إبراهيم خارج الصف بسبب انقطاع الكهرباء عن المصعد: من ينصف ذوي الإحتياجات الخاصة؟


2020-02-08    |   

إبراهيم خارج الصف بسبب انقطاع الكهرباء عن المصعد: من ينصف ذوي الإحتياجات الخاصة؟

شغل الطالب إبراهيم طنبور الرأي العام الطرابلسي بالرسالة التي وجّهها إلى وزير التربية، شاكياً حرمانه من الدخول إلى الصف لأنه من ذوي الإحتياجات الخاصة، حيث لا يمكنه إستخدام المصعد بشكل دائم لعدم وجود إشتراك خاص بثانوية "جورج صراف" إحدى أعرق ثانويات طرابلس.

تعدّدت الروايات حول ما يجري، ولا يمكن للمتابع إلّا أن يلاحظ أنّ "القضية ليست رمانة بل قلوب مليانة" بين الأهل وإدارة المدرسة.

العائلة: إبننا مغبون

تقول عائلة إبراهيم إنّ طالب البكالوريا ـ قسم الإقتصاد والإجتماع لم يعد يتوجّه إلى المدرسة في أوقات إنقطاع الكهرباء، وبات يضبط خططه على ضوء التقنين المتبع من مؤسسة كهرباء قاديشا. وتشير الوالدة هبة المراد إلى أنّ إبنها من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومصاب بشلل شبه كلّي من جسمه ويستطيع أن يحرّك يديه ورأسه لذلك يحتاج إلى كرسي مدولب، يجرّه عادة بمفرده ويستخدم المصعد للوصول إلى صفّه. لذلك ففي الأيام التي ينقطع فيها التيار الكهربائي، يبقى إبراهيم خارج الصف بإنتظار عودة التيار لأنه لا يوجد إشتراك كهرباء خاصة للمصعد.

خشيت العائلة على مستقبل إبنها، لذلك عرضت على الإدارة أن تدفع تكلفة الإشتراك للمصعد لكي يتمكّن إبنها من الوصول إلى الصف، حسب الوالدة التي تضيف أن بعض الجمعيات عرضت تقديم المساعدة أيضاً. ولكنها تشير إلى أنّه تبيّن أنّ ثمة روتيناً إدارياً يجب اتّباعه ولا بدّ من إنتظار موافقة وزارة التربية. وتتطلع العائلة إلى أن يتجاوب الوزير طارق المجذوب مع رسالة إبراهيم ويُنصفه وينصف ذوي الإحتياجات الخاصة بشكل عام.

تتخوّف العائلة من تغيّب إبنها عن المزيد من الدروس بسبب الدراسة المتقطّعة. لذلك لجأت إلى أساتذة التعليم الخصوصي لتعويض الدروس التي تفوته. وتتخوّف الوالدة أيضاً من تأثيرات نفسية على الشاب في حال إستمرّ على هذه الحال ولم يتلقّ المساعدة اللازمة التي تتيح له الحق في التعليم والفرص نفسها المتاحة لباقي زملائه وزميلاته.

الثانوية ترفض تحميلها المسؤولية

يوضح محي الدين حداد مدير ثانوية جورج صراف، أن الثانوية لا تملك مصعداً من الأساس وأنّ إبراهيم يستخدم المصعد في جامعة الكنام ومدرسة أبي سمراء الأولى الملاصقتين للثانوية، لذلك فلا يمكنه إلزام الجامعة أو المدرسة بوضع إشتراك كهرباء خاصة للمصعد. ويؤكّد حداد أنّه طالب وزارة التربية بمساعدة إجتماعية لدمج الطلاب ذوي الإحتياجات الخاصة إلا أنه لم يلق تجاوباً.

وأسف المدير على لوم عائلة إبراهيم للثانوية التي إحتضنته بعد أن رسب في الشهادة الثانوية واستقبلته من منطلق إنساني وأخلاقي بعد نقله من مدرسة خاصة.

ويعرب حداد عن عدم تخوفه من تدخّل الوزارة في قضية إبراهيم لأنها ستنصفه لعلمها بـ"الإنجازات التربوية التي تحققها ثانوية جورج صراف، وتقدير الهيئة التعلمية للإدارة العقلانية والقانونية للمدرسة".

يؤكد المستشار في وزارة التربية ألبير شمعون أنّ الوزارة تحضّ على دمج ذوي الإحتياجات الخاصة في المدارس وقد أثمرت جهود السنوات الماضية 30 مدرسة دامجة في لبنان، ولكن استكمال هذه الجهود يحتاج تمويلاً ضخماً وأبنية مجهزة وكوادر بشرية مدرّبة وهي أمور غير ممكنة في الوضع الراهن.

وقال إنه لم يتكوّن لدى الوزارة بعد صورة واضحة عن قضية إبراهيم، ولكنه يعتقد أنّ المشكلة بين إدارة ثانوية جورج صراف والأهل يمكن تجاوزها من خلال هبات غير مشروطة من جمعيات.

 اللقيس: دمج الكل ممكن

يشكل ذوو الاحتياجات الخاصة 15% من المواطنين اللبنانيين بناء لتقرير البنك الدولي 2011، وهناك 105 آلاف شخص فقط مسجلين في برنامج بطاقة الإعاقة، فيما يستفيد 12 ألفاً من خدمات تقدّمها جمعيات "التعليم الخاص العازل" المدعومة من الدولة اللبنانية. لذلك تحرم نسبة كبيرة من ذوي الإحتياجات الخاصة من حقها في التعليم حسب سيلفانا اللقيس، رئيسة "اتحاد المقعدين اللبنانيين".

تعتبر اللقيس أنّ تصميم مباني المؤسسات التربوية يشكل عائقاً أساسياً أمام الدمج، كما تأسف لأن المباني التي يتم تجهيزها حالياً تعتمد على تأهيل الطابق الأول من المبنى فقط، وهذا أمر غير كافي.

ولكن لا يجب أن تقتصر عملية الدمج على تأهيل المباني، وإنما تتجاوزها إلى المناهج والإدارة العامة. وتطالب اللقيس بإستحداث مديرية خاصة في وزارة التربية لإدماج ذوي الإحتياجات الخاصة في التعليم، إلى جانب تعديل المناهج لتتناسب مع قدراتهم. ولا تعوّل كثيراً على الجهود الحالية لأنها تعمل على الصعيد المايكرو – الفردي الضيّق وليس الوطني، وهي ذات طابع تجريبي مرهون بحجم التمويل الخارجي، وهذا ينطبق على 30 مدرسة يتم إعدادها للتعاطي مع الصعوبات التعليمية، مطالبة بكوادر تعليمية وإدراية قادرة على التعاطي مع التنوّع في الصفوف.

تذكّر اللقيس بالإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوّقين التي وقّعها لبنان من دون أن يصدّق عليها البرلمان، ورغم مرور أكثر من عشر سنوات، لا يوجد أي إلتزام حقيقي. لذلك يعتبر حرمان هذه الشريحة من حقها في التعليم، مقدمة لأذى نفسي وإجتماعي وخسارة إقتصادية للبلد لأنّ إقصاء هذه الشريحة يعني إلغاء جزء من اليد العاملة. من هنا، ترفض اللقيس الحديث عن فئات قابلة للدمج وفئات غير ممكن دمجها، لأنه يمكن وضع سياسة تؤمن التعليم  لجميع فئات ذوي الإحتياجات بدون عزل أحد، لأن الكل قابل للتطوير.

شهادة رسمية دامجة

في السنوات الأخيرة، ساد توجّه لتكييف الإمتحانات الرسمية مع أوضاع ذوي الإحتياجات الخاصة. وأنشأت وزارة التربية مركزاً متخصصاً واحداً في بيروت هو مركز عبد الله العلايلي، إضافة إلى غرف في مراكز امتحانات عادية. وأنشأت بموجب المرسوم 9533 بتاريخ 31 كانون الأول 2012 (تحديد أوضاع ذوي الاحتياجات لجهة امتحان الشهادة المتوسطة) لجنة خاصة من أطباء ومتخصصين لدرس الملفات وتحديد من يستحق الإعفاء من الامتحان ومن يجب تكييف الامتحانات مع وضعه. وتشير مصادر دائرة الإمتحانات في وزارة التربية إلى أنّه يتم عرض ملفات المتقدّمين على اللجنة لدراستها وإجراء مقابلات مع المرشحين، ومن ثم تكييف المسابقات (مسابقة برايل، تكبير الخط، مسابقات مسموعة على الكمبيوتر إلخ..) وتعيين كاتب مساعد وقارئ مساعد وموجّه تربوي.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، الحق في الصحة والتعليم



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني