إنّ حراك المجتمع اللبنانيّ المستمرّ منذ أكثر من شهر في إطار حملة “طلعة ريحتكم” يعني أن الشعب بدأ يستعيد ثقته بنفسه وقرّر ألّا يترك البلد يذهب إلى الخراب. لن نقبل بعد اليوم، بأن يحتكر الفاسدون صلاحيات البلديّات على حساب الناس والمال العام والصحّة العامّة والبيئة. إنّ محاصرة اللبنانيين بجبال من النفايات والأزمات من أجل فرض الصفقات المافيوية كان وما زال الطريق الذي اعتمده الفاسدون لتمرير مشاريعهم المشبوهة. ومواجهة الفساد ونظام المحاصصة غير الدستوري هو الطريق لبناء الدولة التي نريدها. إنّها طريق طويلة وشاقة، ولم يعد لدينا خيار آخر، فمستقبل أولادنا ووطننا صار على المحكّ. ومعالجة أزمة النفايات هي المواجهة الحاليّة لكنّها ليست الأخيرة. ونؤكد على أنها سلمية وتراكميّة وهادفة، كما نؤكد للمواطنين جميعاً استقلاليتنا إزاء جميع القوى السياسية الحاكمة بممثليها في 8 و14 آذار وباصطفافاتها الطائفية والمذهبية.
إنّ حلّ أزمة النفايات يبدأ بوقف الاعتداء على صلاحيات البلديات ومواردها في الصندوق البلدي المستقل وبتطبيق القانون. فمع نهاية الحرب، نجح المجتمع اللبناني في استعادة مبدأ الانتخابات البلدية ومعها سلطاته المحليّة. واليوم، يحاولون تفريغ تلك السلطات ويتهيؤون لإلغاء الانتخابات البلديّة المنوى عقدها السنة المقبلة. وذلك كلّه، لتمرير جشع حيتان الفساد الذين قسّموا النفايات إلى ستّة كانتونات فساد، مثلما تقاسموا كلّ شيئ في هذا البلد.
وبقدر ما يُنعش هذا الحراك الآمال،يتعاظم شعورنا بالمسؤولية ووجوب تحصينه وتعزيزه. فالحراك الذي يشكّل درساً هائلاً في المواطنة يُعيد الأمل في إعادة تفعيل المؤسسات بعد ما أصابها من ترهّل وتعطيل، وفي تحصيل الحقوق وخصوصا الحقوق المكفولة دستوراً وتكريسها. ويشكل عاملاً أساسياً في تعزيز مُنعة الوطن بفعل تضامن أبنائه بمنأى عن سيّاسات التفريق والتجزئة. وإنطلاقاً من ذلك، رأينا من الضروري وضع هذه الوثيقة كإعلان مبادئ للحراك يكون بمثابة اتفاق مبدئي لجميع المشاركين فيه على أهداف مشتركة وخريطة طريق عامّة له، يتم تفصيلها تدريجاً في ضوء تطور الحراك وتصاعده.
1- نصبو إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية عادلة تكفل الحقوق المدنيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة الأساسية وما ترتبه من خدمات لمواطنيها، وبناء مؤسساتها بمنأى عن اعتبارات المحاصصة. وعلى هذا المسار، نحدد أولوياتنا بايجاد حلول بيئيّة سليمة لموضوع معالجة النفايات، ضمان الكهرباء في جميع المناطق 24/24 ساعة، بتّ ملفات الرواتب والأجور بطريقة تضمن حياة كريمة للمواطنين، ضمان استقلال القضاء وحقّ المواطنين بالمحاكمة العادلة وضمان الحريّات العامة وفي طليعتها حريّة التظاهر والتجمع السلمي والتغطية الصحيّة الشاملة وإنصاف جميع الفئات الإجتماعية المغبونة وفي طليعتهم المعوقين وذوي المفقودين.
2- نصبو الى استنهاض شباب وشابّات لبنان والهيئات المدنية والنقابية والنسائية والبلديات وجميع المواطنين في المناطق كلّها لملاقاتنادفاعاً عن المجتمع إزاء المخاطر الكبرى التي تعصف به.
على أساس هذه المبادئ، نتوجه إلى شعبنا اللبناني:
إنزلْ إلى الشارع سلمياً لبناء الدولة التي نريد،
إنزلْ الى الشارع لطرد المندسين الفاسدين في دولتك،
إنزلْ الى الشارع لتكريس استقلال القضاء ومحاسبة الفاسدين ورفض القمع
ونتوجه إلى ما تبقى من سلطات شرعية، القضاة ومجالس البلديات، وجميع النقابات المهنية والعمالية، بالدعوة إلى المشاركة في هذا الحراك وفي حمايته وتحصينه، وننتظر من القضاة أن يعدلوا ضدّ الفساد والقمع، وننتظر من مجالس البلديات المطالبة بحقوقها بكل الوسائل المشروعة بما فيها القضاء.
دافعْ عن نفسك وأسرتك ومجتمعك وبلدك.
فمعاَ نبني وطناً يحضننا جميعا.
الصورة من أرشيف المفكرة القانونية ، تصوير علي رشيد
متوفر من خلال:
