في خطوةٍ جاءت استكمالاً لسابقاتها وآخرها اقتحام مركز الجمارك في العريضة على إثر المخالفات القانونية وقضايا التهريب في 22 كانون الثاني، توجّهت المجموعات المنتفضة في عكّار مساء أمس الجمعة 31 كانون الثاني إلى مركز جمارك العبّودية، للاستفسار عن سبب ارتفاع سعر دفتر الجمارك من 5 آلاف ليرة لبنانية إلى خمسين ألف ليرة لبنانية ولتقديم شكاوى متعلّقة بموضوع تهريب الخضار من سوريا.
توزّع المنتفضون في سيارتين، وعند وصولهم هاجمهم عناصر بلباس مدني خرجوا من مركز الجمارك وإعتدوا عليهم بالضرب. يلخّص أحمد البستاني الناطق بإسم مجموعة شباب العبدة ما حدث بالقول إنّ "التصويب المباشر في الإحتجاجات على مراكز الدولة الرسمية حيث يستشري الفساد وخصوصاً عبر المواجهات مع مراكز الجمارك بدت موجعة للمستفيدين من هذا النهج". ويروي في فيديو نشر على صفحة خيمة اعتصام حلبا على "فيسبوك" أنّهم "كانوا حوالي 50 شخصاً موجودين داخل المركز، وهم كناية عن مهربين وزعران تابعين لمركز الجمارك قاموا بتكسير السيارات والإعتداء بالضرب علينا كما قاموا بشهر السلاح في وجهنا من دون معرفة هويّتنا أو ما نريده منهم أصلاً".
ورداً على إشكال الليلة الفائتة، ونتيجة معلومات وردت للناشطين مفادها أن شاحنات محمّلة بالخضار المهرّبة قادمة من سوريا إلى منطقة العبدة، قرروا اليوم السبت 1 شباط، القيام بخطوة تصعيدية. ووصفوا الخطوة بأنها رد مباشر على سياسة الإنتفاع والمحسوبية التي يتّبعها مركز الجمارك أولاً وإستكمال لدور المراقب الذي يقومون به في ظل غياب الدولة وتقاعسها في أداء واجبها من ناحية ضبط الفوضى على الحدود لناحية دخول البضائع.
ويروي فراس عبدلله لـ"المفكرة القانونية" ما جرى اليوم قائلاً إنّ "الشباب كانوا في إنتظار وصول الشاحنات التي كانت تواكبها سيارتان بداخلهما مسلّحين للحماية، لكن الشباب لم يأبهوا بالأمر بل قاموا بقطع الطريق وإستطاعوا إيقاف شاحنة منها". أما الشاحنات الأخرى فإستطاعت تفادي الحاجز الذين أقاموه في عكار وأوصلت بضاعتها المهربة إلى سوق الخضار في التبّانة في منطقة طرابلس.
وهنا يستغرب البستاني كيف إستطاعت الشاحنات تجاوز الحدود، ليس لأنّها تحمّل بضاعة مهرّبة فحسب بل لأنها بمواكبة مسلّحة أيضاً.
وعلى الفور، بعد القليل من الأسئلة من قبل الناشطين، إعترف سائق الشاحنة التي إحتجزوها بعدم حيازته لبيان جمركي وبأنه بقوم بتهريب الخضار. وصوّر الناشطون عملية إيقاف الشاحنة بالفيديو ولكنّهم لم يفتحوها قبل وصول عناصر الدرك ومجموعة من أبناء المنطقة.
المختلف هذه المرة عن المرّات السابقة أن المنتفضين لم يسلّموا الشاحنة للجيش لأنهم اعتبروا أنّ الجيش تساهل في مرّات سابقة حين سمح لشاحنة أوقفها الناشطون بأن تعود أدراجها. وتشاورت مجموعات الحراك في عكار بشأن القرار المناسب الذي يجدر بها اتخاذه بينما "أصحاب البضاعة المهربة تواصلوا مع فعاليات سياسية وأمنيّة كما حدث في المرة السابقة ليضغطوا علينا ولكي ندع الشاحنة المحملّة بالبضاعة تذهب إلّا أننا لم نقبل" حسب ما يقول البستاني. وهو أمر يؤكّده مختار منطقة ببنين محمد الرفاعي بقوله "القرار النهائي يعود إلى الثوار". وبالنتيجة قرر الناشطون أن يسلّموا الشاحنة المحملّة بالبضاعة المهرّبة إلى فرع المعلومات ليقوم بتوزيعها على الجمعيات الخيرية.
ويوضح الناشط رباح الرفاعي أنّ "هنالك سياسة ممنهجة يقوم بها تجار الخضار الكبار تعتمد على الإحتكار وجلب البضاعة المهربة من سوريا مما يؤثر على الأسعار ويضرّ بمحصول مزارعي منطقتنا". لذلك فإنّ موضوع البضاعة المهربة سيبقى قضية ناشطي عكّار الأساسية التي لن يتوقفوا عن تبنّيها عبر خطوات تصعيدية قبل أن توفّر الدولة حلاً نهائياً لمشكلة التهريب.
وكان ناشطون من عدد من مجموعات الانتفاضة في عكّار اقتحموا قبل أيام مركز الجمارك في العريضة بعد خطوات احتجاجية حملت رسائل تحذيرية إلى أصحاب الشاحنات الذين ينقلون بضاعة مهربة قادمة من سوريا.
وبعد مفاوضات مع عقيد في الجيش اللبناني استلم الجيش اللبناني المركز بدلاً من الجمارك واعداً المتظاهرين بالحفاظ على الأمن وتفتيش الشاحنات قبل دخولها لمنع عمليات التهريب.
ويعتبر الحراك في عكار من الأكثر نشاطاً في لبنان حيث يقوم الناشطون بدور فعّال على الأرض من حيث ضبط الأسعار في السوق ووقف عمليات التهريب والضغط على المسؤولين المحليين للقيام بعملهم كما يجب آخرهم محافظ عكار الذي أجبره المتظاهرون على مغادرة مكتبه قبل شهر ليعود مؤخراً لمزاولة عمله ولكن بشروطهم.