دعت جمعية القضاة التونسيين القضاة التونسيين كافة للاضراب العام عن العمل يومي 28 و29/04/2015 احتجاجا على ما ذكرت أنه التفاف من لجنة التشريع العام على الدستور وخرق لأحكامه بشكل يؤدي الى وضع اليد مجددا على القضاء وتغليب النزعة الفئوية في تركيبة المجلس الاعلى للقضاء.
كان يُنتظر أن يشكّل عمل لجنة التشريع العام على مشروع قانون المجلس الاعلى للقضاء مناسبة لتطوير النقاش صلب المؤسسة التشريعية حول سبل ارساء "سلطة قضائية مستقلة". لكن ما سجّل من مناقشات حول أساليب منع تغوّل القضاة وكيفية فرض رقابة على عملهم ودفاع الجانب الأكبر منهم لاحقا عن دور وزير العدل في ادارة مرفق القضاء، شكّل انتكاسة لمبدأ استقلال القضاء يمهد لبعث مجلس يتملص من الاحكام الدستورية ويضمن تواصل هيمنة السلطة التنفيذية عليه اولا وهيمنة قطاع المحامين على تركيبته ثانيا.
تولت لجنة التشريع العام مراجعة مشروع الحكومة للمجلس الاعلى للقضاء على خلفية أنه يمسّ بحقوق وزير العدل. فرفضت ما اقترحه وزير العدل من خلال المشروع من اتباع المعهد الأعلى للقضاء والتفقد القضائي للمجلس الأعلى للقضاء، لتعود وتقترح ابقاءهما تحت سلطة وزير العدل. وعليه، دافعت لجنة التشريع العامّ على حق وزير العدل في التحكّم في القضاة من خلال تحكمه في الملفات التأديبية، فلا يكون للمجلس الاعلى للقضاء حقّ الاطلاع على ملفات القضاة التأديبية ما لم يأذن وزير العدل بذلك. كما انتصرت لجنة التشريع العامّ لفكرة أن تكون برامج تكوين القضاة الأساسي بالمعهد الأعلى للقضاء مسألة تتحكم بها السلطة التنفيذية. وبدت اختيارات لجنة التشريع العام مستغربة باعتبار ان الحكومة نفسها لم تطالب بذلك.
كما التفتت لجنة التشريع العام عن مطالب المهن القضائية والناشطين في المجال في المنظمات الحقوقية بجعل المجلس الأعلى للقضاء منفتحا على القوى الاجتماعية من خلال اعتماد تنوّع ثلث أعضائه الواجب تعيينهم من خارج القضاء. وقرّرت لجنة التشريع العامّ أن تقدّم تصوّرا يؤدّي الى شبه احتكار للمحامين لعضوية المجلس من خارج القضاء، مع السماح بتمثيلية مخففة للاساتذة الجامعيين، الذين قد يكونون محامين في الوقت نفسه. ولا يخرج عن ذلك سوى اشرك الخبراء المحاسبين بالمجلس الاعلى للقضاء المالي. وعليه، انتصرت لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب التي يسيطر المحامون على تركيبتها لطلبات الهيئة الوطنية للمحامين ولم تلتفت لغيرها من الهياكل المهنية. كما لم تتولّ دراسة أثر اختيارها على عمل مرفق العدالة في ظل التجاذب الحاد الذي بات يعاني منه بسبب هيمنة قطاع المحاماة.
دفعت الاختيارات التي جمعت بين معاداة استقلالية القضاء والتحزب الفئوي القضاة للاحتجاج والاضراب. ويبدو احتجاجهم محاولة منهم للفت النظر لما يعتبرون أنه مؤامرة تستهدف استقلال القضاء، شعارها الانتصار الفئوي والبحث عن حق السلطة في التحكم في القضاء.
الصورة منقولة عن موقع alarabiya.net
متوفر من خلال: