في خطوة نوعية و ذات دلالة ، اختارت مجموعة ارهابية ان تهاجم صبيحة 18/03/2015 متحف باردو بتونس الذي يشترك مع مجلس نواب الشعب التونسي في ذات المقر . كان الهجوم قاسيا لجهة انه استهدف عددا كبيرا من السواح والمواطنين، كما كان مربكا لجهة انه توجه نحو ضرب معنويات التونسيين واقتصادهم بفعل واحد. حاول الارهابيون أن يثبتوا النجاعة في اجرامهم، فتوجهوا نحو متحف يرمز لقيم "الثقافة التونسية" يقع بمقر سيادة وطنية ويضم سواحا ومواطنين ليزرعوا الرعب ويضربوا الاقتصاد التونسي. حاول الارهابيون ان ينشروا الخوف في تونس من خلال رسالة مفادها ان الموت بات في كل مكان كما حاولوا ان يدفعوا الاقتصاد التونسي نحو الاختناق من خلال ضرب الموسم السياحي قبل ان يبدأ. وخلافا لمشاريع من يحركون "الارهابيين" ويخططون لهم، نجحت القوات الامنية في التدخل سريعا وبنجاعة وانهت الهجوم في وقت يمكن ان يعتبر وجيزا باعتبار خطورة التدخل وتأثيره على المدنيين الرهائن. توجه بتاريخ الواقعة مئات من المواطنيين تلقائيا لمقر المتحف بباردو قبل اعلان نهاية العملية الامنية ليؤكدوا انهم صف واحد في مواجهة الارهابيين وكانت الخطوة على بساطتها ذات دلالة هامة أثبتت أن الارهاب لم ينجح في زرع الخوف لدى المواطنيين وان خلف عشرات الشهداء. وتزامن التحرك الشعبي مع تحول الخطاب الرسمي والشعبي والاعلامي الى حالة تشبه الى حد بعيد حالات التعبئة في مواجهة العدو وتؤكد تطور فكرة الوحدة الوطنية ورفض المواطن للارهاب وتمسكه بحقه في الحياة المدنية والآمنة. يبدو عند هذا الحد تقييم العملية الارهابية على مستوى نتائجها ايجابيا اذ تمكنت قوات الامن رغم ما قد ينسب اليها من اخلال في اجراءات الامن التي سبقت العملية الارهابية من التعاطي بحرفية ونجاعة مع الحدث الارهابي بما خفّف من آثاره الكارثية. كما قاوم المجتمع التونسي تلقائيا أثر الارهاب على نفسيته بان حول لحظة الصدمة الى لحظة فرز تؤكد قدرته على المقاومة والتصدي.
التقييم الايجابي لأداء المجتمع التونسي في مواجهته للهجمة الارهابية لا يجب أن يحجب أحد آثارها الهامة والذي تمثل في تنامي الأصوات التي باتت تجاهر برفض خطاب حقوق الانسان فيما تعلق بالجرائم الارهابية وتصارح بدعمها لمقاربة أمنية صرفة في التعامل مع الظاهرة الارهابية. ويؤدي الربط بين المزاج الذي تولّد عن العملية الارهابية والذي تميز بشيطنة حقوق الانسان وتحميلها مسؤولية تفشي الظاهرة الارهابية ومناقشات قانوني مكافحة الارهاب والمجلس الاعلى للقضاء والذي سينطلق قريبا الى ابداء خشية من تحول الحرب على الارهاب الى حرب ضدّ الحريات وقواعد المحاكمة العادلة. وهو امر متى تحقق قد يؤدي لتحول الحرب على الارهاب الى ارهاب يغذي الارهاب الذي يناظره ويستفيد منه لفرض وصاية امنية على ديموقراطية وليدة لا زالت تتحسس خطواتها الاولى وعلى القضاء .
الصورة منقولة عن موقع vetogate.com
متوفر من خلال: