يشكل نشر النصوص القانونية في الجريدة الرسمية وسيلة مهمة في دولة القانون بغية اطلاع جمهور المواطنين من جهة على عمل السلطات الدستورية، وكشرط من جهة أخرى لسريان المهل للطعن بالقوانين وسائر النصوص الادارية (مراسيم تنظيمية أو فردية، قرارات) أمام المراجع المختصة.
وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة الأولى من القانون رقم 646 تاريخ 2 حزيران 1997 (مهل نشر القوانين والمراسيم والقرارات في الجريدة الرسمية) على التالي: "عندما ينشر قانون أو مرسوم أو قرار في ملحق لعدد من أعداد الجريدة الرسمية، يتوجب ذكر تاريخ صدور الملحق على الملحق نفسه".
وقد جاءت هذه الفقرة لتكريس اجتهاد المجلس الدستوري الذي سبق وواجه مشكلة تتعلق بمتى يتوجب احتساب سريان مهلة الطعن في حال نشر القانون في ملحق للجريدة الرسمية. فقد دأبت مصلحة الجريدة الرسمية على ذكر فقط تاريخ العدد الأصلي على الملحق أي ان الملحق لا يحمل تاريخ صدوره الفعلي بل تاريخ العدد الأصلي الذي يكون قد صدر عادة قبل أيام. وهذا أمر خطير إذ يفترض أن الجمهور بات مطلعا على نصوص لم تكن قد نشرت بعد، لا بل قد يؤدي ذلك إلى سريان مهل الطعن دون علم أصحاب المصلحة ما قد يحرمهم من مساحة زمنية هي ثمينة كي يدافعوا عن حقوقهم أمام القضاء المختص.
وبالفعل تنبه المجلس الدستوري لهذه الثغرة في قراره رقم 2/96 تاريخ 3 نيسان 1996 إذ على اثر الطعن بقانون الموازنة العامة المنشور في ملحق العدد 7 من الجريدة الرسمية شكل المجلس الدستوري لجنة للتحقق متى تم نشر الملحق. وقد تبين للجنة أن العدد 7 صدر في 15 شباط بينما حمل الملحق التاريخ نفسه أي 15 شباط ما قد يدفع البعض إلى القول أن مهلة الخمسة عشر يوما للطعن بالقانون يجب أن تسري اعتبارا من 15 شباط. إلا أنه وبعد التدقيق أعلن المجلس التالي:
"وحيث أن اللجنة التي عهد اليها المجلس، بموجب قراره الاعدادي المؤرخ في 2031996، التثبّت من تاريخ صدور الملحق الخاص للعدد 7، الذي يحمل تاريخ 1521996، قد اطّلعت على السجلات الرسمية لدى مصلحة الجريدة الرسمية وتبيّن لها ان مندوب المجلس النيابي قد تسلّم الاعداد العائدة للملحق رقم 7 من الجريدة الرسمية للعام 1996، بتاريخ 2621996، وأن هذا التسلم ممهور بتوقيعه.
وحيث أن ذلك يفيد أن الملحق الذي يحوي القانون المطعون فيه قد صار تسليمه إلى المجلس النيابي في يوم 26 21996، الامر الذي يثبت واقعة النشر في موعد لا يتجاوز هذا التاريخ.
وحيث أن هذا التاريخ يكون، والحالة هذه، المنطلق لسريان مهلة المراجعة القانونية على ابعد حد".
جراء ما تقدم يتبين لنا أن ملحق أي عدد من الجريدة الرسمية يجب أن يحمل تاريخ نشره الفعلي وليس فقط تاريخ العدد الأصلي. لكن من خلال مراجعتنا لأعداد الجريدة الرسمية نلاحظ أن الملاحق ما زالت حتى اليوم تحمل تاريخ العدد الأصلي وليس تاريخ نشرها الفعلي ما يحتم على مصلحة الجريدة الرسمية مراجعة هذا الأمر كون مسألة المهل مرتبطة بالانتظام العام وهي من الأمور الجوهرية التي من دونها لا يتمكن المواطن من ممارسة حقوقه بشكل سليم ما يضعف من الضمانات التي تقرها القوانين ويفتح الباب لتصرفات مسيئة أو حتى للتحايل على القانون من أجل تحقيق مصالح سياسية.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.