إنتصار هام لهيئة الحقيقة والكرامة، ماذا بشأن العدالة الإنتقالية؟


2017-01-19    |   

إنتصار هام لهيئة الحقيقة والكرامة، ماذا بشأن العدالة الإنتقالية؟

لم يتوصل أعضاء مجلس نواب الشعب التونسي ممن تقدموا نهاية الشهر الثامن من سنة 2015 بطلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في شبهات سوء التصرف المالي لرئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين في تحصيل الأغلبية اللازمة لتشكيل لجنة التحقيق الخاصة  بالجلسة العامة للمجلس التي عقدت يوم 17-01-2017. فقد صوّت لفائدة المقترح ثمانون نائبا فقط من جملة مائة وأربعة ستين نائبا شاركوا في التصويت حال أن الفصل 97 من النظام الداخلي للمجلس النيابي يشترط لإحداث لجان التحقيق البرلمانية موافقة أغلبية نواب الشعب الحاضرين بالجلسة.

رفضت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سعي أعضاء المجلس النيابي لتدقيق تصرفها المالي. وذكرت أن ذلك يشكّل محاولة لضرب مسار العدالة الإنتقالية وتمسكت في المقابل بكون دائرة المحاسبات من يحق لها وحدها عملا بأحكام الفصل 64 من قانون العدالة الانتقالية[1]. استدعى نظر المجلس التشريعي في تكوين لجنة التحقيق البرلمانية أكثر من سنة ونصف. وذات المدة الزمنية احتاجتها هيئة الحقيقة والكرامة لتتقدم بطلب رسمي لدائرة المحاسبات لتدقيق حساباتها دفعا لشبهة الفساد المدعى حصولها.

أكد غياب الإستعجال في تحرك طرفي الصراع أن ملف الفساد المالي ليس إلا ورقة من أوراق الصراع بين من يعارضون مسار العدالة الإنتقالية ومن يساندونها تخضع تطوراته لما يجدّ من تجاذبات بينهم بفعل تقدم مسار العدالة الإنتقالية.

وبعيدا عن خلفيات الصراع وأبعاده، فقد انتهى ملف شبهات سوء التصرف المالي والإداري بهيئة الحقيقة والكرامة إلى أمرين أولهما قبول الهيئة طوعا بأن تتولى هيئة رقابية من دائرة المحاسبات مراجعة تصرفها المالي لسنة 2015 وثانيهما فشل محاولة اقتحام السياسي له تحت غطاء لجنة تحقيق برلمانية. ويخدم هذا المخرج مسار العدالة الإنتقالية بتونس لجهة أن لجنة التحقيق البرلمانية التي كان يراد استحداثها كان من الممكن أن تكون أداة تقويض لهذا المسار، ولجهة أن إخضاع هيئة الحقيقة والكرامة للرقابة المالية سيؤدي بالضرورة لتطوير أدائها، ويمنع ما أكده مساندوها قبل معارضيها من وجود شبهات سوء إدارة بها[2].

ويستدعي الحفاظ على المكسب الذي تحقق أن تتنبه رئيسة الهيئة والفريق العامل معها لجدية الانتقادات التي توجه لإدارة هيئتهم والتي تعود في جانب كبير منها للتصدعات الكبيرة التي عرفها مجلسها. ويؤمل من الهيئة وقد تجاوزت الأزمة التي كانت تهدد مسار العدالة الانتقالية أن تتجه بجدية وشجاعة نحو فرض قواعد الشفافية في اتخاذ القرار. ولن يتحقق هذا ما لم تذعن للقرارات القضائية التي أوقفت تنفيذ مقررات الطرد التي صدرت عن مجلسها في حق أعضاء منها من دون مسوغ قانوني.

 


[1] قانون أساسي عدد 53 لسنة 2013 مؤرخ في 24 ديسمبر 2013 يتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها
[2] يراجع تصريح النائب عن الجبهة الشعبية احمد الصديق لصحيفة الصباح التونسية بتاريخ 18-01-2017 .

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، عدالة انتقالية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني