في ظلّ احتدام الأزمة المتعدّدة الأوجه التي يعاني منها لبنان، وبخاصّة قطاعه العام، بعد العام 2019، يشكّل مرفق العدالة الجزائية أحد أبرز القطاعات الذي يستوجب منحه الأولوية في أيّ عمل إصلاحي، لما يترافق مع عمله من حدٍّ خطيرٍ للحرِّية الشخصية للأفراد المَصونة بموجب الدستور اللبناني. وفيما تعاني أماكن الاحتجاز في لبنان من نسبة عالية من الاكتظاظ، وصلت نسبة الموقوفين احتياطيًّا في السجون ونظارات قصر العدل التي تديرها قوى الأمن الداخلي إلى 65% من مُجمَل عدد النزلاء في منتصف العام 2024، ما يحتّم البحث في التحدّيات التي يواجهها مرفق العدالة الجزائية للحدّ من التوقيف الاحتياطي ومن أمده. ويشمل مصطلح التوقيف الاحتياطي الفترة المُمتَدَّة من لحظة احتجاز الحرِّيّة حتّى الإفراج عن الموقوف أو صدور الحكم في حقّه، وهي الفترة التي يكون فيها الأفراد موقوفين في الوقت الذي يستفيدون فيه من قرينة البراءة.
ترمي هذه الدراسة إلى فهم الممارسات والتوجُّهات القضائية المرتبطة باستخدام التوقيف الاحتياطي في مسار الدعاوى الجزائية، من خلال التدقيق في الإجراءات القضائية المُتَّبَعة في عيّنة من الأحكام الصادرة عن محاكم الجنايات، والبحث في التحدّيات المتعلّقة بإدارة ملفّات الموقوفين ما بين القضاء وقوى الأمن الداخلي، ومدى تأثيرها في آماد التوقيف الاحتياطي. وتسعى الدراسة بذلك إلى تكوين معرفة أفضل حول قدرة السلطات القضائية على الالتزام بالمهل القانونية المتعلّقة بالتوقيف الاحتياطي، وإلى تحديد أبرز العوامل التي تُسهم في إطالة أمد هذا التوقيف، انطلاقًا من مبادئ المحاكمة العادلة، لا سيّما قرينة البراءة واستثنائية التوقيف الاحتياطي.
تستند هذه الدراسة، بشكل أساسي، إلى تحليل عيّنة من المستندات القضائية المتعلّقة بـ 58 حكمًا صادرًا عن محاكم الجنايات في ثلاث محافظات لبنانية (بيروت وجبل لبنان والجنوب)، منذ بداية العام 2023، وهي تمثّل 2.7% من الأحكام الصادرة عن هذه المحاكم خلال الفترة نفسها. كما تستند إلى مقابلات نوعية مع ثمانية معنيّين بقضايا التوقيف الاحتياطي (القاضي المُشرِف على مديرية السجون في وزراة العدل، وأربعة محامين، وموقوفَين سابقَين ومساعد قضائي) من أجل فهم سياق المعلومات التي تقدّمها العيّنة.
شملت هذه الأحكام 113 مُدّعى عليهم أُوقِفوا احتياطيًّا خلال الدعوى الجزائية بحقّهم، معظمهم بعد العام 2020، أي بعد بدء ظهور معالم الأزمة. وتوزّع المُدّعى عليهم بين 105 مُتَّهَمًا بارتكاب جناية و8 أظنّاء مُدّعى عليهم بجنحة.
كانت غالبية الموقوفين في العيّنة من الرجال الراشدين لدى بدء التوقيف الاحتياطي، فيما ثلاثة منهم كانوا من النساء، وأربعة من الأحداث.
بلغت نسبة الموقوفين من الجنسية اللبنانية 56%، تبعهم الموقوفون من الجنسية السورية بنسبة 24%، علمًا أنّ هذه النسب تتناسب مع توزيع مُجمَل النزلاء في سجون ونظارات قصور العدل في نهاية العام 2023، حيث وصلت نسبة النزلاء من الجنسية اللبنانية إلى 60%، فيما وصلت نسبة النزلاء من الجنسية السورية إلى ما يُقارب 29%.
اتُّهِمَ 37% من المُدّعى عليهم بارتكاب جرائم على الأموال (السرقة)، 34.5% منهم بجرائم تتعلّق بالمخدّرات (إتجار و/أو ترويج موادّ مخدّرة)، 10.6% منهم بجرائم على حياة الإنسان وسلامته (القتل)، و10% بجرائم مُخلَّة بالثقة العامة (ترويج عملة مُزوَّرة وتزوير)، بالإضافة إلى اتّهام الآخرين بجرائم تتعلّق بالخطف والاغتصاب والإتجار بالبشر.
من تحليل عيّنة الأحكام، يمكننا إبداء الملاحظات الأوّلية الآتية حول التوجُّهات القضائية المتعلّقة بالتوقيف الاحتياطي في قضايا الجنايات:
آماد التوقيف الاحتياطي
لجأت السلطات القضائية إلى التوقيف الاحتياطي خلال كامل مراحل الدعوى الجزائية في قضايا الجنايات، بدلًا من استخدامه بشكل استثنائي، وقد ظهر ذلك من خلال الآتي:
– وصلت نسبة المُتَّهَمين الموقوفين قبل اختتام المحاكمة أمام محكمة الجنايات إلى 87.6%، فيما أُوقِف 6.7% من المُتَّهَمين لدى اختتام المحاكمة سندًا للمادّة 242 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، التي تُلزم المُتَّهَم المُخلى سبيله تسليمَ نفسه إلى المحكمة قبل بدء المحاكمة، وصدرت الأحكام بصورة غيابية بحقّ 5.7% من المُتَّهَمين المُخلى سبيلهم. وتجدر الإشارة إلى أنّ ارتفاع عدد الموقوفين لدى صدور الحكم في العيّنة قد يعود إلى إعطاء المحاكم الأولوية لإصدار الأحكام في القضايا التي تتضمّن موقوفين.
– استمرّ توقيف 65% من المُتَّهَمين منذ قرار الاحتجاز الصادر عن النيابة العامة خلال التحقيق الأوَّلي إلى حين صدور الحكم عن محكمة الجنايات.
– لم يُخلَ سبيل سوى 16% من المُتَّهَمين، 30% منهم في مرحلة التحقيق قبل صدور القرار الاتِّهامي بحقّهم، و70% خلال مرحلة المحاكمة بعد صدور هذا القرار. وقد مَثُل 41% منهم خلال الجلسات أمام محاكم الجنايات بعد إخلاء سبيلهم.
– لم يتبيّن من العيّنة لجوء السلطات القضائية إلى استخدام البدائل عن التوقيف من خلال وضع المُدّعى عليهم تحت الرقابة القضائية.
2. وَصَلَ متوسّط آماد التوقيف الاحتياطي الإجمالي إلى 21.5 شهرًا، مع تسجيل أطول آماد بالنسبة إلى الفلسطينيّين المُتَّهَمين بالقتل: بلغ متوسّط آماد التوقيف الاحتياطي الإجمالي في قضايا الجنايات21.5 شهرًا، حيث تراوحت بين 2.5 شهر و7 سنوات، وقد سُجِّلت أطول آماد بالنسبة إلى الفلسطينيّين المُتَّهَمين بالقتل. ولدى مقارنة آماد التوقيف بالجرائم المنسوبة إلى المُتَّهَمين، يتبيّن أنّ أعلى متوسّط لآماد التوقيف قد سُجِّل في القضايا المتعلّقة بجنايات القتل (38 شهرًا)، تبعتها جنايات المخدّرات (23 شهرًا)، ثمّ جنايات السرقة (19 شهرًا)، وأخيرًا الجنايات المرتبِطة بالخطف (13.5 شهرًا) أو التزوير (13 شهرًا). وإذا نظرنا إلى آماد التوقيف بحسب جنسية المُتَّهَمين، نجد أنّ متوسّط الآماد يرتفع بنسبة محدودة بالنسبة إلى المُتَّهَمين غير اللبنانيّين. ففيما وصل المتوسّط إلى 20.5 شهرًا بالنسبة إلى المُتَّهَمين من الجنسية اللبنانية، وصل إلى ما يُقارب 23 شهرًا بالنسبة إلى المُتَّهَمين غير اللبنانيّين، حيث توزّع وفقًا للآتي: 32 شهرًا للفلسطينيّين، 19.2 شهرًا للسوريّين، و20 شهرًا لمكتومي القيد.
3. اتّخذت إجراءات محاكمة المُتَّهَمين الموقوفين ضعف المدّة التي اتّخذتها إجراءات التحقيق معهم: فقد وصل متوسّط آماد توقيف المُتَّهَمين في مرحلة التحقيق (أي منذ التوقيف الأوّل إلى حين صدور القرار الاتّهامي) إلى 7 أشهر، فيما وصل إلى 15 شهرًا في مرحلة المحاكمة(أي منذ صدور القرار الاتهامي إلى حين صدور الحكم). وتبيّن أنّ أبرز أسباب تأخير المحاكمات تعود إلى عدم متابعة جلسات المحاكمة يومًا تلو الآخر، كما تنصّ عليه المادّة 249 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، بالإضافة إلى عدم سَوْق الموقوفين من مكان الاحتجاز إلى المحكمة، وعدم اكتمال هيئة المحكمة، والإضرابات والإغلاق العام خلال جائحة كورونا (2020-2021).
4.تأخّر مسار إحالة ملفّات الموقوفين من مرحلة التحقيق إلى مرحلة المحاكمة، وهي مرحلة انتقالية لا تكون فيها أيّ من المراجع القضائية قد وضعت يدها على الملفّ من أجل البتّ في مدى ضرورة استمرار التوقيف: فقد وصل متوسّط الآماد التي تستغرقها إحالة ملفّات الموقوفين من الهيئات الاتّهامية إلى محاكم الجنايات بواسطة النيابات العامة إلى 2.5 شهر، إذ سُجِّل أدنى متوسّط أمام دوائر بيروت حيث بلغ 4 أيّام، تبعتها دوائر صيدا حيث بلغ 16 يومًا. أمّا دوائر بعبدا، فقد سَجّلت أعلى متوسّط حيث تجاوز 5 أشهر. ولم نتمكّن من تحديد أسباب هذا التأخير، وما إذا كان يرتبط بآليّة عمل الهيئات الاتّهامية أو النيابات العامة. وفي هذه المرحلة الانتقالية، تكون الهيئة الاتّهامية قد رفعت يدها عن الملفّ، فيما لا تكون محكمة الجنايات قد وضعت يدها عليه بعد، ممّا يُعيق إمكانيّة تقدُّم الموقوف بطلبات إخلاء سبيل، كما إمكانيّة السلطات القضائية البتّ فيها، ويساهم تاليًا في إطالة أمَد التوقيف الاحتياطي.
5. يوجد تفاوُت ملحوظ في آماد التوقيف الاحتياطي بين المحافظات الثلاث، حيث سُجِّلت أطول آماد في مرحلة التحقيق في دوائر بعبدا، وفي مرحلة المحاكمة في دوائر صيدا: سُجِّل أدنى متوسّط لآماد التوقيف الإجمالي أمام دوائر بيروت حيث وصل إلى 14 شهرًا (3.5 أشهر في مرحلة التحقيق و9.5 أشهر في مرحلة المحاكمة)، تبعتها دوائر بعبدا حيث تجاوز 24 شهرًا (11 شهرًا في مرحلة التحقيق و16 شهرًا في مرحلة المحاكمة)، فيما سُجِّل أقصى متوسّط أمام دوائر صيدا حيث وصل إلى 33 شهرًا (5 أشهر في مرحلة التحقيق و31 شهرًا في مرحلة المحاكمة)، علمًا أنّه لم يتمّ توقيف جميع المُتَّهَمين في المرحلتَين.
ويُستدَلّ من ذلك وجود تحدّيات أكبر في معالجة ملفّات الموقوفين أمام دوائر بعبدا وصيدا مقارنةً بدوائر بيروت: في صيدا، تبيّن أنّ غرفة محكمة الجنايات الوحيدة في هذه الدائرة قد عانت من شغور في أعضائها أدّى إلى تعطيل عملها في العام 2023، وهو ما عولِج خلال العام 2024. وقد ظهر ذلك بوضوح في تجاوز عدد الأحكام الصادرة عنها في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2024 (76 حكمًا) عدد الأحكام الصادرة عنها في مُجمَل العام 2023 (32 حكمًا).
وفي بعبدا، يُخصَّص العدد الأكبر من الموارد القضائية لمعالجة ملفّات الموقوفين مقارنةً بالدوائر الأخرى؛ إذ تقوم ثلاث غرف من محاكم الاستنئاف بمهامّ الهيئة الاتّهامية، وثلاث غرف أخرى بمهامّ محكمة الجنايات، مقارنةً ببيروت حيث تُخصَّص غرفة واحدة لمهامّ الهيئة الاتّهامية، وغرفتان لمهامّ محكمة الجنايات، فيما تُخصَّص غرفة واحدة في صيدا لكلّ من المهمّتَين. إلّا أنّ نطاق دائرة بعبدا يشمل كامل محافظة جبل لبنان، وهي المنطقة الجغرافية التي توجَد فيها أعلى كثافة سكّانية في لبنان، وتاليًا يُقدَّر أنّه يرِد إلى دوائرها عدد أكبر من الدعاوى مقارنةً بالدوائر الأخرى، غير أنّ العيّنة تُشير إلى أنّ الموارد القضائية المُخصصَّة للقضايا الجزائية قد تكون غير كافية لضمان سرعة المحاكمات وللحدّ من إطالة أمد التوقيف الاحتياطي.
6. أدّى غياب المحامين في تمثيل المُتَّهَمين إلى إطالة آماد توقيفهم احتياطيًّا: أشارت الأحكام إلى تمثيل 61% من المُتَّهَمين بمحامٍ، فيما لم يتمثّل ما نسبته 33% منهم بمحامٍ، وقد حوكِمَ 5.7% منهم بصورة غيابية، فلم يتمثّلوا بمحامٍ. وقد تبيّن في العيّنة أنّ متوسّط آماد التوقيف الاحتياطي الإجمالي للمُتَّهَمين قد ارتفع من 19.8 شهرًا بالنسبة إلى الموقوفين المُمثَّلين بمحامٍ، مقابل 23.6 شهرًا بالنسبة إلى الموقوفين غير المُمثَّلين بمحامٍ، وأنّ تأثير مدى وجود تمثيل قانوني للمُتَّهَمين الموقوفين يظهر بشكل أساسي في مرحلة ما قبل المحاكمة، إذ ارتفع متوسّط آماد التوقيف من 6.6 أشهر إلى 7.5 أشهر في مرحلة التحقيق، ومن 2.2 شهر إلى 3.7 أشهر في مرحلة إحالة الملفّ إداريًّا من الهيئة الاتّهامية إلى محكمة الجنايات، فيما ارتفع بشكل بسيط من 14.9 شهرًا إلى 15.2 شهرًا في مرحلة المحاكمة. وقد أجمع المشاركون في المقابلات على أنّ أحد أسباب إطالة مدّة التوقيف الاحتياطي يرتبط بمدى تمثيل الموقوف بمحامٍ، حيث إنّه يقع على المحامي، بالإضافة إلى تقديم طلبات إخلاء السبيل، تسريع الإجراءات الإدارية لملفّ الدعوى، كإجراءات التبليغ وطلب السَوْق وإحالة الملفّ من مرجع قضائي إلى آخر.
7. بنتيجة المحاكمات، قضت محاكم الجنايات على 63% من الموقوفين بعقوبة مانعة للحرِّية أطول من مدّة توقيفهم الاحتياطي، فيما قضت بعقوبة أقصر من مدّة التوقيف على 9.5% منهم،وبعقوبة مساوية لمدّة التوقيف على 7.6%، ولم تَقُم بإدانة 17% منهم (إعلان البراءة أو وقف الملاحقة بحقّهم).
عدم الالتزام بالمهل القانونية
لم تتمكّن السلطات القضائية من الالتزام بالمهل القانونية المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية في أغلبيّة القضايا المشمولة في العيّنة، وهي مهل تهدف بشكل عام إلى الحدّ من مدّة التوقيف الاحتياطي وضمان حقّ الموقوف في محاكمة سريعة أو في الإفراج عنه. ومن أهمّ المهل التي تبيَّنَ عدم الالتزام بها في العيّنة هي الآتية:
8. المدّة القصوى للتوقيف الاحتياطي في قضايا الجنايات: وفقًا للمادّة 108،تبلغ المهلة القصوى للتوقيف الاحتياطي في قضايا الجنايات ستّة أشهر، يمكن تجديدها لمرّة واحدة بموجب قرار مُعلَّل، وذلك باستثناء “جنايات القتل، والمخدّرات، والاعتداء على أمن الدولة، والجنايات ذات الخطر الشامل، وجرائم الإرهاب”، وحالة الموقوف المحكوم عليه سابقًا بعقوبة جنائية. وفي العيّنة، تجاوزت السلطات القضائية مدّة السنة بحقّ 63% من المُتَّهَمين بجرائم غير مستثناة بموجب هذه المادّة. ولم تُتِحْ المعلومات المُتوفّرة في العيّنة التثبُّت من مدى توفُّر شرط عدم وجود حكم سابق بعقوبة جنائية للاستفادة من هذه المدّة القصوى.
9. مهلة الاحتجاز القصوى بناءً على قرار النيابة العامة: ينصّ القانون على وجوب إصدار قاضي التحقيق مذكّرة التوقيف الوجاهية خلال مهلة 5 أيّام من توقيف المُدّعى عليه بموجب قرار الاحتجاز الاحترازي الصادر عن النيابة العامة (الموادّ 32 و42 و47 و106 و107). أمّا في العيّنة، فقد صدرت مُذكَّرات التوقيف الوجاهية خلال المهلة القانونية لأربعة موقوفين في قضيَّتَين فقط، حيث بلغ متوسّط المدّة ما بين قرارَي التوقيف 32 يومًا، أي ما يزيد قرابة أربعة أسابيع عن المدّة القصوى المُحدَّدة في القانون. وقد سُجِّل أدنى متوسّط لهذه الآماد أمام دوائر صيدا، حيث وصل إلى 13 يومًا، وأعلى متوسّط أمام دوائر بعبدا حيث وصل إلى 50 يومًا، فيما بلغ 24 يومًا أمام دوائر بيروت. وتشكّل هذه المهلة ضمانة أساسية للموقوفين، كونها تضمن مثولهم الأوّل أمام قاضٍ بشكل سريع، وفقًا لمقتضيات المادّة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وضمانةً لمنع تعرُّضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
وتعود أبرز أسباب عدم تمكُّن السلطات القضائية من الالتزام بهذه المهلة إلى عدم إحضار الموقوف إلى نظارة قصر العدل فور انتهاء مهلة الاحتجاز القصوى خلال التحقيقات الأوّلية (4 أيّام)، بسبب الاكتظاظ في هذه النظارات. وفي نهاية العام 2023، كانت النظارات الثماني في لبنان تستقبل 347 شخصًا، نسبة المحكومين منهم تفوق 16%. وعليه، يؤدّي الاكتظاظ في هذه الحالات إلى إطالة مدّة التوقيف الاحترازي، وبالتالي إلى المزيد من الاكتظاظ.
10. موجب عقد جلسات المحاكمة في أيّام متتالية: فيما تنصّ المادّة 249 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على وجوب متابعة جلسات المحاكمة أمام محاكم الجنايات، يومًا تلو الآخر، إلّا في حالات استثنائية حيث تُرجأ الجلسة إلى موعد قريب، لم تُطبِّق أيّ من محاكم الجنايات في القضايا المشمولة في العيّنة هذه القاعدة، إذ أجرت المحاكمات مثلها مثل أيّة محكمة أخرى، وأرجأت الجلسات إلى مواعيد تراوحت بين يومَين و5 أشهر.
11. مهلة إصدار الحكم: ينصّ القانون على أن تُصدِر محكمة الجنايات حكمها في اليوم نفسه من اختتام المحاكمة، أو في مهلة أقصاها عشرة أيّام (المادّة 272). وما يزيد من أهمِّية هذه المهلة هو أنّه يتوجّب على المحكمة، لدى ختم المحاكمة، توقيف المُتَّهَم غير الموقوف، إذ تُنفَّذ بحقّه مُذكَّرة إلقاء القبض في حال حضر جلسة المحاكمة الأخيرة (المادّة 242). وفي العيّنة، لم يصدر سوى حُكمَين اثنَين خلال مهلة العشرة أيّام. فوصل متوسّط المدّة ما بين اختتام المحاكمة وصدور الحكم إلى 44 يومًا، وسُجِّل أدنى متوسّط أمام محاكم بيروت حيث وصل إلى 35 يومًا، تبعتها محاكم بعبدا حيث وصل المتوسّط إلى 38 يومًا، ثم محاكم صيدا حيث وصل إلى 48 يومًا. وتعود أبرز أسباب عدم التزام المحاكم بهذه المهلة إلى عدم ترتيب محكمة التمييز أيّ نتائج على مخالفتها، والاكتفاء باعتبارها مهلة حثّ وليست سببًا لنقض الحكم.
ضعف تطبيق المادّة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية
12. لا تلتزم السلطات القضائية بتطبيق المادّة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بشكل مُمَنهَج، إذ لا يُخلى سبيل الموقوفين بشكل تلقائي بعد انقضاء مهلة التوقيف القصوى، حتّى في الحالات التي تتوفّر فيها كامل شروط هذه المادّة.
13. لا تجدّد المحاكم مدّة التوقيف الاحتياطي بشكل صريح وبموجب قرار مُعلَّل لدى انقضاء مدّة التوقيف في قضايا الجنايات. ودرجت الممارسة على تمديد مدّة التوقيف بشكل ضمني لدى ردّ طلب إخلاء السبيل في حال تقدّم به الموقوف. كما تبيّن أنّ النموذج المُعتمَد لردّ هذه الطلبات لا يتضمّن تعليلًا كافيًا، لا سيّما حول مدى توفُّر شروط المادّة 108. بالإضافة إلى مخالفة المدّة القصوى للتوقيف الاحتياطي، تُخالف هذه الممارسات موجب مراجعة قانونية التوقيف وضرورته بشكل دوريّ، وبموجب قرار مُعلَّل. كما تؤدّي إلى فرض شرط إضافي لتجديد مدّة التوقيف أو الإفراج عن الموقوف، وهو ورود طلب خطِّي منه، والذي يشكّل شرطًا غير منصوص عليه في القانون وغير ضروري، نظرًا إلى افتراض إرادة الموقوفين باستعادة حرِّيّتهم الشخصية بناءً على الطبيعة الاستثنائية للتوقيف الاحتياطي.
14. في حال تقرير إخلاء سبيل الموقوفين الذين يستوفون شروط المادّة 108، تتّجه بعض السلطات القضائية إلى فرض شروط مقابل الإفراج عنهم، كالكفالات المالية، وذلك استنادًا إلى تفسير نصّ المادّة 108، على أنّه لا يضمن إخلاء السبيل بحقّ، فيما تتّجه محكمة التمييز وقضاة آخرون نحو اعتماد تفسير مختلف يضمن حقّ الموقوف في إخلاء سبيله لدى توفُّر شروط المادّة 108 من دون أيّة شروط، وذلك انطلاقًا من مبدأ استثنائية التوقيف الاحتياطي.
15. الاستمرار في الإدارة المؤقّتة لأماكن التوقيف من قبل قوى الأمن الداخلي بدلًا من وزارة العدل: فيما ينصّ القانون على نقل إدارة أماكن التوقيف من وزراة الداخلية – قوى الأمن الداخلي إلى وزارة العدل، لا تزال قوى الأمن الداخلي تتولّى إدارة أماكن التوقيف الاحتياطي لغاية اليوم. وعليه، لا تكون الجهة المسؤولة عن تنفيذ قرارات القضاء المتعلّقة بوضع الأشخاص قيد التوقيف الاحتياطي والإفراج عنهم تابعة إداريًّا لوزارة العدل التي تُدير المرفق القضائي، بل لوزارة الداخلية. وتنتج من هذا الأمر تحدّيات تتعلّق بالتواصل والتنسيق ما بين السلطات القضائية وقوى الأمن الداخلي من أجل حسن إدارة ملفّات الأشخاص الموقوفين احتياطيًّا.
16. غياب العلاقة المُمَكْنَنَة في إدراة ملفّات الموقوفين احتياطيًا:لا تملك السلطات القضائية برنامجًا مُمَكْنَنًا خاصًّا بها لإدارة
ملفّات المتقاضين، وبخاصّة الموقوفون منهم. لذا، مع غياب برنامج مُمَكْنَن يتضمّن الإجراءات القضائية المُتَّبَعة مع الموقوفين، يُضطَرّ القضاة والمساعدون القضائيّون إلى الاعتماد على الوسائل اليدوية لمتابعة ملفّات الموقوفين.في المقابل، تتولّى قوى الأمن الداخلي مسؤولية حفظ سجلّات السجناء، من موقوفين ومحكوم عليهم. وقد اعتُمِدَت المَكْنَنَة في حفظ هذه السجلّات تحت إشراف مديريّة السجون في وزارة العدل. لكن قاعدة البيانات هذه ليست شاملة، إذ تنحصر بالموقوفين المُحتجَزين في نظارات قصور العدل والسجون الذين صدرت بحقّهم مذكّرات توقيف، ولا تشمل الموقوفين في نظارات القطع المختلفة (مثل المخافر والفصائل)، كما أنّها لا ترتبط بالمراجع القضائية الناظرة في قضايا الموقوفين، إذ لا يمكن للقضاة والمساعدين القضائيّين في أقلام المحاكم الوصول إلى المعلومات الموجودة على البرنامج. وهذا الأمر يشكّل عائقًا أمام حسن إدارة ملفّات الموقوفين، بحيث يحجب معلومات أساسية عن القضاة والمساعدين القضائيّين، أهمّها مكان التوقيف، ما يؤثّر في تأخير الإجراءات القضائية المُتَّبَعة بحقّ الموقوفين، كطلبات السَوْق إلى قصور العدل للمثول أمام القضاء.لا يوجد أيّ علاقة مُمَكْنَنَة بين أقلام الهيئة القضائية وأمكنة التوقيف التي تديرها قوى الأمن الداخلي، إذ تعتمد هذه الجهات على التواصل الورقي عبر البريد أو الفاكس بشكل أساسي. ويؤدّي ذلك إلى صعوبات في التواصل بينهما، قد تُسهم في إطالة أمد التوقيف الاحتياطي، بخاصّة في حال تعرُّض المراسلات للفقدان أو التأخير، أو في حال عدم علم السلطات القضائية بوجود الموقوف قيد الاحتجاز بموجب أكثر من دعوى.
بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد أيّ نظام إشعار إلكتروني يُفيد أنّ الموقوف قد تجاوز المدّة القانونية القصوى للتوقيف المنصوص عنها في المادّة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، الأمر الذي قد يُساهم في تعرُّف القضاء إلى الموقوفين الذين يتوجَّب إخلاء سبيلهم.
17. يواجه الموقوفون صعوبات في ممارسة حقوق الدفاع: يواجه الموقوفون تحدِّيات في التواصل مع القضاء خلال فترة احتجازهم، بخاصّة في حال عدم تمثيلهم قانونيًّا بمحامٍ. وتؤدّي هذه التحدّيات، فضلًا عن ظروف الاحتجاز الصعبة، إلى إضعاف قدرتهم على ممارسة حقوقهم في الدفاع، وتاليًا إلى تأخير إجراءات التحقيق والمحاكمة معهم وإطالة آماد توقيفهم احتياطيًّا. وتبرز هذه التحدّيات بشكل خاص في الآتي:
مثول الموقوفين أمام الهيئات القضائية: تشكّل مسألة نقل الموقوفين من أماكن احتجازهم إلى قصور العدل، للمثول أمام الهيئات القضائية الناظرة في ملفّاتهم، أو ما يُعرَف بالسَوْق، أحد أبرز التحدّيات التي يواجهها الموقوفون لممارسة حقّ الدفاع، والتي تُسهم في بطء إجراءات التحقيق والمحاكمة في قضاياهم. وقد تفاقم هذا التحدّي بشكل ملحوظ بعد الأزمة، إذ انخفضت نسبة طلبات السَوْق التي تمكّنت قوى الأمن الداخلي من تنفيذها من 77% في العام 2019 إلى 45% في العامَين 2020 و2021، لتصل إلى 64% في العام 2023 وفقًا لمديريّة السجون في وزارة العدل. وتعود أسباب تعذُّر السَوْق، بشكل أساسي، إلى النقص الحادّ في العديد والآليّات المُخصَّصة للسَوْق لدى قوى الأمن الداخلي، وارتفاع أعداد المُحتجَزين في نظارات القطع التي يصعب عليها تأمين سَوْقهم إلى قصور العدل، فضلًا عن اعتماد التواصل الورقي بين القضاء وقوى الأمن الداخلي، من دون اعتماد نماذج لطلبات السَوْق.
مشاركة الموقوفين في الإجراءات القضائية: يواجه الموقوفون، الذين ليس لديهم تمثيل قانوني، تحدّيات إضافية للمشاركة في الإجراءات القضائية فيما يتعلّق بمعرفة حقوقهم ومسار الإجراءات القضائية المُتَّبعة بحقّهم، ممّا يقوّض من قدرتهم على ممارسة حقوق الدفاع. ذلك أنّهم لا يُبلَّغون بحقوقهم طوال مدّة توقيفهم، سواء أكان ذلك خطِّيًّا أو شفهيًّا، إلّا عند بداية التحقيق الأوّلي، وفقًا للمادّة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. كما لا يوجد نموذج تعتمده وزارة العدل أو وزارة الداخلية يتضمّن معلومات قانونية مُوجَّهة إلى الموقوفين. وفيما أفادت قوى الأمن الداخلي بأنّها تقوم بإبلاغ الموقوفين بالقرارات القضائية الصادرة بحقّهم، التي تصلها من السلطات القضائية، فإنّ هذا التبليغ لا يترافق مع منحهم المعلومات القضائية الضرورية لممارسة حقوق الدفاع، ومنها، على سبيل المثال، حقوق الطعن بالقرارات القضائية المتعلّقة بالتوقيف الاحتياطي، والمهل الزمنية المتعلّقة بها.
18. الاكتظاظ يحدّد أماكن التوقيف الاحتياطي والتطبيع مع ممارسة الاحتجاز في القطعات لصالح النيابة العامة: من المُفترَض أن يُحتجَز الموقوفون احتياطيًّا في أماكن التحقيق الأوّلي في القطعات التابعة لقوى الأمن الداخلي خلال مرحلة الاحتجاز الاحترازي من قبل النيابة العامة، ثمّ أن يُنقَلوا إلى نظارات قصور العدل للمثول أمام القضاء، وبعدها إلى السجون، وذلك بعد إصدار مذكّرة التوقيف بحقّهم. لكن الاكتظاظ في أماكن التوقيف أرغم قوى الأمن الداخلي على اعتماد ممارسات مختلفة، غالبًا ما تكون مخالفة للقانون، أبرزها الإبقاء على الموقوفين مُحتجَزين في نظارات القطع “لصالح النيابات العامة” لآماد تتجاوز مهلة الأيّام الأربعة القصوى للتوقيف الاحترازي. وقد وصل عدد الموقوفين في القطع الأمنية لصالح النيابات العامة، في منتصف العام 2024، إلى ما يُقارب 1500 موقوفًا. كما لم تتمكّن قوى الأمن الداخلي من تنفيذ البند الذي أضيف إلى المادّة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية في العام 2020، والذي فرض نقل الموقوفين من القطعة التي حُقِّقَ معهم فيها إلى قطعة أخرى، وهو بندٌ جاء ليكرّس هذه الممارسة غير القانونية. وعليه، أصبحت مساحة النظارات هي التي تحدّد أماكن التوقيف الاحتياطي، ما يؤثّر في قدرة الموقوفين على المثول سريعًا أمام المراجع القضائية، كما على حقّهم في فصلهم عن المحكوم عليهم كما يفرضه القانون.
19. الاكتظاظ يجرّ المزيد من الاكتظاظ: يشكّل الاكتظاظ في أماكن التوقيف عاملًا أساسيًّا في تفاقم التحدّيات أمام متابعة ملفّات الموقوفين من قبل السلطات القضائية وقوى الأمن الداخلي. فكما يؤدّي بطء الإجراءات القضائية الناجم عن التحدّيات التي يواجهها القضاء إلى إطالة آماد التوقيف الاحتياطي، وبالتالي إلى ارتفاع نسبة الاكتظاظ، فإنّ من شأن الاكتظاظ أن يؤدّي أيضًا دورًا في إبطاء الإجراءات القضائية، تبعًا لما ينتج عنه من صعوبات في سَوْق الموقوفين إلى قصور العدل. وعليه، يُصبح الأمر أشبه بدوّامة تُغذّي نفسها من طرفَيها، بحيث يؤدّي الاكتظاظ إلى المزيد من الاكتظاظ نظرًا إلى ضعف قدرة مرفق القضاء الجزائي على متابعة ملفّات الموقوفين بالسرعة الضرورية.
20. حلول مؤقّتة تضمّنت مخاطر على حقوق الدفاع: فيما اعتمدت السلطات القضائية، خلال فترة التعبئة العامة لمواجهة جائحة كورونا، وسائل مؤقّتة وفعّالة للحدّ من الاكتظاظ في أماكن التوقيف، مثل عقد الجلسات القضائية عن بُعد، أو في قاعة المحكمة في سجن روميه، تضمّنت هذه الوسائل بعض المخاطر على حقوق الموقوفين بالدفاع، وتحديدًا بسبب الحدّ من مثول الموقوف جسديًّا أمام المراجع القضائية في غياب الإطار القانوني الناظم لهذه الإجراءات، ما يؤثّر في إضعاف الضمانات القضائية لعدم تعرُّض الموقوف للتعذيب أو سوء المعاملة.
21. ضعف الرقابة القضائية على أماكن التوقيف: فيما أوجب القانون على النائب العام الاستئنافي والمالي، وقاضي التحقيق، والقاضي المنفرد الجزائي، ورؤساء المحاكم الجزائية أن يتفقّدوا أماكن التوقيف والسجون دوريًّا، وأن يأمروا باتّخاذ التدابير التي يقتضيها التحقيق والمحاكمة، تبقى الرقابة القضائية على أماكن التوقيف ضعيفة وغير فعّالة، إذ تقتصر، بشكل أساسي، على الرقابة التي يجريها القاضي المُشرِف على مديريّة السجون الذي يُعِدّ تقارير مُوجَّهة إلى السطات المعنِيَّة، بناء على الزيارات الميدانية، ويراقب قانونية الاحتجاز استنادًا إلى قاعدة البيانات. ولم يصدر عن وزارة العدل أو مجلس القضاء الأعلى أيّ تعليمات حول منهجية إجراء هذه الرقابة القضائية وآليّتها.
انطلاقًا من هذه الخلاصات، تقدّم الدراسة التوصيات الآتية للعاملين في مرفق العدالة الجزائية:
أوّلًا: توصيات إلى وزارة العدل والسلطات القضائية لتطوير إدارة ملفّات الموقوفين احتياطيًّا
اعتماد المَكْنَنَة في إدارة ملفّات الموقوفين احتياطيًّا أمام القضاء، من خلال وضع برنامج إلكتروني يتضمّن لائحة بالموقوفين كافّة، والإجراءات القضائية المُتَّبَعة بحقّهم، وإشعارًا بانقضاء مهل التوقيف القصوى، ويُربَط بقاعدة بيانات قوى الأمن الداخلي.
2. الطلب من التفتيش القضائي مُباشَرة التدقيق في أسباب عدم تمكُّن الدوائر القضائية من الالتزام بقواعد أصول المحاكمات الجزائية المتعلّقة بالتوقيف الاحتياطي، ووضع مقترحات عملية لإيجاد حلول لهذه التحدّيات، على أن يشمل هذا التدقيق:
الالتزام بالمهل القانونية المنصوص عنها في القانون، لا سيّما المهل القصوى للاحتجاز الاحترازي (الموادّ 32 و42 و47)، وللتوقيف الاحتياطي الإجمالي (المادّة 108)، مهلة المثول السريع للموقوفين أمام قاضي التحقيق (المادّة 107)، موجب عقد جلسات المحاكمة أمام محاكم الجنايات في أيّام متتالية (المادّة 249)، ومهلة إصدار محكمة الجنايات الحكمَ (المادّة 272).
التطبيق الكامل والفعّال للمادّة 108، لا سيّما لجهة تمديد مدّة التوقيف الاحتياطي بموجب قرار خطّي مُعلَّل، وإخلاء السبيل بحقّ وتلقائيًّا لدى انقضاء المهلة القصوى للتوقيف الاحتياطي.
3. إصدار تعميم مُوجَّه للمساعدين القضائيّين بضرورة ضمان المتابعة السليمة للإجراءات القضائية المتعلّقة بالموقوفين، من دون الاعتماد على مراجعات المحامين والموقوفين وأهاليهم، لتفادي إطالة آماد التوقيف الاحتياطي لأسباب غير مُبرَّرة.
ثانيًا: توصيات مشتركة إلى وزارة العدل وقوى الأمن الداخلي
4. وضع آليّة مشتركة لتطبيق تدابير المراقبة القضائية بموجب المادّة 111من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تجيز الاستعاضة عن التوقيف الاحتياطي بوضع المُدّعى عليه تحت المراقبة القضائية.
5. وضع آليّة مشتركة لتفعيل دور قوى الأمن الداخلي بالإبلاغ عن حالات التوقيف الاحتياطي التي تتجاوز المهل القانونية القصوى.
6. العمل على تمكين الموقوفين من ممارسة حقوق الدفاع، لا سيّما من خلال:
تمكين الموقوفين من الاطّلاع على حقوقهم القانونية من خلال وضع دليل قانوني مُوجَّه إليهم، واعتماد نماذج لتبليغ الموقوفين بالقرارات القضائية تتضمّن معلومات حول حقوق الطعن والمهل المتعلّقة بها وآليّة ممارستها.تسهيل تواصل الموقوفين مع أقلام الهيئات القضائية، للمراجعة في ملفّاتهم والمشاركة الفعّالة في الإجراءات القضائية بحقّهم.
إنشاء مراكز للدعم القانوني في أماكن التوقيف الأساسية، وتفعيل دور نقابتَي المحامين في منح الاستشارات الفردية والجماعية والمجّانية في أماكن التوقيف.
7. العمل على تطبيق خطّة نقل إدارة السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل، وإنشاء جهاز متخصِّص لإدارة السجون وتأهيل السجناء.
ثالثًا: توصيات إلى مجلس النوّاب
8. مراجعة الإطار القانوني المتعلّق بالتوقيف الاحتياطي في اتّجاه:
إعادة النظر في نظام التوقيف الاحتياطي من خلال المقارنة بتجارب دول أخرى، والبحث في أن تصبح جميع قرارات التوقيف الاحتياطي مُحدَّدة المدّة، بحيث يفرض على السلطات القضائية تجديد هذه المدّة بموجب قرار خطّي مُعلَّل، مع منح الصلاحية لقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية والعسكرية الأخرى بإخلاء السبيل تلقائيًّا في حال عدم تجديد المدّة.
تعديل المادّة 114 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، بحيث يُلغى اشتراط استدعاء الموقوف لإخلاء سبيله.
تعديل المادّة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لتسهيل شروط تطبيقها، لا سيّما من خلال النصّ صراحةً على وجوب إخلاء السبيل بحقّ لدى انقضاء المهلة القصوى للتوقيف الاحتياطي.
إدخال آليّات محاسبة في حال تجاوُز السلطات القضائية المهل القانونية المتعلّقة بالتوقيف الاحتياطي، ومنها على سبيل المثال: إبطال الإجراءات القضائية التي تجري خارج المهل القانونية، والنصّ على صلاحية إطلاق سراح الموقوف بشكل تلقائي لدى انقضاء المهل، وتنظيم حقّ الموقوف في مراجعة قضاء العجلة للمطالبة بإطلاق سراحه في حال تجاوُز المهل، والملاحقة بجرم حرمان الحرِّية الشخصية.
تنظيم إجراءات عقد الجلسات القضائية عن بُعد، مع ضمان حقوق الدفاع، بخاصّة أمام قضاء التحقيق.
***
إعداد: غيدة فرنجية (محامية ومسؤولة قسم التقاضي في المفكّرة القانونية) وعلي سويدان (محامٍ في قسم التقاضي في المفكّرة القانونية).
المساهمون: آية فرحات (محامية)، لور أيّوب (صحافية)، رين إبراهيم (باحثة مساعدة) من فريق المفكّرة القانونية.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.