
غارة إسرائيلية استهدفت محيط موقع بعلبك الأثري
تستكمل إسرائيل عدوانها على لبنان ضاربةً عرض الحائط كلّ المواثيق والأعراف الدوليّة، إذ استهدفت أمس الأحد 6 تشرين الأوّل، محيط موقع بعلبك الأثري المدرج على لائحة التراث العالمي لليونسكو. صحيح أنّ إسرائيل لم تستهدف الموقع مباشرة إذ أغارت على بعد 500 متر منه إلّا أنّ الاتفاقيّات الدوليّة الخاصّة بالأماكن التراثيّة تتحدّث عن “حماية” هذه الأماكن وعدم تعريضها للخطر.
وفي هذا الإطار، تقول رئيسة جمعية “بلادي” التي تعنى بحماية الآثار والتراث، جوان بجّالي إنّ عدم تعرّض الموقع للقصف مباشرة لا يعني أنّه لم يتعرّض للخطر، مشيرة في اتصال مع “المفكرّة القانونيّة” إلى خطرين حاصلين، أوّلهما تسبّب القصف بتحرّك الأرض وباهتزازات مستمرّة ما قد يؤثّر على عواميد القلعة والمعابد والقطع الأثرية المعروضة في المتحف حتّى ولو كانت القلعة مبنيّة على الطريقة الرومانيّة المقاومة للزلازل. أمّا الخطر الآخر، بحسب بجّالي، فهو بما يسبّبه القصف الإسرائيلي من تلوّث للهواء في محيط الموقع الأثري، إذ تتشرّب العواميد هذه المواد ما يؤثّر على لونها بشكل أساسي.
وأعاد استهداف محيط موقع بعلبك النقاش حول قرار وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد المرتضى قبل عام تقريبًا بإزالة شعار “الدرع الأزرق” Blue shield الذي كان عُلّق على القلعة من قبل أحد الموظفين فيها عملًا بالاتفاقية الدولية لحماية الممتلكات الثقافية خلال النزاع المسلح، وعن ضرورة إعادة هذا الشعار.
“المفكرة” سألت الوزير المرتضى عن الموضوع، فردّ بأنّ الشعار لن يحمي الموقع من إسرائيل التي تنتهك جميع القوانين الدوليّة والتي قصفت في غزّة مباني ترتفع عليها أعلام منظّمات تابعة للأمم المتحدّة. وأكّد أنّ وزارة الثقافة بعد توسّع العدوان أي في 23 أيلول الماضي طلبت من رئيس البعثة الدائمة للبنان لدى منظّمة اليونسكو السفير مصطفى أديب تقديم المراجعات اللازمة والتواصل مع المراجع الدوليّة لمنع إسرائيل من التعرَض للأماكن التراثيّة في لبنان ولاسيّما تلك المدرجة على لائحة التراث العالمي.
وأمس الأحد 7 تشرين الأول، وجّه مرتضى أمس كتابًا إلى منظمة اليونسكو الدولية بواسطة السفير أديب والمكتب الإقليمي للأونيسكو في بيروت مطالبًا بإجراء ما يلزم وبالتقدّم بالشكاوى أمام المراجع المختصّة، وبرفع هذا الانتهاك إلى مجلس الأمن والمنظّمات الدولية ذات الصلة لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الهجمات.
وأكّد مصدر معني لـ “المفكرة” أنّ ما تمّ إزالته هو شعار “الدرع الأزرق” الكبير فيما هناك لافتة صغيرة لا تزال موجودة تُشير إلى أنّ الموقع الأثري في بعلبك محميّ خلال النزاعات، مشيرًا إلى أنّه بعيدًا من وجود هذا الدرع أو عدمه، فموقع القلعة مثله مثل 6 مواقع أخرى (صور وجبيل وعنجر وأرز الرب وقّنوبين ومعرض رشيد كرامي) تبقى محميّة، أوّلًا لأنّها على قائمة التراث العالمي لليونسكو وهي بالتالي محميّة ضمن “اتفاقية اليونسكو” لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972، وثانيًا بموجب اتفاقية لاهاي المتعلّقة بحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح.
وفي حين استغرب المصدر، انتظار وزارة الثقافة سنة كاملة منذ بدء العدوان على لبنان وغزّة حتّى يتوجّه بكتاب لليونسكو، سأل الوزارة عمّا تقوم به لناحية تأمين الحماية للمواقع الأثريّة والمتاحف تماشيًا مع الدور المنوط بها في البند الرابع من اتفاقيّة لاهاي منها القيام بالإجراءات الاحترازيّة كإخلاء المتاحف.
وأشار مرتضى بدوره في حديثه إلى “المفكرة” إلى أنّ حماية الأماكن التراثيّة ولاسيّما المدرجة على لائحة التراث العالمي ليست مسؤوليّة لبنان وحده بل واجب مشترك ومن مسؤوليّة منظّمة اليونسكو بالتحديد بصفتها الحامية للتراث العالمي.
تحظر قوانين الحرب ارتكاب أيّ عمل عدائي موجّه ضدّ الممتلكات الثقافية، كما يحظر استخدامها في دعم المجهود العسكري. ويميّز القانون الدولي بين الآثار التاريخية والأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكّل التراث الثقافي أو الروحي لشعب معيّن ويعطيها درجة حماية عامّة وبين تلك التي تشكّل التراث الثقافي أو الروحي لجميع الشعوب والتي تتمتّع بدرجة حماية خاصة وأكبر. وينظّم القانون شروط رفع الحماية عن هذه الممتلكات وآليتها بشكل صارم.
متوفر من خلال: