تعيش مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب هذه الأيام على إيقاع تعليقات لها ارتباط بحادث مروري مع عمود كهربائي تسببت فيه ابنة مسؤول كبير وهي التعليقات التي لا تخلو من سخرية ذات أبعاد متعددة. بعض هذه التعليقات تطالب بالمحاسبة وبعضها الآخر يحمل في طياته انتقادا لمؤسسة النيابة العامة وبعضها الثالث يلفت النظر إلى حالة الإفلات من المسؤولية والعقاب لمن يتولون مناصب عليا في الدولة.
وتعود الواقعة إلى بداية الأسبوع عندما صدمت ابنة الوزير السابق في التربية الوطنية والقيادي في حزب سياسي مغربي ورئيس جهة [1]مراكش حاليا، عمودا كهربائيا وهي تسوق سيارة بالرباط تابعة للجهة التي يرأسها والدها بمدينة مراكش ولا تحمل رخصة السياقة. وقد تابعت النيابة العامة بالرباط ابنة هذا المسؤول في حالة سراح بالتهم التالية: “عدم حيازة رخصة السياقة”، و”سياقة سيارة في ملكية مجلس الجهة بدون سند قانوني”، و”عدم التحكم في القيادة وإلحاق أضرار بملكية الجماعة“.
ورغم أن القانون يعطي للنيابة العامة سلطة الملاءمة في تقديم أي متهم في حالة اعتقال أو سراح للمحاكمة، فإن قرار هذه الأخيرة في هذه القضية تم اعتباره من طرف رواد شبكات التواصل الاجتماعي بمثابة محاباة لوالدها. وبلغت التعليقات مداها عندما اتخذت شكل سخرية من قرار النيابة العامة وذلك بالمطالبة بمحاكمة عمود الكهرباء الذي تسبب في الحادثة عوضا عن بنت الوزير السابق (الصورة المرفقة).
وبعيدا عن الجانب القضائي والقانوني لهذه القضية التي تعتبر قضية عادية جدا، إلا أن المهم فيها هو إماطتها اللثام عن مسألة أخرى هامة وهي قضية ربط المسؤولية بالمحاسبة. فقد طرح بعض المعلقين في شبكات التواصل الاجتماعي عما تفعله سيارة تابعة للدولة بجهة مراكش والتي تبعد عن الرباط مكان الحادث بحوالي 300 كيلومتر بقيادة شابة لا علاقة لها بهذه الجهة الإدارية سوى علاقة القربى. فهذا الأمر يستوجب تحريك المسؤولية الإدارية والسياسية وليس القانونية/ القضائية وحسب. كما أن هذه الحادثة وقبلها حوادث أخرى تؤكد الدور الرقابي على المسؤولين والمؤسسات الذي أصبحت تؤديه وسائل التواصل الاجتماعي.
وتجدر الإشارة أخيرا إلى أن هذه الحادثة وقعت قبل أيام من خطاب الملك محمد السادس من مدينة الحسيمة والذي دعا فيه إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة وتلاه إعفاء وزير الاقتصاد والمالية تطبيقا لنفس المبدأ وفق بلاغ للديوان الملكي مضيفا بأن تطبيق المبدأ لن يستثني أحدا مهما كان منصبه أو انتماؤه.
[1] – رئيس الجهة هو أكبر منصب انتخابي على صعيد الجهة ويقابه من حيث الاهمية الوالي الذي هو منصب تنفيذي يتبع لوزارة الداخلية .
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.