تقدّم “المفكّرة القانونية” سلسلة إخبارات حول جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في إطار عدوانها على لبنان في محاولة لتوثيق هذه الجرائم تمهيدًا لإجراء تحقيق مستقلّ وشفّاف حولها. تستند هذه الإخبارات إلى المعلومات الأوّلية المتوّفرة في تاريخ نشرها، وتُحدّث دوريًا، على أمل أن تسهم في الجهود الوطنية اللازمة لتوثيق جرائم الحرب.

ملخّص

في شهر تشرين الثاني 2024، وثّقت الدولة اللبنانية 15 اعتداءً بالقنابل العنقودية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي على أكثر من منطقة لبنانية في 4 أقضية مختلفة (مرجعيون، النبطية، بنت جبيل، جزين). تشكّل هذه الاعتداءات جرائم حرب كون القانون الدوليّ يحظر استخدام هذه القنابل. فهي تطلق عدّة ذخائر أصغر حجمًا فتنتشر على مساحة واسعة، وتصبح الذخائر غير المنفجرة بمثابة ألغام منتشرة في المناطق المستهدفة تتسبّب بمقتل السكّان وإصابتهم بإعاقات جسدية لسنوات بعد انتهاء النزاع. وتشكّل هذه الاعتداءات تكرارًا للنهج الذي اعتمدته إسرائيل في حروبها السابقة على لبنان، والذي لا يزال هذا الأخير يُعاني من آثاره لغاية اليوم.   

الوقائع 

جنوب لبنان، تشرين الثاني 2024

• في 13 تشرين الأوّل 2024، أصدر حزب الله بيانًا اتهم فيه إسرائيل بقصف المنطقة الواقعة بين بلدتي حانين والطيري (قضاء بنت جبيل) بصواريخ محشوة بالقنابل العنقودية.
• في 15 تشرين الأول 2024، أصدر حزب الله بيانًا اتهم فيه إسرائيل بإطلاق صواريخ محشوّة بالقنابل العنقودية على وادي الخنازير في وادي الحجير (قضاء مرجعيون)، وخلّة راج ما بين بلدة علمان وبلدة دير سريان، وشرق بلدة علمان باتجاه الأحراش (قضاء مرجعيون).
• في 9 تشرين الثاني، وثّقت الحكومة اللبنانية للمرّة الأولى في تقريرها رقم 41 حول “الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان”، 6 اعتداءات إسرائيلية بالقنابل العنقودية في إطار قصفها للمناطق اللبنانية. ولغاية 16 تشرين الثاني (التقرير رقم 47)، وصل عدد الاعتداءات بالقنابل العنقودية إلى 14.
• بين 6 و16 تشرين الثاني 2024، أفاد المجلس الوطني للبحوث العلمية “المفكّرة القانونية” بأنّه وثّق 15 اعتداءً إسرائيليًا بالذخائر العنقودية على مناطق لبنانية عدّة وفقًا للجدول المفصّل أدناه.
• في 19/11/2024، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأنّ مجرى نهر الليطاني في محيط برغز وقليا وزلايا (قضاء البقاع الغربي) تعرّض لقصف بالقذائف العنقودية.

السياق

• يقع الاستخدام المتعمّد للقنابل العنقودية ضمن إطار الأعمال الانتقامية والعقابية التي تقوم بها إسرائيل ضد سكّان جنوب لبنان والبقاع الغربي وضمن جهودها لإعاقة عودتهم إلى بلداتهم. فهي تهدف من خلاله إلى تعطيل حياة السكّان اليومية، ليس فقط أثناء الحرب بل بعد انتهائها أيضًا، وذلك من خلال تحويل مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والسكنية بالإضافة إلى الموارد المائية، إلى مناطق خطرة، مما يعيق إمكانية المدنيين من الوصول إليها والاستفادة منها، ما قد يجعلها مناطق منزوعة الحياة.

• تشكّل هذه الاعتداءات استمرارًا للنهج الذي اعتمدته إسرائيل في حروبها السابقة على لبنان، وخصوصًا في عدوان تموز عام 2006. وفقًا لتقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أطلقت إسرائيل ذخائر عنقودية تحوي ما يُقارب 4.6 مليون متفجرة عنقودية في 962 غارة منفصلة. وقد ضربت أكثر من 850 موقعًا في الساعات الـ 72 الأخيرة من الحرب، بعد تبنّي مجلس الأمن القرار 1701 حول وقف الأعمال القتالية، بحسب المنظمة.

• بقيت القنابل العنقودية غير المنفجرة تحصد أرواح سكّان جنوب لبنان وتتسبّب لهم بأضرار جسدية ومعنوية ومادية وإعاقات جسدية لسنوات طويلة بعد انتهاء الحروب. وفقًا للمركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام، بلغ عدد ضحايا القنابل العنقودية 168 قتيلًا، من ضمنهم 85 طفلًا، و577 جريحًا ومعوّقًا بين الأعوام 1975 و2023. كما منعت هذه القنابل السكّان من الوصول إلى أراضيهم، وحمّلت المجتمع اللبناني تكاليف وأعباء معالجتها وإزالتها. ورغم أنّ القرار 1701 نصّ على وجوب تسليم إسرائيل الأمم المتحدة خرائط الألغام في لبنان، إلّا أنّها لم تسلّم جميع هذه الخرائط حتى اليوم، الأمر الذي يساهم في تفاقم أضرارها.

قوانين الحرب

• الذخيرة العنقودية هي ذخيرة تقليدية مصمّمة لتنثر أو تطلق ذخائر صغيرة متفجّرة يقل وزن كلّ واحدة منها عن 20 كيلوغرامًا، وهي تشمل تلك الذخائر الصغيرة المتفجّرة (المادة 2 من اتفاقية الذخائر العنقودية  لعام 2008). والذخائر العنقودية غير المنفجرة هي بمثابة ألغام مضادّة للأفراد المحظورة بموجب اتفاقية حظر استخدام وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادّة للأشخاص وتدميرها (1997).

• تحظر اتفاقية الذخائر العنقودية على الدول الأطراف استعمال أو إنتاج أو حيازة أو تخزين أو الاحتفاظ بهذا النوع من الذخائر. وقد وقّع لبنان على الاتفاقية وصادق عليها البرلمان في العام 2010.

• بالرغم من عدم انضمام إسرائيل إلى اتفاقيتيْ الذخائر العنقودية والألغام المضادّة للأشخاص (التي لم ينضم لبنان إليها أيضًا)، إلّا أنّ أحكامهما تبقى جزءًا من القانون الدولي الإنساني العرفي الذي يتضمّن المبادئ الإنسانية المعترف بها على نطاق واسع عالميًا، ويشير إلى السلوك السوي المتوقع من الدول. وهذا ما أكّدت عليه فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها، مستندة بشكل خاص على أنّ المبادئ الإنسانية العرفية تحظر استخدام الأسلحة غير القادرة على التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية (الفقرات 78 إلى 82 من الفتوى الصادرة في تاريخ 8/7/1996).

• يُحظر استخدام ألغام مضادة للأفراد غير قابلة للكشف عنها، وهي الألغام المصممة أساساً بحيث يفجرها وجود أو قرب أو مس شخص، فيعجز أو يصيب أو يقتل شخصاً أو أكثر (المادتان 2 و4 من البروتوكول الثاني المعدّل لاتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معيّنة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية). وقد صادق لبنان (2017) وإسرائيل (2000) على البروتوكول مع تحفّظ الأخيرة على بعض مواده.

• يُحظر استخدام الأسلحة والقذائف والمواد ووسائل القتال التي من شأنها إحداث إصابات أو آلام لا مبرر لها (الفقرة 2 من المادة 35 من البروتوكول الإضافي الأوّل لاتفاقيات جنيف).

• يشكّل استخدام القنابل العنقودية انتهاكًا لمبدأ التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين من جهة وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية من جهة أخرى (المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأوّل لاتفاقيات جنيف)، وذلك كونها تصيب غالبًا المقاتلين والمدنيين على حد سواء، بالإضافة إلى أنّها تترك كمية كبيرة من المخلّفات غير المنفجرة التي غالبًا ما تؤدّي إلى إصابة عدد أكبر من المدنيين بشكل عشوائي، حتى بعد انتهاء النزاع المسلّح.

• يشكّل استخدام الذخائر العنقودية انتهاكًا لمبدأ حظر الهجمات العشوائية، وهي الهجمات التي لا توجّه إلى هدف عسكري محدد أو التي تستخدم وسيلة قتال لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدّد، وتاليًا التي يمكن أن تصيب الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين والأعيان المدنية من دون تمييز (الفقرة 4 من المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأوّل لاتفاقيات جنيف).

• يعتبر استخدام الذخائر العنقودية انتهاكًا لمبدأ التناسب الذي يُحظر الهجوم الذي قد يُتوقع منه أن يُسبّب بصورة عارضة خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات بينهم، أو أضرارًا بالأعيان المدنية، أو مجموعة من هذه الخسائر والأضرار، ويكون مفرطًا في تجاوز ما يُنتظر أن يُسفر عنه من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة (القاعدة 14 من قواعد  القانون الدولي الإنساني العرفي وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر).

للاطّلاع على الإخبارات السابقة حول جرائم الحرب الإسرائيلية في لبنان:

•  إخبار عن جرائم حرب رقم 1: استهداف مركز الهيئة الصحية الإسلامية وطاقمها في الباشورة، بيروت، 2/10/2024.
• إخبار عن جرائم حرب رقم 2: استهداف مستشفى غندور، النبطية، 4/10/2024.
• إخبار عن جرائم حرب رقم 3: منع عمليات الإنقاذ في المريجة منذ 4/10/2024.
• إخبار عن جرائم حرب رقم 4: استهداف مقرّ فوج إطفاء بنت جبيل وطاقمه، برعشيت، 6/10/2024.
• إخبار عن جرائم حرب رقم 5: استهداف قوّات الأمم المتحدة لحفظ السلام، جنوب لبنان، 4-20  تشرين الأوّل 2024.
• إخبار عن جرائم حرب رقم 6: استهداف مؤسسة القرض الحسن، 20/10/2024.
• إخبار عن جرائم حرب رقم 7: مجزرة في محيط مستشفى الحريري في بيروت، 21/10/2024
• إخبار عن جرائم حرب رقم 8: تهديد مستشفى الساحل في حارة حريك، 21/10/2024
• إخبار عن جرائم حرب رقم 9: استهداف صحافيين في حاصبيا، 25/10/2024
• إخبار عن جرائم حرب رقم 10: تدمير قرية محيبيب التاريخية، 16/10/2024
• إخبار عن جرائم حرب رقم 11: الاعتداء على مساكن النازحين 25/9 – 14/10 2024.
• إخبار عن جرائم حرب رقم 12: تدمير المقابر في جنوب لبنان، تشرين الأول 2024.
• إخبار عن جرائم حرب رقم 13: انتهاك حقوق أسرى الحرب، جنوب لبنان، تشرين الأول 2024.
• إخبار عن جرائم حرب رقم 14: استهداف المركز الإقليمي للدفاع المدني في بعلبك وطاقمه، 14 تشرين الثاني 2024.