“هذه المناشف اشتريتها مؤخرًا، وتلك البرادي لبيتي انتهيت منذ أيّام من تركيبها، وهذه الطناجر صمدت في الضربة الماضية” تقول سيّدة تقف على مدخل مبنى ملاصق لأحد المبنيين اللذين استهدفتهما إسرائيل أمس الخميس 5 حزيران في السان تريز في الضاحية الجنوبية لبيروت. تُشير السيّدة إلى الأغراض المتناثرة على الأرض جنب الركام هي التي انتهت للتوّ من تصليح بيتها. اليوم بيتها لم يعد صالحًا للسكن: “والله ليس حزني على المنزل بل على ابني، ركضت به بالأمس وهو مريض سكّري، كان يقع من الخوف وأرفعه، هربت كلّ الحرب حتى لا يسمع صوت الضربات، وها هي الأصوات ترعبه في السلم”.
استهداف السان تريز هو واحد من أربعة استهدافات نفّذها الجيش الإسرائيلي أمس على الضاحية الجنوبية لبيروت عبر سلسلة غارات دمّرت 9 مبان بشكل كامل تضمّ 115 وحدة سكنيّة حسب لجنة الإعمار في منطقة بيروت. كما أعلن وزير الصحّة ركان ناصر الدين في بيان دان فيه الاعتداءات، “تأذّي عدد من المواطنين نتيجة الدمار الكبير وتساقط زجاج المباني المستهدفة وتلك المحيطة بها”.
واستهدفت الاعتداءات ليل أمس منطقة الرويس حيث دمّر مبنيان بالكامل (21 وحدة سكنيّة) وتضرّر 8 مبان (100 وحدة سكنيّة)، السان تريز حيث دمّر مبنيان كليًا (22 وحدة سكنيّة) وتضرّر 30 مبنى (314 وحدة سكنيّة)، الكفاءات: حيث دمّر 3 مبان (36 وحدة سكنيّة) بالكامل وتضرّر 18 (160 وحدة سكنيّة)، القائم حيث دمّر مبنيان كليًا (36 وحدة سكنيّة) وتضررّ 15 مبنى (300 وحدة سكنيّة). وتضرّرت في هذه المناطق 50 سيّارة و177 محلًّا تجاريًا.
بدأت هذه الغارات بعد حوالي ساعة ونصف الساعة من إنذار وجّهه الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى 8 مبان في الحدث وحارة حريك وبرج البراجنة طالبًا من السكان إخلاءها والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 300 متر. وجاء التحذير في منشور واحد صدر عند الساعة 8:38، وبدأت الغارات عند العاشرة والربع مع أحد المباني المهددة في القائم إثر عدّة غارات تحذيرية.
وفي حين ادّعى الجيش الإسرائيلي أنّه ضرب “أهدافًا إرهابية تابعة للوحدة الجوية في حزب الله (الوحدة 127) في ضاحية بيروت الجنوبية” بعدما ذكر في التحذير أنّه سيستهدف “بنى تحتية تقع تحت الأرض”، مدعيًا أنّها “مخصّصة لإنتاج مسيّرات”، أعلنت قيادة الجيش اللبناني في بيان دانت فيه اليوم الاعتداءات “أنّها فور إعلان العدو الإسرائيلي عن تهديداته، باشرت التنسيق مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية لمنع وقوع الاعتداء، فيما توجّهت دوريات إلى عدد من المواقع للكشف عليها بالرغم من رفض العدو للاقتراح، معيدة تأكيد التزامها بتنفيذ القرار 1701 واتفاقية وقف الأعمال العدائية”.
ولفتت قيادة الجيش إلى أنّ “إمعان العدو الإسرائيلي في خرق الاتفاقية ورفضه التجاوب مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية ما هو إلّا إضعاف لدور اللجنة والجيش” ومن شأنه “أن يدفع المؤسسة العسكرية إلى تجميد التعاون مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية (Mechanism) في ما خصّ الكشف على المواقع”.
وفي الإطار نفسه قال أحد سكّان المبنيين المستهدفين في منطقة السان تريز لـ “المفكرة” إنّه بعد دقائق من نشر الجيش الإسرائيلي التحذير، تواصل مع الجيش اللبناني للكشف على المبنى مضيفًا أنّ الجيش استجاب إلّا أنّ إسرائيل وما أن وصلت وحدات الجيش حتّى بدأت بتنفيذ غارات تحذيريّة.
ووفقًا للفريق القانوني لـ “المفكّرة”، قد ترتقي هجمات الأمس إلى مستوى جريمة العدوان بحدّ ذاتها نظرًا لالتزام حزب الله بوقف الأعمال العدائية، فيما يستمر الطرف الإسرائيلي بهجماته على مختلف المناطق اللبنانية بشكل أحادي.
كما أنّ استهداف منشآت مدنية في منطقة سكنية مكتظة قد يعدّ جريمة حرب في حال عدم ثبوت استخدامها لغايات عسكرية، إذ إنّ قواعد الحرب تحظر مهاجمة المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافًا عسكرية بأية وسيلة كانت. وفي حال الشك، يجب افتراض الصفة المدنية لهذه المنشآت والقيام بتقييم دقيق للتيقّن من توفّر دلائل كافية حول استخدامها لغايات عسكرية قد تبرّر الهجوم.
وحتى لو ثبت ذلك، يبقى أنّ الضرورة العسكرية لشنّ هجمات على هذه المنشآت تنتفي في ظلّ وجود آلية رقابة لإعلان وقف الأعمال العدائية، بما أنّ لدى الجيش الاسرائيلي بدائل لمعالجة هذا الأمر.
ويُعدّ هذا الاستهداف الرابع للضاحية الجنوبيّة لبيروت منذ 27 تشرين الثاني تاريخ دخول إعلان وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ. فسبق أن أغار العدو الإسرائيلي يوم الجمعة 28 آذار الماضي (بعد 121 يومًا من إعلان وقف إطلاق النار) على مبنيين سكنيّين في الحدث (حي الجاموس) سوّاهما أرضًا، بعد أقلّ من ساعتين من إنذار وجهه إليهما. كما استهدف من دون إنذار فجر الثلاثاء الأوّل من نيسان الماضي مبنى سكنيًا في حي ماضي ما أدّى إلى استشهاد 4 أشخاص وإصابة 7 فضلًا عن تدمير ثلاثة طوابق من المبنى وتضرّر عدد من الشقق في مبانٍ مجاورة. أمّا الاستهداف قبل الأخير فكان في 28 نيسان الماضي حين أغار العدو على “هنغار” في منطقة الجاموس بعد ساعتين وعشرين دقيقة من إنذار السكّان المتواجدين على بعد 300 متر منه.
ومع استهداف أمس يصبح عدد المباني التي دمّرها العدو الإسرائيلي بعد إعلان وقف إطلاق النار 11 مبنى، فضلًا عن تحويل عشرات المباني المحيطة إلى مبان غير صالحة للسكن، لتُضاف المباني المدمّرة إلى 361 مبنى على الأقل دمّر خلال الحرب. كما يرفع الإنذار الأخير عدد الإنذارات الموجّهة إلى الضاحية الجنوبيّة منذ السابع والعشرين من أيلول 2024 (تاريخ الإنذار الأوّل) إلى 282 إنذارًا (279 إنذارًا بالإخلاء مع خرائط لـ 366 مبنى خلال الحرب حسب “مختبر المدن”، و3 إنذارات بعد إعلان وقف الأعمال العدائية).
وبعد ساعتين من إنذار الضاحية وتحديدًا عند الساعة 10:32، وجّه العدو الإسرائيلي إنذارًا إلى سكان قرية عين قانا جنوب لبنان، وتحديدًا مبان محدّدة في الخريطة طالبًا من السكّان إخلاءها والابتعاد لمسافة لا تقلّ عن 500 متر، ما زاد حال القلق الذي كان يعيشه اللبنانيون ولاسيّما سكّان الضاحية، خوفًا من المزيد من الإنذارات والضربات.
وبعد ساعة تقريبًا، بدأت إسرائيل بتنفيذ سلسلة غارات لم تستهدف خلالها المباني المُهدّدة فقط بل طالت مواقع أخرى في القرية. وقد تسبّبت الغارات بإصابة 3 مواطنين حسب ما أعلنت وزارة الصحة. وسادت بلبلة كبيرة عددًا من المناطق في البقاع ومنها الهرمل، حيث نزح بعض الأهالي نتيجة اتصالات لم تتبيّن مدى جدّيتها، أو صدورها عن جهات جيش الاحتلال نفسه، ولكن لم يسجل أي غارات.
أحد المبنيين المستهدفين في القائمالدمار في السانت تريز
خسرنا بيوتنا ليلة العيد
في حي القائم على رصيف مقابل للمبنيين المدمّرين، تقف أم وهيب تنظر نحو كومة الركام حيث كان منزلها ومنزل ابنها الوحيد. “جيت أنا والحي سوا لهون، 37 سنة من الذكريات، لن تُمحى على كلّ حال، سنبقى في الضاحية، خسرت منزلين، منزلي ومنزل ابني عريس جديد، الحمد الله فقدت بيتًا، أختي فقدت شهيدًا خلال الحرب” تقول لـ “المفكّرة”.
حين خرجت أم وهيب من منزلها لم تكن تعرف أنّ المبنى الذي تسكن فيه هو المستهدف، فهي لم تستطع فتح الخريطة التي أرسلها لها أخوها المقيم خارج لبنان بسبب ضعف الإنترنت. ولكنّها ركضت هاربة بعدما شاهدت الناس تركض وسمعت إطلاق النار التحذيري. “لم أُخرج شيئًا معي، ولن أستطيع الآن إخراج شيء، كلّ شيء بات ركامًا، أسرعت راكضة أنا وأختي وأولادها الخمسة، ليلة العيد كانت وكنّا مجتمعين، لم نتوقّع خسارة منازلنا”.
ولأنّها ليلة العيد، تروي هبة جارة أم وهيب أنّها كانت تتحضّر للذهاب إلى الجامع لإحياء هذه الليلة، وأنّها بينما كانت تتحضّر للخروج وصلها إنذار عبر إحدى مجموعات “واتساب”، لم تتمكّن هي أيضًا من فتح الخرائط بسبب ضعف الإنترنت، ولكنّها كما جارتها ركضت مع الناس، ولم تعرف أنّ المبنى حيث منزلها كان مستهدفًا إلّا بعد استهدافه حين وصلتها رسالة تعزّيها به: “الله يعوّض عليك”.
لم يمض على عودة هبة إلى منزلها أكثر من 4 أشهر فهي لم تكن قد انتهت بعد من تصليحه، واليوم “من الصعب جدًّا عليها أن تعود لتبدأ من الصفر، ولكنّها لم تختر الأمر بل فُرض عليها من قبل إسرائيل التي تعتدي ولا تحتاج إلى ذرائع” كما تقول مضيفة: “لم أستطع إخراج أي شيء من منزلي، هذا مؤلّم جدًا، سنعوّض، هذا قدرنا”.
لجأت هبة بالأمس إلى مبنى الجامعة اللبنانيّة حيث بقيت وعدد من العائلات حتى ساعات متأخّرة من الليل قبل أن تقضي ما تبقّى من الليل عند أقاربها حيث ستمكث مؤقتًا إلى حين تجد مسكنًا تصرّ أن يكون في الضاحية الجنوبيّة.
يتحدّث عبد الرؤوف الذي خسر منزله ومنزل ابنه في الغارات التي استهدفت السان تريز أمس عن قهر ووجع وظلم واقع على سكّان الضاحية من الصعب التعبير عنه، عن استهداف يشرّعه العدو كذبًا. “على الطابق السادس كان بيتي، تحتي عديلي دركي، ومقابلي منزل أخي وهو مقيم في ألمانيا، وهنا بيت عمي أستاذ ومعلمة متقاعدان تجاوزا السبعين من عمرهما، وشقق أخرى فارغة، حتّى محال تجاريّة لا يوجد في المبنى. عن أي مستودعات يتحدّثون؟” يقول، مضيفًا أنّه حتّى تواصل مع الجيش للكشف على المبنيين، وما أن وصلت وحدات منه حتّى بدأ العدو الإسرائيلي بالغارات التحذيريّة.
خسر عبد الرؤوف ومعظم أقاربه منازلهم، وهو اليوم مقيم عند شقيقه “كنّا نحضّر الحقائب لنتوجّه إلى الجنوب حتّى نحتفل بالعيد مع الأقارب، وبدلًا من ذلك ركضت مع أولادي باحثين عن أقرب مكان نكون فيه بأمان” يقول مضيفًا: “حتّى حريق ما في، ما في مستودع، ما نعيشه يتخطّى الظلم، هكذا كان العيد”.
ساعات في الشارع
يتحدّث من التقيناهم عن ساعات قضوها عالقين في الزحمة أو مفترشين رصيفًا على مداخل الضاحية آملين العودة إلى بيوتهم بعد انتهاء الغارات. عن تحضيرات للعيد كانوا يأملون أن تدخل الفرحة إلى قلوب أطفالهم ولكنّهم نسوها خلفهم “بينما نحن نركض هربًا آملين الوصول إلى مكان آمن، سألني ابني إن كنت أحضرت معي ثياب العيد التي اشتريناه بالأمس”، تقول سيّدة التقيناها تتفقّد منزلها الملاصق للمبنيين المستهدفين في السان تريز.
تروي هذه السيّدة أنّها بينما كانت تحضّر العشاء تلقّت اتصالًا من أختها تخبرها عن الإنذار، فأمسكت يد ابنها البالغ 10 سنوات وركضت. مشت حوالي ساعة كما تقول حتّى وصلت إلى غاليري سمعان “الشارع كان مزدحمًا بالناس والسيّارات، وابني كان حيروح بين إيديّ، أنا أركض وهو يوقع، هو مريض سكّري ومن الخوف لم يعد قادرًا على المشي”.
انتظرت هذه السيّدة وابنها في الشارع حتّى الساعة الواحدة بعد منتصف اللّيل، ولمّا عرفت أنّها لن تستطيع العودة إلى منزلها بسبب تضرّره بشكل كبير قصدت أقاربها حيث باتت وابنها ليلتهما. تحكي عن الرعب الذي عاشه ابنها مع كلّ غارة ومع كل مشهد الهاربين تحت النار، حتّى كان يعجز عن مخاطبتها إلا تأتأة.
حين عادا اليوم إلى المنزل وجد ابنها ثياب العيد حيث وضعتها والدته أمس رغم تطاير معظم الأثاث، ولكنّه أخبر أمّه أنّه لم يعد يريد ارتداءها: “خلص العيد”، قال لها.
الرعب نفسه عاشه أطفال أبو حسين ولاسيّما التوأم الذي لا يتجاوز عمرهما أربع سنوات. يسكن أبو حسين على بعد أربع أمتار من المبنيين المستهدفين ما تسبّب بضرر كبير لمنزله. هرب مع أطفاله ليلًا إلى الطيونة وسمع أطفاله أصوات الغارات، كما كانوا يشعرون طوال الطريق بالرعب على وجوه الناس حولهم.
لم يستطع ولدا أبو حسين النوم ليلة أمس “تفرّقنا، هما كانا مع والدتهما عند أخيها وأنا عند أخي، اتصلت زوجتي بي ليلًا تسألني أن نأخذ الأطفال إلى المستشفى، فقد انتابتهما نوبة رعب وبكاء ولاسيّما بعدما سمعا أنّهما لن يعودا إلى المنزل، لأنّه متضرّر بشكل كبير” يقول. ويضيف: “البيت اشتريته على الإسكان، تعذبت كتير، هيدا بيت العيلة، وراح بعد الحرب، المهم الولاد بخير”.
في الحي نفسه التقينا سيّدتين تتفقّدان منزلهما في الطابق الأرضي، تقف إحداهما جنب المدخل حيث لم يعد الباب موجودًا وتقول “كما ترين البيت متضرّر بشكل كبير”. تخبرنا أنّ خروجها وعائلتها من المنزل بالأمس كان صعبًا. فوالدتها مريضة ولا تستطيع المشي لمسافات طويلة، ولكن لم يكن أمامها خيار، فالسير متوقف والرعب في وجوه الناس. “خرجنا وكانت أمي بالكاد تسير، توجهنا إلى بئر العبد إلى منزل أخي، مشينا أكثر من نصف ساعة، ونحن ندعو أن تتمكّن أمي من إكمال الطريق”. وتضيف: “سمعنا ضربات كثيرة ونحن على الطريق، شاهدنا أطفالًا وسيّدات مصابون بنوبات رعب، وأناس يقفون لا يعرفون أين يتّجهون أو ربما لا يملكون خيارًا”.
في الشارع نفسه أيضًا يقول أحد سكّان مبنى يبعد حوالي 300 متر عن المبنيين المستهدفين إنّه قضى وعائلته ساعات في الشارع “ما أنْ عرفت بالإنذار حتى توجّهت بالسيّارة إلى الحازميّة، قضينا 5 ساعات لم أعد أذكر كم منها في السيّارة وكم منتظرين في الشارع انتهاء الغارات”. عند حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل أراد العودة إلى منزله إلا أنه عرف أنّ الدخان يُحاصر المنطقة وكذلك الغبار وأنّ بيته تضرّر من دون أن يعرف حجم الضرر، لذلك لم يعد ليلًا إلى منزله بل قصد أحد أقربائه حيث بات. وعاد صباحًا ليتفقّد بيته فوجد إحدى الشرفات متضرّرة بشكل كبير.
فيديو متداول لنزوح السكان بعد الإنذارات
نزوح كثيف
وقد شهدت الضاحية أمس زحمة سير خانقة بسبب حركة النزوح الكثيفة وبسبب قرب المناطق المهددة من بعضها، وتوجّهت العائلات إلى الشوارع على مداخل الضاحية أو إلى الكورنيش في بيروت أو ساحة الشهداء. وبالإضافة إلى الجامعة اللبنانيّة في الحدث والتي استقبلت عددًا من العائلات، أعلنت جمعيّة فرح العطاء فتح أبواب مركز “فلورا” في الكارنتينا لاستقبال النازحين.
ويشير رئيس الجمعيّة مارك طربيه في اتصال مع “المفكرة” إلى أنّ المركز الذي اتسع لـ 700 شخص خلال الحرب مجهّز لاستقبال النازحين وهو لا يزال يستقبل أصلًا 100 نازح لم يتمكّنوا من العودة إلى منازلهم إمّا لأنّها على الشريط الحدودي أو لأنّها مدمّرة.
وبالفعل استقبل المركز بالأمس عددًا من العائلات التي عادت إلى منازلها بعد انتهاء الغارات. “لم تتضرّر بيوتهم والحمدالله فقرّروا العودة ليلًا، متطوّعونا جالوا أيضًا في ساحة الشهداء وأعلمت من كان متواجدًا هناك من نازحين أنّ أبواب “فلورا” مفتوحة في حال لم يتمكّنوا من العودة إلى منازلهم” يقول مشيرًا إلى أنّ أبواب المركز ستبقى مفتوحة لأي نازح.
بالإضافة إلى الرعب الذي خلّفته الأصوات القويّة التي وصل صداها إلى مناطق خارج الضاحية الجنوبيّة، أشار أكثر من شخص لـ “المفكرة” إلى وصول اتصالات لعدد من المواطنين خارج مكان الاستهدافات تطلب منهم الإخلاء فورًا “وصلني اتصال يطلب منّي الإخلاء بعيدًا عن المكان المحدّد بالخرائط، ارتبكت واعتبرت من واجبي إخبار سكّان المبنى، نزلنا إلى الشارع حوالي نصف ساعة، ثمّ استنتجنا أنّه خاطئ فعدنا إلى منازلنا” يقول شاب التقيناه في الضاحية الجنوبيّة.
ودان كلّ من رئيس الجمهوريّة جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام استهداف الضاحية. واعتبر عون أنّ ما حصل هو “استباحة سافرة لاتفاقٍ دولي، كما لبديهيات القوانين والقرارات الأممية والإنسانية، عشية مناسبة دينية مقدسة” وهي دليل دامغ “على رفض المرتكب لمقتضيات الاستقرار والتسوية والسلام العادل في منطقتنا”.
وفي حين رأى الرئيس عون أنّها “رسالة يوجّهها مرتكب هذه الفظاعات، إلى الولايات المتحدة الأميركية وسياساتها ومبادراتها أولًا، عبر صندوق بريد بيروت ودماء أبريائها ومدنييها. وهو ما لن يرضخ له لبنان أبداً”، اعتبر سلام أنّ الغارات تشكّل “استهدافًا ممنهجًا ومتعمّدًا للبنان، وأمنه، واستقراره، واقتصاده، خصوصًا عشية الأعياد والموسم السياحي”.
وأكد الرئيس سلام أنّ “هذه الاعتداءات تمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة اللبنانية وللقرار الدولي 1701” مطالبًا المجتمع الدولي “بتحمّل مسؤوليّاته لردع إسرائيل عن مواصلة اعتداءاتها، وإلزامها بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية”.
وأعرب مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان عن “القلق العميق” إزاء الغارات التي “أثارت حالة من الذعر والخوف عشية عيد الأضحى”، داعيًا إلى احترام بنود اتفاق وقف إطلاق النار.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.