ابعد من نظرية “المحاكمة العادلة”: القضاء يكرس مجددا مفهوم “الحق الطبيعي”


2011-07-28    |   

ابعد من نظرية “المحاكمة العادلة”: القضاء يكرس مجددا مفهوم “الحق الطبيعي”

بتاريخ 2-2-2011، اصدر قاضي الأمور المستعجلة في بيروت جاد معلوف حكما بتعليق القرار الصادر عن الإتحاد اللبناني للتزلج بحق بطلة التزلج شرين نجيم (المدعية) بمنعها من المشاركات المحلية والدولية وفي اي نشاط بإسم لبنان لمدة ثلاث سنوات على خلفية "ان القرار المتخذ صدر من دون مراعاة الحد الأدنى من حقوق الدفاع" للمدعية (سوف ينشر الحكم كاملاً على صفحتنا الألكترونية).
واللافت ان القاضي توسع في تبرير قراره الذي جاء على عشر صفحات وتضمن 18 هامشا (منها اجتهادين لمحكمة التمييز ولمجلس شورى الدولة اللبنانيين الى جانب اراء فقهية واجتهادات اوروبية وأميركية) على نحو يؤشر الى حرصه على ارساء اجتهاده على مبادئ قانونية متينة، في ظل غياب نصوص وضعية واضحة. ففيما من المسلم به عملا بأصول المحاكمات، ان لأي متقاض حق الدفاع عن النفس، تخلو القوانين الداخلية من اي نص يكرس حقوقا مماثلة بشكل شامل. وتاليا، فإن المسألة المطروحة على القاضي تصبح: هل يتعين على النقابات والإتحادات او حتى الجمعيات تأمين حق الدفاع لأعضائها، عند ممارسة صلاحياتها التأديبية وبشكل اعم الصلاحيات التي من شأنها حرمان احد اعضائها من حق معين تبعا لخطأ معين؟ وردا على هذا السؤال ايجابا، وجد القاضي نفسه مضطرا للبحث عن دعائم فقهية واجتهادية، محلية ودولية، لترسيخ حق الدفاع، من ابرزها:

  • اجتهادات صادرة عن محكمة التمييز ومجلس شورى الدولة والمجلس الدستوري لجهة عدّ حق الدفاع مبدأ اساسياً او مبدأ قانونياً عاماً، ذا قيمة دستورية،
  • المواثيق الدولية المعمول بها في لبنان بموجب مقدمة الدستور وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (مادة 10) والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (مادة 14)،
  • القاعدتين الخامسة والرابعة عشرة من الدستور الأميركي (due process)، الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وإجتهادات المحكمة الأوروبية المنبثقة عنها (مادة 6) والتي الزمت النقابات بإلتزام حق الدفاع عند اصدار قرارات تأديبية لا سيما متى كان من شأن القرار المس بحقوق ذات طابع مدني كممارسة مهنة مثلا". فحتى لو لم يكن لبنان ملزما بقرارات المحكمة الأوروبية، "لا مانع من الإستئناس" بقراراتها التي "يبقى لها على الأقل قيمة فقهية في ظل تطبيقها وتبنيها المبادئ عينها الواجب احترامها في لبنان".

ولم يكتف القاضي بكل ذلك. بل ذهب بعد استعراض كل ذلك الى حد اعلان حق الدفاع "حقا طبيعيا"، اي حقا مستمدا من طبيعة الإنسان (وبشكل اعم طبيعة الأشياء) بمعزل عن ارادة المشرع. والأمر نفسه بشأن وصف الحق المعتدى عليه بنتيجة المحاكمة غير العادلة. فبعدما نص على ان الإتحاد هو الذي يحدد كيفية تمثيل لبنان في الخارج فيما خص رياضة التزلج، رأى ان ممارسة اي رياضة والتفوق فيها يستتبع حكما الطموح والحق بالمشاركة بالمسابقات الداخلية او الدولية، الذي يشكل احد الحقوق الأساسية والطبيعية لكل انسان وفق الشرعة الأولمبية.
ابعد من محتوى الحكم -الذي هو حكما اطول واهم وثيقة قضائية بخصوص حق الدفاع- وأبعاده  – تعميم موجب احترام حق الدفاع على النقابات والإتحادات والجمعيات في التعامل مع اعضائها- فهو يبقى خطوة اضافية نحو تعزيز وسائل الإجتهاد التي يمكن للقاضي استخدامها عند اعطاء الحلول، ومعه نحو تعزيز دور القاضي كرائد في مجتمعه.

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني