من المُرجّح أن تَستمرّ الحرائق في الغابات التونسية سنويا، بل يُمكن أن تُصبح أكثر حدّة وخطورة من سنة إلى أخرى، بخاصة مع تزايد تأثيرات التغيرات المناخية والارتفاع غير الطبيعي في درجات حرارة الطقس. والجِبال في الشمال الغربي والشرقي للبلاد التونسية مُهدّدة بأن تُصبح مناطق قاحلة وأراضي جرداء، وكل تلك الأصناف النباتية والحيوانات البرية مهددة بالانقراض. وعليه، في صورة استمرار الوضع على ما هو عليه، سوف تتحوّل رئة تونس إلى أرض مُختنقة وفاقدة للحياة البرية، وتُصبح الغابات التونسية في أكثر السيناريوهات قساوة أراضي جدباء.
مستوى مياه سطح البحر في ارتفاع ويتقدّم نحو الشواطئ بنسق متسارع (على غرار شواطئ مدينتي الحمّامات وسوسة)، وهناك جزر تونسية مأهولة مُهدّدة بالغرق أو خسارة جزء كبير من مساحتها تحت الماء (على غرار جزيرتيْ قرقنة وجربة) والكثير من الكائنات البحرية الدّخيلة انتشرت في السواحل التونسية مثل السلطعون الأزرق -الذي يطلق عليه بحارة تونس لقب داعش- وسمَكة الأرنب. أمّا الصّحراء فهي تَزحف باستمرار، فيما المياه الجوفية ونِسَب التساقطات ومنسُوب السدود تتراجع يومًا بعد يوم.
نظرا لكلّ هذه الوقائع والقراءات المستقبلية التي تتوقّع ما هو أشد سوءًا بالنسبة للبيئة في البلاد التونسية، كان من المتوقع أن تُعلن الدولة خطة واستراتيجيات وطنية، من أجل حماية الغابات والجزر والسواحل وسكانها من الآثار الخطيرة الناجمة عن التغيرات المناخية. حيث أنه من المنطقي والطبيعي أن تصبح قضايا التغيرات المناخية وحماية البيئة والمحيط من أهم أولويات الدولة، لكن في المقابل حدَثَ العكس. إذ ألغت الدولة شرط دراسة المؤثرات على المحيط، وأسقط البرلمان في أول ديسمبر 2024، مقترحا لإحداث صندوق للمياه والغابات لسكان المناطق الريفية والمهمشة والغابية. وهذه السياسات العمومية سوف تنعكس بشكل خطير على الوضع البيئي في تونس وعلى كل جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية للتونسيين.
هذا السّرد والوصف ليس مغالاة من الكاتب أو نظرة تشاؤمية في توصيف الوضع البيئي عموما في تونس، في هذا المقال سوف نكتشف خبايا تأثير التغيرات المناخية على المجال الغابِي في تونس وإمكانية تأثير قرار إلغاء شرط دراسة مخاطر المشاريع على البيئة والمحيط، محاولين تتبع انعكاسها على مختلف جوانب حياة السكان.
المجال الغابِي في تونس بين الإهمال الحكومي والتأثير المدمّر للتغيرات المناخية
كانت الغابات كبريات الضحايا طيلة السنوات الماضية بسبب الحرائق المتكررة التي ترتقي لدرجة الكارثة الطبيعية، حيث أتت على آلاف الهكتارات من الغطاء النباتي الغابي بكل ما يَحمله من حياة طبيعية للحيوانات ومورد رزق لسكان الغابات.
أثّرَت الحرائق بشكل مباشر في الغطاء النباتي والحيوانات البرية وأراضي المراعي المدرجة جميعها ضمن المجال الغَابي التونسي، المنظم قانونا بمجلة الغابات[1]. وأصبحت هذه الكوارث الطبيعية من حرائق وتطرُف مناخي تهدّد حياة أكثر من مليون تونسي من متساكني المجال الريفي الغابي المتواجدين أساسا في المناطق التونسية الأقل حظا في التنمية المحلية مثل ولايات جندوبة والڨصرين وعدد من معتمديات ولايات باجة وبنزرت والكاف. وزاد الأمر سوءًا وتعقيدًا سماح الدولة ببعث الشّركات الأهلية دون وجوبيّة إجراء طلبدراسةالمؤثّراتعلىالمحيط وكرّاس الشّروط للحصول على شهادة التصريح بالاستثمار لدى وكالة النهوض بالصناعة والتجديد. وهو ما سوف يُشكّل ضغطا إضافيا على التوازن البيئي الهشّ خصوصًا في المناطق الرطبة (الغابات/ المراعي/ السّباخ…) التي تُعاني أساسا من الآثار السلبية، وسيُفاقم أيضا حالة الفقر والهشاشة، ويَحرم قسما كبيرا من التونسيين من حق الانتفاع الطبيعي بالغابات، وذلك لصالح شركات أهلية منحها القانون امتياز عدم ضرورة وجود دراسة المؤثّرات على المحيط[2]، وهو أمر يمسّ من جوهر العدالة الاجتماعية والبيئية المتواترة والحاضرة بقوة في أغلب خطابات هرم السلطة رئيس الجمهورية قيس سعيد.
تحوز البلاد التونسية مساحة جملية قدرها 5.7 ملايين هكتار من الغابات والمراعي ومنابت الحلفاء. تنقسم هذه المساحة إلى 1.25 مليون هكتار غابات، 90 بالمائة على ملك الدولة و10 بالمائة ملك خواص. إلى جانب 4 ملايين هكتار مراعي، والبقية 450 ألف هكتار منابت للحَلفاء حسب أرقام[3] نشرها المنتدى التونسي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
يتميّز المجال الغَابي التونسي بالتنوّع البيولوجي، إذ يَعُدّ 17 حديقة وطنية و27 محمية طبيعية و42 منطقة رطبة ذات أهمية دولية مدرجة بقائمة اتفاقية “رامسار[4]“. وتُساهم في الاقتصاد الوطني بنسبة 1.33 بالمائة من الناتج المحلي الخام للبلاد و14% من الناتج المحلي الخام الفلاحي. وتُوفر الغابات ما يقارب 6 ملايين يوم عمل في السنة. ونظرا لهذه الأهمية البيئية والاقتصادية، مَثّلَت التغيرات المناخية خطرا كبيرا، بخاصة على التوازن البيئي والتأثير الحياتي والاقتصادي المباشر على سكان الغابات، حيث يعيش قسم كبير منهم على المهن الغابية مثل حظائر جمع الفلّين[5]، التي أصبحت إحدى أكبر الثروات الغابية المعرّضة لخطر الاندثار. وفي هذا السياق، نشر المرصد الوطني للفلاحة دراسة تؤكد التقلص المتواصل لامتداد غابة الفلين (الفرنان) بفعل الحرائق (17500 هكتار بين 1970 و2020) فضلا عن القطع والرعي الجائر وتهالك الأشجار بسبب التغيرات المناخية وبعض الآفات والأمراض الفطرية المستجدة بسبب شح التساقطات وتواتر الحرائق.
وشدّدت الدراسة أيضا على انخفاض عائدات إدارة الغابات والصناعات التحويلية،[6] وتراجع مهارات السكان المحليين في تصنيع الفلين (حظائر جمع لحاء أشجار البلوط الڨشر باللهجة المحلية).
وأظهر جرد الغابات الذي أنجِز سنة 1995 ثم سنة 2005، تراجعا في غابة الفلين كميا ونوعيا بمعدل 600 هكتار في السنة، إضافة إلى نقص في التجدد الطبيعي. ويَشهد إنتاج الفلين السنوي تراجعا من 9000 طن/سنويا بين 1960 و1980 إلى 4000 طن/سنويا حاليا وفق الدراسة نفسها التي أشارت أيضا إلى نقص اليد العاملة المؤهلة والموارد البشرية واللوجستية مقارنة بحجم الأشغال الواجب القيام بها.
وتؤكّد الدراسة أن الآثار السلبية لتدهور غابة الفلين تمسّ بشكل مباشر السكان المحليين وصناعة الفلين والسياحة، حيث تسببت هذه الآثار في خسارة على مستوى الأعلاف، فضلا عن زيادة البطالة وتقلص الكربون المعزول وإفقار التربة من المواد العضوية وتراجع القدرة على خزن المياه.
يُشير عماد تريِكي وهو ناشط بيئي ورئيس مجمع الصيد التقليدي بمَلُولة (طبرقة ولاية جندوبة) للمفكرة القانونية: “يمكن أن تلاحظ التدمير في غابات الفرنان والصنوبر الحلبي في منطقة ملولة بالعين المجردة، مئات الهكتارات حرُِقَت. وهذه الغابات كانت تمثل مورد رزق لسكان قرية ملولة والقرى المجاورة سواء في حضائر جمع الفلّين أو مواسم الزڨوڨو، بل أن الحرائق التَهمَت عددا كبيرا أيضا من أشجار الزيتون. يُمكن أن أصف ما حدث في قرية ملولة بالكارثة والكثير من شباب القرية غادَر نحو العاصمة وعدد من المدن الساحلية من أجل لقمة العيش، فلا الغابة أصبح بإمكانها توفير بعض أيام العمل ولا حتى البحر فيه سمك. أصبحنا نعاني في صمت جراء تجاهل الجهات المعنية.”
