احتياجات المحاكم بعد الأزمة: نقص حاد وحلول ترقيعية

،
2024-07-18    |   

احتياجات المحاكم بعد الأزمة: نقص حاد وحلول ترقيعية
رسم رائد شرف

في إطار سلسة “القضاء اللبناني بعد الأزمة”، تقدّم “المفكّرة القانونية” توثيقًا أوّليًا لعملية إفقار القضاء أفرادًا ومؤسسةً بعد العام 2019، كمقدمة لتهميشه وربما اللجوء بدلًا منه إلى وسائل خاصّة أخرى لحلّ مشاكل الناس. وقد وثّقت في مقالات عدّة ومن خلال مقابلات عمليّة، ما يمرّ به مئات القضاة منذ بداية الانهيار المالي والاقتصادي، على صعيد تدهور أوضاعهم النفسية والمادية وتردّي ظروف عملهم اليومية، وانعكاس ذلك على إنتاجية العمل القضائي. 

وفي موازاة استطلاع آراء القضاة، استطلعت “المفكّرة” أيضًا آراء المساعدين القضائيين حول التغيّرات التي طرأت على ظروف العمل في المحاكم بعد الأزمة، وهم الذين يتولّون المسؤولية الإدارية لمعالجة ملفات المواطنين أمام القضاء. وقد اعتبر المساعدون الذين استمعنا إليهم أنّهم الحلقة الأضعف في المرفق القضائي والأكثر تضرّرًا من الأزمة. ففي حين استحصل القضاة بعد اعتكافهم على تقديمات مادية، وازدادت رسوم كتّاب العدل، وتقاضى المحامون أتعابهم بالدولار الأميركي، لم يستفد المساعد القضائي إلّا من بعض الزيادات التي لا تكفي لتأمين انتقاله من المحكمة وإليها. وبحسب أحدهم، فإنّ الحكومة تتعامل مع المساعدين القضائيين كموظفين من “الفئة العاشرة”.

في هذا الإطار، أجرت “المفكّرة” في صيف العام 2023 مسحًا لظروف العمل المادية في المحاكم مع 28 مساعدًا قضائيًا يعملون في 21 قلمًا موّزعًا على ثماني مناطق تقع في خمس محافظات (بيروت، جبل لبنان، الشمال، النبطية، والجنوب) وسبعة أقضية مختلفة (بيروت، بعبدا، الشوف، طرابلس، زغرتا، النبطية، صور). وقد تنوّعت الأقلام بين 48% عائدة لمحاكم جزائية (نيابة عامّة، قاض منفرد، قاضي تحقيق، هيئة اتهامية، محكمة جنايات) و38% لمحاكم مدنية (قاض منفرد ومحكمة ابتدائية)، بالإضافة إلى 14% عائدة لمجالس العمل التحكيمية.نستعرض في هذه الصفحات أبرز نتائج هذا المسح. ورغم أنّ المحاكم كانت تعاني قبل الأزمة من العديد من المشاكل المادية بأشكال ودرجات متفاوتة، أظهر المسح تدهور ظروفها المادية وتفاقم احتياجاتها بشكل كبير بعد الأزمة، نتيجة محدودية الموارد المتوّفرة لدى وزارة العدل. وقد أدّى ذلك إلى تأخير السير في الدعاوى القضائية والبتّ في قضايا الناس، ما ساهم في تقويض حق التقاضي وإضعاف الثقة في القضاء وفي قدرته على حماية المجتمع وحقوقه. وقد تبيّن أنّ عدد الدعاوى الواردة في محاكم عدّة شملها المسح قد انخفض بعد العام 2019، في موازاة انخفاض إنتاجية هذه المحاكم بعد الأزمة. ولمواجهة هذا الواقع، حاول القضاة والمساعدون القضائيّون تلبية احتياجات المحاكم التي يعملون فيها غالبًا بمبادراتهم الشخصية. وأحيانًا على نفقتهم الخاصّة من أجل تأمين الحدّ الأدنى من الخدمات القضائية. وفيما أشار معظم المساعدين القضائيين إلى دور المحامين أيضًا في تلبية احتياجات المحاكم، بخاصّة تلك المتعلّقة بالقرطاسية، لم يشر المساعدون القضائيون سوى في 25% من الأقلام المستطلعة إلى دورٍ لنقابة المحامين في هذا المجال. 

نشر هذا المقال في الملف الخاص في العدد 73 من مجلة المفكرة القانونية – لبنان 

لتحميل الملف بصيغة PDF

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، محاكم إدارية ، محاكم مدنية ، مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني