إعتقال ناشط طالب وآخرون بتنفيذه: الدولة تدفن قانون منع التدخين..تطبيقيا


2012-12-18    |   

إعتقال ناشط طالب وآخرون بتنفيذه: الدولة تدفن قانون منع التدخين..تطبيقيا

وضع الإجتماع الوزاري الذي حصل في وزارة الصحة اللبنانية امس بخصوص قانون منع التدخين في الأماكن المغلقة، حجر الأساس لدفن القانون على الصعيد التطبيقي، بما انه لا يمكن تعديله إلا في المجلس النيابي الذي اقره في هيئته العامة. وذلك برغم تأكيد مصادر وزارة الصحة عدم التراجع عن القانون، وانها اصدرت المراسيم التطبيقية كلها التي نص القانون عليها.
وبذلك يبدو أن لبنان لم يكتف، على ما يبدو، وبرغم مرور سبع سنوات على تصديقهاتفاقية منظمة الصحة العالمية الاطارية بشأن مكافحة التبغ، بتأخره في اقرار قانون منع التدخين بعد نحو مئة جلسة نيابية، وإنما يعيد الكرة إلى ملعب ما يعرف بالهيئات الإقتصادية المتمثلة هنا بأصحاب المرافق السياحية وشركات التبغ، لتفرض مصالحها بغض النظر عن صحة المواطنين ومبدأ إحترام الصحة العامة الذي تكرسه الإتفاقية.
 وشارك في إجتماع الأمس وزيرا الصحة علي حسن خليل، والسياحة فادي عبود، فيما تغيب عنه وزير الداخلية مروان شربل، كما شارك فيه مديرا عام وزارة الصحة علي عمار والإقتصاد فؤاد فليفل.
وبدا وزير السياحة فادي عبود، خلال تصريحه قبل الإجتماع، وكأنه يطمئن اصحاب المطاعم والمؤسسات الإقتصادية انه ستتم مراعاتهم خلال فترة الأعياد، أكثر مما كان يلوّح بالتشدد في تطبيق القانون بعد مضي ثلاثة اشهر على وضعه حيز التنفيذ بالنسبة للمرافق السياحية. وقال قبل الإجتماع "سنرى إن كان بإمكاننا مساعدتهم (اي مساعدة اصحاب المطاعم)، وخاصة في فترة الأعياد تحت سقف القانون"، وشكك عبود في تأكيد بعض اصحاب المطاعم ان خسائرهم وصلت منذ تطبيق القانون إلى 75 في المئة. وسأل عن صحة هذه المعطيات في ظل طقس لبنان الذي لم يشهد اياما ممطرة وعاصفة لأكثر من 5 في المئة خلال الفترة الماضية.
واكدت مصادر رفيعة المستوى  ل"المفكرة القانونية" ان هناك اجواءاً تنبئ بتوجه رسمي لعدم تطبيق القانون وللتساهل على أرض الواقع طالما ان التعديل غير وارد في مجلس النواب، برغم وجود إقتراحي قانون مقدمين من النواب سامي الجميل وسامر سعادة وانطوان زهرا.
وابتدع الإجتماع امس، سابقة جديدة في تفسير القوانين ومراسيمها التطبيقية، إذ اكد عبود للصحافيين ان هناك سعي لتفسير "ما يعتبر شرفات مفتوحة (تراس) وما لا يعتبر كذلك، وكيفية احتساب الحائطين". وهو ما اعتبره ناشطو المجتمع المدني الذين اعتصموا امام الوزارة تزامنا مع انعقاد الإجتماع مطالبين بتطبيق القانون "بدعة لبنانية جديدة، ونافذة اخرى للإحتيال على القانون". واشار الناشط علي فخري من منظمة "اندي أكت"،  ل"المفكرة" ان بعض الناشطين يتصلون بالشرطة السياحية على الخط الساخن المخصص للشكاوى لدى مخالفة قانون منع التدخين في احد المطاعم ومع ذلك لا يأتي احد بذريعة عدم وجود اعداد كافية، وبحجة أنهم يحتاجون إلى وقت للتحرك (ثلاث ساعات) فتكون المخالفة قد انتهت".
وتنسجم شهادة فخري مع اشارة وزير السياحة فادي عبود إلى عدم قدرة فريق الشرطة السياحية على تغطية نحو عشرة آلاف مؤسسة سياحية ما بين مطاعم وفنادق ومقاه وغيرها.
ولفتت مصادر مطلعة ل"المفكرة" انه يوجد 170 عنصرا في مصلحة حماية المستهلك يعملون وفق الدوام الرسمي "اي لغاية الساعة الثانية من بعد الظهر، وهو وقت الغداء وذروة ارتياد المطاعم، وماذا ايضا عن الليل والسهر؟".
وقال عبود "أجرينا مقارنة بين القانون اللبناني والقوانين في الدول التي تطبق المنع، وكنت قد طلبت من وزير الصحة افادتنا بهذا الموضوع، علما أن الأمر يحتاج الى دراسة". واشار إلى أن الإجتماع "مخصص لتقويم تطبيق القانون بعد ثلاثة أشهر على وضعه موضع التنفيذ".
وكان ناشطو المجتمع المدني قد تجمعوا امام وزارة الصحة رافعين لافتة تقول "كونوا قدها..طبقوا قانون منع التدخين"، عندما حاول عناصر الجيش اللبناني، ووفق الناشط علي فخري، منعهم من التجمع. وأكد فخري أن عناصر الجيش اعتقلوه لمدة نصف ساعة في الهنغار القريب من وزارة الصحة بعدما وجهوا له كلمات نابية ك"منسحبلك لسانك يا حيوان..ويللا ضبوه بالعنغار"..قائلاً و"فعلاً إعتقلوني وضبوني بالهنغار".
وبذلك يبدو ان معركة قانون منع التدخين التي كانت قد انتهت في المجلس النيابي مع إقراره قد انتقلت من المؤسسة التشريعية إلى الشارع في مواجهة "لوبي" اقتصادي تتزعمه شركات التبغ ومعها اصحاب المؤسسات السياحية. ويشير البعض إلى ان الدوريات على بعض المطاعم لمراقبة تطبيق القانون غالبا ما تنتهي ب"دفع رشاوى"، إلا أن احدا لم يقدم دليلا على ذلك.
في المقابل اكد وزير السياحة إلى ان المعنيين بتطبيق القانون قد نظموا عشرات المخالفات بحق المرتكبين، وان العمل مستمر لتطبيق القانون الذي "يمكن تعديله إلا في المجلس النيابي".
ورأى عبود أنه "لا يمكننا اليوم القول إن هناك تعديلا على القانون باعتباره من صلاحية مجلس النواب"، مشيراُ إلى أن ما يجري "هو تقويم للمرحلة الماضية لتحديد المسؤوليات، وكما تعرفون الضابطة العدلية هي المسؤولة، وهناك مصلحة حماية المستهلك ووزارة السياحة والشرطة العسكرية والدرك وغيرها، وكله من ضمن القانون، لهذا نبحث في توزيع الصلاحيات، وهو أمر أخضعناه للتجربة في المطار ونجحنا فيه".

وردا على سؤال في موضوع الرقابة، قال: "عندي ثلاث سيارات وستة عناصر شرطة سياحية، فكيف تريدونني أن أراقب عشرة آلاف مؤسسة سياحية؟" واشار إلى انه "حين تسن الدول قوانينها تكون قد أعدت العدة لتطبيقها، فتعديل القانون طريقه المجلس النيابي، ومن يطالب به عليه تشكيل "لوبي" وهذا قد يكون من عمل الهيئات الاقتصادية".
واشار  علي فخري خلال الإعتصام إلى ان المواطنين والمجتمع المدني "ضاقوا ذرعا بعدم احترام قانون منع التدخين الذي طالبت به عدد من المنظمات اللبنانية وأقر رسميا عبر مجلس النواب، ليحترم حق كل لبناني ببيئة سليمة خالية من التدخين. وإن عدم تطبيق هذا القانون من الجهات الرسمية يشكل خطرا على سيادة الدولة، وهو ما لا يصب في مصلحة المواطن".

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، مقالات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني