إسرائيل تزنّر صور بـ 7 غارات مدمّرة وتهدّد كامل المدينة


2024-10-28    |   

إسرائيل تزنّر صور بـ 7 غارات مدمّرة وتهدّد كامل المدينة
صور من الغارات خلف شارع الكورنيش البحري

بعد ارتكابها مجزرة فجر اليوم الإثنين 28 تشرين الأوّل في حي الرمل، وتحديدًا مبنى مسلماني في مدينة صور، جنوب لبنان، ذهب ضحيّتها 4 شهداء من عائلة واحدة (آل مسلماني) إضافة إلى ثلاثة شهداء آخرين من الأقارب، و17 جريحًا، استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي المدينة بسبع غارات على الأقل. وقعت الغارات ما بين الساعة الواحدة و46 دقيقة والثانية إلّا ربعًا، أي على مدار ساعة كاملة. 

وأغارت الطائرات الحربية على مبانٍ ومنشآت عدّة في المنطقة شملها “إنذار” صدر اليوم عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك على مبانٍ تقع في المنطقة التي يشملها “الإنذار” السابق في 23 تشرين الأوّل الجاري. ومع “الإنذار” الجديد اليوم، تكون الغالبية العظمى من المدينة، أي مساحة 406 كيلومترات مربّعة تحت مرمى العدوان. 

وفيما تستمرّ أعمال الإنقاذ، ولم تتوفّر معلومات عن سقوط شهداء وجرحى أم لا، أعلن الدفاع المدني التابع لجمعية الرسالة للإسعاف الصحّي أنّ العدوان على صور، أقفل 90% من طرقات المدينة سواء بسبب الغارات أو نتيجة تراكم الركام في الشوارع.   

ووثّقت فيديوهات صوّرها أبناء المدينة وأخرى وثّقها الدفاع المدني التابع للرسالة، تدمير مبنى شاهين عند ساحة الشهداء، وخلف فرن بحر الذي لحقت به أضرار كبيرة، وهو المخبز الوحيد العامل في المدينة حاليًا. كما دمّرت إسرائيل منزلًا قرب سينما الحمرا في شارع حيرام، وكذلك منزل خليل قرعوني في شارع قريب. وبيّنت المشاهد قصف مبنى أوغاريت في الشارع البحري جنوبًا، وهو الاستهداف الذي تسبّب باندلاع حرائق في المقاهي المجاورة، وبينها مقهى لؤي. كما استهدفت حيّ الكرّيت، وقد بيّنت المشاهد تدمير وتضرّر عدد كبير من المنازل فيه. 

ووثّقت المشاهد غارة عنيفة على مبنى سكنيّ في شارع أبو ديب، أدّت إلى أضرار كبيرة في المنازل ومحال الألبسة التي يشتهر بها الشارع. كما وثّقت غارة أخرى على حيّ الآثار السكنيّ. 

مدينة صور من الجو، داخل الخط الأحمر المنطقة المشمولة بـ “الإنذار” الجديد وبالأصفر “الإنذار” السابق.

406 آلاف متر مربع من صور تحت التهديد الرسميّ المباشر

وأضاف التهديد الإسرائيليّ اليوم الإثنين، وهو التهديد الثاني الذي يستهدف مدينة صور بعد تهديد 23 تشرين الأوّل الجاري، 216 ألف متر مربع جديدة من المناطق المهدّدة بالإخلاء إلى المناطق التي شملها “الإنذار” السابق، وضمّ 154 ألف متر مربّع من 190 ألف متر مربع شملها الإنذار القديم، ليشمل “الإنذار” الجديد ما مجموعه 370 ألف متر مربع، أي ضعف المساحة التي كانت مهدّدة سابقًا. وبذلك، أصبحت المدينة الحديثة (خارج الأحياء القديمة) بالكامل تقريبًا مهدّدة بالقصف، باستثناء عدد قليل من الأبنية والبيوت المشرفة على شاطئها الشماليّ، وقد تأثرت بإحدى غارات اليوم. مع الإشارة إلى أنّ إسرائيل تتصرّف بأنّ “إنذار” 23 تشرين الأوّل ما زال ساريًا، أي ليس محددًا بوقت معيّن ولم ينته مفعوله. 

وبعد أن شمل التهديد القديم ثلثَي الأحياء السكنيّة، ضمّ التهديد الجديد المزيد من الأحياء السكنية بمنازلها التي يعود بناؤها إلى أوائل القرن الماضي، وتتميّز بخصائص معماريّة من حقبة التوسّع العمراني الحديث للمدينة بعد عام 1920. وتعدّ مبانيها من أقدم المنازل خارج الحارات التقليدية القديمة. وامتد تهديد اليوم ليشمل “حي الآثار” كاملًا، وهي التسمية التي أطلقت على الحي الملاصق مباشرة لآثار منطقة البص (الآثار البرية) والتي تضمّ قوس النصر وميدان سباق الخيل الروماني ومدرّجاته، ويعرفه أهل المدينة بتسمية الملعب الروماني. وميدان سباق الخيل، في صور، هو ثاني أكبر ميدان روماني في العالم، وهو ما يضع آثار صور في عين الخطر حتى لو لم يطَلها القصف مباشرة. 

وامتدّت المناطق المهدّدة لتشمل كامل الشارع التجاري الرئيسي الذي يضمّ محال الثياب والمؤسّسات التجارية والخدميّة، والممتد من مستديرة الأورينتال إلى مستديرة كمال جنبلاط، إلى جانب جميع الفنادق خارج الأحياء القديمة، وفروع عدة لبنوك تجارية، ومسجد الخضرا الحديث، وهي مواقع لم يكن يشملها التهديد القديم. 

وقد لامست منطقة التهديد مدخل الجامعة الإسلاميّة، وهي الجامعة الوحيدة في المدينة. 

ويشمل “الإنذاران” الجديد والقديم منطقة “فرن بحر”، وهو المخبز الرئيسي في صور، بالإضافة إلى أفران صغيرة ومحطة وقود رئيسية هي محطة بيطار. 

كما يشمل “الإنذار” الجديد مناطق تضمّ غالبية المطاعم والمنشآت السياحية التي تمثل عصب اقتصاد المدينة، سواء القديمة منها مثل مطعم أبو ديب المعروف منذ منتصف القرن الماضي، أو الجديدة مثل المطاعم والمقاهي التي ازدهرت مطلع القرن الحالي لتطلّ على الكورنيش الجنوبي، ووصلت حدود التهديد إلى الشاطئ.

وتاخمت حدود المناطق المهدّدة سياج استراحة صور السياحية حيث يتمركز الصحافيون اللبنانيون، من دون أن تشملها، مما جعلها هي الأخرى عرضة للتهديد. وكان الصحافيون الأجانب قد غادروا المدينة في 23 تشرين الأول. 

الدمار في حي الكرّيت
الدمار في شارع الدينية
الدمار في شارع حيرام

مجمّع مؤسسات الإمام الصدر

وشملت منطقة التهديد مجمّع مؤسسات الإمام الصدر الذي يمتد على مساحة 3000 متر مربع، بمحاذاة استراحة صور مباشرة. يحتوي المجمّع على مبرّة للأطفال الأيتام، مدرسة رحاب الزهراء (ابتدائية وتكميلية وثانوية) وتضم 1198 تلميذًا، بينهم 80% أيتام وحالات اجتماعية متعثرة، ويعتمد مبدأ الرعاية في الأسرة. ويضم أيضًا قسمًا خاصًا بالتلامذة من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومطعم خيري لهؤلاء مع الأطفال الأيتام، ومركز الخدمات الاجتماعية والصحية الذي يستقبل نحو 150 ألف حالة كل عام، مع عيادتين نقالتين.

وفي المجمّع أيضًا معهد الآفاق المهني والتمريضي (305 طلاب) وقسم لتمكين المرأة، ومركز تدوير الأوراق Papyrus الذي يشغّل نساء متعثرات. 

وتقع الإدارة العامة لمؤسسات الإمام الصدر في كل لبنان في مجمّع صور، ويبلغ عدد موظفيها 400 موظف، أي أنّ 400 عائلة تعتاش من العمل ضمنه، عدا عن المستفيدين من خدماته.  

وكانت مؤسّسة الإمام الصدر، ومع توسّع العدوان الإسرائيلي منذ 23 أيلول الماضي، قد أعادت الأيتام إلى عائلاتهم واستمرّت بمتابعتهم ضمن العائلة. وبقي في المجمّع بعض الموظفين مع عائلاتهم ممن نزحوا من قراهم أو من المدينة وجرى إجلاء هؤلاء الآن إلى حديقة بالقرب من المجمع، حيث بدأت إسرائيل بتنفيذ تهديدها وقصف المدينة.   

وقد روى سكّان من المدينة لـ”المفكّرة” مشاهداتهم لنزوح عدد كبير من سكان المدينة، حيث غادر البعض بسياراتهم نحو مناطق خارج صور، بينما لجأ آخرون إلى أماكن داخل المدينة خارج نطاق الخريطة التي حددها التحذير.، لاسيّما في الحارات القديمة وعند منطقة الخراب. 

وقد تولّت عناصر الدفاع المدني وأجهزة الإسعاف نقل الرسالة إلى الشوارع مباشرة، عبر مكبّرات الصوت، لضمان وصولها إلى جميع الأهالي، بخاصة أولئك الذين لم يتابعوا الأخبار. جاء التحذير في وقت مبكر، مما أضاف حالة من الارتباك، حيث كان كثير من السكان ما زالوا نيامًا عندما بدأت أصوات مكبّرات الصوت تصدح في المدينة، بحسب الشهادات.

وأغلقت فرق الدفاع المدني مداخل المدينة ومنعت الدخول إلى الأحياء المهددة، قبل الغارات.

وقد عاد قسم كبير من الصوريّين إلى مدينتهم عقب سلسلة الغارات التي تبعت “الإنذار” الأول في 23 من الشهر الجاري، واضطرّوا للنزوح مجددًا اليوم. وقد قال سكّان من المدينة لـ”المفكّرة” إنّهم عادوا إلى أحيائهم المهدّدة بعد جولة الغارات اليوم، بسبب عجزهم عن إيجاد أماكن بديلة، ورفضهم لفكرة النزوح.

   يشار إلى أنّ الجيش الإسرائيلي ينشر “إنذاراته” على شبكات التواصل الاجتماعي ولم يرفقها بتعليمات أو معلومات عن المسارات والوجهات الآمنة التي من المفترض أن يتوجّه إليها السكّان، كما لم تمنحهم مدّة كافية لكي يتمكنوا من الإخلاء بطريقة آمنة تحفظ كرامتهم. وغالبًا تصدر هذه الإنذارات في أوقات غير مناسبة مثل ساعات متقدّمة من الليل كما أنّها تشمل مناطق واسعة جغرافيًا وأحياء عدّة تضّم عددًا كبيرًا من المرافق المدنية، من ضمنها عدّة مستشفيات تعرّض محيطها القريب للقصف. كل ذلك إضافة إلى عدم دقّة موقع الإصابة وفقًا لما تم تفصيله أعلاه، جرّدتها من غايتها القانونية، وحوّلتها إلى ورقة توت يستخدمها الجيش الإسرائيلي لستر جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية التي يرتكبها.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

بيئة ومدينة ، تحقيقات ، لبنان ، مقالات ، جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية ، العدوان الإسرائيلي 2024



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني