هذه المرة، بقي الموقوف محمد الأحمر، المتهم الرئيسي بقتل الشاب روي حاموش[1]، خارج قفص الاتهام حتى إعلان بدء محاكمته والموقوفين المتهمين الآخرين، عند الساعة الثانية ظهراً، أمام محكمة الجنايات في بيروت بتاريخ 25 أيلول 2018. وصل المتهمان هاني المولى وعدنان غندور باكراً، فيما تأخر إدخال الأحمر بسبب إصراره على عدم تكبيل قدميه، وفق ما نقل عناصر قوى الأمن لرئيس المحكمة القاضي طارق بيطار. يُذكر أنه منذ أكثر من سنة، دأبت القوى الأمنية على تكبيل أرجل الموقوفين، بالإضافة إلى تكبيل أياديهم وفق ما هو متعارف عليه في القانون. وبعيداً عن أسباب اتخاذ القوى الأمنية هذا الإجراء، فإن الأمر يطرح شكوكاً حول قانونيته.
بالعودة إلى مجريات الجلسة، دخل الأحمر بعد نحو ربع ساعة إلى قاعة المحكمة، وصرح لدى وصوله للقاضي البيطار أنه يرفض تكبيل قدميه. بدا القاضي بيطار حذراً من تصرفات الأحمر، الذي تميز سابقا بثورات الغضب والانفعالات في قاعة المحكمة، فطلب إبقاءه مكبل اليدين، مع وجود نحو 7 عناصر أمنية إلى جانبه. وتبقى قانونية هذا الإجراء بدورها موضع تساؤل في غياب أي نص يجيز ذلك.
أعلن القاضي بيطار المباشرة في جلسة المرافعة، وسرعان ما أعلن وكيل الأحمر المحامي عماد المصري عدم مضيه بالمرافعة، طالباً من المحكمة إعادة تعيين أطباء متخصصين بالأمراض العصبية للكشف على حالة موكله. وكان المصري سجل اعتراضه في الجلسة السابقة التي انعقدت بتاريخ 5 تموز 2018، على تقريري المستشار النفسي المحلف روجيه بخعازي والطبيب في الصحة النفسية ميشال نوفل، اللذيّن وصلا إلى نتيجة مشابهة مفادها أن الأحمر هو شخص “معادٍ للمجتمع” وليس مريضاً نفسياً. حينها طلب المصري إعادة تكليف أطباء متخصصين بالأمراض العصبية فضُم طلبه إلى أساس الدعوى. وفي جلسة الأمس، أعاد المصري تسجيل اعتراضه وطلب تعيين أطباء جدد، فكرر القاضي بيطار قراره بضم الطلب إلى أساس الدعوى، فعندها أصر المصري على عدم المضي بالمرافعة وطلب من المحكمة إمهاله لجلسة أخرى.
في بادئ الأمر، تغاضى القاضي بيطار عن طلب المصري، واستمر في جلسة المرافعة طالباً من الوكلاء الآخرين المضي في مرافعتهم. وفي حين أشار ممثل النيابة العامة القاضي زاهر حمادة إلى القاضي بيطار التأكد من نية المصري قبل المضي بالمرافعة، إلا أن رئيس المحكمة (القاضي بيطار) أصر على الاستماع إلى الوكلاء قبل اتخاذ القرار بشأن المصري. وبعد الانتهاء من مرافعة الأطراف الآخرين، شرح المصري بأنه غير جاهز للمرافعة، وبأنه عندما كان يقوم بتحضيرها وصل إلى مرحلة لم يتمكن من الاستكمال بسبب عدم اقتناعه بنتيجة التقارير الطبية.
ودار نقاش بين القاضي بيطار والمحامي المصري، فأبدى القاضي تمسكه بالمضي بالمرافعة، لافتاً أنه تم تحديد تاريخ جلسة المرافعة هذه بعد العطلة القضائية بناء على طلب المصري. وتسأل عن سبب قدوم المصري بنية عدم الترافع.
شدد المصري على أن ضميره لا يحمله بالمضي بالدعوى من دون إعادة طلب تعيين أطباء، أو أقله منحه المجال لتحضير مرافعته تحت وطأة أن “ينسحب من الملف وليقوموا بتعيين محام آخر”. أمام هذه التصريحات رد القاضي بيطار عليه بقوله، “لقد أعطيناك الصيف بأكمله لتحضيرها، وعدت إلينا بنفس الطلب الذي كنا قد ضميناه إلى أساس الدعوى”، معتبراً أن المصري يتعمد المماطلة. فرد المصري بأن المماطلة ليست من أدبياتي وأني أقصد من هذا الأمر أن أعمل بضمير مهني.
أمام هذا النقاش الذي استمر لنحو نصف ساعة، أيد ممثل النيابة العامة القاضي زاهر حمادة طلب المصري بالإستمهال، مشترطاً ألا يتقدم بطلبات أخرى، ويلتزم بالترافع. وأمام تلويح المصري بالانسحاب من الدعوى، ترك وكيلا الإدعاء عن ورثة المرحوم روي حاموش المحامي روي أبو شديد وعن المدعي جوني نصار المحامي فؤاد الصدي الأمر لرئاسة المحكمة لاتخاذ القرار المناسب. عندها، قرر القاضي بيطار إمهال المصري نحو 20 يوماً، الذي تعهد بالترافع من دون تقديم أي طلب، وأرجأ الجلسة إلى تاريخ 16 تشرين الأول. وشمل قرار القاضي منح المصري مهلة لتحضير مرافعته وضم طلب تعيين محتصين نفسيين جدد إلى أساس الدعوى.
خلال المرافعة، طلب القاضي حمادة تطبيق قرار الهيئة الاتهامية على المتهمين الأربعة، لا سيما تطبيق المادة 549 التي تنص على الإعدام من قانون العقوبات على الأحمر. من ناحيته، طلب أبو شديد (محامي عائلة حاموش) في مرافعة خطية أيضاً تطبيق عقوبة المادة 549 من قانون العقوبات على المتهم محمد الأحمر، بالإضافة إلى إنزال أشد العقوبات بحق رفيقيه عدنان غندور وهاني المولى والظنينة أمل موماجيان، والتعويض عن الضرر. وأيضاً قدم الصدي (وكيل صديق حاموش جوني نصار) مرافعة خطية، طلب فيها أيضاً تطبيق نص المادة نفسها بحق المدعى عليهم جميعاً، وبالتعويض عن الضرر. أما وكيل زوجة الأحمر الظنينة موماجيان المحامي قزحيا السبعلي، فطلب إعفاء موكلته من العقوبة وفقاً للمادة 222 عقوبات، التي تنص على إعفاء أقران المتهم من العقوبة من جرم إخفاء مرتكب الجريمة.
من جهته، ترافع المحامي رائد حمدان، وكيل المتهم عدنان غندور طالباً البراءة لموكله. وأفاد حمدان بأن غندور كان فاقد الإرادة ليلة الحادثة، يقوم بما يمليه عليه الأحمر الذي هدده بالقتل. وشرح حمدان بأن غندور كان يحمل سلاحاً مرخصاً ليلة الحادثة لكنه لم يستخدمه، كما حاول إفساح المجال لروي وصديقه جوني كي يهربا. بدوره، ترافع المحامي حسين المولى، وكيل المتهم هاني المولى، طالباً إبطال التعقبات بحق هاني. ولفت إلى عدم كفاية الأدلة، مشيراً إلى أنه لم يتدخل في جريمة القتل، وأن وجوده في السجن لسنة وأربعة أشهر هو ظلم.
[1] حاموش قتل أثناء تواجده في سيارة صديقه جوني نصار، بعدما حصل حادث تصادم طفيف بين سيارة جوني وسيارة يستقلها أربعة أشخاص من بينهم المتهم الرئيسي بقتله محمد الأحمر، وجرى مطاردتهم وتمكن نصار من النجاة
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.