لم يعد التغير المناخي مجرد تحذيرات علمية وخطاب نخبوي يتعلق بالعلماء والناشطين البيئيين، بل أصبحت آثاره ملموسة ومرئية بالعين المجردة وانعكاساته المدمرة على السكان واضحة في كل معالم الحياة، بخاصة سكان المجال الغابي. فالحرائِق تقريبا هي شكل التوزيع العادل الوحيد بين غابات الشمال والوسط الغربي بداية من غابات بنزرت وصولا إلى غابات القصرين، وهذا ما جعل السكان المحليين على خط التأثر الأول بهذه الحرائق، مما أرغم عددًا كبيرا منهم إلى النزوح نحو العاصمة أو بعض المدن الساحلية الأخرى، في ظاهرة يمكن أن نصطلح عليها بالهجرة المناخية.
ويفسّر الباحث في علم الاجتماع المهتم بقضايا الهجرة والحركات الاجتماعية خالد الطبابي للمفكرة هذه الظاهرة المستجدة قائلا: “أصبحت عديد العوامل الناجمة عن تأثير التغيرات المناخية تدفع السكان نحو الهجرة من مناطقهم، وهناك أمثلة متعددة بسبب ندرة المياه أو الحرائق …هذه الهجرة المناخية موجودة في السنوات الأخيرة ويجب على الدولة أن تضع استراتيجيات من أجل حلّ هذه المشاكل، ولكن للأسف السلطة السياسية ذهبت نحو الشعارات الشعبوية المفرغة من المعنى بدل محاولة خلق وإيجاد حلول فعلية تمس فئة واسعة من التونسيين، وهذا ما تجلّى في توقيع مذكرة تفاهم سنة 2023 مع الاتحاد الأوروبي تُعنى بالهجرة ولكن تحتوي على باب كامل يتعلق بتصدير الطاقة الخضراء، وهذه الطاقة سوف تساهم في استغلال الأراضي الفلاحية التونسية في غير مجالها الأصلي وهدر المياه وانتهاك النُظم البيئية الهشة أساسا. كل هذا سوف يفاقم الضغوط والمخاطر على سكان المجال الغابي وغيره في تونس، مما قد يساهم في ارتفاع ظاهرة الهجرة المناخية”.
يؤكد الطبابِي في هذه القراءة لظاهرة الهجرة المناخية في تونس غياب لأي استراتيجية من قبل الدولة لمواجهتها، بل يوضح كيف أن الدولة عن وعي أو دونه ماضية في تأزيم وتعميق الضغوط التي يتعرض لها سكان المجال الغابي.
سكان المجال الغابِي: ضحايا الطبيعة والقانون
يُعتبر سكان المجال الغابِي من الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة في تونس، وذلك ما تُبيّنه المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية المتواترة في تونس. وتؤكد البيانات الرسمية المنشورة على موقعمعهدالإحصاء انتشار الفقر واتساع رقعته في تونس ليبلغ 16.6% سنة 2021، مقابل 15.2% سنة 2015، فيما حافظت نسبة الفقر المدقع على استقرارها في حدود 2.9%.
وترتفع معدلات الفقر في الأرياف، ولا سيما تلك الواقعة في الشمال الغربي والجنوب الغربي، وبالأخص في المجال الريفي الغابي، حيث يتخطى معدل الفقر في أغلب الأحيان 33 % حسب نفس بيانات معهد الإحصاء. ويُعتَبر المجال الريفي التونسي عموما مجالا طاردًا ومنفرًا للسكان، حيث أن أغلب ضواحي العاصمة متكونة من موجات مختلفة من النازحين من الأرياف التونسية بسبب الفقر وفشل مشاريع التنمية الاقتصادية في مختلف الحقب السياسية. أما اليوم فالمسألة تزداد تعقيدا بسبب التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية التي تتهدّد سفوح الجبال أين يسكن أكثر من مليون تونسي.
كما تُظهر دراساتالبطالةالمنشورةمنقبلالمعهدذاته، أن المناطق ذات معدلات الفقر المرتفعة تعاني أيضاً من معدلات البطالة الأعلى في البلاد، التي يُمكن أن تصل إلى نسبة 26% في الشمال الغربي و21% في الجنوب، مُسجِّلةً بذلك فارقاً كبيراً مقارنةً بالمعدّل الوطني الذي يبلغ 15.3%. وهذه المناطق في أغلبها تعتبر مناطق تركّز المجال الغابي بمختلف أصنافه؛ الغابات وأراضي المراعي ومنابت الحلفاء.
