبنانيين أن يعيشوا في بلد يضمن لهم أبسط مقومات العيش بكرامة في ظل دولة عادلة ترعاها القوانين ويصونها قضاء مستقل عن كل التدخلات السياسية والطائفية من قبل "أمراء الطوائف وحيتان المال". ويرتبط انعقاد هذا الاعتصام زمنيا بجريمة قتل جورج الريف الذي تلقى طعنات قاتلة على يد المدعو طارق يتيم أحد أصحاب السوابق القضائية على خلفية أسبقية مرور. وكانت هذه الجريمة وقعت في وضح النهار وأمام أعين الناس دون ان يتدخل أحد لردع القاتل، فيما تأخرت القوى الأمنية عن الحضور. وقد نقلت شاشات التلفزيون مباشرة بعد مقتل الريف أخبارا عن جرائم سابقة ارتبط بها اسم طارق يتيم وانتهى التحقيق فيها بإخلاء سبيله، بالنظر الى الدعم الذي يحظى عليه من قبل أحد المتمولين الكبار.
وتبعا للدعوة، إحتشد مجموعة من المواطنين من مختلف المناطق على أنغام الأناشيد والأغاني الوطنية. وقد رفع المشاركون شعارات "جرائم جنائية – جرائم بيئية برعاية تحالف رأس المال وأمراء الطوائف"، "حيث تكون العدالة يكون الوطن"، "حماية المواطنين أهم من مخالفات السير"، "سكر تلفونك شغل ضميرك". كما حمل أحدهم لوحة رسم عليها قبر كتب عليه "هنا يرقد المأسوف عليه لبنان الرسمي بسلام" مع اكليل بإسم الشعب اللبناني، ورسمة أخرى لمطرقة القاضي وتحت هاتف مع جملة "القضاء وان كان أكبر رأس" في اشارة الى أحد أهم مطلب المحتجين وهو تحقيق استقلالية القضاء لضمان العدالة والمساواة بين أبناء الوطن الواحد.
وفي حديث للـ"مفكرة القانونية" شرح منسق قطاع الشباب في حركة الشعب جورج عازار أهداف التحرك قائلاً: "أنه للاضاءة على تقاعس أجهزة الأمن وتسلط المحسوبيات الطائفية والمالية على قضايا الأمن والجريمة وعدم إحقاق المساواة بين الناس أمام القانون". واعتبر سعادة أن "هناك تقاعساً من قبل الأجهزة الامنية في مجال حماية الناس لاسيما الفقراء والنساء فاذا لم يكن الفرد مدعوما لا تحميه أجهزة الأمن. وينسحب هذا الأمر على مستوى القضاء أيضاً حيث نجد الأشخاص المدعومون يخرجون من السجن". ولفت الى أن: "التسيب على مستوى الجريمة الجنائية يرافقه انهيار في مؤسسات الدولة ككل ويرافقه الجريمة البيئية التي يعاني منها اللبناني اليوم وان ربط هذه الجرائم ببعضها يشير الى فشل النظام المالي الطائفي في إقامة دولة حقيقية وتأمين الحد الأدنى من مقومات أمن المجتمع". واكد سعادة ان:" المطلوب اليوم ان تعود مؤسسات الدولة وتتعامل مع المواطنين على أساس انهم مواطنون وليس رعايا وتأمين الحماية وألاّ تنتظر الاجهزة ربع ساعة ونصف ساعة لارسال دورية الى شخص يتعرض للقتل. وأن يقوم الشعب بالنزول الى الشارع عند أي تقصير من قبل الدولة وأجهزتها التي تنهشها المحاصصة والتبعية السياسية لبعض الزعماء وحتى رجال الأعمال".
وبسؤال سعادة ان تمت دعوة أهالي الضحايا للمشاركة في الوقفة الاحتاجية أجاب بالنفي. وقال:"لا نريد استغلال الحادثة لأن ما تعرضت له الضحيتان ليس جريمة فردية بل هي قضية رأي عام. وقد تطال أي فرد منا. من هنا أردنا للشعب أن ينزل للمشاركة بمطالب وهواجس تعنيه بالدرجة الاولى بعيدا عن التبعية السياسية والطائفية".
وعلى الرغم من ان عدد المشاركين لم يكن ضخما، ولكن كما في كل التحركات المطلبية فقد كان الحضور الأبرز للقوى الأمنية التي بلغ عدد عناصرها أضعافاُ مضاعفة بالمقارنة مع عدد المعتصمين. وربما لان موقع الإعتصام (أمام الداخلية) لم يكن يستدعي مشاركة المخبرين السريين فقد لوحظ ان مهمة التقاط الصور للمتظاهرين تولاها أحد عناصر قوى الأمن الداخلي الذي راح يصور الناس علناً ودون تردد في سابقة تطرح العديد من علامات الاستفهام.
ومن ضمن المعتصمين، برزت الناشطة رندا قباني من جمعية جنسيتي كرامتي، التي أزعجها قلة المشاركة في هذا التحرك وقالت:" للأسف لا يوجد شعب يحترم حاله. فهذه القضية مصيرية في الاساس، قتل الناس لا يجوز، الروائح التي نتنشقها لا تجوز. نعيش في بلد تعجز المرأة عن منح ابنها الجنسية أما الهاجس الأكبر فهو البقاء على قيد الحياة، لم يعد امامنا حل سوى الرحيل عن البلد لانه لا يوجد لدينا دولة تحمينا". أما ناديا حمزة فشاركت بالتحرك احتجاجا على ما يحصل من جرائم تعني كل بيت وأسرة وللمطالبة بحل أزمة النفايات وقالت:"الجرذان تهرب من النيران (نار حرق الزبالة المكدسة) وتدخل الى بيوتنا. بات لدي في منزلي أربعة جرذان، الواحد منها أكبر من الهر. هذا عدا عن الروائح المشبعة بالسموم التي نتنشقها. انا مريضة أعاني من الربو ومشاكل في الرئتين وابني كذلك. ومع كل معاناتنا نجد ان المسؤولين في الدولة لا يحركون ساكنا وآخر همهم الشعب ".
جاء جمال من راشيا ليعبر عن استيائه من الحال الذي وصل اليه البلد وقال: "في لبنان الشخص المحمي لا أحد يتحدث معه والقاتل المدعوم يخرج "مثل الشعرة من العجين" والذي يقتل زوجته علنا ويسحبها من السيارة لا احد يراه. الوضع ما عاد يطاق فالمدعوم لا احد يطاله والفقير يطاردونه على ضبط مخالفة سير. نحن نريد المساواة يجب على الناس ان يقفوا وقفة واحدة في وجه الظلم والا سنبقى طوال حياتنا هكذا".
يحمل عصام القادري الحالة التي وصلت اليها البلد الى الشعب لانه لم ينزل الى الشارع للمطالبة بتنحي المسؤولين بالقوة وقال:"لدي طلب واحد من سوكلين ان كانت ستستمر بجمع النفايات وهو ان تبدأ بالسياسيين ومن ثم لتترك لنا النفايات. لأن رائحة فسادهم والسمسرات ونهب أموال الشعب فاحت. لا يوجد لدينا رئيس جمهورية ومجلس النواب ممدد لنفسه مرتين. لماذا يجددون لنفسهم ان كانوا عاجزين عن الاتيان بقانون للانتخابات؟ اذا لم يكونوا قادرين على اقرار سلسلة الرتب والرواتب؟ وغيرها من الأمور فليرحلوا ويدعونا نحكم أنفسنا بأنفسنا".
الصورة من ارشيف المفكرة القانونية تصوير علي رشيد
متوفر من خلال: