تقدّم “المفكّرة القانونية” سلسلة إخبارات حول جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في إطار عدوانها على لبنان في محاولة لتوثيق هذه الجرائم تمهيدًا لإجراء تحقيق مستقلّ وشفاف حولها. تستند هذه الإخبارات إلى المعلومات الأوّلية المتوّفرة في تاريخ نشرها، على أمل أن تسهم في الجهود الوطنية اللازمة لتوثيق جرائم الحرب.
تمّ تحديث هذا الإخبار في تاريخ 22 تشرين الأوّل 2024.
الوقائع:
هجمات على جميع الأراضي اللبنانية، 20 تشرين الأوّل 2024
في 20/10/2024 عند الساعة التاسعة مساءً، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن نيّته استهداف البنى التحتية التي تشغلها جمعية القرض الحسن على كامل الأراضي اللبنانية، وأصدر إنذارًا عامًّا لجميع سكّان لبنان بضرورة الابتعاد عنها.
خلال الليل، أصدر الجيش الإسرائيلي 24 أمرًا بالإخلاء طال مبانٍ عدّة في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجنوب.
طوال الليل، استهدف الجيش الاسرائيلي من خلال أكثر من 19 غارة عددًا كبيرًا من المباني المدنية في مناطق مختلفة من الأراضي اللبنانية.
أثار ذلك حالة ذعر بين المدنيين المقيمين على مقربة من فروع المؤسسة، وإلى حركات نزوح من مختلف المناطق اللبنانية.
غياب الهدف العسكري المشروع
-لم تصرّح إسرائيل عن أيّ هدف عسكري مشروع لهذه الهجمات. ففي حين ادّعى المتحدّث باسم جيش الاحتلال أنّ مؤسسة القرض الحسن تموّل نشاطات حزب الله العسكرية وتستلم أموالًا من إيران، إلّا أنّه لم يَثبت وجود أي دور عسكري مباشر لهذه المؤسسة.
-في عام 2019، نشر “مركز مائير عميت لمعلومات الاستخبارات والإرهاب” الإسرائيلي – والمعروف بارتباطه بالمخابرات والجيش الإسرائيلي – ورقة بحثية حول مؤسّسة القرض الحسن توضح دورها الاجتماعي في “تقديم القروض وإدارة صناديق المجتمع الخيرية وفقًا للشريعة الإسلامية”. كما أشار التقرير إلى مصادر تمويل المؤسّسة الأساسية، والتي تشمل “العمولات التي يدفعها المقترضون، ورسوم العضوية، ورسوم الاشتراك، والتبرّعات”. وخلص التقرير إلى أنّ دور المؤسسة يتمثّل في “انخراط حزب الله في نشاط اجتماعي واقتصادي مكثّف داخل المجتمع الشيعي، بهدف تحويله إلى “مجتمع مقاومة”، أي مجتمع يدعم حزب الله وحملته ضدّ إسرائيل”. يُستشفّ من هذه الورقة البحثية أنّ المؤسّسة تندرج ضمن النشاطات الاجتماعية والمالية والسياسية لحزب الله من دون أن يكون لها أي إسهام واضح في أي أعمال عسكرية للحزب.
-وفي 21/10/2024، صرّح “مسؤول استخباراتي إسرائيلي كبير” لـ “سي إن إن” بأنّ “سلسلة الضربات التي شنّتها إسرائيل على مؤسّسة مالية تابعة لحزب الله في لبنان تهدف إلى زعزعة ثقة المجتمع الشيعي في الجماعة المسلّحة“.
في 21/10/2024، وقّع وزير الدفاع الإسرائيلي قرارًا بإعلان مؤسّسة القرض الحسن منظمة إرهابية.
السياق:
تقع هذه الاستهدافات ضمن منهجية إسرائيل لتدمير البنى التحتية الاجتماعية المتعلّقة بحزب الله، من دون حصرها بالأهداف العسكرية. وغالبًا ما توسّعت هذه الهجمات لتطال أهدافًا مدنية محميّة بموجب قوانين الحرب، مثل استهداف الفرق الإغاثية والصحّية.
قوانين الحرب
– يُحظر استهداف الأعيان المدنية، وتنحصر الأهداف العسكرية بالأعيان التي تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري والتي يوفّر تدميرها مصلحة عسكرية محددة. (المادة 52 من البروتوكول الإضافي الأوّل لاتفاقيات جنيف).
-لا تفقد الأعيان المالية التابعة لجهة من أطراف النزاع حصانتها المدنية ولا تشكّل هدفًا مشروعًا للأعمال العدائية.
-أكّد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنّه بموجب القانون الإنساني الدولي، لا يجوز اعتبار الأعيان التي تساهم اقتصاديًا أو ماليًا في المجهود الحربي لطرف في نزاع هدفًا قانونيًا للهجوم على هذا الأساس وحده لأنها لا تفي بتعريف الهدف العسكري.
-لا يؤثّر تصنيف المؤسّسة كمنظمة إرهابية على حصانتها المدنية.
-لا يمكن اعتبار المصلحة السياسية المتمثّلة بزيادة الضغط المجتمعي أو بفك ارتباط المجتمع عن الجهة المسلّحة مصلحة عسكرية.
–تُحظر أعمال العنف التي يكون الغرض الأساسي منها نشر الرعب بين السكان المدنيين (المادة 51-2 من البروتوكول الإضافي الأوّل لاتفاقيات جنيف).
-لا تعفي أوامر الإخلاء من مسؤولية ارتكاب جرائم حرب طالما أنّها تستهدف أهدافًا غير عسكرية. بل على العكس، من شأنها تثبيت جرائم الحرب.