يُسوّق النظام الحالي ومناصروه أن الشركات الأهلية هي الحل السحري للمشاكل الاقتصادية الهيكلية والمزمنة في بنية الاقتصاد التونسي، ويؤكدون في كل مرة أن الشركات الأهلية هي الوصفة والحل الأمثل لوضع حدّ لظاهرة البطالة المتفاقمة لدى الشباب التونسي. وربّما انطلاقا من هذا التوجه الاقتصادي الحكومي يُمكن أن نفهم الدوافع وراء إلغاء شرط طلب دراسة[7] المؤثرات على المحيط وكراس الشروط للحصول على شهادة التصريح بالاستثمار لدى وكالة النهوض بالصناعة والتجديد, لكن أغلب الناشطين والمدافعين عن الحقوق البيئية يندّدون بخطر هذا القرار، بخاصة في الوضع الراهن. حيث أكد محدثنا عماد التركي، وهو ناشط بيئي ورئيس مجمع الصيد التقليدي بملُولة: “الغابات والبحار هي مصدر رزق عدد كبير من السكان، بل هي مصدر الدخل الأساسي للكثير منهم، وحين أسسنا المجمع كان من بين أهدافنا حماية المحيط بحكم أن البحر النظيف هو البحر الأكثر وفرة للأسماك والغابة السليمة. والغابة غير المحروقة هي الغابة التي يمكن أن تجمع منها الحشائش الطبية وكل الخيرات. مثلا نحن في المجمع نهدف للحفاظ على طرق الصيد التي تحترم البيئة البحرية ولا تلوّثها ولا تستنزف خيرات البحر من أجل أن نحافظ على مورد رزق البحارة الحاليين ونحفظ حق الأجيال القادمة. لكن نحن اليوم نشعر بالخوف والريبة من أن يُستَغلّ قرار إلغاء طلب دراسة المؤثرات على المحيط وكراس الشروط البيئية على نحو يفتح الباب أمام مجموعات غير مسؤولة وغير مُحبة للبحر، لتأسِيس مشاريع تُلوث البيئة هذه المرة بالقانون. احترام البيئة هو أساس الحفاظ على مورد الرزق. هذه خلاصة خبرتي في سنوات الصيد أو بعض الأعمال الموسمية والظرفية سواء في الفلاحة أو غابات ملّولة”.
طريق الجحيم مفروشة دائما بالنوايا الحسنة، هذا المثل الشائع ربما هو التوصيف المثالي لبيَان إلغاء شرط دراسة المؤثرات على المحيط وكراس الشروط للحصول على ترخيص إنشاء الشركات الأهلية. لأن الحفاظ على البيئة وضمان ديمومة الثروات الطبيعية خاصة الغابية والبحرية هما طريق خلق الثروة والحفاظ عليها، وهذا الاستنتاج في حقيقة الأمر ليس من باب العبقرية الفذة بل هو من قبيل تحصيل الحاصل. وروح الاقتصاد التضامني الاجتماعي (وهو النموذج الأقرب للشركات الأهلية حسب سردية أنصار النظام[8]) تتجسد في الحفاظ على بيئة سليمة وحماية الثروات الطبيعية للأجيال القادمة. والوضعِية البيئية شديدة الهشاشة في حاجة إلى قوانين تحميها وتُدمج سكان الغابات في النسيج الاقتصادي، وتَخلق الثروة من أجل أن يصبح المجال الريفي الغابي جاذبا للسكان لا طاردا لهم.
[2]بلاغ إعلامي : تونس في 18 سبتمبر 2024 وزارة التشغيل والتكوين المهني مكتب الإعلام والاتصال:إلغاء شرط طلب دراسة المؤثرات على المحيط وكراس الشروط للحصول على شهادة التصريح بالاستثمار لدى وكالة النهوض بالصناعة والتجديد.
[4] اتفاقية رامسار: هي معاهدة دولية للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة من أجل وقف الزيادة التدريجية لفقدان الأراضي الرطبة في الحاضر والمستقبل وتدارك المهام الإيكولوجية الأساسية للأراضي الرطبة وتنمية دورها الاقتصادي والثقافي والعلمي وقيمتها الترفيهية. وتحمل الاتفاقية اسم مدينة رامسار في إيران.
[5] تستعمل مادة الفلين، المستخرجة من لحاء شجرة البلوط الفليني في عديد المجالات ومن أهمها تغليف الأسقف وعزل الجدران، فهي عازل حراري وصوتي ممتاز، وأيضا العديد من الصناعات مثل سدادات زجاجات النبيذ وصناعات بعض الأحذية والمعدات الرياضية.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.