
صورة من استهداف إسرائيلي لفرق الصليب الأحمر خلال مهمّة إنقاذية في صربين قضاء بنت جبيل
تتابع إسرائيل استهدافها الممنهج لكامل أركان القطاع الصحّي في لبنان، وفي قلبه عمليات الإنقاذ والإسعاف ومؤسساتها، وإخراج خمس مستشفيات حدودية عن الخدمة وإلحاق أضرار في مستشفيات أخرى لتعطيلها وترهيب طواقمها. وفي سياق تسلسلي ممنهج، واستتباعًا لتهديد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أمس السبت، 12 تشرين الأول 2024، سيارات الإسعاف “بغض النظر عن نوعها”، بذريعة “نقلها مخربين وأسلحة”، في محاولة لشرعنة استهداف العاملين في مجال الإسعاف والإنقاذ، انتقل العدوان الإسرائيلي إلى تنفيذ تهديده بعد أقل من 24 ساعة على إطلاقه، مجددًا غاراته على أحد المنازل في صربين، قضاء بنت جبيل “أثناء بحث فريق من الصليب الأحمر عن ضحايا محتملين في الغارة الأولى” التي وقعت عند الثامنة من صباح اليوم الأحد 13 تشرين الأول، وفق بيان للصليب الأحمر اللبناني اليوم.
وأعلن الصليب الأحمر في بيانه أنّه “إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في صربين عند الثامنة صباح اليوم (الأحد)، هرعت فرق إسعاف تابعة له إلى المكان بالتنسيق مع اليونيفيل. وأثناء بحث الفرق عن ضحايا محتملين للغارة، استُهدف المنزل مرة أخرى ما أدّى إلى تضرّر سيّارتي إسعاف وإصابة عدد من المسعفين بجروح طفيفة نقلوا على إثرها إلى المستشفى وهم في حالة جيّدة”. وشدّد الصليب الأحمر على ضرورة حماية متطوّعيه في جميع الأوقات أثناء إنقاذ الضحايا.
وهذا ليس الاعتداء الوحيد على فرق الإنقاذ في الايّام الماضية، إذ كان الطيران الحربي الإسرائيلي قد استهدف مركز الدفاع المدني التابع للهيئة الصحية الإسلامية في بلدة ياطر الحدودية (قضاء بنت جبيل) عصر الجمعة، 11 تشرين الأول، مما أدى إلى استشهاد عنصرين من رجال الإنقاذ، فيما نجا عناصر مركز الدفاع المدني التابع للهيئة الصحية في عيتيت (قضاء صور) إثر استهدافه أمس السبت 12 تشرين الأوّل. كما تضررت سيارة إسعاف تابعة لجمعية الرسالة للإسعاف الصحي في غارة إسرائيلية على ميفدون (قضاء النبطية) أمس أيضًا. ومع شهداء الدفاع المدني في ياطر، يرتفع عدد شهداء القطاع الطبي والإسعافي والإنقاذي إلى 132 شهيدًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان.
إسرائيل تمنع اي إنقاذ على عمق 10 كيلومترات على الحدود
ومع إصابة جميع عناصر الصليب الأحمر اللبناني بجراح استدعت نقلهم إلى مستشفى تبنين الحكومي خلال تنفيذهم لمهمتهم بالبحث عن مصابين أو شهداء في المنزل المستهدف في صربين، ، تستكمل إسرائيل خطتها لمنع تحرك أي سيارة إسعاف “مهما كان نوعها” بعمق 10 كيلومترات عن الحدود اللبنانية الفلسطينية. وهي بذلك توجه رسالة، بالنار، واضحة للصليب الأحمر اللبناني بعدم تحريك سياراته في هذه المناطق، حيث ما زالت مراكزه تعمل في بلدات رميش وشبعا وتبنين وغيرها من المناطق الحدودية في الجنوب. وبعد إرغامها أهالي عدّة بلدات وقرى جنوبية على النزوح، منها عبر إنذارات متتابعة بالإخلاء، وبالتالي تهجيرهم قسرًا، تستكمل إسرائيل سياسة الأرض المحروقة من خلال “حزام ناري” تدكه ليلًا نهارًا بالقصف العنيف، وتمنع فيه أي عملية إنقاذ وإسعاف. وهو ما طبقته عمليًا، على سبيل البيان وليس الحصر، عندما منعت وصول أي سيارة إسعاف إلى مستشفى صلاح غندور عندما استهدفته في 4 تشرين الأول الجاري حيث إصيب 9 من طاقمه الطبي والتمريضي بجراح بعضها خطر، وكذلك فعلت بعد تدميرها مركز الدفاع المدني التابع لاتحاد بلديات بنت جبيل في برعشيت في 7 تشرين الأوّل، مما أدى إلى استشهاد 10 عناصر واعتبار 4 في عداد المفقودين. كما استهدفت إسرائيل الجيش اللبناني الذي كان برفقة فرق الصليب الأحمر اللبناني في مهمة لإخلاء 8 مسعفين تابعين للدفاع المدني في الطيبة (قضاء مرجعيون) في 3 تشرين الأوّل، مما أدى إلى استشهاد عنصر في الجيش اللبناني وإصابة عدد من عناصر الصليب الأحمر.
وعلمت “المفكرة”، أن قوات اليونيفيل في الجنوب لم تعد تردّ جوابًا على العلم والخبر الذي ترسله إليها المؤسسات العاملة في الإنقاذ لدى نيتها الخروج في مهمات إسعاف أو تحرك عند وقوع أي استهداف جنوب الليطاني. وعدم الردّ يعني أنها لم تحصل على ضمانات إسرائيلية بعدم استهداف فرق الإنقاذ والإسعاف، برغم أنها تكون قد أعلمت إسرائيل بها.
إسرائيل إلى مستشفيات البقاع درّ
وبعد إخراجها خمس مستشفيات في الجنوب، على الحدود مع فلسطين المحتلة، من الخدمة، وتزامنًا مع تكثيف غاراتها على البقاع عامة ومحافظة بعلبك الهرمل خاصة، بدأت إسرائيل منذ الأمس الضغط على مستشفيات البقاع عبر استهداف محيطها بغارات لا تبعد أكثر من 200 إلى 500 متر عن مبانيها، مما أصاب عددًا من المرضى بجراح في مستشفى تمنين العام، وألحق أضرارًا في زجاج النوافذ والشرفات وأبواب الغرف، والأسقف المستعارة في المستشفيات.
وأعلنت إدارة مستشفى تمنين العام في بيان، أنه “للمرة الثالثة على التوالي يعمد العدوّ الغاشم الصهيوني على استهداف المحيط القريب للمستشفى، مما أدّى إلى أضرار فادحة وجسيمة. بالإضافة الى إصابة العديد من المرضى الموجودين في حرم المستشفى، نتيجة تناثر الزجاج والشظايا”.
وبعدما استنكرت المستشفى “هذه العدوانية على المؤسسات الصحية” أكدت أن العدوان الإسرائيلي لن يثنيها “عن استكمال مسارنا ومسيرتنا”، كما “أننا مستمرون في العمل خدمةً لأهلنا في المنطقة مرسّخين بذلك صمودهم المبارك”.
وفي بيان أصدرته مستشفى رياق العام، أكدت باسم “مجلس الإدارة وطواقم من أطباء وتمريض وعاملين”، أن ما تعرضت له الليلة (أمس السبت)، لن يثنيها عن عملها في خدمة أهلها، وهي ستستمر بكل طواقمها وأقسامها بتضميد الجراح”. وختم بيان الإدارة، بالتأكيد “أن الاجهزة الفنية بدأت العمل على إصلاح ما تضرر..وستبقى مستشفى رياق العام بخدمة البقاع بوجه هذا الوحش الذي لا يحيّد الطواقم الطبية والمدنيين”.
من جهتها، أشارت مستشفى تلشيحا في بيانها إلى أنه “نتيجة الغارات التي استهدفت محيط مدينة زحلة هذا المساء، تعرض مستشفى تل شيحا إلى بعض الأضرار المادية الخفيفة، ونشكر الله أن لا إصابات في صفوف المرضى والعاملين”. وأكدت إدارة المستشفى “استمرارها في رسالتها الإنسانية بالرغم من كل الظروف الراهنة، ولن يثنيها شيء عن خدمة أهالي زحلة والبقاع”، آملة أن “تنتهي الأزمة الراهنة بأقل أضرار على الجميع”.
متوفر من خلال: