“أحمد غريب (63 عامًا) مقدّم متقاعد في الجيش اللبناني من بلدة شقرا، حنان صبرا غريب (52 عامًا) من الحوش قضاء صور، رشا أحمد غريب (24 عامًا) طالبة سنة رابعة طب أسنان في الجامعة اللبنانيّة، مايا أحمد غريب (23 عامًا) مهندسة معمارية، نور أحمد غريب (20 عامًا) طالبة في الجامعة اللبنانيّة الدوليّة”، يعدّد أحمد خضرا خطيب الشهيدة مايا، أسماء شهداء مجزرة الحوش التي وقعت في 23 أيلول بعد استهداف منزل العائلة في الحوش في صور. لم يبق من العائلة إلّا رضا المقيم خارج لبنان.
“الله يصبّر قلبه لرضا” تقول أم عبّاس قريبة العائلة وتضيف: “كانت العائلة تجتمع كلّ سبت. أقلّب صورهم وأفكّر: في الجَمعة القادمة لن تكون عائلة أحمد معنا، فقدنا عائلة كاملة بلحظة واحدة”. “رضا لم يتمكّن الآن من الحضور، أصلًا من الأفضل أن يبقى بعيدًا فهو من تبقّى لنا من رائحة العائلة”، تتابع بحسرة.
ليست عائلة أحمد غريب العائلة الوحيدة التي قتلت إسرائيل جميع أفرادها مرّة واحد فهناك الكثير من العائلات استشهد جميع أفرادها في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبيّة لبيروت، ولكن لعلّها أوّل مجزرة عائلية بعد توسّع الاعتداءات الإسرائيليّة قبل أن تليها عائلات أخرى. ولعلّها العائلة الأولى التي نعرف الآن أنّها ظهر يوم الاثنين الماضي وتحديدًا عند الساعة 12:09 تلقّت اتصالًا من العدو الإسرائيلي عبر الهاتف الأرضي يطلب منها الإخلاء لأنّ المنزل سيتعرّض للقصف، وعند الساعة 12:19 فُقد الاتصال بها بعد غارة إسرائيلية. هذا الأمر عرفنا به من أحمد خطيب مايا الذي يقول لـ “المفكرة”:” لم يتركوا لهم مجالًا، هدّدوهم واستهدفوهم بعد دقائق، ضربوا المنزل بثلاثة صواريخ، استهدفوه مباشرة، وهذا ما تبيّنه الصور، لم يقع المبنى المؤلّف من 4 طوابق، شقّتهم فقط كانت مستهدفة، استهدفوا منزل مدنيين من المفترض أن يكونوا آمنين”.
يُعدّد أحمد أسماء الشهداء ثمّ يسأل: “مَن هؤلاء؟ أليسوا مدنيين؟، اسألوا كلّ من يعرفهم اسألوا جامعاتهم أصدقاءهم الحيّ بأكمله، إسرائيل تُريد تهجيرنا من أرضنا أو قتلنا، تقول إنّها تحذّر المدنيين، لم يفصل بين التحذير واستهداف المنزل إلّا دقائق”.
لم يؤدّ استهداف المنزل إلى استشهاد العائلة فقط بل إلى استشهاد جارة العائلة مروى الرز الزين أيضًا وعاملة من الجنسيّة الإثيوبيّة “جاءت الحاجّة مروى لتترَوْحن معن بعدما بدأت إسرائيل بترهيب الناس وتهديدهم بتوسيع العدوان، فكان نصيبها الشهادة، كما العاملة الإثيوبيّة التي شاء القدر أن تكون في عداد الشهداء أيضًا” يقول.
يروي أحمد ما حصل مع العائلة ويُكرّر: “لا أصدّق أنّني أتحدّث عن استشهاد مايا، كان من المفترض أن أتحدّث عن تفاصيل منزلنا وعن يومنا المنتظر” أي يوم زفافه ومايا في تشرين الأوّل المقبل على أن يقتصر على العائلة في حال كانت الاعتداءات الإسرائيليّة مستمرّة وكبيرًا في حال كانت انتهت. “كنّا نحلم بهذا اليوم، وبالصورة التي ستعلّق وسط المنزل، حلمنا بعائلة، كنّا ننوي السفر إلى ماليزيا هكذا أرادت مايا، نعم نحن نحلم ونحبّ الحياة، ولكنّ إسرائيل سرقت أحلامنا، وبدل أن تزفّ مايا عروسًا، زُفّت عروس الجنوب كما أسموها على وسائل التواصل الاجتماعي، ورحلت مع عائلتها، سويًا كما كانوا دائمًا” يقول.
بالأمس (الأربعاء) ودّع أحمد خطيبته وعائلتها بعدما ووروا الثرى في مدافن القرية: “مبارح دفنت خمسة، مبارح دفنت شقفة من قلبي، حملت خطيبتي عكتافي، كنت حامل قلبي وروحي والكون كلّه، حطّيتا تحت التراب، خلص الكون عندي، عزائي الوحيد أنّني سأكون برعايتها، رعاية شهداء قتلتهم إسرائيل” يقول. ويضيف متوجّهًا لنا: “إحكوا عنهم، هؤلاء عائلة كاملة، عائلة فيها الوالد أحمد المحبوب من محيطه وحنان الأم التي ربّت وتعبت ورشا المحبّة للحياة ومايا الهادئة ونور الجميلة المُدلّلة، هؤلاء ليسوا أرقامًا بل عائلة قُتلت بالكامل”.
عائلة قتلت وبقي منها رضا الذي سيكمل وحيدًا، رضا الذي انتشر فيديو تحتفل عائلته بأكملها بعيد ميلاده عبر اتصال بالفيديو، مع تعليق يقول: “هيدي آخر مرة بيحتفلوا بعيد ميلادك يا رضا”.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.